جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 29 أغسطس 2020

(10) فقهُ التَّعاملِ بين الزوجين

نماذج من وفاء الزوجة لزوجِها

من وفاء امرأة نبي الله إسماعيل

ثبت أنه لمَّا مَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ،جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ:خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ اللَّحْمُ، قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ المَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ، قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ.الحديث رواه البخاري(3364)عن ابن عباس.

في هذه القصة: أنه ليس من وفاء المرأة للزوج تشكِّي  حال الزوج وفقره عند الناس ولو عند الأقرباء.

وأن من وفاء المرأة للزوج ستر حالِه،وعدم ذِكْرِه بالسوء.

وفاء امرأة أيوب عليه الصلاة والسلام

قال تعالى في سياق ذِكْر ابتلاء نبيِّهِ أيوب عليه الصلاة والسلام ،ورفع الضر عنه:﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ(44)﴾[ص].

في هذه الآية فضيلة لامرأة أيوب عليه الصلاة والسلام وصبرها على زوجها وبرها به في وقت الضيق والشدة،حتى إنه عافه القريب والبعيد، وهذا من أعظم الوفاء  للزوج،مساندة المرأة زوجها وقت الشدة والكربة وعدم التخلي عنه، وأن تكون وفية  لزوجها في السراء والضراء وعلى أي حال،وأن تعينه على نوائب الدهر،وتشاركه على مُرِّ الحياة ومكابِدِها وقسوتها.

وقد أثنى على امرأة أيوب الحافظ ابن كثير رحمه الله في«البداية والنهاية»(1/ 258)،وقال:فلما عافاه الله عزوجل أَفْتَاهُ أَنْ يَأْخُذَ ضِغْثًا وَهُوَ كَالْعِثْكَالِ  الَّذِي يَجْمَعُ الشَّمَارِيخَ فَيَجْمَعَهَا كُلَّهَا وَيَضْرِبَهَا بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَيَكُونُ هَذَا مُنْزَلًا مَنْزِلَةَ الضَّرْبِ بِمِائَةِ سَوْطٍ وَيَبَرُّ وَلَا يَحْنَثُ.

وَهَذَا مِنَ الْفَرَجِ وَالْمَخْرَجِ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَأَطَاعَهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ امْرَأَتِهِ الصَّابِرَةِ الْمُحْتَسِبَةِ الْمُكَابِدَةِ الصِّدِّيقَةِ الْبَارَّةِ الرَّاشِدَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. اهـ.

وفاء أم المؤمنين خديجة

تقول خديجة رضي الله عنها لنبي الله صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه الوحي،وقد رجع إليها يرجف فؤادُهُ:كَلَّا، أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ.الحديث رواه البخاري(4953)،ومسلم (160)عن عائشة رضي الله عنها.

وهذا موقفٌ شريفٌ ووفاءٌ عظيم،قال النووي في«شرح صحيح مسلم»:قَالَ الْعُلَمَاءُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:مَعْنَى كَلَامِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:إِنَّكَ لَا يُصِيبُكَ مَكْرُوهٌ، لِمَا جَعَلَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَرَمِ الشَّمَائِلِ، وَذَكَرَتْ ضُرُوبًا مِنْ ذَلِكَ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَخِصَالَ الْخَيْرِ سَبَبُ السَّلَامَةِ مِنْ مَصَارِعِ السُّوءِ. وَفِيهِ مَدْحُ الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِمَصْلَحَةِ نظر أو فيه تَأْنِيسُ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ مَخَافَةً مِنْ أَمْرٍ وَتَبْشِيرُهُ وَذِكْرُ أَسْبَابِ السَّلَامَةِ لَهُ ، وَفِيهِ أَعْظَمُ دَلِيلٍ وَأَبْلَغُ حُجَّةٍ عَلَى كَمَالِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَجَزَالَةِ رَأْيِهَا وَقُوَّةِ نَفْسِهَا وَثَبَاتِ قَلْبِهَا وَعِظَمِ فِقْهِهَا.اهـ

مِنْ وفاء أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

عَنْ عَائِشَةَ أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ، قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ»رواه البخاري(2581)،ومسلم (2442).

