جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 30 أكتوبر 2016

(52)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

                             
                                                     رؤية الله في المنام

 ثبت في سنن الترمذي (5/221) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطُولِهِ وَقَالَ: «إِنِّي نَعَسْتُ فَاسْتَثْقَلْتُ نَوْمًا فَرَأَيْتُ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ؟ فَقَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الأَعْلَى؟».

في هذا الحديث رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لربه في منامه .

وعزا الحافظ في «فتح الباري» تحت رقم (6993)إلى القاضي عياض  أنه : لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ .اهـ.

قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»(3/390): وَقَدْ يَرَى الْمُؤْمِنُ رَبَّهُ فِي الْمَنَامِ فِي صُوَرٍ مُتَنَوِّعَةٍ عَلَى قَدْرِ إيمَانِهِ وَيَقِينِهِ؛ فَإِذَا كَانَ إيمَانُهُ صَحِيحًا لَمْ يَرَهُ إلَّا فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ ،وَإِذَا كَانَ فِي إيمَانِهِ نَقْصٌ رَأَى مَا يُشْبِهُ إيمَانَهُ .
وَرُؤْيَا الْمَنَامِ لَهَا حُكْمٌ غَيْرُ رُؤْيَا الْحَقِيقَةِ فِي الْيَقَظَةِ ،وَلَهَا  تَعْبِيرٌ وَتَأْوِيلٌ  لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ لِلْحَقَائِقِ. وَقَدْ يَحْصُلُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْيَقَظَةِ أَيْضًا مِنْ الرُّؤْيَا نَظِيرُ مَا يَحْصُلُ لِلنَّائِمِ فِي الْمَنَامِ: فَيَرَى بِقَلْبِهِ مِثْلَ مَا يَرَى النَّائِمُ. وَقَدْ يَتَجَلَّى لَهُ مِنْ الْحَقَائِقِ مَا يَشْهَدُهُ بِقَلْبِهِ فَهَذَا كُلُّهُ يَقَعُ فِي الدُّنْيَا. وَرُبَّمَا غَلَبَ أَحَدُهُمْ مَا يَشْهَدُهُ قَلْبُهُ وَتَجْمَعُهُ حَوَاسُّهُ فَيَظُنُّ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ فَيَعْلَمَ أَنَّهُ مَنَامٌ وَرُبَّمَا عَلِمَ فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ مَنَامٌ.اهـ المراد

و قال الشيخ ابن باز رحمه الله في «مجموع الفتاوى»(6/367):ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وآخرون أنه يمكن أنه يرى الإنسان ربه في المنام، ولكن يكون ما رآه ليس هو الحقيقة؛ لأن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}  فليس يشبهه شيء من مخلوقاته، لكن قد يرى في النوم أنه يكلمه ربه، ومهما رأى من الصور فليست هي الله جل وعلا؛ لأن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، فلا شبيه له ولا كفو له.
وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذا : أن الأحوال تختلف بحسب حال العبد الرائي، وكل ما كان الرائي من أصلح الناس وأقربهم إلى الخير كانت رؤيته أقرب إلى الصواب والصحة، لكن على غير الكيفية التي يراها، أو الصفة التي يراها؛ لأن الأصل الأصيل أن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى.اهـ.

استفدنا أن رؤية الله في المنام جائزة ،لكن من رأى الله سبحانه في منامه فهذا على غير الحقيقة

لأن الكيف مجهول .قال تعالى { وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}،ولأن الله عزوجل لا يشبهه شيء{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } .

(74)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

   سألتُ والدي رحمه الله عن قوله تعالى{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} .
هل هذا الحفظ يشملُ السنةَ لأنا نجد أن السُّنَّةَ فيها أحاديث ضعيفة وموضوعة وما لا أصل لها ؟.

ج الشيخ :الآية عامة في حفظ القرآن والسنة .

والسنة وإن وُجِدَ فيها أحاديث ضعيفة ، فقد  قيَّض الله لها جهابذةً يبينون صحيح الحديث من ضعيفه ومعلوله من سليمه .

وقد قيل لعبد الله بن المبارك: هَذِهِ الأحاديث المصنوعة. قال: «تَعِيشُ لهَا الجِهَابِذَة، { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].


(مرجع أثر ابن المبارك «فتح المُغِيث» (1/319) للسخاوي قسم المَوضُوع).

