جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 26 فبراير 2023

(13) اختصار دروس الأمثال في القرآن

 

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].

فوائد الآية:

- فيه تقسيم الظن إلى قسمين: منهي عنه وهو كثير، وجائز.

-تحريم سوء الظن بالمسلم الذي ظاهره العدالة والخير، كما في الحديث: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ» رواه البخاري (6064ومسلم (2563) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ويقول الله سبحانه: ﴿ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا [يونس: 36].

-تحريم تجسس المسلم على أخيه المسلم.

-نستفيد: الأخذ بما ظهر وترك تتبع عيوب الآخرين، والجزاء من جنس العمل، كما في الحديث: «مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ» أخرجه الترمذي في «سننه» (2032) عَنْ ابْنِ عُمَرَ، والحديث في «الصحيح المسند» للوالد رحمه اللهجَوْفِ رَحْلِهِ» أي: بيته.

- التنفير عن الغيبة.

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ فيه تقوى الله، وترك هذه الخصال التي تنافي الأخوة الإيمانية. والحث على التوبة، فمن تاب توبة صادقة تقبَّل الله توبته، وجعله من المرحومين.

-هذه الآية فيها تشبيه تمثيلي، مثَّل المغتاب بمن يمزِّق جثة أخيه ويأكله، وهذا مما تنفر منه النفوس وتستبشعه، وخاصة الميت، وهذا غاية التنفير والتحذير عن الغيبة.

-ولذكر الموت في قوله: ﴿ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ﴾ فائدة: وذلك لأن الغِيبة في حق الغائب دون الحاضر فكأنه ميت؛ لأنه يغتابه في حال غَيبته.

-وأيضًا الشخص الذي اغتيب غائب، فلا يستطيع أن يدفع عن نفسه، فكان هذا بمنزلة الميت الذي يمزَّقُ لحمه، ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه.

وذكر سُبحَانَهُ لفظ الأخ ﴿لَحْمَ أَخِيهِ؛ لأن مقتضى الأخوة التحابب والتراحم والنصرة، وكانت الغِيبة لأخيه بمنزلة تقطيع لحمه، فهي تنافي الأخوة الإيمانية.

-وشبه الغِيبة بالتفكه بالأكل؛ لأن المغتاب يتفكه ويتمتع بغِيبة أخيه والطعن في عرضه. فالمحبة معنى زائد على مجرد الأكل، فهذا يحب لحم أخيه، والأكل قدر زائد على تمزيق العرض، فهو يمزق ويأكل.

مسألة: هل الغِيبة تكون في الحضور والغَيبة أم في الغَيبة فقط؟

كلام ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ يفيد أنها تكون في حال الغَيبة فقط، وهذا الذي رجحه الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ وأخذه من اشتقاق الغِيبة.

وتحريم الغيبة عام حق المسلم صغيرًا أو كبيرًا ذكرًا أو أنثى، ويدخل فيه عيب الصورة الظاهرة والباطنة، كذلك نسبه، ويدخل فيه القول والفعل والكتابة.

ونستفيد من الآية: أن الغيبة من كبائر الذنوب، والغيبة داخلة في الظلم؛ لأنها من نهش الأعراض.

أدلة في تحريم الغيبة مع ما ذُكِر:

يقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ» رواه أبو داود (4876) عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وهو في «الصحيح المسند» (435) لوالدي رَحِمَهُ الله.

ويقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» رواه البخاري (1739) واللفظ له، ومسلم (1679) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

ويقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ» رواه أبو داود (4878) عَنْ أَنَسِ، وهو في «الصحيح المسند» (112) لوالدي رَحِمَهُ الله.

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا!، -تَعْنِي: قَصِيرَةًفَقَالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ»، قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا، فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا». رواه أبو داود (4875).

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» رواه مسلم (2581).

ويستثني من الغيبة ستة أمور، قال الشاعر:

الــــذَّمُّ لَيْسَ بِغِيبَـــــــــــــةٍ فِي سِتَّةٍ

مُتَظَلِّمٍ وَمُعَــــــــرِّفٍ وَمُحَـــــــذِّرٍ

وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ

طَلَبَ الْإِعَانَةَ فِي إزَالَةِ مُنْكَرٍ

 

(14)سلسلة في الطِّبِّ وَالْمَرْضَى

 

انتظار المصاب الفرج من الله سبحانه

 

قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (84)﴾ .

في قصة هذا النبي الكريم نبي الله أيوب عليه الصلاةوالسلام: الفرج بعد الشدة؛ فقد وقع أيوب عليه الصلاة والسلام في بلاء عظيم ومحنة شديدة، ثم فرج الله عنه، وجعل له مخرجًا من هذا الضيق، و شفاه الله شفاء تامًّا لا يغادر سقمًا، وعوضه في ماله، وأعاد عليه أهله ومثلهم معهم، وأكثر المفسرين على أن الله عز وجل  رد عليه أهله وأولاده بأعيانهم.

فهذه القصة يستفاد منها: أن المصاب لا يقنط من رحمة الله ولا ييأس؛  فقد وعد الله سبحانه بالفرج بعد الشدة، وكما يقال في المثل: اشتدي أزمة تنفرجي.

بل ربنا عَزَّ وَجَل يقول ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)﴾[الشرح].

