جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 31 أكتوبر 2023

(10) اختصار درس ملحة الإعراب

 

بَابُ الْإِضَافَةِ

الإضافة لغة: الإسناد.

وفي الاصطلاح: إسناد اسم إلى غيره على تنزيل الثاني من الأول منزلة تنوينه، أو ما يقوم مقام تنوينه.

قوله: (وَقَد يُجَرُّ الِاسمُ بِالإِضَافَهْ) المجرورات على أقسام: مجرور بحرف الجر، ومجرور بالإضافة، مجرور بالتبعية، وهناك الجر بالمجاورة.

واختلفوا في العامل في المضاف على أقوال:

أحدها: أن الجار للمضاف إليه هو المضاف، وهذا قول سيبويه والجمهور، وصرح به ابن هشام في «أوضح المسالك».

ومستند هذا القول اتصال الضمير بالمضاف، والضمير لا يتصل إلا بعامله.

الثاني: أن العامل حرف جر وهو اللام، وهو قول الزجاج.

الثالث: الإضافة، وهذا قول السهيلي وأبي حيان.

الرابع: أن العامل فيه حرف مقدر ناب عنه المضاف، وهذا قول ابن الباذش.

والإضافة على قسمين:

-إضافة معنوية: ألَّا يكون المضاف صفة، والمضاف إليه معمولًا له.

وسميت إضافة معنوية؛ لإفادتها أمرًا معنويًا، وهو التعريف إن كان المضاف إليه معرفة، والتخصيص إذا كان المضاف إليه نكرة.

وهذا الإضافة تسمى إضافة محضة؛ لأنها خالصة من تقدير الانفصال.

-إضافة لفظية، وهي: أن يكون المضاف صفة، والمضاف إليه معمولًا لتلك الصفة.

وسميت إضافة لفظية؛ لإفادتها أمرًا لفظيًّا، وهو التخفيف في النطق. والإضافة اللفظية لا تكسب الاسم تعريفًا ولا تخصيصًا.

أقسام الإضافة المعنوية: الإضافة بمعنى «اللام»، والإضافة بمعنى «من». ولم يذكر الحريري الإضافة بمعنى «في»؛ وذلك لأنه قليل.

وضابط الإضافة التي بمعنى «في»: أن يكون المضاف إليه ظرفًا للمضاف.

وضابط الإضافة التي بمعنى «من»: أن يكون المضاف إليه كلًّا من المضاف، ويصح الإخبار به عنه.

والإضافة التي بمعنى «اللام» ما عدا ذلك، وهي الأكثر. ولا يلزم التصريح باللام.

ألفاظ تلازم الإضافة ولا تفارقها:

(لدن، ولدا) بمعنى: عند.

(سُبحَانَ).

(وَذُو) بمعنى: صاحب.

(وَمِثلُ) الشبيه والنظير.

(وَمَعْ) ومعناه: المُصاحَبةُ. وقد تقطع عن الإضافة وتكون بمعنى جميعًا ، والإعراب حال، مثل: «جاء الزيدان معًا»

(وَعِندَ) ظرف هي مكان، وقد تأتي ظرف زمان.

(وَأُولُو) بمعنى: أصحاب.

(وَكُلُّ) من ألفاظ العموم، وإذا قطعت «كل» عن الإضافة نونت، والتنوين يكون عوض عن اسم محذوف.

أسماء الجهات الست: (فوقُ، وتحت، وَوَرَاء، وأمام، ويَمنَةٌ، ويسرة).

 (قبل، وغيرُ، وبعضُ، وسِوَى، قبل، بعد، حسب، أول، دون، علو».

(22-بَابُ «كَم» الخَبَرِيَّةِ)

ذكر الناظم رَحِمَهُ اللهُ «كم» الخبرية في أبواب الإضافة؛ لأن تمييزها يكون مجرورًا بالمضاف.

و«كم» في اللغة العربية: كناية عن عدد مجهول الجنس والمقدار.

و «كم» على قسمين: استفهامية، بمعنى: أي، يستعملها من يسأل عن كمية الشيء.

