جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 31 ديسمبر 2015

فَضْلُ التَّأْمِيْنِ فِي الصَّلاةِ بعدَ قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ

سلسلةُ الفوائد...



ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ - ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗَﺎﻝَ: (ﺇﺫَا ﺃَﻣَّﻦَ اﻹِﻣَﺎﻡُ ﻓَﺄَﻣِّﻨُﻮا , ﻓَﺈِﻧَّﻪُ ﻣَﻦْ ﻭَاﻓَﻖَ

ﺗَﺄْﻣِﻴﻨُﻪُ ﺗَﺄْﻣِﻴﻦَ اﻟْﻤَﻼﺋِﻜَﺔِ: ﻏُﻔِﺮَ ﻟَﻪُ ﻣَﺎ ﺗَﻘَﺪَّﻡَ ﻣِﻦْ ﺫَﻧْﺒِﻪِ)  متفق عليه .


في الحديثِ فضيلة التأﻣِينِ وأنه من أسباب مغفرة الذنوب  .

ومن أدلَّةِ فضل السلام والتأمين ما  في سنن ابن ماجة من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم (ماحسدتكم اليهود

على شيء ماحسدتكم على السلام والتأمين)  .


وفضل التأمين عقب قراءة الفاتحة حُرِمَه الشيعةُ ويرونه بدعة بل في (طرح التثريب2/266) يقولُ  : فِيهِ رَدٌّ عَلَى

الْإِمَامِيَّةِ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ التَّأْمِينَ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا وَهُمْ فِي ذَلِكَ خَارِقُونَ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ

لَا صَحِيحَةً وَلَا سَقِيمَةً.اهـ

وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار(2/258) : وَحَكَى الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِعَنْ الْعِتْرَةِ جَمِيعًا أَنَّ التَّأْمِينَ بِدْعَةٌ الخ .

والإماميَّة من أَخْبَثِ أصناف الرافضة  .

والمهدي الذي ينقلُ عنه الشوكاني استفدنا من والدي رحمه الله أنه لا يُعْتَمَدُ عليه وأنه يُصَحِّحْ  ويرُّدُّ ما يهوَى . اهـ

والعِتْرَةُ :  أهلُ البيتِ   .

والمقصودُ المُتَأَخِّرُونَ منهم  وهُمُ الشيعةُ .

 وهكذا في أعمال صالِحةٍ كثيرةٍ حُرِمَها الشيعةُ  ،-نسأل الله العافية-  ، بين الشيعة وبينها

حجاب -نعوذ بالله من حرمان الخير- واستبدلوا بهذا بدَعاً كثيرة .

فمن ترك المشروعَ استبدل به غيرَه  من البِدَع كما يقول أهلُ العلم .


ونعوذبالله من الخذلان  .


فلْيَحْمَدِ اللهَ من وُفِّقَ للحقِّ والصوابِ ، ولْيَسْأِلِ اللهَ دائِما الثَّبَاتَ على السُّنَّة .



(4)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ .



قوله تعالى {ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ إلى قوله إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ } .


اختلفَ العلماء على قولَيْنِ :

هل هذا من قولِ يوسفَ عليه الصلاة والسلام أو من قولِ امرأةِ العزيزِ ؟.


والصواب : أَنه مِنْ كَلَامِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ لأنَّ الآياتِ في سياق امرأة العزيز فقد قال تعالى {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ


الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إذْ رَاوَدْتُنَّ


يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ


وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} .


ثم بعدها  {ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ..}   قال شيخُ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى(10/298)  فَهَذَا كُلُّهُ


كَلَامُ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَيُوسُفُ إذْ ذَاكَ فِي السِّجْنِ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ إلَى الْمَلِكِ وَلَا سَمِعَ كَلَامَهُ وَلَا رَآهُ؛ وَلَكِنْ لَمَّا ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ


فِي غَيْبَتِهِ - كَمَا قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} أَيْ لَمْ أَخُنْهُ فِي حَالِ مَغِيبِهِ عَنِّي وَإِنْ كُنْتُ فِي حَالِ


شُهُودِهِ رَاوَدْتُهُ - فَحِينَئِذٍ: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} .


وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ إنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ قَوْلٌ فِي


غَايَةِ الْفَسَادِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ بَلْ الْأَدِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى نَقْيضِهِ اهـ .


وأيَّد الحافِظُ ابنُ كثير رحمه الله في تفسير هذه الآيات ما ذكرهُ شيخُ الإسلام رحمه الله  .

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

(44) مِنْ مَرْوِيَّاتِيْ عَنْ وَالِدِيْ العَلَّامَةِ الرَّبَّانِيْ مُقْبِل بنْ هَادِيْ الوَادِعِيْ رَحِمَهُ اللهُ


حكمُ الخطوطِ  في فرْشِ المسجِد 


 استفدنا من والدي الشيخ مقبل رحمه الله تعالى أن الخُطُوطَ في فرْشِ المَسْجِدِ  لتسوية الصفوف بدعة لأنهم ما كانوا يفعلون هذا 


على زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  .


وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس 

منه فهو رد .

قال: وباستطاعتهم أن يَجْعلُوا خطوطاً  .

فلِهذا كان يُنبِّه الوالِدُ  رحمه الله على فَرْش  (مسجِد دارِ الحَديث ) قبلَ شِرَائِه أنْ يكونَ صافياً بدون خطوط  وأيضاً بدون 

نُقُوش  حتَّى لا يَشغلَ المُصلِّين عنِ الخُشُوع .


ويقولُ رحمه الله : يُعَلَّمُ النَّاسُ  تسويةَ الصُّفوفِ وأحكامِها .


