جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 24 أغسطس 2019

كتب منشورة في المكتبة الشاملة لوالدي رحمه الله


                       بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد فقد وصلني قائمة فيها كتبٌ لوالدي الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله،تَمَّ نشرُها في المكتبة الشاملة.

ففرحت بذلكَ فرحًا شديدًا،وكنت قد علمتُ ببعض ذلك،ثم قمت بالتأكُّد   فوجدته كما ذُكِر،وهذا ولله الحمد كالآتي:


·     الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين.ط.دار الآثار.

·     الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين ط.دار الآثار.

·     الصحيح المسند من أسباب النزول. الناشر:مكتبة ابن تيمية  -القاهرةالطبعة:الرابعة مزيدة ومنقحة، 1408هـ

·     مشاهداتي في المملكة العربية السعودية.ط.دار الآثار.

·     تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب.ط دار الآثار.

·     الباعث على شرح الحوادث. الناشر: مكتبة صنعاء الأثرية، اليمن..

·     الإلحاد الخميني في أرض الحرمين.ط.دار الآثار.

ونفيدكم أن موضوعَ هذا الكتاب النِّفاح عن أرض الحرمين ،والإنكار على من قام أو أراد فتنة في أرض الحرمين من روافض -وعلى رأسهم الخميني الكافر- وخوارج ..

وكأنه رحمه الله يحكي واقعنا الحاضر في تدبير المكايد لأرض الحرمين.حرسها الله من كل سوء.

·     نشر الصحيفة في ذكر الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة. الناشر: دار الحرمين، القاهرة – مصر.

·     مجموعة رسائل علمية.ط.دار الآثار.

·     المقترح في أجوبة بعض أسئلة المصطلح - أكثر من 200 سؤال في المصطلح مع محاضرات في:

البحث، الاستفادة من الكتب، وعلم الحديث.ط.دار الآثار.


·     غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل.ط.دار الآثار.

·     أحاديث معلة ظاهرها الصحة.ط.دار الآثار.

·     ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر وبيان بُعد محمد رشيد رضا عن السلفية.ط.دار الآثار.

·     الشفاعة.ط.دار الآثار.

·     رجال الحاكم في المستدرك.الناشر:مكتبة صنعاء الأثرية.

·     تراجم رجال الدارقطني في سننه الذين لم يترجم لهم في التقريب ولا في رجال الحاكم.ط.دار الآثار.

·     مقتل الشيخ جميل الرحمن الأفغاني، ومعه(حول كلمة وهابي).ط.دار الآثار.

وقد بذلُوا جهدًا في طباعتها بدقةٍ وأمانة علمية حسَب ما رأيت.جزاهم الله خيرًا.

الخميس، 22 أغسطس 2019

(38)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله



                           من سياسة المريض 

ابتُليتِ امرأة بمرضٍ خطير غالبًا يكون بسببه الموت،وهو مرض السرطان  فأخبرها قريبُها بذلك.

فقال والدي:أخطأ حيث أخبرها،قد يزدادُ مرضُها.


قلت:ولهذا من سياسة الأطباء الحُكماء أنهم لا يُخبرون المريض بذلك،وإنما يخبرون قريبه ومن يتولى شؤونه،لأن معنويتَه قد تضعُف وتنهار،فيزادد به المرض ويصير في حالة سيئة أشد وأكثر.

ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ».رواه أبوداود(3855)عن أسامة بن شريك رضي الله عنه.
ففي هذا الحديث تنفيس على المريض ورفع معنوياته،وألا ييأس من شفائه،مهما كان مرضه فالله سبحانه « لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً..».

ولكن قد تأتي حالة لا يُستطاع إخفاءُ نوع المرض عن المريض.

وفي هذا مثال واقعي ،وهو مرض والدي رحمه الله بعد أن تبينت الفحوصات وكشفت عن مرض وفاته،لم يستطع رفقاؤه في السفر الكتمان عنه،وقالوا إلا الشيخ لا نستطيع الإخفاء عنه،وأيضًا يختلف المرضى في الاهتمام بمعرفة مرضهم،وقد كان والدي منتظرًا للخبر،ويسأل بحرص شديد.فلم يكن هناك بُدٌّ من إخباره.

