جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 31 مارس 2017

(34)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


                   الآيات الأولى من سورة الكهف
                      بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)[الكهف].
-----------------
﴿اﻟْﺤَﻤْﺪُ ﻟِﻠَّﻪِ﴾ الحمد:الإِخبار بمحاسن المحمود مع محبته وإجلاله.
﴿ﻭَﻟَﻢْ ﻳَﺠْﻌَﻞْ ﻟَﻪُ ﻋِﻮَﺟًﺎ﴾ قال ابن كثيرفي «تفسير هذه الآية»: أي: لم يجعل فيه اعوجاجًا وَلَا مَيْلًا، بَلْ جَعَلَهُ مُعْتَدِلًا مُسْتَقِيمًا وَلِهَذَا قَالَ: ﴿قَيِّمًا ﴾أَيْ: مُسْتَقِيمًا .اهـ
﴿ ﺃَﻥَّ ﻟَﻬُﻢْ ﺃَﺟْﺮًا ﺣَﺴَﻨًﺎ ﴾الأجر الثواب. ﴿ ﺣَﺴَﻨًﺎ ﴾ جميلًا.
﴿ﻣَﺎﻛِﺜِﻴﻦَ ﻓِﻴﻪ ِ﴾ باقين في الثواب ونعيم الجنة .
﴿ ﻛَﺒُﺮَﺕْ ﻛَﻠِﻤَﺔً ﴾أي: عظُمَت ، وكلمة منصوبٌ على التمييز.

من فوائد هذه الآيات المباركات: 

1- حمدالله سبحانه وتعالى وثناؤه على نفسه في إنزاله القرآن على نبيه وعلى هذه الأمة.
2- حث الله عز وجل عباده على الثناء عليه وحمده سبحانه على إنزاله لهذا القرآن العظيم.
3-أن القرآن مستقيم ليس فيه اعوجاج ولا اختلاف ،كما قال الله سبحانه:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾[  النساء : 82  ].
4- أن نعيم الجنة باقٍ لا انقضاء له ولا زوال .
5-قُبح ذنب ادِّعاء الولد لله عزوجل وأنه افتراء عظيم.
6-  ثلاثُ فوائد في إنزال القرآن الكريم:
- نذارة للكفار المعاندين.
- بشارة للمؤمنين .
- نذارة للمشركين الذين قالوا:﴿اﺗَّﺨَﺬَ اﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻟَﺪًا ﴾.


وهذه نذارة خاصة ،والتي قبلها في الفائدة الأولى نذارة عامة لجميع المعاندين والمشركين ،وهذه نذارة خاصة للذين يدَّعُون لله ولدا كاليهود القائلين:﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾،والنصارى القائلين:﴿الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ﴾،قال  تعالى:﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ [ التوبة : 30 ].
وكذلك المشركون الذين قالوا الملائكة بنات الله ،قال تعالى:﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)﴾[الأنبياء].
وادِّعاء الولد لله عز وجل منكر عظيم ،ولهذا يقول تعالى:﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾،وقال تعالى:﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا (93)﴾  [ مريم].
وقال تعالى:﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)﴾[الإخلاص].
وروى البخاري(7378) ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻣُﻮﺳَﻰ اﻷَﺷْﻌَﺮِﻱِّ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ اﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﻣَﺎ ﺃَﺣَﺪٌ ﺃَﺻْﺒَﺮُ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﺫًﻯ ﺳَﻤِﻌَﻪُ ﻣِﻦَ اﻟﻠَّﻪِ، ﻳَﺪَّﻋُﻮﻥَ ﻟَﻪُ اﻟﻮَﻟَﺪَ، ﺛُﻢَّ ﻳُﻌَﺎﻓِﻴﻬِﻢْ ﻭَﻳَﺮْﺯُﻗُﻬُﻢْ».