والشاهد:أن عائشة رضي الله عنها لم ترُدَّ على زينب وفاءً منها لنبي الله حتى لا تغضِبَه،فلمَّا علمت أنه يريد أن تردَّ عليها فعلت.

وفاء زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ عِنْدَ خَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا». فَقَالُوا: نَعَمْ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ عَلَيْهِ أَوْ وَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: «كُونَا بِبَطْنِ يَأْجِجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا»رواه أبو داود(2692).

هذا الحديث فيه وفاء الزوجة لزوجها وقت الشدة والكُربة من مرضٍ أو بلاءٍ وابتلاء ..

فزينب رضي الله عنها كان زوجها أبو العاص وابن خالتها هالة بنت خويلد مأسورًا في أسرى بدر،فأرسلت زينب لفدائه بتلك القلادة التي أعطتها أمها خديجة رضي الله عنهم وفاءً منها له.


كتب ورسائل الشيخة أم عبد الله حفظها الله.

رسالة

«نكارة قول الحميدي في وصف والدي أنه كان على المذهب الزيدي»

لأم عبد الله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي
حفظها الله تعالى.

للتحميل اضغط هنا

الخميس، 27 أغسطس 2020

شرح كتاب الأمثال في القرآن لابن القيم رحمه الله

🔻الدرس الأول من شرح كتاب «الأمثال في القرآن»🔻

تذكير عن اليوم التاسع والعاشر من شهر الله المحرم

 


نذكر أنفسنا وإياكم أن غدًا الجمعة سيكون تاسوعاء من شهر الله المحرم.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ»رواه مسلم عن ابن عباس.

أي: يصوم صلى الله عليه وسلم التاسع وبعده اليوم العاشر.

وأن صوم يوم عاشوراء سيكون يوم السبت،وهو يكفر السنة الماضية لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً».رواه مسلم.

ومن اقتصر على اليوم العاشر فالفضيلة حاصلة له من حيث تكفير ذنوب السنة الماضية.

واستُحِبَّ صيام اليوم التاسع مخالفةً لليهود لأنهم يصومون اليوم العاشر فقط.

وأنبِّه أن زيادة أو بعده في حديث:« صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أوَبَعْدَهُ » ضعيفة منكرة من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى،وقد كان سيء الحفظ.

يُنظر«السلسلة الضعيفة»(4297)للشيخ الألباني.

فلهذا السنة صيام اليوم التاسع ،لا اليوم الحادي عشر.

 

أخت تسأل:هل أستطيع ان أنوي قضاء رمضان في يوم عاشوراء و أجمع نية الاثنين معا؟

الجواب:

لا يصلح  الجمع بين نية صيام القضاء ونية صيام يوم عاشوراء ،لا بُدَّ من فصلٍ بالنية،لتتميز العبادات بعضها عن بعض،والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:إنما الأعمال بالنيات.

وهذه فتوى العلامة الشيخ ابن باز في هذه المسألة:

قال الشيخ ابن باز في «فتاوى نور على الدرب»(16/434): إذا كان الصوم واجبًا لا بد من نية الصوم الواجب الذي عليه.

 أما إذا كان تطوعًا الحمد لله، إذا وافق يوم الاثنين، يومًا من الأيام البيض، وافق خيرًا على خير والحمد لله.اهـ

وننصح الأخت أن تصوم القضاء،لأنه واجب،والواجب تقديمه أحب إلى الله من النافلة،للحديث القدسي« وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ»رواه البخاري عن أبي هريرة.

وفضل الله واسع،فقد تدركين إذا صمت القضاء صيام يوم عاشوراء،قال تعالى:﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة آية: 268].