الخميس، 27 أكتوبر 2016

(32) مسائِلُ نسَائيَّةِ

                              
                                   علامة طهر المرأة من الحيض

روى البخاري (326)عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «كُنَّا لاَ نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا».
ورواه أبو داود (307)بلفظ«كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا».

في هذا الحديث من المسائل الفقهية:

1-أن انقطاع الحيض يعرَفُ بالطُّهر .

والطُّهرُ هو الجفاف ،والقَصَّة البيضاء . قال النووي رحمه الله في «المجموع»(2/543): عَلَامَةُ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ، وَوُجُودِ الطُّهْرِ:أَنْ يَنْقَطِعَ خُرُوجُ الدَّمِ وَخُرُوجُ الصفرة والكدرة ،فإذا انقطع طهرت، سَوَاءٌ خَرَجَتْ بَعْدَهُ رُطُوبَةٌ بَيْضَاءُ أَمْ لَا .اهـ.

فمن وجدتْ إحدى العلامتين الجفاف ،أو القصَّة البيضاء فقد طهرَت .

قد يحصلُ أحيانًا جفاف للمرأة ،ثم بعد ذلك ترى صفرةً أو كدرة هذا لا يعدُّ حيضًا ،ولا أثر له .

وأيُّ واحِدَةٍ من العلامتين وجدتْها المرأةُ أوَّلًا فهو طُهرُهَا  لهذا الحديث .

وبعضُ النساء تجد الجفاف ،ومع ذلك تنتظر نزولَ القَصَّة البيضاء ،وهذا خطأ لأن الطُّهرَ قد يكون بالجفاف .

فمتى وجدت ذلك وجب عليها أن تصلي .

2-ويدل الحديث :أن الصُّفرة والكُدْرَةَ في آخر الحيض من الحيض.

فما كان متَّصِلًا بالحيض فهو من الحيض ،والمراد بذلك أن تراه المرأةُ قبل علامة الطهر ،فهذا من الحيض.

والقصة البيضاء:هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْجِصُّ شَبَّهَتْ الرُّطُوبَةَ النَّقِيَّةَ الصَّافِيَةَ بِالْجِصِّ.«المجموع»(2/389).

والصُّفْرة:لونٌ كالصَّديد يعلوه  صُفْرة.

والكدرة:لونٌ بنِّي كالماء الوسخ .


هذا وبالله التوفيق .

(111)مِنْ مَرْوِيَّاتِيْ عَنْ وَالِدِيْ العَلَّامَةِ الرَّبَّانِيْ مُقْبِل بنِ هَادِيْ الوَادِعِيْ رَحِمَهُ الله


كتبت عن والدي الشيخ مقبل:

 قصة عثمان بن عفان رضي الله عنه، أنه صعد المنبر فارتج عليه، فقال: «إن أبا بكر وعمر كانا يعدَّان لهذا المقام مقالًا، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام خطيب، وستأتيكم الخطبُ على وجهها، وتعلمون إن شاء الله».

في كتاب الجاحظ  عمرو بن بحر «البيان والتبيين» ،ولا تثبت .

 والجاحظ نفسه إلى الكفر أقرب.

-------------------


قلت: الجاحظ أحد شيوخ المعتزلة ،ترجمته له في «تاريخ بغداد» (12/208) للخطيب.

الاثنين، 24 أكتوبر 2016

(7-8) الأحاديثُ الضعيفة والموضوعة /لوالدي الشيخ مقبل .


حديث : «اطْلُبُوا الْعلم وَلَو فِي الصين» لا يثبت .فيه طَرِيفُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو عَاتِكَةَ.

(الحديث أخرجه ابن عبدالبر في «جامع بيان العلم وفضله»(20)عن أنس بن مالك .وأبوعاتكة 

ضعيف .كما في «تقريب التهذيب»).

                                        *******

حديث: «عليكم بدين العجائز».

قال السخاوي: لا أصل له بهذا اللفظ .



(«المقاصد الحسنة» رقم (714)للسخاوي).


(من دروس والدي رحمه الله ).


(31) مسائِلُ نسَائيَّةِ


             حكم مسح المرأة على الخمار في الوضوء

روى الإمام مسلمٌ في «صحيحه»(275)عَنْ بِلَالٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ».

الخمار:العمامة ، ويشمل كل ما خمَّر الرأس.

في هذا الحديث دليلٌ على جواز  مسح المرأة على الخمار .