وكان ماذا بعد إخباره؟

كان موقفه الثبات والإيمان بالقدر وعدم اليأس من رحمة الله،والحرص على الدعوة إلى الله ،وشرح دعوة أهل السنة -لأن كثيرًا من الناس يجهلون فضلها وأنها دعوة رحمة ولين بسبب المنفِّرين عنها-،وتعليم الناس والإجابة عن أسئلتهم.

حتى إنني كنت أسأله في الهاتف عن صحته

فيقول:الحمد لله بخير،لا أُحصي ثناءً على الله.

ومن هنا نستنج من هذه المسألة:

أن الأمر يحتاج إلى سياسة لأنه  يختلف الحال من مريضٍ إلى آخر.

فمن كان عنده قوة إيمان،ويزيده معرفة مرضِه اهتمامًا بطرْقِ أبواب العلاج من دعاءٍ ،وحسن تداوي،ورجوعٍ إلى الله،ومبادرة إلى بعض أعماله المهمة من تتمة بحوث إذا أمكنه..فهذا لا يُكتم عنه مرضُه.

ومن كان إذا عَرَف نوع مرضه -وأنه يُسبِّب الموت لكثير- يتحطَّم  ويُصاب بالكآبة واليأس والضعف والانهيار فهذا يُفضَّل كتمان حالة مرضه.

ونسأل الله العافية والثبات.


توقيت الساعة 


كان توقيت الساعة عندنا بالتوقيت الغروبي ،وليس التوقيت الزوالي بأمرٍ من والدي الشيخ مقبل رحمه الله.

وكان ينكر التوقيت الزوالي.

وقد بوَّب والدي في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين»على حديث جابر برقم(3797)توقيت الساعة يكون على الغروب.
ثم ذكر حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ - سَاعَةً، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ»رواه أبوداود(1048).   

قلت:وهذا قول الشيخ الألباني رحمه الله فقد سُئِل رحمه الله:

متى الساعة الأولى بالنسبة لدخول المسجد يوم الجمعة؟

الشيخ: الساعة الواحدة في التوقيت العربي الذي أصبح مع الأسف نسيًا منسيًّا في أكثر البلاد العربية.

 وإن مما يسرني ويدخل الفرح والسرور في قلبي أن أرى هذه الظاهرة واضحة في هذه البلاد فنجد ساعتين في بعض المساجد إحداها عربية والأخرى غربية، التوقيت العربي الساعة الثانية عشر تكون بغروب الشمس، بينما في التوقيت الكافر تكون هذه الساعة اثنا عشر في وقت الزوال، فالساعة الأولى يوم الجمعة تبدأ في الساعة الواحدة.

وهنا يمكن أن يفهم الحديث:«من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة» إلى آخر الحديث، أما في التوقيت الإفرنجي فمع الأسف لا يمكن،[وهذا] من شؤم تقليد المسلمين للكافرين في حياتهم، نعم.

[المرجع رحلة النور.كما في «جامع تراث فقه الإمام الألباني»(6/174)].


قلت:رحم الله والدي ورحم شيخ شيخي الشيخ الألباني وغفر لهما على هذا التقرير الذي صار أغلب الناس ومعظمهم على خلافه،بل صاروا يجهلونه ولا يعرفونه،ونسأل الله أن يصلح الأحوال.

(8) القرآنُ وعلومُه


أخت تسأل :توضأت لمراجعة القرآن ولم أردِ الصلاة به فهل لي أن أُصلي بذلك الوضوء؟

الجواب

من نوى بالوضوء رفع الحدث الأصغر فقد تطهر. 
وسواء كان نيته حين توضأ الذكر أو قراءة القرآن أو الجلوس للعلم أو الطواف بالبيت أو غير ذلك ،وله أن يصلي بذلك الوضوء، فريضةً كانت أو نافلة.