ومرَّةً جاءَ قِطْعَةُ فرْش لمسجِدِ النساء وفيه خُطُوطٌ فوضعناهُ كما يضعه الناسُ عرْضَاً .


فأمرنَا بتحويلِها طُوْلًا .


رحمه الله ما أحرَصَهُ على التَّمَسُّكِ بالدَّلِيْلِ .

سِلْسِلَةُ المَسَائِل النِّسَائِيِّةِ




مِنْ علامَاتِ البُلُوغِ

1-الحيض  .


قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء (2/219)أجمع أهلُ العلم على أن المرأةإذا حاضت وجب 

عليهاالفرائض اهـ .



والتكليف إنما يجبُ بالبُلُوغ .

وهذا مما تنفرِدُ به المرْاَةُ  عنِ الرجُلِ .

2- الإنبات .  وهوطلوع العانة :الشعر الخَشِن الذي يكون حول ذكر الرجل وقُبُل المرأة .

والدليل ما رواه أبوداود في سننه (4404) عن عطيةَ القُرَظي قَالَ: «كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانُوا 


يَنْظُرُونَ، فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ، فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ» .

والحديث في الصحيح المسند للوالد رحمه الله .

من أنبَتَ قُتِلَ لأنه صار من البالِغِينَ .

3- الإنزال سواء كان بجماعٍ أواحتلامٍ وعليه الإجماع .

4-بلُوغُ خمسة عشر عَامَاً  .

والدليلُ ما أخرج البُخاري ومسلم عن ابنِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ،

 وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي» .

 قَالَ نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الحَدِيثَ فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ،

 وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ» .

فمَنْ لَم يتقدَّمْ له شيءٌ من علاماتِ البُلُوغ قبل خمسة عشر فإنه إذا تمَّ له خمسةعشر عاماً يكونُ بالِغَاً  .

وهذه الثلاثة عامَّةٌ للرجل والمرْأَةِ  .

(3) سِلْسِلَةُ التَّوحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ .


الحلِفُ بالله العظيمِ وحدَه 



أخرجَ البُخاري ومسلم في صحيحيهما عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَلاَ مَنْ كَانَ 


حَالِفًا فَلاَ يَحْلِفْ إِلَّا بِاللَّهِ» ، فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَالَ: «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» .


وقد كانَ من قسمِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم 


1-(والذي نفسي بيده ) 


أخرجَ البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا أَوْلاَدٌ لَهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ 


صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ» قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ .



2-(وايمُ الله )



أخرج البخاري(3730) ومسلم  (2426) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 


بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ، 


فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ 


النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ» .



3-(لاَ وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ)



أخرج البخاري(7391) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمر ، قَالَ: أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ: «لاَ وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ».


أما ما جاء أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: <أفلح وأبيه إنْ صدقّ>. أخرجه البخاري (46) ومسلم (11) ولم 


يذكر البخاري لفظة  (وأبيه) فقد انفرد بها مسلم، وقدأعلها ابن عبدالبر وقال : إنها غير محفوظة كما في فتح الباري .


وذكر العلامةُ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (10القسم الثاني تحت رقم 4992)طرقَ الحديث وشواهده 


ثم  جزم  بأنها زيادةٌ شاذةٌ غير محفوظة شذَّ بها إسماعيلُ بن جعفر .


وحكم عليها الوالد الشيخ مقبل رحمه الله حينما رَاجعنا حالَها مع والِدِي بما يلي :


قال :هي شاذة شذَّ بها إسماعيل بن جعفر رواها عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، ومالك ممن روى 


الحديث عن أبي سهيل ولم يذكر هذه اللفظةَ .


وكذلك ما جاءعند مسلم(93/1032) من طريق ابْن فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ 



إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ: " أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ 


صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ، وَلَا تُمْهِلَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ " .


وقد رواه مسلم (92) قبل هذه الرواية بدون لفظة <وأبيكَ> . وأصله عند البخاري (1419) و (2748) بدونها  .


قال الشيخ الألباني في الضعيفة (4992) عن هذا اللفظ منكر  .


وأفادنا الوالدُ رحمه الله أن لفظةَ (وَأَبِيكَ )


انفرد بها محمد بن فضيل وقد خالف من هو أرجح منه فهي لفظة شاذة .

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2015

بيانُ من هُوَ حاطِبُ ليْل

تابع /سلسلةُ الفوائد البهيَّة ..



قتادة  بنُ دعامةَ بن قتادة أبو الخطاب السدوسي ـ رحمه الله تعالى 


ـ ، وُلِد أكمه - أي أعمى .


وقد كان حافظًا للقرآن، وعالمًا بالأنساب. والبركة من الله عز 

وجل. الله عز وجل إذا أخذَ نعمة قد يُعَوِّضُ بغيرها .

 قد يعوِّض بالثبات، الذكاء، العلم النافع، العافية ، التوفيق ، إلى 

غير ذلك.

وقتادةُ وُصِفَ بحاطبِ ليل أخرج الفسوِي رحمه اللهُ في المعرفة 


والتاريخ(2/277)  من طريق مغيرة، قال: قيل للشعبي: رأيتَ 

قتادة؟ قال: نعم، رأيته حاطب ليل .

وأخرجه البغوي في «زوائد الجعديات» (1011) من هذه 


الطريق ومن طريق سفيان عن الشعبي به.

وهذا أثر صحيح.

