جديد الرسائل

الأربعاء، 16 يوليو 2025

(68) روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 


(5)أجوبة على أسئلة الطفلة

 

طفلتان تتحدثان لم تتجاوزا العاشرة:

إحداهما: قالت: الزوج إذا تعود على زوجته يعصِّب عليها.

فأجابتها الأُخرى بجوابٍ حكيم: هو ما يُعصِّب إذا رجع، والبيت:

نظيف.

رائحته طيبة.

الأكل جاهز.

وتتكلم معه بهدوء.

وما تطلب منه أشياء كثيرة عشان ما يُعصِّب.

وتنوِّم الأطفال مبكرًّا.

تعرض علي الطفلة هذا، وتنتظر كلامي:

هذا كلامك؟

نعم.

الله يوفقك...

اللهم أصلحنا وبناتنا وسائر بنات المسلمين.

اللهم أفرغ علينا وعلى حياتنا وبيوتنا السكينة والسعادة، وأعذنا من فتنة المحيا والممات.

 

 

الثلاثاء، 15 يوليو 2025

(184)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

   من أهوال يوم القيامة

من أهوال يوم القيامة: أنهم يخرجون من قبورهم لرب العالمين ليس لغير الله، ولكن لرب العالمين، «حُفَاةً» بلا نعل، «عُرَاةً» بلا كساء، «غُرْلًا» أي: غير مختونين، يخرجون من قبورهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، لا لباس ولا نعال وغرلًا، قال تَعَالَى: { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) }[الأنبياء].

ولما حدث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عائشة: «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: «الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ» رواه البخاري (6527)، ومسلم (2859) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ يقول: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} [عبس: 37].

 كل مهتم بنفسه يريد نجاتها وسلامتها؛ فلهذا يفر القريب من قريبه، ممن كان أعز عليه وأقرب إليه في الدنيا {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} [عبس:34 - 37].  نصَّ على هؤلاء: الأخ والأم والأب والزوجة والأبناء؛ لأنهم أخص القرابة، الولد فلذة الكبد أغلى شيء عند الأب، لكن يوم القيامة كل يفر من الآخر، كل منهم مشغول بشأنه وحاله، فنسأل الله العفو والعافية، وندعو بدعاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: اللهم لا تخزني يوم يبعثون، كما ثبت عنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: « اللهُمَّ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أحمد (18056)، وصححه والدي رحمه الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (1495)، هذا دعا به النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وجاء في القرآن عن نبي الله إبراهيم: {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}[الشعراء: 87].

 أعظم خزي وأعظم فضيحة خزي الآخرة؛ لأنه يكون على رؤوس الأولين والآخرين، ونسأل الله الستر في الأولى والأخرى.

 

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية، لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

 

(183)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

  تذكر الإنسان ما هو قادم عليه  

ينبغي حذر كل مسلم  من الغفلة، فهو قادم على أهوال وكربات يوم القيامة، يقف فيه الناس على أقدامهم وقوفًا طويلًا، في يوم  مقدار طوله خمسون ألف سنة، يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} [المعارج].

 وتدنو الشمس من رؤوسهم، والزحام والعرق، وهم واقفون على أقدامهم وقوفًا طويلًا، فيبلغ بهم الكرب والهم والغم ما لا يطيقون ولا يحتملون- وهَمُّ الآخرة وغمها يختلف عن هَمِّ الدنيا وغمها-، فيفزع بعضهم إلى بعض، فيقولون: « أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ». الحديث في سياق حديث الشفاعة الطويل، رواه البخاري (3340)، ومسلم (194)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

 ولعِِظَمِ أهوالِ هذا اليوم ربنا يأمرنا أن نتقيَه ونحذره، يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48]،. العدل: الفدية. الفدية ما تقبل هناك،{ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14)}.

 الله عَزَّ وَجَلَّ يزجره ويردعه: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) }[المعارج]، ما فيه فداء يوم القيامة، يفدي نفسه: بولده أو قريبه أو ماله، ما فيه فداء.

ويقول سُبحَانَهُ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)} [البقرة: 281]. اتقوا هذا اليوم واحذروه.

 ويقول سُبحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)} [لقمان].

فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يأمرنا أن نتقيَ يوم القيامة وأن نخشاه، بالاستعداد بالعمل الصالح، والاستقامة على دين الله. اللهم اجعلنا من الآمنين.

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية، لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

الاثنين، 14 يوليو 2025

(69)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله

 

                فضل إنظار المعسر والوضع عنه

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ لَهُ، أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ» ورواه الترمذي(1306)، وذكره والدي في « الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»(1291).

ورواه مسلم (3006) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مختصرًا.

هذا فيه فضل إنظار المعسر، قال الله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةِ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، معسر لا يقدر على دفع الدَّين، حان الأجل مثلًا بعد شهر، انتهى الشهر وما استطاع، الشرع جاء بالترغيب في إمهاله وإنظاره حتى يتيسر له، « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا» أي: أمهله حتى يكون في يسار، أو يضع عنه شيئًا منه.

قال ابن القيم في «الوابل الصيب» (35) في تعليل هذا الحديث: لأنه لمَّا جعله في ظل الإنظار والصبر، ونجاه من حَرِّ المطالبة، وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجزه، نجاه الله تعالى من حَرِّ الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش. اهـ.

ذكره ابن القيم في سياق الجزاء من جنس العمل.

(36) شرح العقيدة الواسطية

 



(35) شرح العقيدة الواسطية

 



(37) سلسلة في الطِّبِّ وَالْمَرْضَى

 

     حكم إعطاء صحيحٍ بعض أجزائه لمريض

 

إذا أراد إنسان أن يتبرع بجزء من كبده أو كُليته لمريض هل يجوز أو لا؟

 

الجواب:

 لا يحل له أن يتصرف في أعضائه بالبيع أو الهبة إذا كان فيه ضرر عليه، الله عَزَّ وَجَلَّ يقول في كتابه الكريم: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].

 وقال:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)} [الأنعام: 162].

 ويقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».

 وأما إذا لم يكن فيه ضرر فلا بأس، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ»، والله عَزَّ وَجَلَّ يقول: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].

 

[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

(139)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

                                   أصحاب الأعراف

 

أصحاب الأعراف: قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم.

فهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكرهم الله في سورة الأعراف.

 لو زادوا بعضَ مثاقيل الذَّرِّ اليسيرة: من تسبيح أو تحميد وتكبير وتهليل أو شي من الصدقة...ونحو ذلك لرجحت الحسنات.

 هذا يدل أن الإنسان لا يغفل عن حسناته، وأنه يحرص على تكثير الحسنات.

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية، لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

(143)نصائح وفوائد

 

                                التحابب في الله

نتواصى بالتحابب في الله عَزَّ وَجَلَّ، لا لأمور دنيوية وأغراض شخصية، هذه هي المحبة التي تدوم وتنفع صاحبها، وهذا من أسباب الظل يوم القيامة كما في حديث السبعة.

 إن المحبة في الله ضعفت ووهنت في هذه الأزمنة؛ لأن الناس تعلقت قلوبهم بالدنيا إلا من رحم الله، صاروا يحبون من يعطيهم العطايا الدنيوية، ولا يحرصون على محبة الصالحين، وربما نزغ الشيطان فأبغضوا وعادوا من كانوا يحبونه لأغراض نفسية، أو لتلبيسات شيطانية، يلبس عليهم الشيطان: أن هذا ليس على الجادة، أن هذا خرج من السلفية، إلى غير ذلك.

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية، لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

الأحد، 13 يوليو 2025

(67) روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 


(66) روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 


(65) روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 


(64) روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 



(63) روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 


(62) روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام




(128)سلسلة المسائل النسائية

 

لطفك ربنا

 

المرأة كم يذهب من أوقاتها؟

 فمرحلة الطفولة إلى أول الشباب، تذهب في اللعب والضياع، إلا من رحم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

 بعد ذلك مرحلة الشباب تكون المرأة في مشاغل، مشاغل الأولاد، مشاغل البيت، مشاغل الزوج والمسؤولية، فيذهب جزء كبير من العمر.

 لكن ينبغي للمرأة أن تحتسب ما تقوم به من مسؤولية أولادها ورعايتهم، إذا قامت بالخدمة والمسؤولية ينبغي أن تحتسب؛ لأنها إذا احتسبت الأجر تكون الحسنات جارية لها، غير متوقفة أثناء الخدمة والقيام بالمسؤولية، وإذا لم نحتسب فيكون هذا من الذي يذهب من العمر، ولكن العادات تنقلب عبادات في حقِّ الموفَّق.

بعد هذا إلى نحو الخمسين والمرأة في مشاغل ومسؤولية، ولن تُوفَّقَ في هذه المرحلة؛ -لأنها مرحلة شواغللن توفق من النساء إلا من وفقها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وجعلت لها شيئًا من الوقت لحفظ القرآن، ومراجعة القرآن، وشيئًا من الوقت لعبادة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولطلب العلم.

 فإذًا إلى عمر الخمسين قد يذهب عمر المرأة من غير فائدة إلا من رحِمَ، وبعدها الله أعلم بما بعد ذلك؛ لأن الجسم يضعف، والشيخوخة بعد الخمسين تُقْبِل، ومرحلة الشيخوخة متعبة؛ لأنها مرحلة ضعف ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)﴾ [الروم: 54]

وسبحان الله! مع هذه المشاغل والمتاعب فإن المرأة تجد رحمة بأولادها، بل وكلما كبرت في السن تزداد رحمة بالأولاد، كلَّما كبرت المرأة وكبر الرجل ازدادا رحمة بأبنائهم، حكمة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

الله يصلح حالنا وحالكم.

[مقتطف من كلمة/ التراحم بين الآباء والأبناء لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

(182)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

من العلوم الغيبية التي لا يعلمها إلا الله

 

كان في زمن سابق أشيعت شائعة أن نهاية العالَمِ سيكون يوم جمعة كذا، ففزع الناس الرجال والنساء والأطفال، وجعلوا يبكون، ويودِّع بعضهم بعضًا، وتجهزوا لذلك اليوم بالتوبة، والمبيت في المساجد، ومضى يوم الجمعة ولم يحصل شيء، فهل هذه الإشاعة صحيحة، بمعنى هل هناك جمعة معيَّنة لدينا تقوم فيها الساعة؟

 

هذا غير صحيح.

 قال تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

 وقال تَعَالَى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}.

 وقال تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)} [النازعات].

وفي حديث جبريل الطويل، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ» رواه مسلم (8).

 


(181)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

كيف يثبُت الميت عند سؤال الملكين؟

 

يثبته بإذن الله التوحيد والعمل الصالح، قال الله تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27].

 قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «إعلام الموقعين» (1/ 136): فَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ قِسْمَانِ: مُوَفَّقٌ بِالتَّثْبِيتِ، وَمَخْذُولٌ بِتَرْكِ التَّثْبِيتِ، وَمَادَّةُ التَّثْبِيتِ أَصْلُهُ وَمَنْشَؤُهُ مِنَ الْقَوْلِ الثَّابِتِ وَفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ الْعَبْدُ، فَبِهِمَا يُثَبِّتُ اللَّهُ عَبْدَهُ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَثْبَتَ قَوْلًا وَأَحْسَنَ فِعْلًا كَانَ أَعْظَمَ تَثْبِيتًا، قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66]، فَأَثْبَتُ النَّاسِ قَلْبًا أَثْبَتُهُمْ قَوْلًا.

وقال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح العقيدة الواسطية«(2/ 109): وما أعظمها من فتنة! لأن الإنسان يتلقى فيها السؤال الذي لا يمكن الجواب عليه؟ إلا على أساس متين من العقيدة والعمل الصالح. اهـ.

 

فعلينا بالعمل الصالح؛ ليكون ثباتًا لنا في الدنيا والآخرة.

 

فهذا يدل على عظم فتنة الملكين، وقد كان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» رواه أبو داود (3221) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهو في «الصحيح المسند» (911) لوالدي رَحِمَهُ الله.

لا ينفعه وهو في حفرة القبر ووحشته إلا ما قدم لنفسه من العمل الصالح، هذا الذي يكون نجاة له، ويثبته عند سؤال الملكين، وقد تخلى عنه الأولاد والأموال، لقد تركها خلفه، ولم يدخل معه في حفرة القبر إلا عمله، إن خيرًا فخير وإن شر فشر، ثبت عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ» رواه البخاري (6514)، ومسلم (2960).

 فهذا شيء غيبي يقدم عليه الإنسان في قبره، يأتيانه ملكان فيجلسانه ويمتحنانه.

يقول أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ، وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُاللهِ، وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. وَأَمَّا الكَافِرُ أَوْ المُنَافِقُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ، وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ» أخرجه البخاري (1338)، ومسلم (2870).

 فلنعدَّ للسؤال جوابًا، وعملًا صالحًا، ونسأل الله الثبات.

(20)من أحكام الجنائز

 

بعض العوام يقولون لمن مات وهو مسلم: ارتاح من الدنيا؟

 

 هذا القول غير صحيح، فليس الجزم إلينا، فما يدرينا أنه استراح أو أنه لم يرتاح؟!

ولكن يُرجى للمؤمن الخير والنجاة بعد وفاته، روى البخاري (6512)، ومسلم (950) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلادُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ».

وعلينا بأدعية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في برد العيش بعد الموت وراحة القبر:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ» رواه مسلم (2720).

وعنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ فِي وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءٍ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ. وَزَعَمَ أَنَّهَا دَعَوَاتٌ كَانَ يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه ابن أبي عاصم في «السنة»(427).

 

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

(43) الأحاديث والآثار التي علق عليها والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

تأثير محبة الولد الطبيعية على مكارم الأخلاق

 

- حديث: <الولد مبخلة مجبنة>.

 

استفدت من والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله:

صالح للحجية.

 أخرجه أحمد في «مسنده»-(29/ 104)-، والحاكم في «المستدرك».

قال: ومعناه: أن الرجل قد يبخل لأجل أولاده.

 وقد يجبن يريد أن يتقدم للمعركة، ويقول: أخشى أن أُقتل فمَن لأولادي؟

قلت: الحديث رواه الحاكم في «المستدرك» (5284) عن الأسود بن خلف رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بلفظ: «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَحْزَنَةٌ». وصححه العلامة الألباني رَحِمَهُ الله في «صحيح الجامع» (1990).

وينظر «تفسير ابن كثير» عند قوله تعالى: {إنما أموالكم وألادكم فتنة} سورة التغابن.

 

وقوله في بقية الحديث: «مَجْهَلَةٌ مَحْزَنَةٌ».

قال المناوي في «فيض القدير»(2/403): (مجهلة) لكونه يحمل على ترك الرحلة في طلب العلم والجد في تحصيله؛ لاهتمامه بتحصيل المال له.

 (محزنة) يحمل أبويه على كثرة الحزن؛ لكونه إن مرض حزنا، وإن طلب شيئا لا قدرة لهما عليه حزنا، فأكثر ما يفوت أبويه من الفلاح والصلاح بسببه، فإن شب وعق فذلك الحزن الدائم والهم السرمدي اللازم.

 وقال القاري في «مرقاة المفاتيح»(7/2970): وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ مَحَبَّتِهِمْ وَغَايَةِ مَوَدَّتِهِمْ، حَتَّى يَخْتَارَ أَكْثَرُ النَّاسِ حُبَّهُمْ عَلَى مَحَامِدِ الْمَحَاسِنِ الرَّضِيَّةِ وَالْأُمُورِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي الشَّرِيعَةِ الْحَنَفِيَّةِ، النَّافِعَةِ لَهُمْ فِي الْقَضَايَا الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ.

 

 

الخميس، 10 يوليو 2025

(4)أجوبة على أسئلة الطفلة

 

تسأل الطفلة: عادي أتنفس في الإناء وأنا أشرب؟

الجواب: هذا مكروه؛ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتنفس في الإناء.

ليش؟ لأنه قد يخرج أوساخ من الأنف.

نعم، أو بُخار من المعدة رديء يصل إلى الماء، فيلوِّثُهُ على نفسِهِ وعلى غيرِه.

 

 

(3)أجوبة على أسئلة الطفلة

 

تقول الطفلة: يجوز لي أصلي ورأسي مكشوف؟

الجواب: يذكر أهل العلم أنه يجوز؛ لقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ».