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في«الشرح الممتع»(6/443) عن مسألة لو مر عليه عشر ذي الحجة أو يوم عرفة وعليه قضاء، فإننا نقول:

 صم القضاء في هذه الأيام وربما تدرك أجر القضاء وأجر صيام هذه الأيام، وعلى فرض أنه لا يحصل أجر صيام هذه الأيام مع القضاء، فإن القضاء أفضل من تقديم النفل.اهـ

 

 

 

الاثنين، 24 أغسطس 2020

(2)سلسلة رسائل سعادة المرأة المسلمة

 «سلسلة رسائل سعادة المرأة المسلمة»

الرسالة الثانية: سعادة التوحيد والإيمان والعقيدة

أهمية العقيدة في بناءِ الأُسَر وسعادتِه

لأم عبد الله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى.

الأحد، 23 أغسطس 2020

(66)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله

    


عن عروة بن الزبير يَقُولُ سَمِعَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا كَلَامِي بَعْدَ الْعِشَاءِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْأَعْرَابُ الْعَتَمَةَ.

 قَالَ: وَكُنَّا فِي حُجْرَةٍ بينها وَبَيْنَهَا سَعَفٌ.

 فَقَالَتْ: يَا عُرَيَّةُ أَوْ يَا عُرْوَةُ مَا هَذَا السَّمَرُ؟

 إِنِّي مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمًا قَبْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَلَا مُتَحَدِّثًا بَعْدَهَا ،إِمَّا نَائِمًا فَيَسْلَمُ وَإِمَّا مُصَلِّيًا فَيَغْنَمُ. رواه ابن أبي عمر كما في «المطالب العالية»(3/244).

[هذا حديثٌ حسن.الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين 1632].

قلت:والحديث معناه رواه البخاري(771)،ومسلم(647)عن أبي برزة ،رضي الله عنه،الحديث وفيه:«وَلا يُحِبُّ ا٠لنَّوْمَ قَبْلَهَا-أي قبل صلاة العشاء،وَلا الحَدِيثَ بَعْدَهَا».

ونستفيد من هذَيْنِ الحديثَين:

-كراهية النوم قبل صلاة العشاء،ﻷن هذا قد يؤدي إلى تفويت صلاة العشاء ،وقد يفوِّت صلاة العشاء في جماعة على الرجل.

- كراهة الحديث بعد صلاة العشاء.

وهذا إذا كان لغير فائدة، أو يفوِّت قيامَ الليل ،أو تفوت بسببهِ صلاة الفجر في جماعة للرجل،أو يفوت استغلال بكوراليوم ونحو ذلك.

والذين يسمرون على الملاهي وعلى الضياع والمنكرات سمرُهم مذموم قال الله سبحانه في ذم كفار قريش:﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾[المؤمنون: 67].

وهكذا السمر في القيل والقال وما ليس فيه مصلحة ولا فائدة.

أما السمر في العلم وفي الخير وفي محادثة الضيف وإدخال السرور على اﻷهل واﻷولاد فلا محذور فيه،ولكن من غير أن تضيع الفضائلُ والمستحبات الأخرى،كقيام آخر الليل، واستغلال بكور اليوم..

وقد بوب الإمام البخاري لهذه المسألة في كتاب العلم:باب السمر في العلم.

الثلاثاء، 11 أغسطس 2020

اختصار الدرس الرابع والعشرين من دروس التبيان في آداب حملة القرآن


من آداب المتعلم:

قال النووي رَحِمَهُ الله: وَلَا يَتَعَلمُ إِلَّا مِمَّن كَمُلَتْ أَهلِيَّتُهُ،  وَظَهَرَت دِيَانَتُهُ، وَتَحَقَّقَت مَعرِفَتُهُ، وَاشتَهَرَت صِيَانَتُهُ.

هذا وصف المعلم الذي يؤخذ عنه العلم: أن يكون أهلًا للأخذ عنه، ومن المعروفين بالعلم والفضل والعدالة والصيانة والأمانة.

(وَظَهَرَت) أي: تبينت.