والحديث وإن كان في الرجل ،ولكن الأصل أن ما جاز للرجل جاز فيه للمرأة إذ الأصلُ 

عموم التشريع إلا ما خصصه الدليل.

وهذا قول الإمام أحمد في روايةٍ عنه كما في «المغني»(مسألة446) ،واختاره شيخ الإسلام .
قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»(21/21): في مسح النساء على خُمُرهن مِنْ الرُّخْصَةِ الَّتِي تُشْبِهُ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ وَتُوَافِقُ الْآثَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.اهـ.
وهو قول ابن حزمٍ  في «المحلى» (مسألة201)ونصُّ كلامه: وَكُلُّ مَا لُبِسَ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ خِمَارٍ أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ بَيْضَةٍ أَوْ مِغْفَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلَّةٍ.

و هو قول  والدي الشيخ مقبل فقد سألته رحمه الله :المرأة إذا كان على رأسها خضاب الحناء هل لها أن تمسح على خمارها ؟.

فقال: تمسح ،لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مسح على الخمار .اهـ
وروى ابن أبي شيبة في «المصنف»( 249)من طريق الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، «أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ».والحسن مدلس وقد عنعن ،فالأثر بهذا الإسناد ضعيف.

وجاء عن الحسن البصري . روى ابن أبي شيبة في «المصنف»( 252) حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «الْمَرْأَةُ تَمْسَحُ عَلَى نَاصِيَتِهَا وَعَلَى خِمَارِهَا». وحاتم بن وردان ، أبو صالح البصري ثقة. ويونس هو ابن عبيد .فالأثر صحيح ،وظاهره أنها تمسح على الخمار مع الناصية ،والناصية مقدمة شعرِ الرأس.

وذهب نَافِعٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،و أحمد في روايةٍ عنه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تمسح على الخمار . «المغني» (446).

ويراجع/ «الأوسط» (1/470) لابن المنذر،و«شرح عمدة الفقه» (1/265) لشيخ الإسلام ،وحاشية «الروض المربع»(1/223).

أما ما كان على رأس المرأة مثل الطاقية فهذا لا تمسح عليه لأنه يشبه طاقية الرجل وهي مما لا يُمسَحُ عليها ،ونُقِلَ الإجماع على المنع  كما في «المغني»،وحاشية «الروض المربع »(1/222).


مسألة :سألت والدي رحمه الله هل تمسح المرأة على أذنيها  إذا مسحت على الخمار ؟


فقال: تمسح على أُذنيها كما تمسح عليها من غير خمار .

الأحد، 23 أكتوبر 2016

(22)دُرَرٌ مِنْ نَصَائِحِ السَّلَفِ

                                         
                              التحري في نشر العلم

روى الدارمي في «سننه» (287)عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه، شَيَّعَ الأَنْصَارَ حِينَ خَرَجُوا مِنَ المَدِينَةِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ شَيَّعْتُكُمْ؟ قُلْنَا: لِحَقِّ الأَنْصَارِ. قَالَ: «إِنَّكُمْ تَأْتُونَ قَوْمًا تَهْتَزُّ أَلْسِنَتُهُمْ بِالقُرْآنِ اهْتِزَازَ النَّخْلِ، فَلَا تَصُدُّوهُمْ بِالحَدِيث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  ﷺ  وَأَنَا شَرِيكُكُمْ. قَالَ: فَمَا حَدَّثْتُ بِشَيْءٍ وَقَدْ سَمِعْتُ كَمَا سَمِعَ أَصْحَابِي».
والأثر حسن .
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (347 ت  والدي رحمه الله) .

قال الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (2/601 ترجمة أبي هريرة) : «هَكَذَا هُوَ؛ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه .

وَزَجَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ بَثِّ الحَدِيث، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِعُمَرَ وَلِغَيْرِهِ، فَبِاللهِ عَلَيْكَ إِذَا كَانَ الإِكْثَارُ مِنَ الحَدِيث فِي دَوْلَةِ عُمَرَ كَانُوا يُمْنَعُونَ مِنْهُ مَعَ صِدْقِهِمْ، وَعَدَالَتِهِمْ، وَعَدَمِ الأَسَانِيدِ، بَلْ هُوَ غَضٌّ لَمْ يُشَبْ، فَمَا ظَنُّكَ بِالإِكْثَارِ مِنْ رِوَايَة الغَرَائِبِ وَالمَنَاكِيرِ فِي زَمَانِنَا، مَعَ طُولِ الأَسَانِيدِ، وَكَثْرَةِ الوَهَمِ وَالغَلَطِ، فَبِالحَرِيِّ أَنْ نَزْجُرَ القَوْمَ عَنْهُ؛ فَيَا لَيْتَهُمْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى رِوَايَة الغَرِيبِ وَالضَعِيفِ، بَلْ يَرْوُونَ -وَاللهِ- المَوْضُوعَاتِ، وَالأَبَاطِيلَ، وَالمُسْتَحِيلَ فِي الأُصُولِ وَالفُرُوعِ وَالمَلَاحِمِ وَالزُّهْدِ -نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ-.

فَمَنْ رَوَى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِبُطْلَانِهِ، وَغَرَّ المُؤْمِنِينَ، فَهَذَا ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، جَانٍ عَلَى السُّنَنِ وَالآثَارِ، يُسْتَتَابُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَنَابَ وَأَقْصَرَ، وَإِلَّا فَهُوَ فَاسِقٌ، كَفَى بِهِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.


 وَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَتَوَرَّعْ، وَلْيَسْتَعِنْ بِمَنْ يُعِينُهُ عَلَى تَنْقِيَةِ مَرْوِيَّاتِهِ -نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ-؛ فَلَقَدْ عَمَّ البَلَاءُ، وَشَمَلَتِ الغَفْلَةُ، وَدَخَلَ الدَّاخِلُ عَلَى المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يَرْكَنُ إِلَيْهِمُ المُسْلِمُونَ، فَلَا عُتْبَى عَلَى الفُقَهَاءِ، وَأَهْلِ الكَلَامِ».

(5) أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» لوالدي رحمه الله


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ».رواه ابن ماجة(215).

قال والدي رحمه الله في«الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»(77): هذا حديثٌ صحيح .

كتبتُ عن والدي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث ما نصُّه:
الله عز وجل لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا.
ولكن معناه: أن الله عز وجل يحبهم كما يحب الشخصُ أهله.
ففيه فضيلة أهل القرآن، والله عز وجل ليس كمثله شيء.اهـ كلام والدي.

ومن هم أهل القرآن؟.
قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد»(1/327): أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمُ الْعَالِمُونَ بِهِ، وَالْعَامِلُونَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظُوهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.


وَأَمَّا مَنْ حَفِظَهُ وَلَمْ يَفْهَمْهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ، فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ أَقَامَ حُرُوفَهُ إِقَامَةَ السَّهْمِ.

وإن الخيرات والبركات  تُلْتَمس  في القرآن الكريم ،ومن بركاته أنه أمان من الضلال لمن اعتصم به.

قال الآجري في «أخلاق حملة القرآن»(32): أَعْلَمَ خَلْقَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَنَّ الْقُرْآنَ عِصْمَةٌ لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ , وَهُدًى لِمَنِ اهْتَدَى بِهِ , وَغِنًى لِمَنِ اسْتَغْنَى بِهِ , وَحِرْزٌ مِنَ النَّارِ لِمَنِ اتَّبَعَهُ , وَنُورٌ لِمَنِ اسْتَنَارَ بِهِ , وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ , وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ .اهـ

القرآن ينبوع العلم نقتبس منه عقيدتنا وعبادتنا  وأحكام ديننا وأخلاقنا ومعاملتنا وآدابنا ،ومن نالته بركته كان موَفَّقًا في أقواله وأفعاله وسائر أحواله .

نسأل الله أن ينفعنا به وألا يجعله وبالًا علينا .

السبت، 22 أكتوبر 2016

(110)مِنْ مَرْوِيَّاتِيْ عَنْ وَالِدِيْ العَلَّامَةِ الرَّبَّانِيْ مُقْبِل بنْ هَادِيْ الوَادِعِيْ رَحِمَهُ الله


               من فضل المحدثين أنهم ليس عندهم محاباة

كتبت من دروس والدي رحمه الله:

المحدثون ليس عندهم محاباة، فأحدهم يتكلَّمُ في أبيه ،وفي أخيه ،وفي ولده .

ثم ذكر رحمه الله آثارًا في ذلك وقد سقتها  من مصادرها .