الخميس، 30 مارس 2017

(9)الحديثُ وعلومُه



                                  فوائد متنوِّعة 

بعض الذين ضُعِّفوا مع صلاحهم وعبادتهم

زبَّان بن فائد بالفاء المصري أبو جوين بالجيم مصغر الحمراوي بالمهملة ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته .

رِشدين بن سعد  ضعيف .قال ابن يونس: كان صالحًا في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث .«تقريب التهذيب».




-يحيى بن قَزعة

قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللَّهُ: يحيى بن قزعة بفتح القاف والزاي القرشي المكي مقبول.اهـ «تقريب التهذيب» (ص 595) ،كذا قال الحافظ رحمه الله ولكن قد وثقه الدارقطني ،كما في «سؤالات الحاكم للدارقطني»(رقم الترجمة510): قلت –أي الحاكم-فيحيى بن قزعة؟ قَالَ :ثِقَة .اهـ

-فليح بن سليمان  من رجال البخاري لكنه لم يعتمد عليه البخاري في الأحكام ،قال الحافظ رحمه الله في«فتح الباري»(كتاب العلم-تحت رقم159): فليح بِصِيغَة التصغير هُوَ ابن سُلَيْمَانَ أَبُو يَحْيَى الْمَدَنِيُّ مِنْ طَبَقَةِ مَالِكٍ ،وَهُوَ صَدُوقٌ تَكَلَّمَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِي حِفْظِهِ ،وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا مَا تُوبِعَ عَلَيْهِ ،وَأَخْرَجَ لَهُ فِي الْمَوَاعِظِ وَالْآدَابِ وَمَا شَاكَلَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَفْرَادِهِ .اهـ
وكان والدي العلامة الرَّبَّاني رحمه الله يقول:فليح بن سليمان ضعيف.

    المختلطون


-المسعودي عبدالرحمن بن عبدالله  مختلط ورواية  يزيد بن هارون عنه بعد الاختلاط .قال الأبناسي في«الشذا الفيَّاح»(2/757): سمع منه بعد الاختلاط أيضا عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وحجاج بن محمد الأعور وأبوو داود الطيالسي وعلي بن الجعد .
قال محمد بن عبد الله بن نمير: كان المسعودي ثقة فلما كان بأخرة اختلط، سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة ،وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيم .اهـ

-كان والدي رحمه الله يذكر لنا ثلاثة اختلطوا فلم يضر اختلاطهم لأنهم حُجِبُوا عن التحديث بعد اختلاطهم ،وهم :عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وإبراهيم بن أبي العباس، وجرير بن حازم.

علَّق والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ اللَّهُ في درسٍ لنا في«تدريب الراوي»وقال: هكذا الأسرة الطيبة.اهـ

لأنه بهذا يُحفَظ علمُ الشيخ  ولا يُرَدُّ .

هناك من المحدثين من حدَّث بعد اختلاطه ففَسد حديثُه، و منهم من روى قبل الاختلاط وبعده ولكن تميَّز حديثُه الذي حدَّث به قبل الاختلاط والذي حدَّث به بعد الاختلاط. فما كان قَبل الاختلاط قُبِل، وما كان بعد الاختلاط رُدَّ، وهذا مثل: عطاء بن السائب ،والمسعودي، وقد أُلِّف في هذا مؤلفات ،منها «الكواكب النيرات»لابن الكيَّال .

استفدت من والدي رحمه الله :
الاختلاط:نوعٌ من الجنون .
التَّغَيُّر :  بِدايةُ الجُنُون.


وفي المُختلطينَ عِبْرَةٌ  للمعتبِرِينَ  ، بالأمس في زمرة المحدثينَ  ، واليومَ في زُمرة المجانينَ  .اهـ كلامه رحمه الله.

(8) أحكامُ المساجِد

         
            جواز إدخال الصبيان المساجد

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يَقُولُ: «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاَةً، وَلاَ أَتَمَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ».رواه البخاري(708)،ومسلم(470).


عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا».رواه البخاري(516)،ومسلم(543).