وخبرية، بمعنى: كثير، ويستعملها من يريد الافتخار والتكثير.

ومن الفوارق بين «كم» الخبرية و«كم» الاستفهامية:

أن كم الاستفهامية لا تفيد التكثير، بخلاف كم الخبرية.

أن كم الاستفهامية ينتظر المتكلمُ جوابًا؛ لأنه مستفهم، بخلاف كم الخبرية؛ لأنه مخبر.

أن تمييز كم الاستفهامية يلزم الإفراد، بخلاف كم الخبرية فقد يكون مفردًا، وقد يكون جمعًا.

تمييز كم الاستفهامية يلزم النصب إلا إذا تقدمه حرفُ جرٍّ فلا يلزم، بخلاف تمييز كم الخبرية فمخفوض دائمًا.

وأيضًا من الفوارق كما في «مغني اللبيب»:

أَن الْكَلَام مَعَ الخبرية مُحْتَمل للتصديق والتكذيب، بِخِلَافِهِ مَعَ الاستفهامية.

 أَن الِاسْم الْمُبدل من الخبرية لَا يقْتَرن بِالْهَمْزَةِ، بِخِلَاف الْمُبدل من الاستفهامية، يُقَال فِي الخبرية: «كم عبيد لي خَمْسُونَ بل سِتُّونَ»، وَفِي الاستفهامية: «كم مَالك أعشرون أم ثَلَاثُونَ؟».

فائدة: يشترك «كم» الاستفهامية والخبرية فِي خَمْسَة أُمُور: الاسمية، والإبهام، والافتقار إِلى التَّمْيِيز، وَالْبناء، وَلُزُوم التصدير.

 

(4)الأحاديث الضعيفة والموضوعة

 

تسأل إحدى أخواتي في الله عن حال هذا الحديث:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ».

 قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: « بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ».

وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في « المسند»(36/656)، وفيه  عَمْرو بْن عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ مجهول عين.

 وله بعض الطرق التي لا ترَقِّي هذه الزيادة: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: « بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ».

ولذا قال الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «الضعيفة »(5849): منكر بهذا التمام. اهـ.

أما حديث الطائفة المنصورة فحديث متواتر.

(38) أحاديث منتقاة من أحاديث البخاري ومسلم

 

                               

                              قيام الليل وقاية من النار

عن عبد الله بن عمر، قَالَ: إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَا غُلامٌ حَدِيثُ السِّنِّ، وَبَيْتِي المَسْجِدُ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلاَءِ، فَلَمَّا اضْطَجَعْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِيَّ خَيْرًا فَأَرِنِي رُؤْيَا، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَنِي مَلَكَانِ، فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، يُقْبِلانِ بِي إِلَى جَهَنَّمَ، وَأَنَا بَيْنَهُمَا أَدْعُو اللَّهَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهَنَّمَ، ثُمَّ أُرَانِي لَقِيَنِي مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ: لَنْ تُرَاعَ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ، لَوْ كُنْتَ تُكْثِرُ الصَّلاَةَ. فَانْطَلَقُوا بِي حَتَّى وَقَفُوا بِي عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، لَهُ قُرُونٌ كَقَرْنِ البِئْرِ([1])، بَيْنَ كُلِّ قَرْنَيْنِ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَرَى فِيهَا رِجَالًا مُعَلَّقِينَ بِالسَّلاَسِلِ، رُءُوسُهُمْ أَسْفَلَهُمْ، عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَانْصَرَفُوا بِي عَنْ ذَاتِ اليَمِينِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ».

 فَقَالَ نَافِعٌ: «فَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ» رواه البخاري (7028-7029ومسلم (2479).

وقوله: «لَنْ تُرَاعَ» أمَّنه من الخوف، و«شَفِيرِ جَهَنَّمَ» أي: ناحيتها.

وفي هذا الحديث: الحث على قيام الليل، وأنه وقاية من النار، كما نستفيد منه: أن هداية الإنسان لفعل الخير قد يكون بسبب رؤيا، فسبحان أرحم الراحمين!

