جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 30 أبريل 2019

(65)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله


                                       من علامات حُسْن الخاتمة



عن أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ قَالَ:

 «إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ. قَالَ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَأَنَا أَكْبَرُ.

 وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي.

وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا شَرِيكَ لِي.

وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِي الْمُلْكُ وَلِيَ الْحَمْدُ.

وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي».

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: ثُمَّ قَالَ الْأَغَرُّ شَيْئًا لَمْ أَفْهَمْهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: «مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ».رواه ابن ماجة(3794).



[الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين 433].

وقال رحمه الله في الحاشية: أبوجعفر هو محمد بن علي بن الحسين الباقر.



------------------------------------



في هذا الحديث من الفوائد:


فضل هذه الكلمات المذكورة.

تصديق الله عزوجل مَن قالها .

فضل الذكر.

قال ابن القيم في «الوابل الصيب»(78)في فوائد الذكر:أن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده، فإنه أخبر عن الله تعالى بأوصاف كماله ونعوت جلاله، فإذا أخبر بها العبد صدقه ربه، ومن صدقه الله تعالى لم يحشر مع الكاذبين، ورجي له أن يحشر مع الصادقين.ثم ذكر هذا الحديث.

أن قول هذا الذكر عند الموت رزقٌ من الله وحده سبحانه ومن أسباب النجاة من النار.

دليل أن من علامات حُسن الخاتمة قول هذا الذكر.

فمَن وُفِّق لقول هذا الذكر عند الموت  كان دليلًا على حُسْن خاتمته.

ومن لم يوفَّق لقولها فينبغي لمن حوله أن يُذَكِّره بها رجاءً وطمعًا في نيل هذه الفضيلة.

نسأل الله حُسَن الخاتمة.




شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»

 الدرس السادس من شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»
https://drive.google.com/file/d/17WXJVFLzU3xvUgGzrlx0yyq-aPbd68SG/view?usp=sharing

(9)اختصار الدرس الخامس من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




نصيحة في أول الدرس

§        الاهتمام بالحفظ، ولا سيما حفظ المُهمِّ من الدرس، كحفظ الأحاديث وحفظ أدلة المسألة.

والعلم هو بالحفظ إذا صحِبه توفيق من الله عز وجل.

لَيْسَ الْعِلْمُ مَا حَوَاهُ الْقِمَطْرُ
...
إِنَّمَا الْعِلْمُ مَا حَوَاهُ الصَّدْرُ

روى أحمد بن زهير أبي خيثمة رَحِمَهُ الله في «التاريخ» (1/691) عن عبد الرحمن بن مهدي، قال: لا يكون إمامًا في العلم من أخذ بالشاذ من العلم، ولا يكون إمامًا في العلم من روى عن كل أحد، ولا يكون إمامًا في العلم من روى كل ما سمع قال: والحفظ: الإتقان.

فإذا أرادت طالبة العلم أن تكون من المتقنين المستفيدين فلتهتم بالحفظ، والله يؤتي من واسع فضله، والله ييسر لمن سلك طريق العلم بصدق وحسن نية.

والاهتمام بالحفظ معدودٌ في آداب الطالب، وكذلك تقييد المعلومات، ليُرجع إلى الكتاب للتثبت واستذكار ما نسي.

روى ابن أبي حاتمٍ رحمه الله في «مقدمة الجرح والتعديل» (2/36) عن مروان بن محمد وهو الطاطري، يقول: ثلاثة لا يستغني عنها صاحب العلم: الصدق، والحفظ، وصحة الكتب، فإن أخطأته واحدة لم تضره أن أخطأه الحفظ فرجع إلى كتب صحيحة لم يضره.

والنفس تتهرب من الحفظ، لأن الحفظ شاق، ودائمًا الشيء الذي يحتاج إلى صبر تتهرب منه النفس، ولكن علينا أن نعود أنفسنا على الحفظ ونروضها على الحفظ حتى يصير محبوبًا إليها وراحةً وطمأنينة، فالأشياء بالتعود.

والنفسُ رَاغِبَة إِذا رَغَّبْتَهَا
...
وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيْلٍ تَقْنَعُ

والحفظ سلوك إلى طريق الجنة، كما قال النّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» رواه مسلم (2699) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهذا يشمل الحفظ والمذاكرة والبحث والتلقِّي والمطالعة..

ولا يُقال: عندي انشغالات، أو عندي صوارف، فيُضَحِّي الإنسان بحياته وسعادته التي لا نظير لها، والتي لا يجد لذتها وحلاوتها الوزراء ولا الرؤساء، وما أحسن ما قال بعض السلف: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا بالسيوف.

وهذا عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه يتعلم ويحفظ ويستفيد مع أنه مشغول. روى الدارمي في «سننه» رقم (572) عن عكرمة قال: كان ابن عباس يضع في رجلي الكَبْل ويعلمني القرآن و السنن. والأثر صحيح.

وقد كان رحمه الله مشغولًا بالرِّق وبالخدمة لأنه عبدٌ، مملوك، ولكن البركة من الله، فلم يشغله الرِّقُّ عن العلم وحفظ القرآن، وقد نفع الله به و صار مرجعًا من المراجع، ومن كبار تلاميذ ابن عباس.

وقد شكى بعض الناس إلى والدي رحمه الله أنه لا يستطيع حفظَ القرآن لأنه مشغول.

فسمعته يقول: الذي عنده همَّة عالية لا يعيقُه شيء.

بعض إخواننا حفظ القرآن وكان طبَّاخًا.

§         الفهم والتفهُّم. وهذا أمر مهم الحرص على الفهم والتفهم، فلا يكن الحال كطلاب المدارس أهم شيء الحصول على درجة النجاح. وقد شَبَّه الشافعي الذي يحمل العلم بغير فهم بحاطب ليل. روى ابن أبي حاتم رحمه الله في «آداب ومناقب الشافعي» (صـ99) عن الشافعي وذكر من يحمل العلم جزافًا، فقال: هذا مثل حاطب ليل يقطع حزمة الحطب فيحملها ولعل فيها أفعى تلدغه، وهو لا يدري.

قال الربيع الراوي عن الشافعي هذا الأثر -يعني: الذين لا يسألون عن الحجة من أين هي؟

قال ابن أبي حاتم: يعني: من يكتب العلم على غير فهم، ويكتب عن الكذاب، وعن الصدوق، وعن المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذاب، والمبتدع الأباطيل، فيصير ذلك نقصًا لإيمانه، وهو لا يدري.

§        العمل بالعلم والفضائل والآداب التي تمر في الدرس، لأن هذا هو المقصود من تعلم العلم.

§        تبليغ العلم من منبعِه الصحيح. قال سفيان الثوري «أَوَّلُ الْعِلْمِ الِاسْتِمَاعُ، ثُمَّ الْإِنْصَاتُ، ثُمَّ الْحِفْظُ، ثُمَّ الْعَمَلُ، ثُمَّ النَّشْرُ».

فعلينا بأن نستعين بالله سبحانه وأن نكثر من الذكر والاستغفار لأنه قوة وعون على الحصول على المراد، وما توفيقنا إلا بالله العلي العظيم.




حكم الحجامة للصائم


§        الحنابلة يرون أن الحجامة من المفطرات أخذًا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ».

واستدلالًا ببعض الآثار عن بعض السلف.

وذهب إلى هذا القول أيضًا جماعة آخرون من أهل العلم، قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (25/252): وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ تُفَطِّرُ مَذْهَبُ أَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَابْنِ خُزَيْمَة وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَهْلُ الْحَدِيثِ الْفُقَهَاءُ فِيهِ الْعَامِلُونَ بِهِ أَخَصُّ النَّاسِ بِاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ.

§        وذهب جمهور العلماء إلى أن الحجامة لا تبطل الصوم، وهذا اختيار البخاري في «صحيحه» في تبويب حديث (1938) والشوكاني في «نيل الأوطار» (4/568) ، وهو قول والدي.

 واستدلوا بالأحاديث التي تفيد الحجامة للصائم، وأنها لا تفطر: كحديث ابن عباس عند البخاري «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ».

وحديث ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ لأنسِ بْنِ مَالِكٍ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا إلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ».

 وأجاب جمهور العلماء عن أن أحاديث الفطر بالحجامة بأجوبة:

§         فمنهم من ذهب إلى أن أحاديث الفطر في الحجامة منسوخة لما جاء في الحديث «ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ» والشاهد: أن الرخصة تأتي بعد العزيمة.