عن بريدة بن الحُصيب رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا، فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ:  صَدَقَ اللَّهُ: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: 15]، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ .رواه أبوداود(1109).والحديث صحيح.


أما ما رواه ابن ماجة في «سننه»  (750) عن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ » فهوحديث ضعيف جداً فيه الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ متروك .

وفي إدخال الصبيان المساجد تمرينهم على الخير وحبِّ الطاعة والذكر. 

وقد ذكر العلامة الألباني رحمه الله في«الثمر المستطاب»(2/759)جملةً من الأدلة في المسألة ،ثم قال: في هذه الأحاديث جواز إدخال الصبيان المساجد ولو كانوا صغارًا يتعثَّرون في سيرِهم ،حتى ولو كان من المحتمل الصياح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ ذلك ولم ينكره ،بل شرع للأئمة تخفيف القراءة لصياح صبي خشية أن يشق على أهله.

ولعلَ من الحكمة في ذلك تعويدَهم على الطاعة وحضور الجماعة منذ نعومة أظفارهم، فإن لتلك المشاهد التي يرونها في المساجد وما يسمعونه - من الذكر وقراءة القرآن والتكبير والتحميد والتسبيح - أثرًا قويًّا في نفوسهم - من حيث لا يشعرون - لا يزول أو من الصعب أن يزول حين بلوغهم الرشد ودخولهم معترك الحياة وزخارفها.

 ولعل علمَ النفس الحديث يؤيدُ تأثُّرَ الطفل الصغير ولو في المهد بما يسمع ويرى. ويُخيَّل إليَّ أنني كنت قرأت بحثا مفيدًا حول هذا الموضوع لبعض الكُتاب ،ولكني الآن لا أستذكر من هو ولا في أيِّ كتاب هو.

وأما كبارُ الأطفال فتأثرهم بذلك واضح مسلم ،غير أنه إذا وُجِد فيهم من يلعب في المساجد ويركض فعلى آبائهم وأولياءِ أمرهم تأديبُهم وتربيتهم، أو على القيِّم والخادم أن يطردَهم .اهـ

قلت: وهذه المسألة داخلة في حُسْن تربية الأطفال وإعانتهم على الخير .


(12)الأورَادُ من الأذكار والأدعية

                
                        من أذكار وأدعية النوم

عن علي بن أبي طالب  أَنَّ فَاطِمَةَ  رضي الله عنهما، شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ، فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا». فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: «أَلا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، وَتُسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ».رواه البخاري(3705)،ومسلم(2727).

----------
في هذا الحديث من الفوائد:

-استحباب قول هذا الذكر عند النوم .

-أن قول هذا الذكر عند النوم  من أسباب القوة بإذن الله .

قال ابن القيم رحمه الله في«الوابل الصيب»(77):الذكر يعطي الذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه، وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وإقدامه وكتابه أمرًا عجيبًا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعه وأكثر، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمرًا عظيمًا.

قيل: إن من داوم على ذلك وجد قوةً في يومه مُغنيةً عن خادم.اهـ

-من الأدلة على وجوب خدمة المرأة لزوجها .

-مكانة أم المؤمنين عائشة في نفس فاطمة رضي الله عنهما إذ خصتها بالكلام دون سائر نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

- منقبة لعلي وفاطمة رضي الله عنهما.


-جلوس الأب بين ابنته وزوجها .

(25) (التَّذْكِيْرُ بِسِيْرَةِ سَيِّدِ البَشَرِ)



اختصارُ درسِ (الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم/33)

*الإخبار ببعض الغيوب المستقبَلة في القرآن ووقعت كذلك:

*قَالَ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ[الصف:9]، أخبر الله  بإظهار دينه، وإعلاء كلمته وكذلك كان.
*قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ..[النور:55] ،ووقع كما أخبر فقد انتشر الدين وعلا وظهر ومكَّنَ الله لأوليائه. 
*قَالَ تعالى: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ،أخبر بغلبة الرومِ فارسَ في بضع سنين، فكان كذلك.