(دِيَانَتُهُ) أي: دينه أنه على الإسلام والاستقامة، فلا يؤخذ عن شيعي ولا صوفي ولا أشعري ولا إخواني، ولا من سائر الحزبيين والمبتدعِين.

قال الصنعاني رحمه الله في «توضيح الأفكار»(1/283): يشترط في ديانته أن يغلب خيره على شره، هذا أمر مجمع عليه. اهـ.

 (وَتَحَقَّقَت مَعرِفَتُهُ)

أي: ثبتت معرفته، فلا يكفي مجرد الظن، ومن باب أولى عدم الأخذ ممن لا يَعرف عنه شيئًا، فاذا لم نعلم حاله لا فسقًا ولا عدالة فإنه لا يؤخذ عنه، ولهذا ردَّ جمهورُ المحدثين خبر مجهول العدالة من مجاهيل الحال.

(وَاشتَهَرَت)

أي: شاع وذاع حالُه.

(صِيَانَتُهُ)

الصيانة: الستر، أي: صيانة النفس عن العيوب، وما يخدش التقوى والمروءة.

التقوى: امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.

المروءة: قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «مدارج السالكين» (2/334): حَقِيقَةُ الْمُرُوءَةِ تَجَنُّبُ الدَّنَايَا وَالرَّذَائِلِ، مِنَ الْأَقْوَالِ، وَالْأَخْلَاقِ، وَالْأَعْمَالِ. اهـ.

وقد ذكر صفةَ الصيانة الإمام مسلم رَحِمَهُ الله في «مقدمة صحيحه» (1/8).

وقد جاءت آثار كثيرة عن السلف في التحذير من الأخذ عمَّن ليس بأهل لذلك من أهل البدع والأهواء وغيرهم، منها:

 

1. عن محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: «هَذَا العِلمُ دِينٌ؛ فَانظُرُوا عَمَّن تَأخُذُونَ دِينَكُم».

 ولفظُ (فَانظُرُوا) يفيد البحث والتفتيش عن حال المعلم قبل الجثوِّ بين يديه.

 

2.   عَنِ محمد بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ» روى الإمام مسلم في «مقدمة صحيحه» (1/15).

3.   عن عبد الرَّحْمَن بن مهدي، يَقُول: ثَلَاثَة لَا يحمل عَنْهُم: الرجل الْمُتَّهم بِالْكَذِبِ، وَالرجل كثير الْوَهم والغلط، وَرجل صَاحب هوى يَدْعُو إِلَى بِدعَة. رواه عبد الله بن أحمد في «زوائد العلل ومعرفة الرجال» (3/218).

4.   عن مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، يَقُولُ: لَا تَأْخُذِ الْعِلْمَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَخُذْ مِمَّنْ سِوَى ذَلِكَ، لَا تَأْخُذْ مِنْ سَفِيهٍ مُعْلِنٍ بِالسَّفَهِ وَإِنْ كَانَ أَرْوَى النَّاسِ، وَلَا تَأْخُذْ مِنْ كَذَّابٍ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ إِذَا جُرِّبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولا من صاحب هوى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَوَاهُ، وَلَا مِنْ شَيْخٍ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ إِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ. رواه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/684) بسند حسن.

5.   عن بهز بن أسد أنه كان يقول: لو أن لرجل على رجل عشرة دراهم ثم جحده لم يستطع أخذها منه إلا بشاهدين عدلين، فدين الله عز وجل أحق أن يؤخذ فيه بالعدول. رواه ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (2/16).

ومعنى أثر بهز: أنه إذا لم تؤخذ الحقوق المالية إذا ادَّعاها شخص إلا بشاهدين عدلين، فدين الله أحق ألَّا يؤخذ إلا من العدول.