ونستفيد منه: عدم التسويف في الأعمال، فعبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما منذ أن حثه النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ على قيام الليل، لم يزل مسارعًا إلى قيام الليل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

[مقتطف من كلمة الإيضاح أن التسويف عدو النجاح لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

 

                       

 

 

 



([1])قال النووي رَحِمَهُ اللهُ في «شرح صحيح مسلم» (16/38): (له قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ) هُمَا الْخَشَبَتَانِ اللَّتَانِ عَلَيْهِمَا الْخُطَّافُ، وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِي جَانِبِ الْبَكْرَةِ قاله ابن دُرَيْدٍ، وَقَالَ الْخَلِيلُ هُمَا: مَا يُبْنَى حَوْلَ الْبِئْرِ وَيُوضَعُ عَلَيْهِ الْخَشَبَةَ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الْمِحْوَرُ وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الْبَكْرَةُ.

(37) أحاديث منتقاة من أحاديث البخاري ومسلم

 

مبادرة الصحابة إلى العمل

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي: «أَلاَ إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ» قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا [المائدة: 93] الآيَةَ». رواه البخاري (2464ومسلم (1980).

 مباشرة كفَّ الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم عن شرب الخمر وما ترددوا طرفة عين، أو قالوا: نشرب هذا الكأس ثم نتوب، مع أن هذا من أشربتهم، ومألوفاتهم، فقد كانت أشربتهم النبيذ، يضعون مثلًا في الشعير ماء وبعد ساعات أو يوم يشربون ماءه عصيرًا، أو التمر أو الزبيب يُصب عليه ماء ويخرج منه عصير ثم يُشرَبُ، ولكن بعد أن يصير خمرًا هذا يحرم شربه.

وماذا قال طلحة لأنس؟  «اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا» أي: اسكبه.

«فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ» أي: طرق المدينة.

«فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ» أي: حزنوا عليهم.

(16) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام



43-وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ»، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

«إِنَّ أُمَّتِي» تنقسم أمة النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: أمة الإجابة وهم المسلمون، وأمة الدعوة هم الكفار.

«غُرًّا مُحَجَّلِينَ» الغرة: بياض في جبهة الفرس، والتحجيل: بياض في قوائم الفرس، والمراد: أن أعضاء الوضوء يكون عليها نور يوم القيامة، وهذا تشريف لهذه الأمة.

«مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ» يجوز بضم الواو وهو الفعل، وفتحها أي: من آثار استعمال ماء الوضوء.

«فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» هذه اللفظة مدرجة.

من فوائد هذا الحديث:

·          فضل الوضوء.

·          وفيه أن الغرة والتحجيل يكون في أعضاء المؤمن يوم القيامة. وهذه خصيصة لهذه الأمة.

أما الوضوء فقد كان مشروعًا من قبل كما يدل له قصة جريج؛ فإنه قال: «دعوني أتوضأ وأصلي ركعتين»، وهكذا سارة لما طلبها الملك توضأت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وصانها الله عَزَّ وَجَل منه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

44-وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

«يُعْجِبُهُ» أي: يستحسن التيمن، والتيمن: البدء باليمين.

«فِي تَنَعُّلِهِ» أي: لبس النعل يبدأ بالرجل اليمنى، وأما الخلع فيستحب الخلع باليسرى.

هذه من السنن، والعمل بها من طرق الخير المتكاثرة، والقليل من يوفق لذلك، يذهب الخير من بين أيديهم؛ لأن الجنة تحتاج إلى صبر.

«وَتَرَجُّلِهِ» الترجل: تسريح الشعر، السنة أن يبدأ بالشق الأيمن، وينبغي أن يكون باليد اليمنى، هذه سنن.

«وَطُهُورِهِ» في الوضوء يبدأ باليد وبالرجل اليمنى ثم اليسرى، وفي الغسل يبدأ بالشق اليمن.

«وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» كل ما له شأن، وكل ما كان من باب التكريم يكون باليمنى.