قال ابن قدامة في «المغني»مسألة(189):وَإِذَا تَوَضَّأَ لِنَافِلَةٍ صَلَّى فَرِيضَةً لَا أَعْلَمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا. وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّافِلَةَ تَفْتَقِرُ إلَى رَفْعِ الْحَدَثِ كَالْفَرِيضَةِ، وَإِذَا ارْتَفَعَ الْحَدَثُ تَحَقَّقَ شَرْطُ الصَّلَاةِ وَارْتَفَعَ الْمَانِعُ، فَأُبِيحَ لَهُ الْفَرْضُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى الطَّهَارَةِ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالطَّوَافِ، إذَا تَوَضَّأَ لَهُ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ، وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ، وَأُبِيحَ لَهُ سَائِرُ مَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّهَارَةِ.اهـ


أما من جاء بالوضوء ولكنه لم ينوِ الطهارة إنما نوى مثلًا النظافة، أو التبرُّد،أو لأجل صبِّ الماء على المُصاب بالعين ..

فهذا لا يرفع وضوؤه الحدثَ الأصغر،لأن من شرط صحة الوضوء نية رفع الحدث  .كما روى البخاري(1) ،ومسلم (1907) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ .. ».

الثلاثاء، 13 أغسطس 2019

ختم الطاعات والنهايات بالاستغفار


      
الحمد لله الذي مَنَّ علينا فأفضل والذي أعطانا فأجزل.

الحمد لله الذي بلَّغَنا عشر ذي الحجة التي الأعمال الصالحة فيها أفضل من الجهاد إلا من خرج بنفسه وماله ولم يرجع بشيء.

الحمد لله الذي بلَّغ مَن شاء مِن عباده حج بيت الله الحرام نهاية هذا العام 1440

الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.

وإن المتأمِّل في سرعة انقضاء تلك الأيام المباركة يكون له عبرة وعظة في سرعة انقضاء الأعمار،بل في سرعة زوال الدنيا وفنائها،فالزمن قصير والعمر يسير.

فعلى العبد المسلم أن يكون متيقظًا،بعيدًا عن الغفلة،كثير الاعتبار والرجوع إلى الله سبحانه، حتى إذا جاء أجله يكون مستعدًّا متهيِّئًا  للقاء ربه.قال تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)﴾[الحشر].

وقد كان مِن سلفنا الصالح لو قيل له:إن ملك الموت عند بابك لما كان عنده زيادة على العمل.

يعني:بلغ أقصى الجهد في الطاعة فلا يستطيع أن يزيد تسبيحة أو تهليلة أو تحميدة أو تكبيرة أو تلاوة آية أو بعضها أو كلمة طيبة..فأين نحنُ من هؤلاء العُبَّاد!

فسبحان مَن يسخر مَن شاء مِن عباده لزاد الآخرة.اللهم اجعلنا منهم.

ولنعلم أن العبادة قد لا تخلو من نقص فينبغي جبرُ نقصُ ذلك بالاستغفار.

فقد أرشدنا ربنا سبحانه- وهو الرؤوف الرحيم- إلى الاستغفار بعد العبادة وفي النهايات فقال:﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

 وقال سبحانه عقب الأمر بالاستقامة:﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾.

وشُرِع الاستغفار لمن فرغ من صلاته.

روى مسلم (591)عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ:«اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ».

وشُرع الاستغفار عند القيام من المجلس ولو كان مجلس ذكر وعلم وقرآن كما في حديث عائشة.

وكَانَ النبي صلى الله عليه وسلم إذا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ يختم سفره بالاستغفار.روى مسلم (1345) عن أنس بن مالك قال:أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ، وَصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ عَلَى نَاقَتِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ،قَالَ:«آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»،فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.

وأمر بختم نهاية اليوم  بالاستغفار كما في حديث شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ.رواه البخاري(6306).

وحث سبحانه على الاستغفار عند نهاية الأعمار-ثبتنا الله- ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الاستغفار في آخر عمره أكثر مما قبله،امتثالًا لأمر ربه سبحانه له بذلك في سورة النصر:﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ..﴾إعلامًا بقرب أجل النبي صلى الله عليه وسلم وأمرِه بالاستغفار كما في حديث ابن عباس عند البخاري.