قال أبوعمر-وهو ابن عبدالبر-  في جامعه : العرَب تضربُ 


المثلَ بحاطب الليل للذي يجمع كلما يسمع من غث وسمين، 


وصحيح وسقيم، وباطل وحق؛ لأن المحتطِب بالليل رُبما ضَمَّ 


أفعى  فنهشته وهو يحسبها من الحَطَب . اهـ


و أخرَجَ ابنُ أبي حاتم رحمه الله في «آداب ومناقب الشافعي» 


(صـ99):في كتابي عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي


وذكر من يحمل العلم جُزافًا، فقال: هذامثَل حاطب ليل يقطع 


حزمةَ الحطَب فيحمِلها ولعل فيها أفعَى تلدغه، وهو لا يدري .


قال الربيع -يعني: الذين لا يسألون عن الحجة من أين هي ؟ .


قلت – أي ابن أبي حاتم -: يعني: من يكتب العلمَ على غير فهْم، 


ويكتب عن الكذَّاب، وعنالصدُوق، وعن المبتدع، وغيره، 


فيحمل عن الكذَّاب، والمبتدع الأباطيل، فيصير ذلك نقصًا

لإيمانه، وهو لا يدري .

وجاء عند البيهقي في المدخل (263)عن الشافعي بلفظ  : مثل 


الذي يطلب العلمَ بلا حجة كمثلحاطبِ ليل يحمل حزمةَ حطب، 

وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري .


وقوله (يأخذ العلم جُزافًا) فُسِّرَ هُنا بعدَّة أُمور وأيضاً يشمل مَن 


يتحمل مِن العلم فوق طاقته،وبدون فهم  ، فإنَّ أَخذَ دُفْعَةٍ  كبيرة 

من العلم فوقَ ما يتحمَّلُ يُثْمِر عدم الفهم ، وقد يُسبب المَلَلَ .

وهذا من سوء الأدب في الطلب .


.
وأخرج ابنُ أبي خيثمة في تاريخه (1/946)من طريق سفيانَ 

بن عيينة، قال: قال عبدالكريم الجزري: يا أبا محمد تدري ما 

حاطب ليل؟ قلت: لا، إلا أن تخبرني. قال: هو الرجل يخرج في 

الليل فيحتطب فتقع يده على أفعى فتقتله، هذا مثل ضربته لك 

لطالب العلم، وإن طالب العلم إذا حمل من العلم ما لا يطيقه قتله 

علمُه، كما قتلتِ الأفعى حاطبَ الليل .

والأثر صحيح .



استفدْنَا أنَّ الذي ما يتحرى، يأخذُ الصحيحَ وغيرَه، ويأخذ 


القَصص يقال له حاطب ليل ، أو يُقلِّدفي دينه ،يأْخُذُ القولَ بدون 

دليل ، أو ينشررسائلَ ليس لها أزمَّة ولا أُصُول ، أو يأخذُ عن 

أهلالبِدَعِ ، أو يُسيءُ في الطلب يأخذُ بدون فهمٍ ، أو فوق طاقتِه ، 

يُعَدُّ حاطب ليل .

على هذا ما أكثرَ حُطَّاب ليل  ، وخاصةً في عصورنا .


وللشيخ الوالد مقبل الوادعي ـ رحمه الله تعالى ـ خطبة في حُطَّاب 

ليل .

وقوله (ولعله يكون فيها أفعَى تلدَغُه) معناه أن الذي يوصف 

بحاطب ليل سلك طريقاً مُضِرَّة ، قد لا يسلَم منها .

حكمُ قول: (علي عليه السلام )


مروياتي عن والدي العلامة الرباني ..

 يقول الوالدُ رحمه الله  يوجد في «صحيح البخاري» وغيره عن 

علي عليه السلام وعن فاطمة عليها السلام .

ففيه دليل أن السلف استعملوا لفظة  علي عليه السلام ، وفاطمة 

عليها السلام .


والأولى أن يجرى أهل البيت مجرى إخوانهم ويقال: رضي الله 

عنهم .

الدَّرْسُ الثَّامِنُ من / شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 19 من شهر ربيع الأول 1437 .


بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيم [إبراهيم: 4]، ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات: 180]، ﴿وَلِلَّهِ 
العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ [المنافقون: 8]، وَمَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ .
وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَقُولُ جَهَنَّمُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ 
النَّارِ، لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا " قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ 
وَجَلَّ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ " وَقَالَ أَيُّوبُ: «وَعِزَّتِكَ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ» .
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

هذه ثلاثُ آيات وجملةٌ من الأحاديث في إثباتِ صفة العزة لله عز وجل .
 وإثباتِ ثلاثة أسماء لله عز وجل  ،العزيز ،الحكيم ، الرب .

(العَزِيزُ)
العزيز يدلُّ على إثباتِ صفة العزة لله عزوجل .
العزة على ثلاثة معانٍ :
عزة بمعنى امتناع ، وعزة بمعنى القهْر والغلبة، وعزة بمعنى القوة.
وفي ذلك يقول ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في نونيته:
وهو العــزيز فلن يُرامَ جنـــابُه  ****  أَنَّى يرامُ جنابُ ذي السُّلطَان
وهو العــزيزُ القـاهـرُ الغــلَّاب ****  لم يغلِبــْـه شيءٌ هذه صِفتـان
وهو العزيزُ بقوَّةٍ هي وصفُــه  ****  فالعزُّ حينئذٍ ثلاثُ معـــــــان
وهي التي كمُلت له سبحــــانه  ****  من كل وجهٍ عادمِ النُّقْصــان
      فهذه معاني العزة:
v    عزةُ الامتناع: أن الله عز وجل يمتنع من أن يصيبه سوء كما في الحديث القدسي عَنْ أَبِي ذَرٍّ ـ رضي الله عنه ـ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وفيه أَنَّهُ قَالَ: «... يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي، فَتَنْفَعُونِي..» رواه مسلم (2577).

v    وعزة بمعنى القهر والغلبة:ومنه قوله تعالى { وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} .ومن أسماء اللهِ

الغالب  ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ [يوسف:21]. والقاهر ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [الأنعام:18] .

v    وعزة بمعنى القوة:  ومنه قوله تعالى { إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} أي شددنا وقوَّيْنا . ومن أسماء الله القوي ﴿وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ [الشورى:19] .

 (الحَكِيمُ)
يتضمن صفة الحكمة لله عز وجل .
أي أنَّ اللهَ حكيم في أمره ونهيه وشرعه وقدره  .

والحكمة في اللغة: وضعُ الشَّيء في موضعه.

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ}
(سُبْحَانَ):  تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به من النقائص.
(رَبِّكَ): إثبات اسم الرب لله عز وجل .
قال الجوهري في الصحاح : الربُّ: اسم من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة .
وقال البغوي في تفسير الفاتحة : وَلَا يُقَالُ لِلْمَخْلُوقِ هُوَ الرَّبُّ مُعَرَّفًا إِنَّمَا يُقَالُ رَبُّ كَذَا مُضَافًا،

لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلتَّعْمِيمِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْكُلَّ .

ومعنى اسمِ الرَّب قال ابنُ القيم رحمه الله في بدائع الفوائد(4/ 132): الرب هو السيِّد والمالِك

والمُنعِم والمُرَبِّي والمُصْلِح والله تعالى هو الرَّبُّ بهذه الاعتباراتِ كُلِّها .اهـ

الرب بمعنى المالك من أدلته  : {ربِّ العَالَمِيْن}  قال القرطبي في تفسيره : أَيْ مَالِكُهُمْ، وَكُلِّ مَنْ

مَلَكَ شَيْئًا فَهُوَ رَبُّهُ .

والرب بمعنى السيد من أدلته { اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ }  .


والمُصْلِح : قال القرطبي في تفسير سورة الفاتحة  ومِنْهُ سُمِّيَ الرَّبَّانِيُّونَ لِقِيَامِهِمْ بِالْكُتُبِ. وَفِي الْحَدِيثِ: (هَلْ لَكَ مِنْ

نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا عَلَيْهِ) .

أَيْ تَقُومُ بِهَا وَتُصْلِحُهَا .

تربية الله لعبادِهِ نوعان


قال السعدي رحمه الله في تفسير الآيةِ الأولى من سورة الفاتِحَة


وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامَّةٌ وخاصَّة .

فالعامَّة: هي خلقُه للمخلوقين، ورزقُهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم، التي فيها بقاؤهم في الدنيا .

والخاصَّة: تربيته لأوليائه، فيُربِّيهم بالإيمان، ويوفِّقهم له، ويكمِّلُه لهم، ويدفعُ عنهم الصوارفَ، والعوائقَ الحائلة بينهم وبينه .

 وحقيقتها: تربيةُ التوفيق لكل خير، والعصمة عن كل شر.

ولعل هذا المعنى  هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.اهـ


والتربية الخاصة على العقيدة الصحيحة والعلم والهُدى والأخلاق الطيبة والقلوب الطاهرة هي التي  مدارُ السعادة عليها


في الدُّنيا وفي الأُخرى  .

(رَبِّ العِزَّةِ): أي صاحب العزة، وليس المراد مالك العزة؛ لأن العزة هنا صفة لله وصفاتُ الله غير مخلوقة .

ومنه حديث (حتى يضع فيها ربُّ العزة قدمه ) .

وقوله ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ [المنافقون:8] . أثبت العزة له ولرسوله وبعدها ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ.

والاشتراك في الصفة لا يدل على التساوي .

 والله عزوجل لكماله لا عزيز إلا بعزته سبحانه .
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَقُولُ جَهَنَّمُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ " .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، لاَ وَعِزَّتِكَ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا ".
 قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ " .
وَقَالَ أَيُّوبُ: «وَعِزَّتِكَ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ»
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

          هذه أربعة أحاديث معلقة .
الحديث المعلَّق: وهو أن يحذف المؤلف شيخَه فأكثر .
وحديث أنس ـ رضي الله عنه ـ سيأتي في هذا الباب موصولًا.
وحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ متفق عليه، وسيأتي مطولًا -إن شاء الله- في كتاب التوحيد.

 وقصة أيوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ في صحيح البخاري عن أبي هريرة، و قد مضى عند المؤلف في أبواب 
الغسل، وبوب عليه( بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ، وَقَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ 
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ») .
التستر أفضل لأن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ». أما 
الجواز فيجوز. اغتسل أيوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ عريانًا، كذلك موسى – عليه
 الصلاة والسلام - خلع ثوبه واغتسل عريانًا ،والتستر أفضل للمنفرد، (الله أحق أن يستحيا منه).

قصة نبي الله أيوب - عليه الصلاة والسلام - هذا من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " 
بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ 
أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى يَا رَبِّ وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ" رواه البخاري (3211). رجل جراد: أي 
جماعة. والمقصود نزل عليه قطعة ذهب .
(فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ)  .
سمَّى أيوبُ نبيُّ الله المالَ الذي أُنزل عليه بركة، فالمال قد يطلق عليه بركة. وقد يطلق عليه خير كما في قوله 
تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات:8]. و قد يطلق عليه رحمة في أحد الأقوال قال تعالى :﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا 
لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [12:56].
 فالمال قد يكون فيه خيرٌ ونعمة، و قد يكون فتنةً إذا تعلَّق القلبُ به ، وشُغِل به ، أو تباهَى به ،أو صرفَه في 
الحرام ، والافتتان بالدُّنيا يُعَدُّ  من أمراض القلوب. وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ "إِنَّ لكُلِّ 
أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ"  أخرجه الترمذي وأحمد (17471) من حديث كعب بن عياض .
فالدنيا فتنة ، والمعصومُ من عَصَمَ اللهُ .