1-روى ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/130) من طريق عبيدالله بن عمرو قال: قال لي زيد بن أبي أنيسة:« لا تحدث عن أخي يحيى بن أبي أنيسة فإنه كذاب».
2-علي بن المديني .قال محمد بن حَاتِمِ  بنِ الْمُظَفَّرِ  ..الأثر وفيه :«فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ يُحَابِي فِي الْحَدِيثِ أَبَاهُ، وَلَا أَخَاهُ، وَلَا وَلَدَهُ. وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، وَهُوَ إِمَامُ الْحَدِيثِ فِي عَصْرِهِ، لَا يُرْوَى عَنْهُ حَرْفٌ فِي تَقْوِيَةِ أَبِيهِ ،بَلْ يُرْوَى عَنْهُ ضِدُّ ذَلِكَ. فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا وَفَّقَنا». المرجع: «شرف أصحاب الحديث» (41) للخطيب .

وقال ابن حبان في« المجروحين» -ترجمة  عبدالله بن جعفر والد علي بن المديني- وَقد سُئِلَ عَليّ بن الْمَدِينِيِّ عَن أَبِيه.
 فَقَالَ: اسألوا غَيْرِي. فَقَالَوا :سألناك فَأَطْرَقَ ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ :هَذَا هُوَ الدِّين ،أبي ضَعِيف.

3-جرير بن عبد الحميد  . روى ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/289) سمعت أبي يقول سمعت يحيى بن المغيرة قال سألت جريرًا عن أخيه أنس  فقال: «لا يكتب عنه فإنه يكذب في كلام الناس» .

4-شعبة بن الحجاج، قال: سميت ابني سعدًا، فما سعد ولا أفلح.
وكان يقول له: اذهب إلى هشام الدستوائى فيقول: أريد أن أرسل الحمام. «ميزان الاعتدال» ترجمة سعد بن شعبة .

5-أبو داود السجستاني  جاء  أنه ضعَّف ولده عبدالله . وقد حمل بعض العلماء تكذيبه لولده لما كان في صغره .

انتهت الفائدة .

------------------------------



قلت: جزم العلامة المعلمي اليماني رحمه الله في «التنكيل» (1/308) أنه لم يثبت ذلك عن أبي داود؛ فقال: «أقول: لم تثبت الكلمة، وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: ومن البلاء أن عبد الله يطلب القضاء. كان أبو داود على طريقة كبار الأئمة من التباعد عن ولاية القضاء، فلما طلبه ابنه كره ذلك, ومن الجائز إن صح أنه قال: كذاب، أن يكون إنما أراد الكذب في دعوى التأهل للقضاء والقيام بحقوقه. ومن عادة الأب الشفيق إذا رأى من ابنه تقصيرًا أن يبالغ في تقريعه» اهـ.

وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (13/221): «لَعَلَّ قَوْلَ أَبِيهِ فِيهِ ‑إِنْ صَحَّ‑ أَرَادَ الكَذِبَ فِي لَهْجَتِهِ، لَا فِي الحَدِيث، فَإِنَّهُ حُجَّةٌ فِيمَا يَنْقُلُهُ، أَوْ كَانَ يَكْذِبُ وَيُوَرِّي فِي كَلَامِهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ أَبَدًا، فَهُوَ أرْعَن -نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ مِنْ عَثْرَةِ الشَّبَابِ-، ثُمَّ إِنَّهُ شَاخَ وَارعَوَى، وَلَزِمَ الصِّدْقَ وَالتُّقَى» اهـ.

الخميس، 20 أكتوبر 2016

(30) مسائِلُ نسَائيَّةِ


سألت والدي رحمه الله عن حكم المرأة تُعَطِّر ولدَها ثم تحمله وتخرج من منزلها؟

فقال:لا يصلُحُ هذا .

فقلت له :إذا كانتْ تُمنعُ من ذلك فهل يكون نفس الحكم إذا خرجتْ مع وليِّهَا أنه لا يتطيَّب؟

فتعجَّب من هذا الإيراد مستحسِنًا له وقال : لا ، فيه فرقٌ .

كذا أفادني والدي رحمه الله.

(12)مِنْ جَوَامِعِ الأَدْعِيَةِ


عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ» ، فَقَالَ: « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».رواه الترمذي (1522)،والنسائي (1303) ،والحديث صحيح .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؟ قُولُوا: اللهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».رواه أحمد (13/360)،والحديث صحيح .