*قال تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ[الفتح:27] هذه الآية في صلح الحديبية في السنة السادسة، قال صلى الله عليه وسلم للصحابة: إنا سنأتي البيت فنطوف به،وفي العام القابل السنة السابعة  في عمرة القضاء دخلوا مكة واعتمروا، وبعده كان فتح مكة السنة الثامنة.

* قال تعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ[القمر:45] سورة القمر مكية ،وفي غزوة بدر السنة الثانية من الهجرة كانت هزيمةُ المشركين، وقُتل منهم سبعون وأُسِر سبعون.

*قال تعالى: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ[المزمل:20] سورة المزمل مكية أخبر الله فيها أن المسلمين سيجهادون الكفارَ، ووقع ذلك.
* قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ[الأنفال:7] وعدَ الله الصحابة يوم بدر بإحدى الطائفتين إما العير:قافلة أبي سفيان، وإما النفير:قتال الذين نفروا من الكفار لحماية قافلة أبي سفيان ووقع ذلك.
* سورة المسد أخبر الله بموت أبي لهب وامرأته على الكفر، وماتا على ذلك.
* قال تعالى: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾[التوبة:95] أخبر الله أنه إذا رجع المسلمون سيأتي المنافقون إليهم ويعتذرون ويحلفون ،ووقع ذلك.
* قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا[الإسراء:76] سورة الإسراء مكية وأخبر الله في هذه الآية أن كفار قريش ما سيبقون بعد إخراجهم للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة إلا قليلًا ،ووقع ذلك قُتِل مَن قُتِل مِنهم   يوم بدر السنة الثانية.
وهذا من معجزات القرآن الكريم ،ومن معجزات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.


* الإخبار ببعض الأمورالغيبية المستقبلة من السنة النبوية:

*ورد في كتب السيرة أنه أخبر صلى الله عليه وسلم وهو في شِعبِ أبي طالب أنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ الْأَرَضَةَ عَلَى صَحِيفَةِ قُرَيْشٍ فَلَمْ تَدَعْ فِيهَا اسْمًا هُوَ للَّه إِلَّا أَثْبَتَتْهُ فِيهَا، وَنَفَتْ مِنْهَا الظُّلْمَ وَالْقَطِيعَةَ وَالْبُهْتَانَ ،وكانَ كذلك. والقصة عند ابنِ هشام وغيره وأصلها في «الصحيحين».
*أخبر يومَ بدر قبلَ الوقعة بيومٍ بمصارعِ قتلى بعض صناديد الكفار،ووقع كذلك.روى مسلم (2873) عن عمر رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وعلى وسلم يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ، بِالْأَمْسِ، يَقُولُ: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللهُ»، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَئُوا الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم».
* أخبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقتل أمية بن خلف. روى البخاري (3632) عن ابن مسعود رضي الله عنه وفيه قال سعد بن معاذ لأمية: «فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ» فقُتِل يوم بدر.
* أخبر أن كنوزَ كسرى وقيصرَ ستُنفَقُ في سبيل الله .روى البخاري (3120)، ومسلم (2918) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ»وكان كذلك.
*بشَّرَ أمتَه بأن مُلكَهم سيمتدُّ  ،وكان كذلك .روى مسلم (2889) عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».
* أخبر بقتال التُّرك .روى البخاري (2928)، ومسلم (2912) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ، صِغَارَ الأَعْيُنِ، حُمْرَ الوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ» ووقع ذلك.