§        ومنهم من قال: هذا باعتبار ما يؤول إليه الأمر، فالحاجم قد يدخل إلى جوفه شيء من الدم، والمحجوم قد يضعف فيحتاج إلى الفطر، وهذا قول والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله فقد سألته وأجابني بذلك.

§        وقيل: إِنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ غَيْرَهُمَا أَوْ قَاذِفَيْنِ فَبَطُلَ أَجْرُهُمَا لَا حُكْمُ صَوْمِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وهذا جاء في حديث ضعيف جدًّارواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3428) من طريق يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ قَالَ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ «لِأَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ».

هذه بعض أجوبة القائلين بأن الحجامة لا تفطر.



المراد بالحجامة التي يتكلم عنها أهل العلم

 الحجامة التي يتكلم عنها أهل العلم هي الحجامة  المعروفة عند المتقدمين التي يُحتاج إلى مصِّ القارورة بالشفتين، وقد يدخل إلى جوفه شيء من الدم، أما إذا أُخذ  الدم بهذه الأجهزة الحديثة فالحاجم  لا يدخل في الحديث.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (25/258): لَوْ قُدِّرَ حَاجِمٌ لَا يَمُصُّ الْقَارُورَةَ بَلْ يَمْتَصُّ غَيْرُهُ، أَوْ يَأْخُذُ الدَّمَ بِطَرِيقٍ أُخْرَى لَمْ يُفْطِرْ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامُهُ خَرَجَ عَلَى الْحَاجِمِ الْمَعْرُوفِ الْمُعْتَادِ. اهـ.
 

 مسألتان تجتمعُ مع الحجامة في إخراج دمٍ كثير:

الأولى: سحب الدم لمن يحتاج إلى تبرع بالدم، هذا لا يفطِّر استصحابًا للبراءة الأصلية، والأولى أن يجعله المتبرِّعُ في الليل حتى لا يضعف عن الصيام فيفْطِر إلا إذا كان هناك إنقاذ نفس مريضة فيقدَّم ذلك.

الثانية: عملية غسل الكُليتين -بضم الكاف، واشتهر على ألسنة الناس بالكسر وهو إخراج الدم لتصفيته وتنقيته ثم إعادته للجسم -إن كان لا يصحبه تزويدُ شيءٍ من مغذيات الجسم كالسكريات والأملاح فهذا لا يفطِّر.

وأما إن ثبت تزويدُه بشيء مما ذُكِر ونحوه فإنه يكون مفطِّرًا.

وقد أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (15/275) في الجواب عن سؤال: ما حكم تغيير الدم لمريض الكلى وهو صائم، هل يلزمه القضاء أم لا؟

ج: يلزمه القضاء بسبب ما يزود به من الدم النقي، فإن زود مع ذلك بمادة أخرى فهي مفطر آخر. اهـ.

وفي «فتاوى اللجنة الدائمة» (10/190)ما يدل أيضًا على ذلك.


الاثنين، 29 أبريل 2019

(8)اختصار الدرس الرابع من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية


عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: «أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ. فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُهُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ وَنَذْهَبُ إلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ مِنْ الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إيَّاهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ». متفق عليه.



«اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ» العهن: الصوف.

واللعب: هو فعل الصبيان، من غير أن يعقب فائدة. كما في «التعريفات» للجرجاني رَحِمَهُ الله (ص192).



وفيه دليل على تدريب الصغار على الصوم وتشجيعهم على العبادة، وهذا أمر مطلوب، يقول الله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه]. وروى أبو داود (495) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» والحديث حسن.

وفي ذلك أثر عظيم في تعظيم الصغير لدينه وثباته عليه في الكِبَر، ومن نشأ على شيءٍ كبِرَ عليه.

يقول الشاعر: 

وينشــــــــــــأُ ناشــــــــــــــئُ الفتيان مِنّــــــــــــا
...
على ما كـــــــــــان عوَّده أبـــــــــــــــوهُ

إذا عوَّده أبوه على سماع الأغاني ينشأ عليه، أو عوده على السب واللعن ينشأ عليه، أو عوده على الكذب عليه، أو عوَّده على صفات المنافقين.. وإذا عوَّده على المساجد وقراءة القرآن  والحياء والأدب نشأ عليه..وهكذا.. 