وللخطيب رحمه الله نصيحة بنحو ذلك في «الفقيه والمتفقه» (2/191).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من هدي السلف النظر في أخلاق المعلم وصلاته قبل الأخذ عنه:

كان السلف ينظرون إلى هدي المعلم وسمتِهِ من أخلاق وصلاة قبل الأخذ عنه، روى الدارمي في «مقدمه سننه» (1/398) عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن يزيد النخعي، قَالَ: «كَانُوا إِذَا أَتَوْا الرَّجُلَ يَأْخُذُونَ عَنْهُ الْعِلْمَ، نَظَرُوا إِلَى صَلَاتِهِ، وَإِلَى سَمْتِهِ، وَإِلَى هَيْئَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ عَنْهُ».

فإذا لم يكن على حالةٍ مرضيَّةٍ تركوا الأخذ عنه حتى وإن كان ذا علم، فإن العلم النافع يدل صاحبه إلى الطريق المستقيم، كما قال الغزي في «حسن التنبه لما ورد في التشبه» (10/408): فإن الشيخ من يدلُّك على الله بحاله قبل مقاله، ولقد كان هذا عزيزًا في الزمان الأول، فكيف بنا الآن والدهر تقهقر والحال تحوَّل؟ اهـ.

إذا لم يعلم الطالب حال المعلم

إذا لم يعلم الطالب حال المعلم ينبغي أن يسأل عنه من يعرفه من أهل العلم كما كان السلف يفعلون ذلك، من ذلك:

1. عن عثمان بن زائدة الرازي، قال: قدمت الكوفة قدمة، فقلت لسفيان الثوري: من ترى أن أسمع منه؟ قال: عليك بزائدة وسفيان بن عيينة، قال قلت: فأين أبو بكر بن عياش؟ قال: إن أردت التفسير فعنده. رواه ابن أبي حاتم في «مقدمه الجرح والتعديل» (1/81).

2.  عن أبي عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري، قال: قلت لشعبة حيث أردت أن أخرج إلى الكوفة من ألزم؟ قال: الهيثم الصيرفى. رواه ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (9/80).

3. قَالَ رجل للإمام أحمد: عمن ترى نكتب الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ». رواه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/180).

هذا، ولنعلم أن حمل الشهادات، وحمل اسم الدكتور ليس دليلًا على أنه يستحق أخذ العلم منه، فقد يحملها وهو جاهلٌ بالشرع.

قال شيخ الإسلام رَحِمَهُ الله في «مجموع الفتاوى» (27/296): وَالْمَنْصِبُ وَالْوِلَايَةُ لَا يَجْعَلُ -أي: يُصَيِّر- مَنْ لَيْسَ عَالِمًا مُجْتَهِدًا، وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ بِالْوِلَايَةِ وَالْمَنْصِبِ لَكَانَ الْخَلِيفَةُ وَالسُّلْطَانُ أَحَقَّ بِالْكَلَامِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ. اهـ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلاصة مسائل درس الرابع والعشرين:

·    التحري في اختيار الشيوخ والمعلمين الذين يُتلقى العلم على أيديهم، أما من لا يتحرى ولا يبالي سواء تلقَّى من مبتدع أو فاسق أو قصاص أو صاحب هوى فهذا على خطرٍ في دينه، فقد يسمع كلمة تؤثِّر على قلبِه فتضله، فإن القلوب ضعيفة والشُّبه خطَّافة، والمعلم يؤثر على الطالب، «والطبع من عادته سرَّاق».

وقد سمعت والدي رحمه الله في الدرس يقول عن سائل يقول: أنا أريد أدرسَ علمَ النحوِ عند الشيعة لأكونَ قويًّا فيه؟

جواب الشيخ : لا تدرسْ عندهم، فالسلامةُ لا يعادلُها شيءٌ.

 فالدراسةُ عند ذَوي الزَّيغِ مُضِرةٌ، وعندَ أهلِ السنةِ ولله الحمد ما يكفِي.اهـ

·     التلقِّي. فالعلم يُتلقَّى على أيدي أهله، وهذه طريقة السلف تلقي العلم مشافهة من المعلم، وكما كان الصحابة يتلقَّوْن من النبي صلى الله عليه وسلم، والتلقي مفتاح عظيم، يسهل الطريق للطالب، وسبيل إلى الفهم الصحيح، وارتساخ المعلومة من غير كُلفة، فربما لا يخرج من الدرس إلا والمعلومات في الذاكرة بفضل الله عز وجل.