و قوله في حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ (قَطْ قَطْ) أي حسبي حسبي، و يقال: (قطي درهم) أي
حسبي  .
وقد ذكر ابنُ هشام رحمه الله في مغني اللبيب 232 ثلاثةَ معانٍ لكلمة قط وقال :
قطّ على ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا : أَن تكون ظرفَ زمَان لاستغراق مَا مضى  .
وَهَذِه بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الطَّاء مَضْمُومَة فِي أفْصح اللُّغَات وتختص بِالنَّفْيِ يُقَال مَا فعلته قطّ .
والعامة يَقُولُونَ لَا أَفعلهُ قطّ وَهُوَ لحن واشتقاقه من قططته أَي قطعته فَمَعْنَى مَا فعلته قطّ مَا
فعلته فِيمَا انْقَطع من عمري لِأَن الْمَاضِي مُنْقَطع عَن الْحَال والاستقبال .
وَالثَّانِي:  أَن تكون بِمَعْنى حسب وَهَذِه مَفْتُوحَة الْقَاف سَاكِنة الطَّاء يُقَال قطي وقطك وقط زيد
دِرْهَم كَمَا يُقَال حسبي وحسبك وَحسب زيد دِرْهَم إِلَّا أَنَّهَا مَبْنِيَّة لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة على حرفين
وَحسب معربة .
وَالثَّالِث:  أَن تكون اسْم فعل بِمَعْنى يَكْفِي فَيُقَال قطني بنُون الْوِقَايَة كَمَا يُقَال يَكْفِينِي .اهـ المراد

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

7383- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الَّذِي لاَ يَمُوتُ، وَالجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ»
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
 (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) عبد الله بن عمرو. قال الحافظ ـ رحمه الله تعالى ـ (هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمِنْقَرِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْقَافِ).

وهناك أبو معمر أرفع منه تابعي، يروي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه- وهو عبد الله بن سخبرة. 
فهما متفقان في الاسم مفترقان في اسم الأب.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) وهو ابن سعيد.
(حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ) حسين بن ذكوان المعلم (المُكْتِب) وهو الذي يحسن الكتابة، ويعلِّم الصبيان الكتابة والأدب. كما في الأنساب للسمعاني.

(حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ) ابن الحصيب، له أخ اسمه سليمان و كلاهما ثقة. وهما توأمان.

(عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ) يقول الحافظ: (" يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ " بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ ضَمُّ مِيمِهِ.) هذه فائدة يَعْمُرَ ويَعْمَرَ.

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) وهو عبد الله بن عباس أبو العباس - رضي الله عنهما. ولد في أيام الحِصار في شعب أبي طالب قبلَ الهجرة بثلاث سنين . وهو صحابي صغير. توفي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهو ابن ثلاثة عشر عامًا .
يُرَاجَعُ فتحُ الباري (5035) للحافظ ابن حجر .
ولكنه كان حريصًا على العلم وكان ذكيًا فطنًا. ودعا له النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
فنال بركة دعوته. دعا له فَقَالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ».
و قد كان عمرُ بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يدنيه مع أشياخ بدر لعلمه وذكائه  وهذا في صحيح البخاري 
(4294) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا 
الفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ» قَالَ: فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ قَالَ: وَمَا رُئِيتُهُ 
دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ 
أَفْوَاجًا حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ 
نَدْرِي، أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ 
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ: فَسَبِّحْ 
بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا. قَالَ عُمَرُ: «مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ» .

أحاديث ابن عباس فوق الألف والصحابةُ الذين رووا فوقَ الألفِ من الأحاديث سبعةٌ .
قال الشاعِر
سبعٌ من الصَّحْبِ فوقَ الألفِ قد نقلُوا    من الحديث عنِ المُخْتار خيرِ مُضر
أبوهُريرةَ سعدٌ جابرٌ أنسُ                  صدِّيْقَةٌ وابنُ عبَّاسِ كذا ابنُ عُمر

ونظمها السُّيوطي رحمه الله بنظمٍ آخر في منظومة ألفيَّةِ الحديث 108 فقال :

وَالْمُكْثِرُونَ فِي رِوَايَةِ الأَثَرْ: ... أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِيهِ ابْنُ عُمَرْ
وَأَنَسٌ وَالْبَحْرُ كَالْخُدْرِيِّ ... وَجَابِرٌ وَزَوْجَةُ النَّبِيِّ

- في حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في الباب من الفوائد
إثبات صفة العزة لله عز وجل .
الاستعاذة بعزَّة الله  .
قال ابنُ القيم رحمه الله في بدائع الفوائد(2/ 185) ...المستعيذ بعزته في قوله (أعوذ بعزتك
)مستعيذ بعزته التي هي صفته لا بعزته التي خلقها يعز بها عباده المؤمنين .اهـ

 نفي صفة الموت عن الله عز وجل، وهذه من الصفات السلبية قال سبحانه: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ

الَّذِي لَا يَمُوتُ [الفرقان:58]. و حياة الله عز وجل لم يسبقها عدم ولا يلحقها فناء.