وروى البخاري(4440)،ومسلم (2444)واللفظ له عَنْ عَائِشَةَ،أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ».

قال ابن القيم في«مدارج السالكين»(3/402):اعْلَمِ أَنَّ التَّوْبَةَ نِهَايَةُ كُلِّ عَارِفٍ، وَغَايَةُ كُلِّ سَالِكٍ، وَكَمَا أَنَّهَا بِدَايَةٌ فَهِيَ نِهَايَةٌ، وَالْحَاجَةُ إِلَيْهَا فِي النِّهَايَةِ أَشَدُّ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا فِي الْبِدَايَةِ، بَلْ هِيَ فِي النِّهَايَةِ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ.. وَالْعَارِفُ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَحُقُوقِهِ يَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ أَحْوَجُ مَا يَكُونُ إِلَى التَّوْبَةِ فِي نِهَايَتِهِ.اهـ

اللهم اغفر لنا وأعنا على طاعتك.












الجمعة، 9 أغسطس 2019

(13)أسئلة في الحج والعمرة


    
              هل يلزم الصلاة إلى سترة بمكة وغيرها؟

الجواب

قال الإمام البخاري: بَابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا.

ثم أخرج عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ (برقم 501)،وهو عند مسلم (503)، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ، فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً وَتَوَضَّأَ»، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ .

قال الحافظ في«فتح الباري»: الْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا قَوْله:«بالبطحاء» فقد قدمنَا أَنَّهَا بطحاء مَكَّة .اهـ

وقد جاء عن بعضهم أنه لا يلزم السترة في مكة .

قال ابن قدامة في«المغني»(رقم1217):وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَّةَ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ. قَالَ الْأَثْرَمُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يُصَلِّي بِمَكَّةَ، وَلَا يَسْتَتِرُ بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ صَلَّى ثَمَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ سُتْرَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا، كَأَنَّ مَكَّةَ مَخْصُوصَةٌ.اهـ

ودليل هذا القول حديث المطلب بن أبي وداعة .

قال عبدالرزاق في«مصنفه»بَابُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ بِمَكَّةَ.

ثم أخرج (2387)بسنده عن كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ سُتْرَةٌ».

وهذا إسناد معل .فقد أخرجه أبوداود (2016)من طريق سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وِدَاعَةَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُصَلِّي مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ». قَالَ سُفْيَانُ: لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ سُتْرَةٌ.

 قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كثير، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ أَبِي سَمِعْتُهُ وَلَكِنْ مِنْ بَعْضِ أَهْلِي عَنْ جَدِّي.

فالحديث في إسناده مبهم .

وفي ترجمة البخاري إشارة إلى تضعيف هذا الحديث ،وفقه الإمام البخاري في تراجمه ،قال الحافظ في«فتح الباري»(تحت رقم 501):أَرَادَ الْبُخَارِيُّ التَّنْبِيهَ عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ ،وَأَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا فِي مَشْرُوعِيَّةِ السُّتْرَةِ ،وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ ،وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَنْ لَا فَرْقَ فِي مَنْعِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا ،وَاغْتَفَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ لِلطَّائِفِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ لِلضَّرُورَةِ ،وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ جَوَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَكَّةَ .اهـ

وذكر الحديث الشيخ الألباني رحمه الله في«سلسلة الأحاديث الضعيفة»(928).

ونعلم مما تقدم أن حديث المطلب بن أبي وداعة ضعيف ،فلا يُعارض الأحاديث في الأمر بالسترة، وتحريم المرور بين يدي المصلي وسترته،وكم من حديث ضعيفٍ لأجله يحصل الاختلاف بين أهل العلم .

قال العلامة الألباني رحمه الله في«سلسلة الأحاديث الضعيفة»(2ص327):فتأمَّل يتبين لك خطر الأحاديث الضعيفة وأثرها السيئ في الأمة.اهـ

فيجب على من يصلي منفردا أو إمامًا الصلاة إلى سترة وتحري المكان الذي يأمن فيه من المرور بين يديه، سواء في المسجد الحرام أو في غيره.
وأما المأموم فسترة الإمام سترة لمن خلفه.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الخميس، 8 أغسطس 2019

(12)أسئلة في الحج والعمرة


بارك الله فيك هل هذا الحديث صحيح و من المقصود فيه هل من كان في الحج أم الجميع (ما أهلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ،ولا كبَّرَ مُكبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ  قيلَ : يا رسولَ اللهِ ! بالجنَّةِ ؟ قال : نعَم )؟

الجواب



هذا الحديث جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ، وَلَا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ».

