جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 30 مارس 2020

(15)الآداب


     التأني في أكل الطعام الحار حتى يذهب قوة حرارته


عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ،رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِثَرِيدٍ، أَمَرَتْ بِهِ فَغُطِّيَ حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرَةُ دُخَانِهُ، وَتَقُولُ:

 إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هُوَ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ».

رواه الدارمي(2091)تحت باب:بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الطَّعَامِ الْحَارِّ،من طريق قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ،به.وقرة بن عبد الرحمن،ضعيف.ولكنه متابع.


فقد رواه أحمد(44/521)من طريق ابْنِ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وهو الزهري،به. وعنده:حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ.

فالحديث حسن.


وقوله:(فَوْرَةُ دُخَانِه):أَيْ:غَلَيَانُ بُخَارِهِ، وَكَثْرَةُ حَرَارَتِهِ.كما في«مرقاة المفاتيح»(7/2730). 


«أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ».قال المناوي في «فيض القدير»(1/77):المراد هنا نفي ثبوت الخير الإلهي فيكره استعمال الحار لخلوه عن البركة ومخالفته للسنة،بل إن غلب على ظنه ضرره حرم.اهـ


في هذا الحديث:

الترغيب في ترك الأكل وكذا الشراب الحار رجاء البركة.

(18)تربيةُ الأَولَادِ


جملة من الفوائد في أحكام الأولاد


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةِ النَّهَارِ، لاَ يُكَلِّمُنِي وَلاَ أُكَلِّمُهُ، حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ، فَقَالَ «أَثَمَّ لُكَعُ، أَثَمَّ لُكَعُ» فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخَابًا، أَوْ تُغَسِّلُهُ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ، وَقَبَّلَهُ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَحْبِبْهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ»رواه البخاري(2122)،ومسلم (2421).



معنى بعض فقرات هذا الحديث:

قوله:(طَائِفَةٌ مِنَ النَّهَارِ)الْمُرَادُ قِطْعَةٌ مِنْهُ.

 ولكع المراد به هنا الصغير.

والسخاب بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُهُ سُخُبٌ ،وَهُوَ قِلَادَةٌ مِنَ الْقَرَنْفُلِ وَالْمِسْكِ وَالْعُودِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَخْلَاطِ الطِّيبِ يُعْمَلُ عَلَى هَيْئَةِ السُّبْحَةِ وَيُجْعَلُ قِلَادَةً لِلصِّبْيَانِ وَالْجَوَارِي.وَقِيلَ: هُوَ خَيْطٌ فِيهِ خَرَزٌ سُمِّيَ سِخَابًا لِصَوْتِ خَرَزِهِ عِنْدَ حَرَكَتِهِ مِنَ السَّخَبِ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْخَاءِ. يُقَالُ: الصَّخَبُ بِالصَّادِ وَهُوَ اخْتِلَاطُ الْأَصْوَاتِ.اهـ من«شرح صحيح مسلم»للنوي.

<لا يكلمني ولا أكلمه>،قال الحافظ في «فتح الباري»:أما من جانب النبي صلى الله عليه وسلم، فلعله كان مشغول الفكر، بوحي أو غيره، وأما من جانب أبي هريرة فللتوقير. وكان ذلك من شأن الصحابة، إذا لم يروا منه نشاطًا.


من فقه هذا الحديث ومسائله المتعلقة بالأولاد


جَوَازُ إِلْبَاسِ الصِّبْيَانِ الْقَلَائِدَ وَالسَّخَبَ وَنَحْوَهَا من الزينة.قاله النووي.

استحباب تنظيفهم لا سيما عِنْدَ لِقَائِهِمْ أَهْلَ الْفَضْلِ.قاله النووي.


اسْتِحْبَابُ مُلَاطَفَةِ الصَّبِيِّ وَمُدَاعَبَتِهِ رَحْمَةً لَهُ وَلُطْفًا.قاله النووي.


 اسْتِحْبَابُ التَّوَاضُعِ مَعَ الْأَطْفَالِ وَغَيْرِهِمْ قاله النووي.


تقبيل الطفل ومعانقته.

قال القرطبي في «المفهم»(6/300):لا خلاف - فيما أحسب - في جواز عناق الصِّغار كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.



وفيه أيضًا من الفوائد:

منقبة للحسن رضي الله عنه.

الدعاء لمن يحب حسنا أن الله يحبه.