ولكن الأفضل أن تلبسي الخمار على رأسك؛ لتتعودي على التستر إذا كَبِرْتِ.

 

وأضيف هنا ما يلي:

 

قال ابن قدامة في«المغني»(1/441): قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ غَيْرِ الْحَائِضِ بِغَيْرِ الْخِمَارِ.

وقال رَحِمَهُ الله في «المغني»(7/103): فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ.

وقال الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى»(29/201): فدل ذلك على أن غير الحائض؛ وهي غير البالغة لا حرج عليها في الصلاة بغير خمار، ولكن كونها تصلي بالخمار أولى وأكمل إذا كانت بنت سبع أو أكثر.

 

(2)أجوبة على أسئلة الطفلة

 

طفلة على الفطرة تقول لطفل: البنت أحسن من الولد؛ بعدين يأتي لها أولاد وتبقى في البيت، والولد يكبر وهو الذي يأتي بالنفقة، ثم رجعَتْ إليَّ؛ لتستأنس بموافقتي، وقالت: هذا صح؟

الجواب:

البنت والولد كلاهما حياته طيبة إن شاء الله.

الولد يكبر، ويرزقه الله الزوجة، وتكون عليه مسؤولية كالنفقة والمسكن.

والبنت تكبر، ويرزقها الله الزوج، وتكون عليها مسؤولياتها، وكل واحد من البنت والولد أعطاه الله مسؤولية تليق به.

أسعد الله أولادنا وأولادكم. 

 

الأربعاء، 9 يوليو 2025

(56)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي

 

تخزين العلوم النافعة في الذاكرة

 

 

عن هَانِئٍ، مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ، إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُذْكَرُ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلاَ تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ القَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ». قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ» رواه الترمذي (2308)، وهو  في «الصحيح المسند» (909) لوالدي رَحِمَهُ الله.

 

وقد تكرر معنا -من فضل الله-هذا الحديث كثيرًا.

 والدي رَحِمَهُ اللهُ يقول: الذي يلازمني يعرف بأي شيء أستدل به؟ ويعرف ماذا أقول؟

 أي: إذا وُجدت البركة.

مع أن أهل العلم بحور في العلم، ولنتأمل ما رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (115) من طريق عبدالرزاق، يقول: قال لي ابن المبارك: كنت أقعد إلى سفيان الثوري فيحدث فأقول: ما بقي من علمه شيء إلا وقد سمعته، ثم أقصد عنده مجلسًا آخر، فيحدث فأقول: ما سمعت من علمه شيئًا.

 

 فأحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، والشروح والفوائد، يحرص طالب العلم وتحرص طالبة العلم على حفظها وفهمها، وإيداعِها في ذاكرة البدن وذاكرة العقل والدماغ، وليس ذاكرة الجوال والأجهزة الحديثة.

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

(19) القرآنُ وعلومُه

 

العيش مع القرآن

 

الذي يعيش مع القرآن في خير وبركة، في سعادة عظيمة لا ينالها إلا من كان على شاكلته، لذة القرآن وحلاوته شيء عظيم؛ ولهذا لا يشبع منه العلماء؛ لأنهم يعرفون فضل القرآن وعلومه وكنوزه، وأهميته لصلاح القلب وتحقيق السعادة.

قد يحصل أحيانًا فتور وهذا لا يضر، قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي، فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ».

 وخاصة المرأة مع ظروفها عند الحيض، وضغوط مسؤولية البيت والأولاد، ولكن لا تستسلم حتى لو وجدت فتورًا، ومن وجدت ضعفًا تتوكل على الله، وقد يفتح الله، وما تدري إلا والرغبة تأتي، والشعور بحلاوة القرآن، وهذا من بركات القرآن الكريم.

 وامشي على نظام، وحددي الورد اليومي حتى لا تتساهلي، ولو قويت على أكثر من الورد المحدد عندك فهذا خير كبير، وأقل شيء جزء في كل يوم؛ لأن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول لعبدالله بن عمر: «اقْرَإِ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ»، قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ فَمَا زَالَ، حَتَّى قَالَ: «فِي ثَلاثٍ» رواه البخاري (1978).

وأخرج أبوداود في «سننه» (1394)، والترمذي في «سننه» (2949) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ». والحديث صحيح.

قد يضعف الخشوع -الذي هو لب القراءة- إذا قرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ لأنه يقرأ سردًا قراءة سريعة، وقد تضعف نفسه ويضيع الحقوق.

 العلم نور وبصيرة، العلم يصحح الأخطاء، وما أكثر أخطاءنا ولكن يعدِّلها -بفضل الله- العلم النافع {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174]!

 

الثلاثاء، 8 يوليو 2025

(180)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

ضمة القبر

 

 عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا مِنْهَا  سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ » رواه الإمام أحمد(327).

 

ومعنى ضغطة القبر، أي: ضيقا لا ينجو منه صالح ولا طالح، لكن الكافر يدوم ضغطه والمؤمن لا، والمراد به التقاء جانبيه على الميت، كما في «فيض القدير»(2/501) للمناوي.

 

ومن أدلة ضمة القبر:

عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً، ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ» رواه النسائي(2055).

وذكره والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»(1/599).

 

ففي هذين الدليلَين:

 الإيمان بضمة القبر، وأنها ضمة مؤلمة  كما يدل له ألفاظ الحديثَين، ففي الحديث الأول:

 «وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا مِنْهَا  سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ».

 وفي اللفظ الثاني « لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً، ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ».

 

وما قيل: إن أصل ذلك أن الأرض أمهم: منها خلقوا فغابوا عنها طويلًا، فتضمهم ضمة والدة غاب عنها ولدها، فالمؤمن برفق، والعاصي بعنف؛ غضبًا عليه. كما في «فيض القدير»(2/501) للمناوي.

 

 فهذا قولٌ يرده الدليل كما سبق.

وما الحكمة من ضغطة القبر للمؤمن؟

قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»(7/501): مَا يَحْصُلُ فِي الْقَبْرِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالضَّغْطَةِ وَالرَّوْعَةِ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُكَفَّرُ بِهِ الْخَطَايَا.

 

وهل هذه الضمة بالنسبة للمؤمن من عذاب القبر؟

 

قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء»(1/290): هَذِهِ الضَّمَّةُ لَيْسَتْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ فِي شَيْءٍ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ يَجِدُهُ المُؤْمِنُ، كَمَا يَجِدُ أَلَمَ فَقْدِ وَلَدِهِ وَحَمِيْمِهِ فِي الدُّنْيَا، وَكَمَا يَجِدُ مِنْ أَلَمِ مَرَضِهِ، وَأَلَمِ خُرُوْجِ نَفْسِهِ، وَأَلَمِ سُؤَالِهِ فِي قَبْرِهِ وَامْتِحَانِهِ، وَأَلَمِ تَأَثُّرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَأَلَمِ قِيَامِهِ مِنْ قَبْرِهِ، وَأَلَمِ المَوْقِفِ وَهَوْلِهِ، وَأَلَمِ الوُرُوْدِ عَلَى النَّارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الأَرَاجِيْفُ كُلُّهَا قَدْ تَنَالُ العَبْدَ، وَمَا هِيَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَلاَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّم قَطُّ، وَلَكِنَّ العَبْدَ التَّقِيَّ يَرْفُقُ اللهُ بِهِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ أَوْ كُلِّهِ، وَلا رَاحَةَ لِلْمُؤْمِنِ دُوْنَ لِقَاءِ رَبِّهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْذِرْهُم يَوْمَ الحَسْرَةِ ، وَقَالَ: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ، إِذِ القُلُوْبُ لَدَى الحَنَاجِر.

 

فَنَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى العَفْوَ وَاللُّطْفَ الخَفِيَّ، وَمَعَ هَذِهِ الهَزَّاتِ، فَسَعْدٌ مِمَّنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَرْفَعِ الشُّهَدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

 

كَأَنَّكَ يَا هَذَا تَظُنُّ أَنَّ الفَائِزَ لاَ يَنَالُهُ هَوْلٌ فِي الدَّارَيْنِ، وَلا رَوْعٌ، وَلا أَلَمٌ، وَلا خَوْفٌ، سَلْ رَبَّكَ العَافِيَةَ، وَأَنْ يَحْشُرَنَا فِي زُمْرَةِ سَعْدٍ.