رواه الطبراني في«الأوسط»(7779) من طريق زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَاصِمٍ عن سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ،عن أبي هريرة،به.

وزيد بن عمر بن عاصم  ذكره الذهبي في «ميزان الاعتدال»،وقال: زيد بن عمر بن عاصم.

عن سهيل بن أبي صالح بخبر منكر.

وللحديث بعض الطرق الأخرى.ولهذا أورده العلامة الألباني في «الصحيحة»( 1621)والله أعلم.

وقوله(مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ)الإهلال رفع الصوت بالتلبية.

قال المُناوي في «فيض القدير»(5/430):أي ما رفع مُلَبٍّ صوته بالتلبية في حج أو عمرة.

ومن معرفة معنى الحديث يتضح لنا المراد منه.

وأنه يدل على فضل التلبية والتكبيرفي الحج والعمرة.

وفيه فضل الحج والعمرة.

(30)اختصار الدرس الأخير (رقم 28) من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية


حكم صوم يومَي العيدين وأيام التشريق.

عَنْ أبي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ أيام التَّشْرِيقِ فَنَادَيَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ، وأيام مِنًى أيام أَكْلٍ وَشُرْبٍ». رَوَاهُ أحمد وَمُسْلِمٌ.

عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أيام التَّشْرِيقِ أن يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

صوم العيدين: أجمع العلماء على تحريم صيام يومي العيدين وأن الصيام لا يصح في هذين اليومين، قال الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار» (4/310): وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْأُصُولِ. اهـ.


صيام أيام التشريق وهي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.

سُمِّيَتْ بذلك لتَشْرِيقِ النَّاسِ لُحُومَ الْأَضَاحِي فِيهَا وَهُوَ تَقْدِيدُهَا وَنَشْرُهَا فِي الشَّمْسِ.

ويقال لأيام التشريق الأيام المعدودات، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾[البقرة: 203].

وَيُقَالُ لَهَا أَيَّامُ مِنَى لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقِيمُونَ فِيهَا بِمِنَى.

 وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ منها يُقَالُ لَهُ: يَوْمُ الْقَرِّ بِفَتْحِ الْقَافِ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنَى.

 وَالثَّانِي: يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ النَّفْرُ فِيهِ لِمَنْ تَعَجَّلَ.

وَالثَّالِثُ: يَوْمُ النَّفْرِ الثَّانِي. [«المجموع» (6/442) للنووي].

وقد دلَّت هذه الأحاديث على النهي عن صيام أيام التشريق.

وفي معناها ما جاء:

§    عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ» أخرجه مسلم (1141).

§    عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأيام التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أهلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أيام أَكْلٍ وَشُرْبٍ» والحديث صحيح.

 وخُصَّ من هذا النهي المتمتع الذي لم يجد الهدي لحديث عائشة وابن عمر في الباب: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أيام التَّشْرِيقِ أن يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ».

§    ولقول الله تعالى: ﴿فمن تمتَّعَ بالعُمْرةِ إلى الحجِّ فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي فمنْ لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ وسَبْعةٍ إذا رَجَعْتُمْ تلك عَشَرَةٌ كاملةٌ ﴾[البقرة: 196].

وقد ذهب إلى ما دلت عليه هذه الأدلة -في النهي عن صيام أيام التشريق إلا المتمتع الذي لم يجد الهدي- الشافعي في القديم.

وجاء هذا أيضًا عن ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ والأوزاعي ومالك وأحمد في رواية عنه وإسحق.

وهناك قولان آخران في المسألة:

§    أنه لا يصام أيام التشريق لا لمتمتع ولا لغيره أخذًا بعمومات النهي.