فضل من يحب الحسن.


اللهم اجعلنا ممن يحب الحسن بن علي بن أبي طالب حبًّا شرعيًّا.

السبت، 28 مارس 2020

(29)الحديثُ وعلومُه




عن محمد بن سيرين قال: ظلمتَ أخاك إذا ذكرت مساوئه ولم تذكر محاسنه.

 أخرجه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1678):تحت فقرة:إِذَا اجْتَمَعَ فِي أَخْبَارِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مُعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ مِنَ الْمَحَاسِنِ وَالْمَنَاقِبِ وَالْمَطَاعِنِ وَالْمَثَالِبِ وَجَبَ كَتْبُ الْجَمِيعِ وَنَقْلُهُ وَذِكْرُ الْكَلِّ وَنَشْرُهُ.اهـ


وليس في هذا دعوة  للموازنة بين الحسنات والسيئات في حقِّ المبتدع،فمعروف عن محمد بن سيرين صلابته في السنة،وبغضه لأهل الأهواء والبدع.

وقد استفدت من والدي الشيخ مقبل في هذه المسألة:

الموازنة بين الحسنات والسيئات في حق المبتدع لا تذكر حسناته ولا كرامة.


ورجل آخر فاضل لكنه ضعيف، فممكن نذكر حسناته، فيقال ضعيف وهو رجل صالح، مثل: رشدين بن سعد، كان مغفلًا صالحًا في دينه.


وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :<إنكن صواحب يوسف>.

وقال لمعاذ: <أفتان أنت يا معاذ؟>.

ولم يذكر الحسنات.


(29) أحاديثُ منتقاةٌ من أحاديثِ البخاري ومسلم



عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلَامِي نَافِعٍ، أَنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رُجِمَ الْأَسْلَمِيُّ يَقُولُ:

 «لَا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ،أَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».


 وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«عُصَيْبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الْأَبْيَضَ، بَيْتَ كِسْرَى «أَوْ» آلِ كِسْرَى».


 وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ فَاحْذَرُوهُمْ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«إِذَا أَعْطَى اللهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ».


وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:«أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ»رواه مسلم(1822).

---------------------------------

قوله:(عُصَيْبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الْأَبْيَضَ، بَيْتَ كِسْرَى «أَوْ» آلِ كِسْرَى)قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث:هَذَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَتَحُوهُ بِحَمْدِ اللَّهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،وَالْعُصَيْبَةُ تَصْغِيرُ عُصْبَةٍ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ وَكِسْرَى بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِهَا.

قوله:(إِذَا أَعْطَى اللهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ) هُوَ مِثْلُ حَدِيثِ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ.

 (أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ) الْفَرَطُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمَعْنَاهُ السَّابِقُ إِلَيْهِ وَالْمُنْتَظِرُ لِسَقْيِكُمْ مِنْهُ وَالْفَرَطُ وَالْفَارِطُ هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ إِلَى الْمَاءِ لِيُهَيِّئَ لَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ.اهـ من شرح النووي.


وفيه من الفوائد مع ما تقدم:

حرص السلف على العلم.

العمل بالمكاتبة.

التحذير من الكذبة الدجالين.

البدء بحاجة النفس والأهل والأقرب فالأقرب-والمراد ما يسد الحاجة اللازمة- ثم إعطاء المحاويج والفقراء.

الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عرصات يوم القيامة،وأنه يتقدم أمته كالمهيِّئِ لهم.

(17)تربيةُ الأَولَادِ


   العالم يبعث من يتولى أمرَه كالولد والمملوك إلى عالمٍ آخر


عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ: انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ يُصْلِحُهُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَاحْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى ذِكْرُ بِنَاءِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ» قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ.رواه البخاري(447).


قال ابن رجب في «فتح الباري»(3/299):في هذا الحديث: حرص العالم المتسع علمُه على أولاده ومواليه في تعليمهم

العلم، حتى يرسلهم إلى غيره من العلماء، وإن كان هو أعلم وأفقه، لما يُرجى من تعليمهم من غيره ما ليس عنده.