* شهد صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة بالجنة كالعشرة المبشرين فماتوا على الإسلام ،ولم يُنْقل أنهم غيَّروا أو بدَّلوا.
*روى البخاري (2704) عن أبي بكرة أنه صلى الله عليه وسلم قال في الحسنِ بن علي رضي الله عنهما «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ». ووقع ذلك سلَّم الحسنُ الأمرَ لمعاوية رضي الله عنهما بعد ستة أشهر من إمارته  وقيل سبعة ،لاجتماع الكلمة ودرءًا للفتنة .
*أخبر بقتالِ الخوارج، ووقع كذلك قاتلهم علي رضي الله عنه ووصف لهم ذا الثُّديَّة «وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدَجَ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: أَخِّرُوهُمْ، فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللهُ، وَبَلَّغَ رَسُولُهُ» رواه مسلم (1066) عن علي بن أبي طالب.
*أخبر أن عمارًا ستقتله الفئة الباغية فقتِل يوم صفين مع علي رضي الله عنهما ،وقد قال صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ».رواه البخاري (447) عن أبي سعيد، وهذا دليل أن عليًّا رضي الله عنه كان مصيبًا في قتالِه ذلك،وقد كان مصيبًا في جميع حروبه.
*أخبر بخروجِ نار من أرض الحجاز تُضيء لها أعناق الإبل ببُصرى ففي الصحيحين عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم، قَال: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى»،ووقع ذلك سنة خمس وخمسين وستمائة.
*أخبر بأشراطَ كثيرة تكون بين يدَي الساعة، وهي قسمان:علامات صُغرى كالقتل والقتال ونقص العلم وكثرة الجهل والفتن وتقارب الزمان وكثرة الفُرْقة وغيره ،وعلامات كبرى تقوم بعدها الساعة كخروج الدجال ويأجوج ومأجوج وظهور المهدي ونزول عيسى بن مريم والدُّخان وَخُرُوج الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ وطلوع الشمس من مغربها.
وهذه  العلامات من علامات الساعة  ،ومن دلائل النبوة لأنها من خوارق العادة تدل على صحة قوله لوقوعِها طبق ما أخبر به ،وما وقعَ منها فإنها تزيد المؤمن إيمانًا وتصديقًا ويقينًا،كما قال تعالى :﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].
كما أنها تزيد المؤمن إيمانًا وبصيرة وهدى أن التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم تقع أنها ستقع ولا بُدَّ.

*بشارةُ الكتب السماوية المتقدمة بالنبي صلى الله عليه وسلم هذا معدود في دلائل النبوة .قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ.. [الأعراف:157]، وقال: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ [الصف:6] .



الأربعاء، 29 مارس 2017

(139) مِنْ مَرْوِيَّاتِيْ عَنْ وَالِدِيْ العَلَّامَةِ الرَّبَّانِيْ مُقْبِل بنِ هَادِيْ الوَادِعِيْ رَحِمَهُ الله



                           الحث على الخشوع 

عن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، قَالَ: « مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ﴾[الحديد: 16] إِلَّا أَرْبَعُ سِنِينَ ». رواه الإمام  مسلم (3027) .


علَّق والدي الشيخ مقبل رحمه الله في درسٍ لنا على هذا الحديث ،وقال:

فيه أن القرآن تارة ينزل للعتاب والتربية، وتارة للملاطفة، وتارة ترغيب وترهيب، ووعد ووعيد.

وكان والدي رحمه الله يذكرُ لنا أن هذه الآية كانت سببًا لتوبة الفضيل بن عياض .كَانَ الفضيل عَشِقَ جَارِيَةً فَبَيْنَا هُوَ يَرْتَقِي الجُدْرَانَ إِلَيْهَا، إِذْ سَمِعَ تَالِيًا يَتْلُو: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِيْنَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوْبُهُم لِذِكْرِ اللهِ.. ﴾ [الحَدِيْدُ: 16] . فَلَمَّا سَمِعَهَا، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَدْ آنَ.

فَرَجَعَ، فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى خَرِبَةٍ، فَإِذَا فِيْهَا سَابِلَةٌ (**)، فَقَالَ بَعْضُهُم: نَرحَلُ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: حَتَّى نُصْبِحَ  ، فَإِنَّ فُضَيْلًا عَلَى الطَّرِيْقِ يَقْطَعُ عَلَيْنَا.