 وخرج بهذا ما ليس له شأن، كالأشياء المستقذرة كالاستنجاء والامتخاط، وليس معنى كونه باليسار أنها تباشر النجاسة بغير آلة.

وخلع النعل يبدأ باليسرى لا اليمنى.

 ودخول الخلاء يبدأ باليسرى هذا نُقِلَ عليه الاتفاق.

دخول المسجد يستحب أن يكون بالرجل اليمنى والخروج بالرجل اليسرى.

نستفيد من هذا الحديث: استحباب التيمن في كل ما له شأن.

 ومنه الأخذ والعطاء، وهذا جاء النص فيه في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ، وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ». رواه ابن ماجة (3266).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

45-وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَأوا بِمَيَامِنِكُمْ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

في رواية زيادة «إِذَا لَبِسْتُمْ» ففي حال اللبس يستحب البدء باليمنى، إدخال اليد اليمنى في كُمِّ الثوب.

والشاهد فيه في باب الوضوء: البدء باليد والرجل اليمنى في الوضوء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

46-وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ، وَالْخُفَّيْنِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

«بِنَاصِيَتِهِ» الناصية: مقدمة شعر الرأس.

«الْعِمَامَةِ» التي تكون مكورة ولها ذؤابة، يرخي لها طرف في الخلف.

 والعمامة من خصائص الرجال، وهي من عادات العرب، و بعضهم يبالغ في طياتها؛ يجعلها كبير الحجم.

«وَالْخُفَّيْنِ» الخفين تثنية خف، والخف: ما غطى الكعبين سواء كان من جلد أو غيره، وبعضهم يقول: لابد أن يكون من جلد، هذا ما يلزم سواء كان من جلد أو غيره.

نستفيد من هذا الحديث:

 مشروعية المسح على الناصية والعمامة.

 كيفية أخرى: عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ» رواه البخاري (205).

وروى الإمام مسلمٌ (275) عَنْ بِلَالٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ».

والخمار: العمامة. فهاتان كيفيتان.

والكيفية المشهورة المسح على الرأس مباشرة.

ومن هنا نستفيد: أنه يجوز للمرأة تمسح على خمارها، وهذا من يسر هذا الدين الحنيف.

والمسح مرة واحدة عام للرجل والمرأة، إنما بعض النساء تستغرب الرد إلى الأمام؛ من أجل ألَّا ينتشر الشعر، لا يضر؛ الرد إلى الأمام سنة.

والشعر المسترسل لا يُمسح.

وفيه استحباب المسح على الخفين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

47-وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، هَكَذَا بِلَفْظِ الْأَمْر، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ الْخَبَرِ.

أي: بلفظ «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» بلفظ الفعل المضارع. أما لفظ الأمر: «ابْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فهذا شاذ، والشاذ من قسم الضعيف، وقد حكم عليه بالشذوذ الشيخ الألباني رَحِمَهُ اللهُ.

والشاهد من هذا الحديث: البدء باليمين، والترتيب في أعضاء الوضوء كما أمر الله في آية الوضوء.

وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يشترط الترتيب في الوضوء.

وفيه محافظة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تقديمِ ما قدَّمه الله عز وجل في كتابه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

48-وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ أَدَارَ الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

إسناده ضعيف؛ فيه القاسم بن محمد بن عبدالله بن عقيل وهو ضعيف جدًّا.

«مِرْفَقَيْهِ» المرفق: هو مفصل العضد والساعد، سمى مرفقًا؛ للاتكاء عليه.

ما حكم غسل المرفقين في الوضوء؟

 تغسل المرفقان فهما داخلة في اليدين، والدليل الحديث الذي رواه مسلم (246) عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُجْمِرِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ.

وقد ذهب أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلى وجوب إدْخَالِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْغَسْلِ.

ولكن لا يستحب إطالة الغرة والتحجيل خلافًا للشافعية حيث ذهبوا إلى استحباب إطالة الغرة والتحجيل، فلا يشرع في الوضوء أن يغسل شيئًا من العضد، وأن يزيد على الكعبين في غسل الرجلين، وهذا قول جمهور أهل العلماء.