الجمعة، 27 مارس 2020

(80)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ




الدرس السادس[سورة الحج (22) : الآيات 11 إلى 14]

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ﴾ الآيات

﴿عَلى حَرْفٍ﴾ أي: عَلَى شَكٍّ هذا قول بعض المفسرين، وقال بعضهم: ﴿عَلى حَرْفٍ﴾  أي: عَلَى طَرَفٍ. ولا يتعارض التفسيران ،لأن الذي لا يثبت على الدين يعبد الله على طرف منه. قال البغوي في« تفسير هذه الآية» (5 / 368 ):قِيلَ لِلشَّاكِّ فِي الدِّينِ إِنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ لِأَنَّهُ عَلَى طَرَفٍ وَجَانِبٍ مِنَ الدِّينِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ عَلَى الثَّبَاتِ وَالتَّمَكُّن.

﴿فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ﴾عافية أو ولد أو غنى أو غير ذلك.

﴿اطْمَأَنَّ بِهِ﴾ أي: استقر وثبت على الدين ظاهرًا. 

﴿وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ﴾ أي: اختبار وابتلاء.

﴿انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ﴾ أي:ارتد ورجع على عقبيه، إذا أصابه ضيق أو حوادث أو مرض أو فقر انقلب وتغيَّر.

﴿ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ﴾المبين:الواضح.

وفي تفسير هذه الآية أثر ابْنِ عَبَّاسٍ عند البخاري:﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ﴾ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلَامًا وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا دِينٌ سُوءٌ.

﴿ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12)﴾

﴿ يَدْعُوا ﴾ أي: يعبد من دون الله. فيه أن اللجوء إلى غير الله ضرر وليس فيه منفعة.

﴿ مَا لَا يَضُرُّهُ ﴾إذا ترك عبادته ﴿ وَما لا يَنْفَعُهُ ﴾ إذا دعاه.

﴿ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12)﴾ أي: دعاء غير الله.

﴿يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)﴾ظاهر هذه الآية إثبات الضرر الكثير والنفع القليل للأوثان،ولكن هذا الظاهر ليس هو المراد من الآية،وقد أجلى ذلك الإمام الشوكاني في «فتح القدير» (3 / 521)،وقال:هذه الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مَنْ كَوْنِ ذَلِكَ الدُّعَاءَ ضَلَالًا بَعِيدًا. وَالْأَصْنَامُ لَا نَفْعَ فِيهَا بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، بَلْ هِيَ ضَرَرٌ بَحْتٌ لِمَنْ يَعْبُدُهَا، لِأَنَّهُ دَخَلَ النَّارَ بِسَبَبِ عِبَادَتِهَا، وَإِيرَادُ صِيغَةُ التَّفْضِيلِ مَعَ عَدَمِ النَّفْعِ بِالْمَرَّةِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَقْبِيحِ حَالِ ذَلِكَ الدَّاعِي . اهـ.

وصيغة التفضيل هي لفظة: (أَقْرَبُ).

﴿لَبِئْسَ الْمَوْلى ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: الوثن. ولابن جرير تفسير آخر فقال: لَبِئْسَ ابْنُ الْعَمِّ وَالصَّاحِبُ. وصوب ابن كثير رَحِمَهُ الله قول مجاهد فقال:وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَثَنُ أَوْلَى وَأَقْرَبُ إِلَى سِيَاقِ الْكَلَامِ.

﴿وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ وَهُوَ الْمُخَالِطُ وَالْمُعَاشِرُ.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة أربعة أقسام:

1. مجادل مقلِّد يتبع كل شيطان مريد، وهؤلاء هم الأتباع المقلِّدين،كما في آية(3).

2.  مجادل مقلَّد، وهذا حال المتبوعين الدعاة إلى الكفر والضلال،كما في آية(8).

3. من يتبع هواه ويعبد الله على حرف،كما في آية(11).

قال شيخ الإسلام رَحِمَهُ الله في «مجموع الفتاوى»: هذا حال أهل الشهوات والأهواء.

4.  ويقابل الذي يعبد الله على حرف المؤمن حقيقة،﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) ﴾

﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ تعليل لما تقدم في ذكر ضلال الأشقياء وهداية المهتدين،فالله يهدي من يشاء ويضل من يشاء.

ومن فوائد هذه الآية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ

الحث على الثبات على دين الله عند المحن والضراء.

التحذير من جليس السوء،لأنه سبب في الانحراف والتبديل،فضرره عظيم على العقيدة وعلى الاستقامة وعلى المنهج الحق، ومن جالس جانس.