 جاء هذا عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وأبي حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ومذهب الشافعي في الجديد. وهو قول ابن حزم في «المحلى»(802).

§    جَوَازُ صَوْمِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ وَغَيْرِهِ

جاء هذا عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ سِيرِينَ. يراجعالمجموع شرح المهذب»(6/545).

ويَرَدُّ هذين القولين الأحاديث السابقة وما في معناها.

وأما الاستدلال بالعمومات في النهي عن صيام أيام التشريق فهي عامة، وأدلة جواز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لم يجد الهدي خاصة، والخاص يقدم على العام.

والصحيح هو ما تقدم أنه لا يصام أيام التشريق سوى المتمتع الذي لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة الأيام قبل يوم عرفة فإنه يجوز له صيام أيام التشريق لهذه الأدلة المذكورة السابقة

وهذا آخر شيء من اختصار دروس الصيام  للمجد ابن تيمية من كتابه المنتقى.والحمد لله الذي أعاننا ووفقنا،فله الفضل والمنة  7/شهر ذي الحجة 1440

الأربعاء، 7 أغسطس 2019

(11)أسئلة في الحج والعمرة


الأذكار بعد الصلاة في حالة الجمع بين الصلاتين بعرفة

سألت  والدي الشيخ مقبل رحمه الله :

إذا جمع المسافر بين الصلاتين فهل يؤدي الأذكار  بعد كلِّ صلاة ؟

جواب الشيخ : تؤدَّى بعد الانتهاء من الصلاة كلها.

 وليس في المسألة نص صريح ،ولكن ما جاء عن النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الجمع بين الصلاتين في السفر أنه صلى المغرب ثم صلى العشاء.

-------------------------

قلت:روى مسلم(1218)عن جابر رضي الله عنه في حديث حجة الوداع ،الحديث وفي سياق يوم عرفة قال:« ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا».

وروى البخاري (1092) معلَّقًا عن عبدالله بن عمر«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ، فَيُصَلِّيهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ العِشَاءَ، فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلاَ يُسَبِّحُ بَعْدَ العِشَاءِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ».

ووصل الحديث الإسماعيلي كما في«فتح الباري».

وما رجحه والدي في هذه المسألة هو قول الشيخ ابن باز رحمه الله  كما في «الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري»(1/326):الأذكار التي بعد الصلاة الأولى عند الجمع تسقط وتبقى أذكار الصلاة الثانية..


وفي«لقاء الباب المفتوح» للشيخ ابن عثيمين : الظاهر في الأذكار أنه يكتفى فيها بذكرٍ واحد، لأن الصلاتين صارت كأنها صلاة واحدة، فيكتفى فيها بذكرٍ واحد، وإن أتى لكلِّ واحدة بذكرٍ فلا أرى في هذا بأسًا، والأولُ كافٍ.اهـ

(10)أسئلة في الحج والعمرة


أنكرت امرأة وقالت:لا يُقرأ القرآن بعرفة ولكن ذِكْر فقط فهل هذا صحيح؟

الجواب

القرآن هو من ذكر الله قال تعالى:﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:9].

وقال سبحانه:﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ [ص:1].

بل ذكر أهل العلم أن القرآن أفضل الذكر إلا المواضع التي لها أوقاتٌ محدَّدة ،فهذه يكون الإتيان بها أفضل من قراءة القرآن، لأنها تفوت بفوات وقتها.

قال النووي رَحِمَهُ الله في «المجموع» (2/164) :قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَسَائِرِ الْأَذْكَارِ إلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَذِهِ الْأَذْكَارِ فِيهَا.اهـ

مثلًا:الأذكار عقب الصلوات أفضل من قراءة القرآن،أذكار الصباح والمساء أفضل من قراءة القرآن،متابعة المؤذن أفضل من قراءة القرآن..وهكذا لأن هذه لها وقت معيَّن فلا يُقدَّم شيء عليها.

والواقف بعرفة أحيانا يكون في تسبيح وتهليل وتكبير وتحميد واستغفار ..وغير ذلك،وأحيانًا يقرأ القرآن.