ولْنَعْلَمْ أنَّ مِن أعظم الرحمة بالأولاد تربيتهم على محبة الخير وأهله ومحبة القرآن والعلم النافع. وكثير من الناس يجهل هذه الرحمة، ومقياسُ نظرهم الرحمة في المآكل والمشارب والترفيه، ولا يلتفت إلى الرحمة الحقيقية التي فيها السعادة والنجاة من الفتن ومن المكروهات ومن النار، وهذا جهل مطبِق. كما أفاد ذلك ابن القيم رَحِمَهُ الله في «إغاثة اللهفان» (2/ 174)

 وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأبوين في تربية الأولاد على الصلاح ومحبة الخير كما في الحديث الذي رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».

وروى أحمد (16/356) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ».

فالدعاء والاستغفار الذي حصل لهما من ولدهما من ثمار ونتائج التربية الطيبة.

وكما يقال: من أدب ولده صغيرًا قرت عينه كبيرًا.

وقد ذكر والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله كثرة الشكاوي من الآباء من أولادهم، فقال مخاطبًا للأب: أنت الذي ضيَّعته وأهملت تربيته مع السمر والألاعيب وجلساء السوء، أو بهذا المعنى.

فيجب على الأبوين القيام بواجبهم في تعليم الأولاد، كما يجب أيضًا إبعادهم عن المعاصي وما يغضب رب العالمين، يقول الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم]. وروى البخاري (2554 ومسلم (1829) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الحديث فيه: « وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ».
وروى البخاري (7150 ومسلم (142) عن معقل بن يسار، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ».



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



      صيام الصبي إذا أطاق الصيام  

أهل العلم يقيدون حث الصبي على الصيام إذا كان يطيقه فيُستحب لأبويه تمرينُه على الصيام، ليتعود على الخير من صِغره فيصيرَ طبعًا له وسجيَّة له، لا يتزحزح عنه.

 وقد ذهب إلى الاستحباب جمهورُ العلماء.

والْمَشْهُورُ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ كما ذكر الشوكاني رَحِمَهُ الله (4/ 236) أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْرَعُ فِي حَقِّ الصِّبِيَّانِ.

قال الشوكاني: وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ لَا يَطَّلِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.

وأما وجوب الصيام على الصبي فلا يجب، ولا يُلزم به، لأنه غير مكلَّف، روى ابن ماجه (2041 والنسائي (3432) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يُفِيقَ».

ولكن الحسنات تصح منه ويؤجر عليها. قال الرُّعيني المالكي في «مواهب الجليل في شرح مختصر خليل» (2/479): وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَيُعْفَى عَمَّا يَجْتَرِحُهُ مِنْ السَّيِّئَاتِ وَإِنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ.

وفي «الفتاوى الكبرى» (5/318) لشيخ الإسلام رَحِمَهُ الله: قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: وَثَوَابُ عِبَادَةِ الصَّبِيِّ لَهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 حديث في تصويم الرضع

عن عُلَيْلَةٌ بنت الكميت، عَنْ أُمِّهَا قَالَتْ: قُلْتُ لَأَمَةِ اللَّهِ بِنْتِ رَزِيْنَةَ: يَا أَمَةَ اللَّهِ حَدَّثَتْكِ أُمُّكِ رَزَيْنَةُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ صَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَكَانَ يُعَظِّمُهُ حَتَّى يَدْعُوَ بِرُضَعَائِهِ وَرُضَعَاءِ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَيَتْفُلُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ، وَيَقُولُ لِلْأُمَّهَاتِ: «لَا تُرْضِعْنَهُنَّ إِلَى اللَّيْلِ».

رواه أبو يعلى (7162 والطبراني في «المعجم الأوسط» (2568) من طريق عليلة به.

والحديث مسلسل بالمجاهيل. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 186): عُلَيْلَةُ وَمَنْ فَوْقَهَا لَمْ أَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُنَّ، وَسَمَّى الطَّبَرَانِيُّ فَقَالَ: عُلَيْلَةُ بِنْتُ الْكُمَيْتِ، عَنْ أُمِّهَا أَمِينَةَ. اهـ.