وللشاطبي رَحِمَهُ الله في «الموافقات» (1/145)كلامٌ جميل في أهمية التلقي.

أما أخذ العلم من الكتب مباشرة من دون تلقي فهذا حذَّر منه علماؤنا المتقدمون، وممن جاء عَنْه سُلَيْمَانَ بن مُوسَى، قَالَ: «لَا تَقْرَءُوا الْقُرْآنَ عَلَى الْمُصَحِّفِينَ، وَلَا تَأْخُذُوا الْعِلْمَ مِنَ الصَّحَفِيِّينَ» رواه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/193).

وقال الخطيب في «الكفاية» (1/162): وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ حِفْظُهُ مَأْخُوذًا عَنِ الْعُلَمَاءِ لَا عَنِ الصُّحُفِ. اهـ.

وذلك لأنه قد يخطئ في الفهم، قال الخطيب في «الكفاية» (1/163): التَّصْحِيفُ وَالْإِحَالَةُ يَسْبِقَانِ -أي: يغلبان- إِلَى مَنْ أَخَذَ الْعِلْمَ عَنِ الصُّحُفِ. اهـ.

وفي المقالة المشهورة: «من كان شيخه كتابه، كان خطؤه أكثر من صوابه».

وقد يفتح الله على الذي يقرأ من الكتب بقدر رغبته وإخلاصه واجتهاده، ولهذا كان والدي رَحِمَهُ الله يعلق على هذه الأبيات:

وَمَنْ رَامَ الْعُلُومَ بِغَيْـرِ شَيخٍ...يَضِلُّ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيم

وَتَلْتَبِسُ العُـلومُ عَلَيْهِ حَتَّى...يَكُونَ أَضَلَّ مِنْ توما الْحَكِيـمِ

تَصَدَّقَ بِالْبِنَاتِ عَلى رِجَالٍ...يُـرِيـدُ بِذَاكَ جَنَّاتِ النِّعِـــيمِ

كان يعلِّق على هذا، ويقول: هذا إذا لم يحسن اختيار الكتاب. اهـ.

فإذا أحسن ووفِّق في اختيار الكتاب فقرأ، مثلًا: في «الأربعين النووية» أو «رياض الصالحين»، «العقيدة الواسطية»، «بلوغ المرام»، «صحيح البخاري»، و«صحيح مسلم» وما أشبه ذلك، فإنه قد يوفَّق.

وللشيخ ابن عثيمين كلامٌ نحو هذا  في «كتاب العلم» (111).

فلا بأس بأخذ الطالب العلمَ من الكتاب المفيد المناسب له إذا لم يتيسر له التلقي، ولكن التلقي ليس هناك أحسن ولا أنفع منه حتى يفتح الله، وبعد ذلك يستطيع الطالب أن يقرأ ويستفيد بنفسِه.

وهنا تنبيه على أخذ العلم في عصورنا عن طريق الصوتيات والرسائل -ووسائل التواصل- هي داخلة في النوع الثاني: وهو الأخذ من الكتب، وليست داخلة في التلقي، ولكن هذا خير أحسن من لا شيء، وأما طريقة التلقي فهذا لا يكون إلا بالحضور عند المعلم كما كان يفعل السلف.

·    صفة المعلم الذي يؤخذ عنه العلم.

·    تثبت الطالب وتحريه فيمن يأخذ العلم على يديه، فلا يأخذ عن مبتدع ولا فاسق ولا من غير ثقة، ولا ممن عُرف بالكذب والغيبة والنميمة ولا ممن لم يُعرف بالعدالة.

·    أن من صفات المعلم الذي يؤخذ عنه: أن يكون قدوة بفعله قبل قوله.

·    إشارة إلى عظَمة هذا العلم الذي يحمله الطالب.