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
7384- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَزَالُ يُلْقَى فِي النَّارِ» .
ح وقَالَ لِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ مُعْتَمِرٍ سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ 
قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لاَ يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ 
فِيهَا رَبُّ العَالَمِينَ قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ تَقُولُ: قَدْ، قَدْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلاَ تَزَالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ، 
حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ "
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

 (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ) وهو عبد الله بن محمد .
وقد تقدم الكلامُ على مشايخ الإمامِ البُخاري الأربعة الذينَ يُسمون ب عبدالله بن محمد  تحت

الباب الأوَّل في كتاب التوحيد .
(حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) ابن الحجاج، أمير المؤمنين في الحديث.

 وقد تقدمت ترجمة مُخْتَصَرة  لشعبة رحمه الله تحت الباب الأول الحديث الثاني .
ومن الآثار عنه ما رواه ابنُ عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (1/رقم493)من طريق يحيى
بن سعيد القطان: سمعت شعبة يقول: كل من سمعتُ منه حديثًا فأنا له عبدٌ . والأثر صحيح .

والمقصود بهذا الاحترام لا استعباد الصوفية في التبرك بالأولياء، ولا في اتباع ما أخطأ فيه الشيخ .
الأخذ بالصواب الذي يدعمه الدليل هو الواجب علينا .
 ولا يجوز لنا أن نقلد في دين الله عز وجل .
ولا يتنافى الأخذُ بالدليل مع احترام العلماء ،  فلا يتبادرُ إلى الذهن هذا ، وينبغي أن يُنَبَّه عليه،
فبعضُ المُبتدِئيْنَ قد يظنُّ أنه من احترامِ العالِم الأخذُ بجميع أقواله وهو ليس بمعصوم .
وقد كانَ  والِدي رحمه الله  يغرِس هذا في القلوب ومن أقواله رحمه الله : العالِمُ بَشَرٌ يُصيبُ
ويُخطيءُ ، ويجهلُ ويَعْلَمُ  .
 (عَنْ قَتَادَةَ) هو ابن دعامة بن قتادة أبو الخطَّاب السدوسي، وُلِد أكمه - أي أعمى. وقد كان
 حافظًا للقرآن، وعالمًا بالأنساب. والبركة من الله عز وجل.
الله عز وجل إذا أخذ نعمة عوَّض بغيرها ، يعوض بالثبات، بالذكاء، بالعلم النافع، بالعافية ،
بالتوفيق ، إلى غير ذلك.
 قتادة بن دعامة كان يرى القدر فجماعة من تلاميذه منهم هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائي
يقولون: كان قتادة يرى أن الله عز وجل لم يخلق المعاصي.
ولكن قتادة ـ رحمه الله تعالى ـ عالم كبير وأخطأ في اجتهاده؛ لأنهم يرون هذا من تنزيه الله
عز وجل، فنأخذ الصواب عنه ونرد خطأه.
 وقد ذكر هذا المعنى الإمام الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ في سير أعلام النبلاء.
وهذا نصُّه : قال الذهبي رحمه الله في ترجمة قتادة من سير أعلامِ النُّبَلاء  :وَهُوَ حُجّةٌ بِالإِجْمَاعِ 

إِذَا بَيَّنَ السَّمَاعَ، فَإِنَّهُ مُدَلِّسٌ مَعْرُوْفٌ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَرَى القَدَرَ - نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ -.وَمعَ هَذَا، فَمَا 

تَوقَّفَ أَحَدٌ فِي صِدقِه، وَعَدَالَتِه، وَحِفظِه، وَلَعَلَّ اللهَ يَعْذُرُ أَمْثَالَه مِمَّنْ تَلبَّسَ بِبدعَةٍ يُرِيْدُ بِهَا تَعْظِيْمَ 

البَارِي وَتَنزِيهَه، وَبَذَلَ وِسْعَهُ، وَاللهُ حَكَمٌ عَدلٌ لَطِيْفٌ بِعِبَادِه، وَلاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ.

ثُمَّ إِنَّ الكَبِيْرَ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ إِذَا كَثُرَ صَوَابُه، وَعُلِمَ تَحَرِّيهِ لِلْحقِّ، وَاتَّسَعَ عِلْمُه، وَظَهَرَ ذَكَاؤُهُ، 

وَعُرِفَ صَلاَحُه وَوَرَعُه وَاتِّبَاعُه، يُغْفَرُ لَهُ زلَلُهُ، وَلاَ نُضِلِّلْهُ وَنَطرْحُهُ وَنَنسَى مَحَاسِنَه.

نَعَم، وَلاَ نَقتَدِي بِهِ فِي بِدعَتِه وَخَطَئِه، وَنَرجُو لَهُ التَّوبَةَ مِنْ ذَلِكَ. اهـ

ومن هؤلاء الأئمة الذين زلَّتْ أقدامُهم الإمام النووي، والحافظ ابن حجر ـ رحمهما الله تعالى.

وقد قال العُلماءُ: هؤلاء نقبل منهم ولا نبدِّعهم؛ لأنهم أصحاب دِيْن زلَّت أقدامهم في بعض
 المسائل ولا يُتَّبَعُونَ على خَطَئِهِم .
والأعداء من الحزبيين يقولون لماذا تبدِّعون سيد قطب، ولا تبدِّعون ابن حجر والنووي ؟..

 وهذا خطأ فسيد قطب رجل ليس عنده منهج ولا بصيرة بالدين ،وعنده أُمورٌ عِظامُ في أمور العقيدة  .

بخلاف ابن حجر، والنووي، ومن كان على شاكِلتهما، فهم من أئمة الدين وخدموا الدين خِدْمة

عظيمة واجتهدُوا وأخطأوا فلهم أجرٌ واحِدٌ على اجتهادهم .
 فلهذا العلماء مثل الشيخ الألباني، والشيخ الوادعي، والشيخ ابن عثيمين ـ رحمهم الله تعالى ـ لهم

مقالات في الدفاع عن هذين الإمامين ابن حجر والنووي ـ رحمهما الله تعالى .

قتادة  بنُ دعامةَ ـ رحمه الله تعالى ـ  وُصِفَ بحاطبِ ليل أخرج الفسوِي رحمه اللهُ في المعرفة والتاريخ

(2/277)  من طريق مغيرة، قال: قيل للشعبي: رأيتَ قتادةَ؟ قال: نعم، رأيته حاطبَ ليل .
وأخرجه البغوي في «زوائد الجعديات» (1011) من هذه الطريق ومن طريق سفيان عن
الشعبي به.
وهذا أثر صحيح.
قال أبوعمر-وهو ابن عبدالبر-  في جامعه : العرب تضربُ المثلَ بحاطب الليل للذي يجمع كل
 ما يسمع من غث وسمين، وصحيح وسقيم، وباطل وحق؛ لأن المحتطب بالليل ربما ضم أفعى  
فنهشته وهو يحسبها من الحَطَب . اهـ
و أخرَجَ ابن أبي حاتم رحمه الله في «آداب ومناقب الشافعي» (صـ99):
في كتابي عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي وذكر من يحمل العلم جُزافًا، فقال: هذا

مثل حاطب ليل يقطع حزمة الحطب فيحملها ولعل فيها أفعى تلدغه، وهو لا يدري.
قال الربيع -يعني: الذين لا يسألون عن الحجة من أين هي؟
قلت – أي ابن أبي حاتم -: يعني: من يكتب العلمَ على غير فهم، ويكتب عن الكذَّاب، وعن الصدوق، وعن 
المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذَّاب، والمبتدع الأباطيل، فيصير ذلك نقصًا لإيمانه، وهو لا يدري .
وجاء عند البيهقي في المدخل (263)عن الشافعي بلفظ  : مثل الذي يطلب العلمَ بلا حجة كمثل حاطبِ ليل 
يحمل حزمةَ حطب، وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري .

وقوله (يأخذ العلم جُزافًا) فُسِّرَ هُنا بعدة أُمور وأيضاً يشمل مَن يتحمل مِن العلم فوق طاقته،

وبدون فهم  ، فإنَّ أَخذَ دُفْعَةٍ  كبيرة من العلم فوق ما يتحمَّلُ يُثْمِر عدم الفهم وقد يُسبب المَللَ  والانقطاع .
وهذا من سوء الأدب في الطلب .
وعندنا مذاكرات سابقة في التدرج في أخذ العلم، ومنها هذا الأثر.

وأخرج ابنُ أبي خيثمة في تاريخه (1/946)من طريق سفيان بن عيينة، قال: قال عبدالكريم الجزري: يا أبا 
محمد تدري ما حاطب ليل؟ قلت: لا، إلا أن تخبرني. قال: هو الرجل يخرج في الليل فيحتطب فتقع يده على 
أفعى فتقتله، هذا مثل ضربته لك لطالب العلم، وإن طالب العلم إذا حمل من العلم ما لا يطيقه قتله علمه، كما 
قتلت الأفعى حاطب الليل .
والأثر صحيح .
استفدْنَا أنَّ الذي ما يتحرى، يأخذُ الصحيحَ وغيرَه، ويأخذ القَصص يقال له حاطب ليل ، أو يُقلِّد

في دينه ،يأْخُذُ القولَ بدون دليل ، أو ينشررسائلَ ليس لها أزمَّة ولا أُصُول ، أو يأخذُ عن أهل

البِدَعِ ، أو يُسيءُ في الطلب يأخذُ بدون فهمٍ ، أو فوق طاقتِه ، يُعَدُّ حاطب ليل .

على هذا ما أكثرَ حُطَّاب الليل  ، وخاصة في عصورنا .

وللشيخ الوالد مقبل الوادعي ـ رحمه الله تعالى ـ خطبة في حُطَّاب ليل .
وقوله (ولعله يكون فيها أفعَى تلدَغُه) معناه أن الذي يوصف بحاطب ليل سلك طريقاً مُضِرَّة ، قد
لا يسلَم منها .
(عَنْ أَنَسٍ) وهو ابن مالك أبو حمزة خادم رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ جاءت به أمه، أم سليم 
إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَادِمُكَ أَنَسٌ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ 
مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ» رواه البخاري (6344).

 وفي رواية خارج الصحيح، "وأطل عمره"، واستفدت من الوالد الشيخ مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ أنه فيها كلام .
وهذا من حرص الأم الصالحة على تربية أولادها، وحرصها على مجالسة أولادها العلماء.
وكما قيل:
           يا بني اقترب من الفقهاء             وتعلم تكن من العلماء
والدة حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ تُعاتب ولدها حُذيفة لبعد طُول المُدَّة من ذهابه إلى الرسولِ صلى اللهُ 
عليه وعلى آله وسلَّم .
روى الإمامُ  أحمد في مسنده (23329)، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَأَلَتْنِي أُمِّي: مُنْذُ مَتَى عَهْدُكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَنَالَتْ مِنِّي وَسَبَّتْنِي، قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: دَعِينِي، فَإِنِّي آتِي النَّبِيَّ صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُصَلِّي مَعَهُ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ لَا أَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لِي وَلَكِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعِشَاءِ، ثُمَّ انْفَتَلَ فَتَبِعْتُهُ، فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ 
فَنَاجَاهُ، ثُمَّ ذَهَبَ فَاتَّبَعْتُهُ فَسَمِعَ صَوْتِي فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» ، فَقُلْتُ: حُذَيْفَةُ، قَالَ: «مَا لَكَ؟» ، فَحَدَّثْتُهُ بِالْأَمْرِ، 
فَقَالَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَلِأُمِّكَ» ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا رَأَيْتَ الْعَارِضَ الَّذِي عَرَضَ لِي قُبَيْلُ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: 
«فَهُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ يَهْبِطِ الْأَرْضَ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ، وَيُبَشِّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ، 
وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .
أم حذيفة - رضي الله عنها - في هذا الحديث تعاتب ولدَها في  تأَخُّر ذهابه إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وهذا من أهم صفات المرأة الصالحة، حرصها على تربية أبنائها وحثِّها لهم على مُجالَسة العلماء الناصحين .
 (ح) تحويل السند إلى سند آخر.
(وقَالَ لِي خَلِيفَةُ) وهو الملقب بـ شباب، خليفة بن خياط.
(حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) سعيد بن أبي عَروبة. وأثبت الناس في قتادة ثلاثة: سعيد بن أبي عروبة، وشعبة، وهشام بن أبي عبد الله الدَّستوائي.
سعيد بن أبي عروبة في طبقته سعيد آخر، وهو سعيد بن بشير، ضعيف. وكلاهما يروي عن قتادة.
(وَعَنْ مُعْتَمِرٍ) معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي .
(سَمِعْتُ أَبِي ) وهو سليمان بن طرخان التيمي، القائل: "من تتبع رُخص العلماء اجتمع فيه الشر كله". وهذا أثر ثابت، أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، وقال عقبه: وهو إجماع.

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لاَ يَزَالُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العَالَمِينَ قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ تَقُولُ: قَدْ، قَدْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلاَ تَزَالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ، حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ"
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
 (وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)  نؤمن به على ظاهره، وأن الله عز وجل يخلق في النار إدراكًا تتكلم بهذا. والله على كل شيء قدير، فالله عز وجل قادر أن يجعل الجماد والحيوان أن يتكلم.
وقد ثبت في صحيح مسلم (2277) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ».
وتقدم معنا في الدروس الماضية في السيرة  شكوى الجمل إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله
وسلم ـ شكا صاحبه أنه يجيعه ويدئبه.
 وجهنم هنا تقول هل من مزيد؛ لأن الله عز وجل وعدها بملئها كما في البخاري (4569) مسلم (2847) قال: «وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا» وعد الجنة، ووعد النار بذلك.
( حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العَالَمِينَ قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ) أي ينضم .
وهذا فيه إثبات صفة القدم لله عز وجل .
 وجاء في بعض الروايات بلفظ الرِّجْل. نؤمن بهذا على ظاهره، من غير تشبيه، ولا تمثيل.
 أما أهل التحريف فمنهم من قال: لفظة قدمه غير ثابتة، والحديث في الصحيحين .
ومنهم من قال: الذين يقدِّمهم الله عز وجل إلى النار، ويُردُّ عليهم بسياق الحديث فإن فيه: (حتى يضع فيها رب العالمين ). فالحديث يدل على أن الله عز وجل يضع قدمه في النار .
(ثُمَّ تَقُولُ: قَدْ، قَدْ) مثل ما تقدم حسبي حسبي.
(بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ) فيه إثبات صفة الكرم لله عز وجل ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
[الرحمن:78]. ومن أسماء الله -عز و جل- الأكرم ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ [العلق:3].
(وَلاَ تَزَالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ) أي يبقى فيها مكانٌ فارغ .
(حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ) أي يخلق الله لها خلقًا. وقد جاء في رواية في صحيح البخاري (أن التي ينشئ الله لها نشأً هي النار) وسيأتي ذلك فيما بعدُ إن شاء اللهُ في كتاب التوحيد .
وهذه الرواية وَهَم كما حكم بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى. فالتي ينشئ الله لها نشأً هي الجنة .
استفدنا إثبات صفة العزة لله عز و جل.
وقد ذكر الإمامُ البُخاري  جملة من الأدلة في الباب .
ويقول إبليس: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:82]، اعترف بعزة الله عز وجل.
وفي صحيح مسلم (2202) عن عثمان بن أبي العاص أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا 
يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ 
بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» .
وعند أبي داود والترمذي زيادة (أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ ) وهذا هو محل الشاهد .
وفي سنن أبي داود (4744) حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ "... أن جبريل رأي الجنة فَقَالَ: أَيْ رَبِّ 
وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا ثُمَّ حَفَّهَا بِالْمَكَارِهِ ثُمَّ قَالَ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ 
جَاءَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ..."الحديث.
ولا يمكن لأحد أن يكون عزيزًا إلا إذا أعزه الله عز وجل ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ 
الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26]، ﴿وَمَنْ يُهِنِ 
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج:18].
وفي حديث الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ "... وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ..." سنن أبي داود (1425) .
من عاداه الله لا يمكن أن يكونَ عزيزاً ؛ لأن العزة بيد الله سبحانه وتعالى ما هي بيد المخلوقين. والعزة تطلب 
بطاعة الله عز وجل، وبالاستقامة كما قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا [فاطر:10].
وقولُ الإمامِ البخاري في أثناء التبويب ( ومن حلف بِعِزَّةِ اللهِ وَصِفاتِه) .
 الأدلة التي عندنا في الباب فيها الحلف بعزة الله عز و جل ، ويلحق بهذه سائر الصفات.
وقد بوب لهذه المسألة الإمام البخاري في (كتاب الأيمان والنذور)، (باب الحلف بأسماء الله
وصفاته)
 وأما قول النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ)
البخاري (2533)  فالمرادُ  يحلف بأسماء الله وصفاته .

وبهذا ننتهي والحمد لله .