قال الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «السلسلة الضعيفة» (4/ 550): وهو كما قال رحمه الله، إلا (رزينة فقد ذكروها في الصحابة. اهـ.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لعب الصغار

يستفاد من حديث الرُّبيِّع «..فَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ مِنْ الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إيَّاهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ» إباحة لعب الصغار.

وقال إخوة يوسف لأبيهم: ﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) [يوسف].

وروى البخاري (6203 ومسلم (2150) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قَالَ: أَحْسِبُهُ - فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ.

قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله في «فتح الباري»: جَوَازُ لَعِبِ الصَّغِيرِ بِالطَّيْرِ، وَجَوَازُ تَرْكِ الْأَبَوَيْنِ وَلَدَهُمَا الصَّغِيرَ يَلْعَبُ بِمَا أُبِيحَ اللَّعِبُ بِهِ.

تنبيه: مسألة لعب الصبي بالطير. قال القرطبي رَحِمَهُ الله في «المفهم» (5/472): لكن الذي أجاز العلماء من ذلك: أن يمسَك له، وأن يلهو بحسنه. وأما تعذيبه، والعبث به فلا يجوز، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تعذيب الحيوان إلا لمأكلة.

وروى البخاري (3071) عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث وفيه قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهَا».

فاللعبُ المباح للصغار لا بأس به، ولكن من غير إسهاب وتطويل وتضييع للأوقات. وهذا في الحقيقة هو الواقع في أولاد المسلمين إلا من رحم الله سبحانه ضياع أوقاتهم في اللعب والسَّمَر وما ليس فيه منفعة، وقد يكون اللعب أيضًا بألاعيب محرمة كالميسر والشطرنج واللهو وسماع الشيلات المصحوبة بالطبل والإيقاع إلى غير ذلك. فهذا فساد عظيم وتدمير كبير على مستقبل الأولاد وسعادتهم، ولا ينجو إلا من نجاه الله، والله المستعان.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم من وجب عليه الصوم في أثناء الشهر أو أثناء اليوم 


وهذا مثل: كافر أسلم في رمضان، وصبي بلغ في أثناء شهر رمضان، ومجنون أفاق من جنونه.

فإذا أسلم الكافر في رمضان فإنه يصوم الباقي، قال تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185].

قال ابن قدامة رَحِمَهُ الله في «المغني» (2103): أَمَّا صَوْمُ مَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ شَهْرِهِ، فَلَا خِلَافَ فِيهِ.

وإذا أسلم في أثناء النهار كبعد الظهر مثلًا أو العصر يجب عليه إتمام باقي اليوم وليس عليه قضاء.

وهذا قَول مَالِك، وَأَبي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ: أنه لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ فِي زَمَنِ الْعِبَادَة مَا يُمْكِنُهُ التَّلَبُّسُ بِهَا فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ خُرُوجِ الْيَوْمِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ. «المغني» (3/162). وهذا اختيار شيخ الإسلام.

وهو قول الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (11/324 ورجح هذا القول ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في «مجموع الفتاوى» له(19/ 76).

وجاء عن بعضهم أنه يَلْزَمُهُ إمْسَاكُهُ وَيَقْضِيه. وهَذَا المَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَبِهِ قَالَ الْمَاجِشُونِ، وَإِسْحَاقُ «المغني» (3/162).

وأما ما مضى من الشهر قبل إسلامه فلا يُلْزم به، لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، قال تعالى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38].



وإذا بلغ الصبي في أثناء الشهر لزمه صيام الباقي، أو بلغ في أثناء اليوم وهو مفطر يصوم بقية اليوم، وهذا كمن نام ثم احتلم فعليه أن يمسك باقي اليوم، وليس عليه قضاء. وهذا اختيار شيخ الإسلام رَحِمَهُ الله في «مجموع الفتاوى» (25/109)

وقال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في «مجالس شهر رمضان» (44): إذا حصل البلوغُ أثْنَاء نهار رمضانَ فإنْ كان مَنْ بَلغ صائمًا أتمَّ صومَه ولَا شَيْءَ عليه وإن كان مفطرًا لزمه إِمساكُ بقيةِ يوْمهِ لأنه صار مِنْ أهل الوجوبِ، ولا يلزمه قضاؤه لأنه لم يكن من أهلِ الوجوبِ حين وُجوبِ الإِمساكِ. اهـ.


