جديد الرسائل

الثلاثاء، 15 يوليو 2025

(184)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

   من أهوال يوم القيامة

من أهوال يوم القيامة: أنهم يخرجون من قبورهم لرب العالمين ليس لغير الله، ولكن لرب العالمين، «حُفَاةً» بلا نعل، «عُرَاةً» بلا كساء، «غُرْلًا» أي: غير مختونين، يخرجون من قبورهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، لا لباس ولا نعال وغرلًا، قال تَعَالَى: { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) }[الأنبياء].

ولما حدث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عائشة: «تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: «الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ» رواه البخاري (6527)، ومسلم (2859) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ يقول: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} [عبس: 37].

 كل مهتم بنفسه يريد نجاتها وسلامتها؛ فلهذا يفر القريب من قريبه، ممن كان أعز عليه وأقرب إليه في الدنيا {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} [عبس:34 - 37].  نصَّ على هؤلاء: الأخ والأم والأب والزوجة والأبناء؛ لأنهم أخص القرابة، الولد فلذة الكبد أغلى شيء عند الأب، لكن يوم القيامة كل يفر من الآخر، كل منهم مشغول بشأنه وحاله، فنسأل الله العفو والعافية، وندعو بدعاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: اللهم لا تخزني يوم يبعثون، كما ثبت عنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: « اللهُمَّ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أحمد (18056)، وصححه والدي رحمه الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (1495)، هذا دعا به النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وجاء في القرآن عن نبي الله إبراهيم: {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}[الشعراء: 87].

 أعظم خزي وأعظم فضيحة خزي الآخرة؛ لأنه يكون على رؤوس الأولين والآخرين، ونسأل الله الستر في الأولى والأخرى.

 

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية، لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]