في هذين الحديثين الحثُّ على هذا الدعاء العظيم .

وفي حديث معاذ:

1-تنبيه المعلِّم الطالب قبل إلقاء الفائدة .
2-المحبة في الله .
3-إخبار من أحبَّ إنسانًا أنه يحبُّه .
وهذا من أسباب جلب المودة فإنه إذا عَرف أنه يحبُّه أحبَّه،مع أنه قد جرت حكمةُ الله أن من أحبَّ شخصًا فإنه يحبُّه غالبًا وكما قيل:
وللقلب على القلب..دليلٌ حين يلقاهُ
4-الحلِف من غير استحلاف توكيدًا للأمر.
5-أن هذا من الأذكار دبُر الصلوات . وقد اختلفوا في المراد بدبُر الصلاة على قولين:
فمنهم من يقول:دبر الصلاة آخرها قبل السلام،ومنهم من يقول: بعدها .
6-هذا الدعاءمن جوامع الأدعية ولهذا في حديث أبي هريرة الثاني:« أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ»،والذكر عامٌّ يشمل القرآن والأدعية والأذكار والصلاة فهي من ذكر الله ونحو ذلك.
وشكر الله على نعَمِه باللسان وبالجوارح وبالقلب ،وليس من شكر الله المعاصي .
وحسن العبادة يكون بأدائها  كما أراد الله على الوجه المشروع .

وكم يشعر الإنسان بتقصير كبير في عبادة الله ،وأحيانًا قد يكون عنده اندفاع للمستحبات ويُضيِّع بعضًا من الواجبات ،وهذا خطأ فالواجب أقدم ،وهو الذي بفعله تبرأ ذمَّةُ العبد ،فما أحوج كل مسلم إلى هذا الدعاء الجامع، ليكونَ عونًا له بإذن الله على البِرِّ والتَّقْوى.

الأربعاء، 19 أكتوبر 2016

(109)مِنْ مَرْوِيَّاتِيْ عَنْ وَالِدِيْ العَلَّامَةِ الرَّبَّانِيْ مُقْبِل بنْ هَادِيْ الوَادِعِيْ رَحِمَهُ الله


        من الأحاديث التي نصح والدي في الدرس بحفظها

                            حديث السياسة

روى البخاري(3455) ،ومسلم (1842)عن أبي حازم-سلمان الأشجعي- قَالَ: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ».

كلامه رحمه الله على الحديث:
ننصح بحفظه ففيه ردٌّ على الذين يريدون فصلَ السياسة عن الدين .
و لو قال قائلٌ: إِن الذي يقول السياسة ليست من الدين فقد فصل ثلثَ الدين لما كان كاذبًا.
وذكر والدي رَحِمَهُ اللَّهُ  عن محمد عبده المصري أنه قال: لعن الله ساسَ ويسوس وما تصرف منهما.
قال: ومحمد عبدُه  تردَّدَ إلى باريس مرارًا ولم يحج حتى مات، و شُهِد عليه أنه لا يصلي .والله أعلم.

(سمعته وقيَّدته عن والدي رحمه الله) .

قلت :وقال والدي الكريم رحمه الله في رسالته «هذه دعوتنا وعقيدتنا»: نعتقد أن السياسة جُزء من الدين، والذين يحاوِلون فصل الدين عن السياسة إنما يحاولُون هدمَ الدين، وانتشار الفوضى .اهـ.

وهل يُعدُّ الإخوانُ المسلمون من أهل السياسة؟

سمعت والدي الشيخ  رَحِمَهُ اللَّهُ يسميهم الإخوان المفلسين ، ويقول: هم 

مفلسون عن الدين ،ومفلسون عن السياسة.

وسمعته يقول عنهم بصوتٍ رفيعٍ : ما هم عند الدين، ما هم عند الدين.

-----------------------

قلت:ولو كانوا من أهل السياسة  حقًّا  كما يزعمون لمَا  خذلُوا حكَّامهم وقاموا عليهم بالثورَات والانقلابات مهما كان الحال .
وصدق أبو قلابة رحمه الله إذ يقول:« ما ابتدع أحدٌ بدعة إلا استحلَّ السيف».

فهذا من علامات أهل البدع الخروج على الحكام،وهو مذهبٌ خارجي معتزلي ،وليس من عقيدتِنا أهل السنة .نعوذ بالله من الفتن .