 وهذه تربية عظيمة للعبد المؤمن  المصاب، أنه ينتظر الفرج من الله ولا يقنط، فانتظار الفرج من الله عبادة.

كما نستفيد: فضيلة لامرأة أيوب عليه الصلاة والسلام، وصبرها على زوجها وبرها به في وقت الضيق والشدة، حتى إنه عافه القريب والبعيد.

 وهذا من أعظم محاسن المرأة الصالحة، مساندة زوجها وقت الشدة والكربة، وعدم التخلي عنه، وأن تكون وفيةً مع زوجها في السراء والضراء، وعلى أي حال.

قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (1/ 258): فلما عافاه الله عزوجل أَفْتَاهُ أَنْ يَأْخُذَ ضِغْثًا، وَهُوَ كَالْعِثْكَالِ  الَّذِي يَجْمَعُ الشَّمَارِيخَ، فَيَجْمَعَهَا كُلَّهَا وَيَضْرِبَهَا بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَيَكُونُ هَذَا مُنْزَلًا مَنْزِلَةَ الضَّرْبِ بِمِائَةِ سَوْطٍ، وَيَبَرُّ وَلَا يَحْنَثُ.

وَهَذَا مِنَ الْفَرَجِ وَالْمَخْرَجِ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَأَطَاعَهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ امْرَأَتِهِ الصَّابِرَةِ الْمُحْتَسِبَةِ الْمُكَابِدَةِ، الصِّدِّيقَةِ الْبَارَّةِ الرَّاشِدَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

 

الخميس، 23 فبراير 2023

(40)تذكير بالصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم

 

من أفضل فاطمة أم عائشة؟

الطالب:  اختلف في هذا.

الشيخ:  والصحيح؟

الطالب:  والصحيح أنها فاطمة.

الشيخ: لقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «فاطمة سيدة نساء العالمين» أو بهذا المعنى([1])، انتهينا من هذا ([2]).

الحمد لله نحن أهل السنة -لو المسألة- لو أن فيه ههنا من به نزعة شيعية أو نزعة كذا، تسمع الكلام والأخذ والرد، ولكن من فضل الله..، طيب، أحسنت.

 

[المرجع/ مراجعة تدريب الراوي لوالدي رَحِمَهُ الله]

 



([1]) عن عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِيِنَ، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ تَمْشِي، لا وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي: «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ» رواه البخاري (6285)، ومسلم (2450).

([2]) ولابن القيم رَحِمَهُ الله في «بدائع الفوائد»(3/1101) تفصيل في هذه المسألة، يقول: الخلافُ في كون عائشة أفضلَ من فاطمة أو فاطمة أفضلُ، إذا حُرِّرَ محلُّ التفضيل صار وفاقًا، فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيمُ.

فإن أُريْدَ بالفضل كثرةُ الثواب عند الله؛ فذلك أمر لا يُطَّلَعُ عليه إلا بالنَّصِّ؛ لأنه بحَسْب تفاضُل أعمال القلوب لا بمجرَّد أعمال الجوارح، وكم من عامِلَين أحدُهما أكثرُ عملًا بجوارحه، والآخرُ أرفعُ درجة منه في الجنة.

وإن أُريْدَ بالتفضيل التفضيل بالعلم؛ فلا ريبَ أن عائشة أعلمُ وأنفعُ للأمَّة، وأدَّت إلى الأمَّة من العلم ما لم يؤَدِّ غَيْرُها، واحتاج إليها خاصُّ الأمَّةِ وعامَّتها.

وإن أريد بالتفضيل شرَف الأصل وجلالة النَّسَب؛ فلا ريب أن فاطمةَ أفضل؛ فإنها بضعةٌ من النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك اختصاصٌ لم يَشْرَكْها فيه غيرُ إخوتها.

وإن أريد السيادةُ؛ ففاطمةُ سيّدَةُ نساء الأمَّة.

وإذا ثبتتْ وجوهُ التفضيل ومواردُ الفضل وأسبابُه، صارَ الكلامُ بعلمٍ وعدل، وأكثرُ الناس إذا تكلَّم في التفضيل لم يفصِّلْ جِهَات الفضل ولم يوازن بينها، فيبخسُ الحق، وإن انْضَافَ إلى ذلك نوع تعصُّبٍ وهوىً لمن يُفَضِّلُهُ تكلَّمَ بالجهلِ والظلمِ.

(52) الأحاديثُ الضعيفة والموضوعة وما لا أصل لها لوالدي رحمه الله

 

حديث: «لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلى الْمَجْذُومِينَ»([1]).

 

الشيخ:  لا، هو حديث ليس بصحيح، يعني: ليس بثابت.

 

والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: « مَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟» ([2]).

 

[مراجعة تدريب الراوي لوالدي رَحِمَهُ الله]

 



([1]) أخرجه أحمد (3/500). وفي إسناده الفرج بن فضالة، ومُحَمَّد بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وهما ضعيفان.

وفي سنده اضطراب، يراجع حاشية «مسند أحمد» ط/ الرسالة.

([2]) رواه البخاري(5717)، ومسلم (2220) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ»، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ إِبِلِي، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَأْتِي البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَالَ: «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟».