197-وَعَنْ
جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
لِبِلَالٍ: «إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ، وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ، وَاجْعَلْ
بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ»
الْحَدِيثَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ.
الحديث ضعيف.
·
هذا الحديث فيه: التمهل في الأذان وترتيله،
والإسراع بالإقامة، قال ابن القاسم عن الحدر بالإقامة بلا نزاع؛ لأن
الإقامة إعلام للحاضرين، فلا حاجة فيها إلى
الترسل.
·
وفيه: جَعْل مُهلة بين الأذان والإقامة، بمقدار ما يفرغ الآكل من أكله.
وقد بوب الإمام البخاري (بَابٌ: كَمْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَمَنْ يَنْتَظِرُ الإِقَامَةَ) وذكر حديث صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ
أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ، ثَلاَثًا لِمَنْ شَاءَ»، فيكون بمقدار ركعتين أو نحوها.
وليس فيه تحديد مضبوط في المقدار، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي
الفجر في بيته وغيرها من الرواتب القبلية، ثم
يخرج إلى المسجد، وكانوا
يبتدرون السواري؛ ليصلوا ركعتين بعد أذان المغرب، وهذا يدل على الفصل بين الأذان والإقامة.
198-وَلَهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ: «لَا يُؤَذِّنُ إِلَا مُتَوَضِّئٌ» وَضَعَّفَهُ أَيْضًا.
وهذا من طريق الزهري عن أبي
هريرة، وهو لم يسمع منه، فالحديث ضعيف.
·
الحديث دليل من قال: لا بد أن يكون
المؤذن على وضوء.
والصحيح جواز الأذان
والإقامة على غير وضوء؛ لأن النّبِيّ صلى الله
عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، ولكن
الأفضل أن يكون على طهارة؛ لأن النّبِيّ صلى
الله عليه وسلم يقول: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا
عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ».
199-وَلَهُ
عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم : «وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ»، وَضَعَّفَهُ أَيْضًا.
هذا الحديث فيه زياد بن عبدالرحمن بن أنعم الإفريقي، وهو ضعيف.
وهذا هو السنة أنه يقيم الذي أذن، كما كانوا عليه في
عهد النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وأما الجواز
فيجوز أن يكون المقيم غير المؤذن.
201-وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤَذِّنُ
أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ، وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ» رَوَاهُ ابْنُ
عَدِيٍّ وَضَعَّفَهُ.
202-وَلِلْبَيْهَقِيِّ نَحْوُهُ: عَنْ
عَلِيٍّ مِنْ قَوْلِهِ.
«الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ» أي: أن المؤذن أحق بالأذان، والإمام أحق بالإقامة،
فلا يقيم إلا بإذن الإمام وفي الوقت الذي يريده.
ويدل لذلك ما رواه مسلم (606)عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا دَحَضَتْ، فَلَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم، فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ
الصَّلَاةَ حِينَ يَرَاهُ».
203-وَعَنْ
أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ» رَوَاهُ
النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
الحديث صحيح.
·
في هذا الحديث: الحث على الدعاء بين الأذان والإقامة، وأنه من أوقات استجابة الدعاء،
وكلمة «لا يرد» تفيد: قبول إجابة الدعاء.
·
وفيه: كرم الله وفضله على عباده؛ حيث جعل لهم أوقاتَ فُرص يرفعون فيها حوائجهم إليه.
204-وَعَنْ
جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ
التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ
وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ
لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ.
«الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» وهي دعوة التوحيد.
«الْوَسِيلَةَ» مفسرة في قول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم:
«فَإِنَّهَا
مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا
تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ،
وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ».
وما هو المقام المحمود؟
الشفاعة العظمى،
مع وجود الاختلاف، ولكن هذا جاء تفسيره في
قوله صلى الله عليه وسلم: «الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ» رواه أحمد (16/ 155) عن أَبِي
هُرَيْرَةَ.
·
هذا الحديث فيه استحباب قول هذا الذكر بعد متابعة المؤذن.
وفي «صحيح مسلم»(384) عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «إِذَا
سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ
مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى
الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا
اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا
مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي
إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ
أَنَا هُوَ،
فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ».
وهذا فيه أنه بعد أن يفرغ من متابعة المؤذن يصلي
على النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثم يقرأ «اللَّهُمَّ
رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ..».
وروى الإمام مسلم (386) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ،
عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ
يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ،
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا،
وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ
ذَنْبُهُ».
واختلف أهل العلم في موضع
هذا الذكر.
والذي استفدنا من والدي رَحِمَهُ اللهُ أنه يقال
بعد متابعة المؤذن.
فكان يذكر هذه الأذكار على الترتيب التالي:
·
أنه يقول بعد متابعة المؤذن: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا
شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ
رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ».
·
ثم يصلي على النّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
·
ثم يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ...».
أما زيادة «إنك لا
تخلف الميعاد» فزيادة ضعيفة.
وزيادة «سيدنا
محمد» أيضًا زيادة شاذة، الصواب أن نقول:
«آت محمدًا».
ونبينا محمد صلى
الله عليه وسلم هو سيدنا وسيد الأولين والآخرين،
لكننا نتبع الألفاظ التي أرشدنا إليها النّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الأذكار
والأدعية، ولا نزيد شيئًا من عندنا.