[مقتطف من درس العقيدة الواسطية، الدرس (35) لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

 

(157) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

 من التطبيق العملي في دار الحديث بدماج

عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -أنه قال لمروان بن الحكم-: «مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِقِصَارٍ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ» أخرجه البخاري (764).

أي: أنه فرَّق قراءة سورة الأعراف في ركعتين، ومن فضل الله هذه السنة طُبِّقت في دار الحديث بدماج، وكانت الطريقة:

أنه أقيمت الصلاة مباشرة بعد الأذان؛ من أجل أن يتسع الوقت، وأيضًا كانت القراءة حدرًا بإمامة الشيخ أحمد الوصابي رَحِمَهُ اللهُ، وقد رأيتُ والدي نهض للخروج يضحكُ مبتسمًا، شعر بذلك؛ بسبب الإقامة مباشرة بعد الأذان.

 

(156) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

من فوائد ملازمة المعلم

 

سمعت والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله يقول: الذي يلازمني

 

يعرف بأي شيء أستدل به؟

 

 ويعرف ماذا أقول؟

 

قلت:  أي: إذا وُجدت البركة.

 

مع أن أهل العلم بحور في العلم، ولنتأمل ما رواه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (115) من طريق عبدالرزاق، يقول: قال لي ابن المبارك: كنت أقعد إلى سفيان الثوري فيحدث فأقول: ما بقي من علمه شيء إلا وقد سمعته، ثم أقصد عنده مجلسًا آخر، فيحدث فأقول: ما سمعت من علمه شيئًا.

 

(155) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله


تقول إحدى أخواتي في الله: اذكري لي شيئًا من تربية والدكم الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله لكم وأنتم صغار؟

الجواب:

كان يربينا على الدليل من الصِّغَر، فما يقول: افعلي كذا، من غير أن يذكر الدليل. فمثلًا في باب التشبه بالكفار ينهى، ويقول: الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ».  

وفي هذا غرس حب الدليل في القلب من الصِّغَرِ، فيتنبه المربون لأولادهم لذلك.

-كان يسلك التشجيع في أغلب الأحوال، فيثني على إحدانا إذا رأى أدبها، أو إذا حفظت، وكتبت.

وهذه طريقة نافعة في تحبيب الخير والعلم إلى الصغير بحسب المصلحة، حتى إني مرة كتبت فائدة، فقال: فائدة تُشد لها الرحال. وبعضنا قد لا يعبأ بها، يراها زهيدة.

-الدعاء، فكان يدعو لنا إذا دخل إلينا، وإذا خدمناه، ويقول: جزاك الله خيرا، جزاك الله الجنة، بيَّض الله وجهك.

وأنكرتُ مرةً دعاء بيض الله وجهك، لأنا نعرفه يقوله العوام.

فقال: وربي دعاءٌ طيب، الله يقول: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106].

-يأمرنا بلزوم البيت وعدم مخالطة المجتمع، ويقول: المجتمع لا يساعد على الخير.

-أهم شيء عند والدي العلم النافع وحفظ القرآن؛ فلهذا كان يقوم بتعليمنا السورة تلو السورة، ويلقِّننا تلقينًا، وأعطانا المصحف المرتل للشيخ محمود الحصري، فكنا أيضًا نتابع عليه.

وكان يعلِّمنا أيضًا بعضُ نساء طلاب والدي من مصر والسودان القراءة والكتابة، والقرآن وحفظ أحاديث من «رياض الصالحين»، حتى إن والدي كان يدفع لهنَّ أجرة على ذلك.

-تربيته لنا على الحياء والأدب، حتى إنه إذا سمع صوتًا رفيعًا أو ما لا يليق، يستحيي هو بنفسِه، ويقول: يا عيباه.

هذا، ونحن -ولله الحمد- رزقَنا ربي هيبةَ والدي ومحبتَهُ، وهذا يؤثِّرُ في استقامة الصغير، ويعينه على اندفاعه للخير.