والبلوغ له علامات:

·    الإنبات: وهو طلوع الشعر الخشن الذي يكون حول ذكر الرجل وقُبُل المرأة.

·    الإنزال سواء كان بجماع أو احتلام، وعليه الإجماع.

·    بلوغ خمسة عشر عامًا.

·    الحيض بالنسبة للبنت.

قال ابن المنذر رَحِمَهُ الله في «الإشراف على مذاهب العلماء» (2/219): أجمع أهل العلم على أن المرأة إذا حاضت وجب عليها الفرائض. اهـ.



وإذا أفاق المجنون فإنه يصوم ما بقي من الأيام 

قال ابن قدامة رَحِمَهُ الله في «المغني» (2105): فَأَمَّا الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ، فَعَلَيْهِ صَوْمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ.

ويمسك بقية يومه إذا أفاق في أثناء اليوم.

شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»


الدرس الخامس من شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»
https://drive.google.com/file/d/1NwDzizkLFNGCoTRn5a70dsNFrwa3E4L9/view?usp=sharing


السبت، 27 أبريل 2019

(64)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ


           
                 الترهيب من الفطر في رمضان لغير عذر



عن  أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا فَقَالَا لِي: اصْعَدْ فَقُلْتُ: «إِنِّي لَا أُطِيقُهُ» ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا أَنَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ فَقُلْتُ: «مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟» قَالُوا: هَذَا عَوَىُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةُ أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قَالَ: قُلْتُ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟» قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ».
 رواه الحاكم في «المستدرك» (1568)،وذكره الشيخ الألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة»( 3951)،ووالدي الشيخ مقبل في «الصحيح المسند» (484).



قال الشيخ الألباني رحمه الله في«سلسلة الأحاديث الصحيحة»(تحت رقم 3951):أقول: هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدًا قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلاً؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة".


ثم نبَّه رحمه الله على أن من شؤم الاعتماد على المؤذنين الذين يؤذنون على التوقيت الفلكي المذكور في (الروزنامات) أن بعض الناس سيفطر قبل الوقت، فإن بعضهم يؤذن قبل الوقت، وبعضهم بعد الوقت، وهذا أمر شاهدناه بأعيننا، وسمعناه بآذاننا، فعلى المسلمين أن يحافظوا على الأذان الشرعي الذي يختلف وقته من بلد إلى بلد آخر،وأن يؤدوا العبادات في مواقيتها الشرعية! اهـ





تنبيه 


جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ».

رواه أبوداود(2396)،والترمذي(723)،وابن ماجه(1672)من طريق حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنِ ابْنِ مُطَوِّسٍ- وهو أبو المطوس يزيد-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ،به.


هذا الحديث ضعيف .
قال الترمذي:سَمِعْتُ مُحَمَّدًا-يعني:البخاري- يَقُولُ: " أَبُو المُطَوِّسِ: اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ المُطَوِّسِ وَلَا أَعْرِفُ لَهُ غَيْرَ هَذَا الحَدِيثِ ".

وتكلم على الحديث الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»(قبل رقم 1935)وقال:وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ أَيْضًا: تَفَرَّدَ أَبُو الْمُطَوَّسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا أَدْرِي سَمِعَ أَبُوهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَمْ لَا. قُلْتُ-أي الحافظ-: وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَحَصَلَتْ فِيهِ ثَلَاثُ عِلَلٍ:

 الِاضْطِرَابُ ،وَالْجَهْلُ بِحَالِ أَبِي الْمُطَوَّسِ،وَالشَّكُّ فِي سَمَاعِ أَبِيهِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.اهـ

وقال الشيخ الألباني في«تمام المنة»(396):الحديث ضعيف وقد أشار لذلك البخاري بقوله: "ويذكر" وضعفه ابن خزيمة في "صحيحه" 3 / 238 والمنذري والبغوي والقرطبي والذهبي والدميري فيما نقله المناوي والحافظ ابن حجر.


قلت:وضعف الحديث أيضًا والدي الشيخ مقبل فيما سمعته منه.