ولنعلم رحمنا الله وإياكم أن من جلساء السوء أصحاب الغيبة والنميمة والنفاق  فيُحذر من مَجالسهم،لأن مجالسهم منكرة،ولأنهم يؤثرون على من خالطهم. وكم من امرأة تجاهد وما تدري إلا وقد وقعت في الغيبة أو سماعها بسبب الجلساء. فمثل هؤلاء ما فيه إلا العزلة عنهم وعدم مخالطتهم في أماكن لغوهم .ونسأل الله الثبات.

الأربعاء، 25 مارس 2020

(79)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


الدرس الخامس [سورة الحج (22):الآية 5]

بعض فوائد هذه الآية﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ إلى قوله سبحانه:وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾:

1)  محاجة منكري البعث من وجهين :

أحدهما: أن الذي أوجد الإنسان من تراب ثم من نطفة وقلب حاله أطوارًا، وكما قال تعالى ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾[نوح : 14] قادر على إعادة خلقه بعد موته، وكما قال سبحانه ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) ﴾[يس].

 الثاني: إحياء الأرض اليابسة التي لا نبات فيها دليل على قدرة الله سبحانه على البعث.

قال ابن كثير:﴿ وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً﴾هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ الْهَامِدَةَ، وَهِيَ القحْلَة الَّتِي لَا نَبْتَ فِيهَا وَلَا شَيْءَ.اهـ

والقحلة:اليابسة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[سورة الحج (22) : الآيات 8 إلى 10]

﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)﴾.

﴿ثانِيَ﴾لاوي.

﴿عِطْفِهِ﴾العِطف فسِّر بالعنق وهي الرقبة، وقال الشوكاني في «فتح القدير» (3/519):الْعِطْفُ: الْجَانِبُ، وَعِطْفَا الرَّجُلِ:جَانِبَاهُ مِنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ.

﴿ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ﴾ أي: ذلة  ومهانة.

﴿ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ﴾ ﴿ذلِكَ﴾ أي: الخزي في الدنيا وعذاب الحريق يوم القيامة

والباء سببية أي: بسبب ما قدمت يداك.

قال الشوكاني في «فتح القدير» (3 / 520):عَبَّرَ بِالْيَدِ عَنْ جُمْلَةِ الْبَدَنِ لِكَوْنِ مُبَاشَرَةِ الْمَعَاصِي تَكُونُ بِهَا فِي الْغَالِبِ.

﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ ظلام من أمثلة المبالغة، وهي تقتضي الكثرة، وهذا لا مفهوم له.فالظلم منفي عن الله مطلقًا.
واستفدت من والدي رحمه الله أن المراد﴿ لَيْسَ بِظَلَّامٍ﴾ أي: ليس بذي ظلم، لأن الله يقول:﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾.

ونستفيد من آية رقم(10):
*نفي الظلم عن الله عز وجل.

*أن الله لا يعاقب أحدًا بغير ذنب، وكما قال  تعالى:﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾[طه:112].
وتقدم الكلام على الجدل عند تفسير آية رقم (3).

الاثنين، 23 مارس 2020

(16)تربيةُ الأَولَادِ


حكم ضرب الأولاد للتأديب


استفدت من والدي الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله:


ضرب الأولاد للحاجة لا بأس به وإن كانوا دون العاشرة،سواء أولاده أو الأولاد الصغار من طلابه.


واستدل بحديث غَطِّ جبريلِ عليه الصلاة والسلام النبيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما نزل عليه بالوحي.

قلت:ونص الحديث فيما يلي:


عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ:«مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قَالَ:فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ:مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ}[العلق: 2]فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ:«لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ..رواه البخاري(3)،ومسلم (160).


قال ابن الجوزي في «كشف المشكل من حديث الصحيحين»(4/272):معنى الغط فِي هَذَا الحَدِيث الخنق، وَمن فُعِل بِهِ هَذَا لأجل شَيْء يقدر عَلَيْهِ أَتَى بِهِ، فَلَمَّا لم يَأْتِ بالمطلوب مِنْهُ دلّ على أَنه لَا يقدر عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْهُ.اهـ


والمراد من ضرب الأولاد منفعتهم
 وتربيتهم:


فمن كان صغيرا دون التمييز فهذا لا يُضرب لأنه لا فائدة في ضربه.


ومن هنا يُعلَم خطأ معاملة بعض الأمهات لولدها بالضرب والتهديد وهو دون سن التمييز.