قَالَ: فَفَكَّرْتُ، وَقُلْتُ: أَنَا أَسْعَى بِاللَّيْلِ فِي المَعَاصِي، وَقَوْمٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ هَهُنَا 

يَخَافُونِي، وَمَا أَرَى اللهَ سَاقَنِي إِلَيْهِم إِلاَّ لأَرْتَدِعَ، اللَّهُمَّ إِنِّيْ قَدْ تُبْتُ إِلَيْكَ، 

وَجَعَلْتُ تَوْبَتِي مُجَاوَرَةَ البَيْتِ الحَرَامِ.

------------------------


[قصة الفضيل في  تهذيب الكمال (23/285)، وسير أعلام النبلاء (8/423)،وتفسير القرطبي(17/251)].


فائدة:قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) أَيْ يَقْرَبُ وَيَحِينُ.

 قَالَ الشَّاعِرُ:

أَلَمْ يَأْنِ لِي يَا قَلْبُ أَنْ أَتْرُكَ الْجَهْلَا . وَأَنْ يُحْدِثَ الشَّيْبُ الْمُبِينُ لَنَا عَقْلَا .«تفسير القرطبي»(17/248).



(**)(السابلة) الطَّرِيق المسلوك يُقَال سَبِيل سابلة أَي مسلوكة والمارون عَلَيْهِ  والجمع سوابل .«المعجم الوسيط».

الثلاثاء، 28 مارس 2017

(33)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

        
          الحديث الوارد في سبب نزول سورة الكهف

عن ابنِ عباس قال: بعثت قريشٌ النضر بن الحارث وعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ إلَى أَحْبَارِ يَهُودَ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالُوا لَهُمَا: سَلَاهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَصِفَا لَهُمْ صِفَتَهُ، وَأَخْبِرَاهُمْ بِقَوْلِهِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأُوَلِ، وَعِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَا أَحْبَارَ يَهُودَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَصَفَا لَهُمْ أَمْرَهُ، وَأَخْبَرَاهُمْ بِبَعْضِ قَوْلِهِ، وَقَالَا لَهُمْ: إنَّكُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ، وَقَدْ جِئْنَاكُمْ لِتُخْبِرُونَا عَنْ صَاحِبِنَا هَذَا، فَقَالَتْ لَهُمَا أَحْبَارُ يَهُودَ: سَلُوهُ عَنْ ثَلَاثٍ نَأْمُرُكُمْ بِهِنَّ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالرَّجُلُ مُتَقَوِّلٌ، فَرَوْا فِيهِ رَأْيَكُمْ. سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ مَا كَانَ أَمْرُهُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجَبٌ، وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا مَا كَانَ نَبَؤُهُ، وَسَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ مَا هِيَ؟ فَإِذَا أَخْبَرَكُمْ بِذَلِكَ فَاتَّبِعُوهُ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَهُوَ رَجُلٌ مُتَقَوِّلٌ، فَاصْنَعُوا فِي أَمْرِهِ مَا بَدَا لَكُمْ. فَأَقْبَلَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ حَتَّى قَدِمَا مَكَّةَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، قَدْ أَخْبَرَنَا أَحْبَارُ يَهُودَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ أَمَرُونَا بِهَا، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ عَنْهَا فَهُوَ نَبِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالرَّجُلُ مُتَقَوِّلٌ، فَرَوْا فِيهِ رَأْيَكُمْ.
فَجَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنَا عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ قِصَّةٌ عَجَبٌ، وَعَنْ رَجُلٍ كَانَ طَوَّافًا قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَأَخْبِرْنَا عَنْ الرُّوحِ مَا هِيَ؟.


قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُخْبِرُكُمْ بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ غَدًا، وَلَمْ يَسْتَثْنِ  ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ. فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَذْكُرُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ  لَيْلَةً لَا يُحْدِثُ اللَّهُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا، وَلَا يَأْتِيهِ جِبْرِيل، حَتَّى أرجف  أَهْلُ مَكَّةَ، وَقَالُوا: وَعَدَنَا مُحَمَّدٌ غَدًا، وَالْيَوْمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، قَدْ أَصْبَحْنَا مِنْهَا لَا يُخْبِرُنَا بِشَيْءِ مِمَّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ، وَحَتَّى أَحْزَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُكْثُ الْوَحْيِ عَنْهُ، وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ: ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، فِيهَا مُعَاتَبَتُهُ إيَّاهُ عَلَى حُزْنِهِ عَلَيْهِمْ، وَخَبَرُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الْفِتْيَةَ، وَالرَّجُلِ الطَّوَّافِ، وَالرُّوحِ.


أخرجه ابن إسحاق في«السيرة»(201) حدثني رجل من أهل مكة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس  به .

وهذا إسناد ضعيف  ،فيه مبهم  وهو شيخ ابن إسحاق.

وأخرجه ابن جرير في«تفسير سورة الكهف»من طريق ابن إسحاق به.

فسورة الكهف لا يثبتُ لها سببُ نزول ،والله أعلم.

(15) العلم وفضلُه

       
                      مدار العلم على ثلاثة فنون

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري»(شرح أول باب من كتاب العلم»(1/187)في تفسيره للأدلة التي وردت في فضائل العلم:
الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ :الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يُفِيدُ مَعْرِفَةَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ أَمْرِ دينه فِي عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلَاتِهِ ،وَالْعِلْمُ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَنِ النَّقَائِصِ .



وَمَدَارُ ذَلِكَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ .اهـ

(4)سلسلة في الفِرَقِ الضَّالَةِ

                  مؤسس دعوة الإخوان المسلمين

مؤسس دعوتهم حسن البنَّا، وفي ذلك يقول قائل الإخوان:

إن للإسلام صرحًا ** كلَّما فيه حسن
لا تسل عمَّن بناه ** إنه البنَّا حسن

سمعت والدي رحمه الله يقول:حسن البنا قبوري، صوفي، مبتدع، يطوف على القبر، ويحضر المولد النبوي، ويقوم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لأنه حضر، ويدعو إلى التقريب بين الشيعة وأهل السنة.

حسن البنَّا يأتي بالمتناقضات يقول: دعوتنا صوفية سلفية.
ويقرر مواقف الاشتراكية فيقول: ينبغي على الحكومة أن تأخذَ من أموال الأغنياء فترده على الفقراء، وتعاوض الأغنياء بما هو أجدى لهم.
لماذا لم يقل من أول الأمر ينبغي أن تعطي الحكومةَ الفقراء؟!
ويأتي بالطامات يقول: نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.
وهذه القاعدة تهدر أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويحضر المولد ويقوم مع القائمين:
مرحبا بنور عيني مرحبا....مرحبا بجد الحسين مرحبا
حسن البناء قبوري، يطوف بالقبور كما في رسالة «حوار هادئ مع إخواني» .

----------------

رسالة  «حوار هادئ مع إخواني»لأحمد الشِّحِّي (إماراتي) ،وكان والدي ينصح بقراءتها ،ووُزِّعَ كميَّةٌ كبيرة منها في حياة والدي رحمه الله في (دار الحديث)بدماج.

(34)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله



عَنْ قُتَيْلَةَ، امْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ: أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُنَدِّدُونَ، وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ،«فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَيَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ شِئْتَ ». رواه النسائي (3773).

[هذا حديث صحيح /الصحيح المسند (1638) لوالدي رَحِمَهُ اللَّهُ] .