 قال النووي في«الأذكار»(198):يُستحبّ الإِكثارُ من الذكر والدعاء، ويَجتهدُ في ذلك، فهذا اليوم أفضلُ أيام السنة للدعاء، وهو مُعظم الحج ، ومقصودُه والمعوَّل عليه، فينبغي أن يستفرغَ الإِنسانُ وُسعَه في الذكر والدعاء، وفي قراءة القرآن، وأن يدعوَ بأنواع الأدعية، ويأتي بأنواع الأذكار، ويدعو لنفسه، ووالديه، وأقاربه ومشايخه، وأصحابه، وأصدقائه، وأحبابه، وسائر مَن أحسن إليه، وجميع المسلمين، وليحذرْ كلَّ الحذرِ من التقصير في ذلك كله، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه، بخلاف غيره، ولا يتكلَّفُ السجعَ في الدعاء، فإنّه يُشغل القلبَ، ويُذهبُ الانكسار، والخضوعَ، والافتقار، والمسكنة والذلّة، والخشوع، ولا بأس بأن يدعو بدعواتٍ محفوظة معه، له أو غيره، مسجوعة إذا لم يشتغل بتكلّف ترتيبها ومراعاة إعرابها.اهـ المراد

وقال الشيخ ابن باز في «التحقيق والإيضاح»128):يستحب للحاج في هذا الموقف أن يجتهد في ذكر الله سبحانه ودعائه والتضرع إليه، ويرفع يديه حال الدعاء وإن لبى أو قرأ شيئا من القرآن فحسن.اهـ

ويستحب الإكثار بعرفة من هذا الدعاء الثابت عن عبدالله بن عمرو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.رواه الترمذي(3585).

وللحديث بعض الشواهد.ينظر«الصحيحة»(1503)للشيخ الألباني.

(9)أسئلة في الحج والعمرة


كنا في حجةٍ لنا بعرفة فأمرتنا القائمة بإرشاد النساء أن نبقى واقفات على أقدامنا وندعو الله فما حكم ذلك؟

الجواب

هذا جهل فإن المراد بالوقوف الحضور والوجود بعرفة وتوجه العباد بقلوبهم إلى الله مشتغلين بالذكر والدعاء والاستغفار والخضوع والتلبية..

قال شيخ الإسلام في «شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة»(2/502):الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْكَوْنِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ مُضْطَجِعًا، أَوْ مَاشِيًا.اهـ

وقال الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى»(16/175): وعرفة كلها موقف، ويدعو الله في جميع الأحوال: جالسا أو مضطجعا أو قائما.اهـ

وقد وصفَ جابر بن عبد الله بقاء النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة بالوقوف مع أنه جالس على راحلته.

روى مسلم (1218)عن جابر في حديث حجة الوداع الطويل الحديث وفيه:ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ.

ووقوفه صلى الله عليه وسلم على راحلته ليراه الناس ويقتدون به.

(8)أسئلة في الحج والعمرة


عند الانتهاء من الرمي نقول عند الجمار:حجا مبرورا فهل هذا من السنة؟

الجواب

هذا ليس من السنة،والأصل في العبادات التوقيف،فلا يجوز اتخاذه دعاءً راتبًا،أو اعتبار أنه من الدين والإسلام قول هذا الذكر في ذلك الموضع.

 روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ».

قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»(22/510):لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَسُنَّ لِلنَّاسِ نَوْعًا مِنْ الْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ غَيْرِ الْمَسْنُونِ وَيَجْعَلَهَا عِبَادَةً رَاتِبَةً يُوَاظِبُ النَّاسُ عَلَيْهَا كَمَا يُوَاظِبُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ بَلْ هَذَا ابْتِدَاعُ دِينٍ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ بِهِ؛ بِخِلَافِ مَا يَدْعُو بِهِ الْمَرْءُ أَحْيَانًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلَهُ لِلنَّاسِ سُنَّةً فَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَعْنًى مُحَرَّمًا لَمْ يَجُزْ الْجَزْمُ بِتَحْرِيمِهِ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ وَالْإِنْسَانُ لَا يَشْعُرُ بِهِ.اهـ المراد