ومن كان قد تجاوز سن التمييز فالضرب يكون بقدر الحاجة، من غير مبالغة،ولا زيادة على عشر ضربات.


ولنعلم أن الأصل هو الرفق لا القسوة  والعُنف والشدة،وقد  قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ» رواه مسلم (2592) عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

 ويقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لعائشة:«يَا عَائِشَةُ، ارْفُقِي، فَإِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، دَلَّهُمْ عَلَى بَابِ الرِّفْقِ» رواه الإمام أحمد (41/255) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

والهداية بيد الله،والتسخير بيد الله:

فبعض الأولاد يترك بمجرد النهي والزجر.


وبعضهم يهاب ويتأدب بمجرد تعليق العصا في البيت،كما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني في «المعجم الكبير»(10/284) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ الْبَيْتِ»،والحديث ذكره الشيخ الألباني في«الصحيحة»( 1447). 


وبعضهم يكون حاله شديدًا مما يُحتاج إلى التعامل معه بالقوة فيما هو الأصلح والأنفع له،ونسأل الله الهداية والعافية.

(25)الأورَادُ من الأذكار والأدعية


                              المعوذات 


عن عبد الله بن خُبيبٍ رضي الله عنه قَالَ: أَصَابَنَا طَشٌّ وَظُلْمَةٌ، فَانْتَظَرْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا، فَخَرَجَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: " قُلْ ". فَسَكَتُّ. قَالَ: " قُلْ ". قُلْتُ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: " قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثًا تَكْفِيكَ كُلَّ يَوْمٍ.رواه أحمد(37/335).



عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: " أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ "رواه أحمد(28/634). 


وثبت قراءة المعوذتين الفلق والناس من غير تقييد بوقت:


عن عقبة بن عامر الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " يَا ابْنَ عَابِسٍ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ؟" قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ  "رواه أحمد(28/530).


قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد(4/166): وَفِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فَإِنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ تَعُمُّ كُلَّ شَرٍّ يُسْتَعَاذُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَجْسَامِ، أَوِ الْأَرْوَاحِ.

وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْغَاسِقِ وَهُوَ اللَّيْلُ، وَآيَتِهِ وَهُوَ الْقَمَرُ إِذَا غَابَ، تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا يَنْتَشِرُ فِيهِ مِنَ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ، الَّتِي كَانَ نُورُ النَّهَارِ يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِشَارِ، فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عَلَيْهَا وَغَابَ الْقَمَرُ انْتَشَرَتْ وَعَاثَتْ.

وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ السَّوَاحِرِ وَسِحْرِهِنَّ.

وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْحَاسِدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنَ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ الْمُؤْذِيَةِ بِحَسَدِهَا وَنَظَرِهَا.

وَالسُّورَةُ الثَّانِيَةُ :تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَقَدْ جَمَعَتِ السُّورَتَانِ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَلَهُمَا شَأْنٌ عَظِيمٌ فِي الِاحْتِرَاسِ وَالتَّحَصُّنِ مِنَ الشُّرُورِ قَبْلَ وُقُوعِهَا .اهـ


 ونكون استفدنا مما تقدم:
أن المعوذات من أذكار الصباح والمساء،ومن الأذكار بعد الصلوات.


 أنه في  الصباح والمساء تُقرأُ ثلاثًا.

أما عقب الصلوات فتُقرَأُ مرة واحدة.

أنه ينبغي  قراءة المعوذتين(الفلق والناس) كل ما تيسر، فهي أفضل ما تعوذ به المتعوذون،كما في الحديث السابق يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعقبة بن عامر وهو ابن عابس:أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ؟"

قَالَ: قُلْتُ: بَلَى.

 فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ".


وجاء عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: اتَّبَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِبٌ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمِهِ فَقُلْتُ: أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ سُورَةَ هُودٍ، وَسُورَةَ يُوسُفَ. فَقَالَ: «لَنْ تَقْرَأَ شَيْئًا أَبْلَغَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»رواه النسائي(953)،وهذا اللفظ صححه والدي الشيخ مقبل في «الصحيح المسند»(933).


وفي هذا الحديث طلب عقبة بن عامر رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلِّمه سورة هود وسورة يوسف ليتحصن بهما،فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى قراءة المعوذتين وأنه لا أبلغ أي لا أعظم من التعوذ بهاتين السورتين.