----------------
من فوائد هذا الحديث:
-تحريم الحلف بغير الله .
-أن الحلف بغير الله شرك.
والحلف بغير الله قسمان:
إنِ اعتقد  تعظيم المخلوق المحلوف به  كتعظيمه لله أو أشد فهذا شرك أكبر، لأنه ساوى غير الله بالله ،قال تعالى عن أهل النار (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(98) [الصافات] .
 قال الشوكاني  رحمه الله تعالى  في «نيل الأوطار» شرح حديث علي بن أبي طالب من كتاب الجنائز (ألا أدع قبرًا مشرفًا إلا سويته ) ..إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ مِنْ جِهَةِ خَصْمِهِ حَلَفَ بِاَللَّهِ فَاجِرًا، فَإِذَا قِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: احْلِفْ بِشَيْخِك وَمُعْتَقَدِكَ الْوَلِيِّ الْفُلَانِيِّ تَلَعْثَمَ وَتَلَكَّأَ وَأَبَى وَاعْتَرَفَ بِالْحَقِّ. وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ شِرْكَهُمْ قَدْ بَلَغَ فَوْقَ شِرْكِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ تَعَالَى ثَانِيَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ .اهـ
وإن لم يعتقد تعظيمه  له كتعظيمِه لله أو أشد فهذا  شركٌ أصغر.والشرك الأصغر صاحِبُهُ تحت المشيئة .
فائدة:كان من أسئلة والدي الشيخ مقبل رحمه الله في الدرس ما الدليل على أن الحلف بغيرِ الله شركٌ؟
جواب الطالب: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ».
وهذا استدلالٌ في غير موضعه لأن الحديث يدلُّ على التحريم ،ولا تلازم بين التحريم والشرك ،وكل شرك محرَّم ،وليس كلُّ محرَّمٍ شركًا.
فما كان  يقبلُ الاستدلال بالحديث السابق ،ويذكُر لنا رحمه الله هذا الحديث عن قُتيلة رضي الله عنها .
-قبول الحق ممن جاء به ،لأن  النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبِل قول اليهود ،وقبِل قولَ الشيطان في الحثِّ على قراءة آية الكرسي عند النوم.
وردُّ الحق لأنه مع المخالف من طريقة أهل الجاهلية .قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب النجدي رحمه الله في«مسائل الجاهلية»:المسألة الثامنة والعشرون: رفضهم ما عند غيرهم من الحق .
 فلاَ يَقْبَلُونَ مِنَ الحَقِّ إِلاَّ الَّذِي مَعَ طَائِفَتِهِمْ، كَقَوْلِهِ: ﴿قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ [البقرة: 91] .

-إثباتُ صفة المشيئة لله عزوجل.
-اجتناب قول ماشاءَ الله وشئتَ .لأن الواو تقتضي التشريك في مشيئة الله بخلاف ثُمَّ.
قال ابنُ القيم رحمه الله في  «مدارج السالكين» (1/352) :وَأَمَّا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ فَكَيَسِيرِ الرِّيَاءِ، وَالتَّصَنُّعِ لِلْخَلْقِ، وَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ ،وَهَذَا مِنَ اللَّهِ وَمِنْكَ، وَإِنَّا بِاللَّهِ وَبِكَ، وَمَا لِي إِلَّا اللَّهُ وَأَنْتَ، وَأَنَا مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَيْكَ ،وَلَوْلَا أَنْتَ لَمْ يَكُنْ كَذَا وَكَذَا .
 قالَ : وَقَدْ يَكُونُ هَذَا شِرْكًا أَكْبَرَ، بِحَسَبِ قَائِلِهِ وَمَقْصِدِهِ  .اهـ
-أن المفتي إذا سدَّ على الناس بابًا ووجدَ لهم بديلًا يُرشدهم إليه،فإذا لم يوجَد لا يلزم.

هناكَ امرأة قدَّمتْ لوالدي رحمه اللهُ سُؤالًا يتعلق بأمور الزينة وقالتْ :إذا كانَ ممنوعًا فما هو البديلُ ؟.
فاستنكرَ هذا وقال: البديلُ قولُ الله تعالى  وذكر بعضَ الأدلة.