جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 31 يوليو 2022

(21) سلسلة النساء الفقيهات

من فقه عائشة وزينب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا


عن عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ، وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ ... الحديث رواه مسلم(2442).

وهذا فيه منقبة عظيمة لأم المؤمنين زينب بنت جحش رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ومنافستها في الخير، وهذا من أوجه:

قوتها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في الدين.

اتصافها بحِلْيَةِ التقوى.

اتصافها بخُلُقِ الصدق.

صلة الرحم.

خُلُقُ الكرم والصدقة.

أنها كانت تعمل وتكتسب كالغزل والدِّبَاغة؛ لأجل أن تتصدق وتعطي المحتاجين، لم تكن تعمل لأجل الترف وزينة الدنيا.

وقد روى الإمام مسلم (2452) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا»، قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا، قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا، وَتَصَدَّقُ.

قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (16/ 8): معنى الحديث: أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية، وهي الجارحة، فكن يذرعن أيديهن بقصبة، فكانت سودة أطولهن جارحة، وكانت زينب أطولهن يدًا في الصدقة، وفعل الخير، فماتت زينب أولهن، فعلموا أن المراد طول اليد في الصدقة، والجود.

قال أهل اللغة: يقال: فلان طويل اليد، وطويل الباع، إذا كان سمحًا جوادًا، وضده قصير اليد، والباع، وجَدُّ الأنام.

قال: وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ بَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِزَيْنَبَ.

وقول أم المؤمنين عائشة: مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ.

السَّورَة: حِدة الْغَضَب وثورانه. وَالْحَد: الحدة.

والفيئة: الرُّجُوع والسكون. كذا في «كشف المشكل من حديث الصحيحين»(4/354).

أما فقه أم المؤمنين عائشة من هذا الحديث، فهو إنصافها وثناؤها بهذا الثناء البالغ على أم المؤمنين زينب، مع أنها ضرتها، وهذا دليلٌ على فضلِها وفقهِها وإيمانِها وأدبها وأخلاقها الكريمة.

فلنقتدِ بهذه الأخلاق العالية، ولنحتذ حذوَ هؤلاء النساء الفقيهات؛ لنفوز بخير الدنيا والآخرة والمكرمات.

(34) مُلَخَّصُ درس «شرح قطر الندى وبل الصدى»

 

الدرس الرابع والثلاثون من مُلَخَّصِ درس «شرح قطر الندى وبل الصدى»

  2/من شهر محرم/ لعام 1444هـ


الخميس، 28 يوليو 2022

(1)الكتب والرسائل التي تكلم عنها والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله

       «المسائل التي سأل عنها الترمذيُّ البخاري»

قال والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله في « شرح مختصر علوم الحديث»(71): البخاري من مشايخ الترمذي، وينقل عنه بكثرة خصوصًا في السؤال عن الرجال، والصحة والضعف، سألت محمدًا، سألت محمدًا.

حتى إن بعضَ طلبة العلم ألَّفَ رسالةً بعنوان «المسائل التي سأل عنها الترمذيُّ البخاري»، وقدَّمها للماجستير.

وأعتقدُ أنها لا تكون ذاتَ أهميَّةٍ؛ لأن «جامع الترمذي» قد احتوى عليها، إلا أن يكون الطالب قويًّا، وتكون لديه معارضات لآراء الإمام البخاري فذاكَ.

 

 

الأربعاء، 27 يوليو 2022

(59)الحديثُ وعلومُه

 

هل يَحكم الباحث على الحديث أنه صحيح، أم يُصحح الإسناد فقط؟

 

قال ابن الصلاح في « علوم الحديث»(109): قولُهُم: هذا  حديثٌ صحيحُ الإسنادِ أو حسنُ الإسنادِ، دونَ قولِهِم: هذا حديثٌ صحيحٌ أو حديثٌ حسَنٌ؛ لأنَّهُ قَدْ يُقالُ: هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ، ولا يصحُّ؛ لكونِهِ شاذًّا أو معلَّلًا، غيرَ أنَّ المصنِّفَ المعتمدَ منهم إذا اقتصَرَ على قولهِ: إنَّهُ صحيحُ الإسنادِ ولَمْ يَذكرْ لهُ عِلَّةً، ولَمْ يَقدحْ فيهِ فالظاهِرُ منهُ الحكمُ لهُ بأنَّهُ صحيحٌ في نفسِهِ؛ لأنَّ عَدَمَ العلَّةِ والقادِحِ هوَ الأصلُ والظاهرُ، واللهُ أعلمُ.

 وقد تعقَّبَ ابنَ الصلاح والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُما الله، وقال: هكذا يقول في الصحيح: إنه يَنصح أن يقول الباحث: صحيح الإسناد، ولا يقول: هذا حديث صحيح؛ لأنه ربَّما تكون فيه علة، فتخفى عليه.

 والصحيح أنه يَحْكم على الحديث بأنه صحيح حتى ما يترك القارئ مذبْذَبًا لا يدري أيُحكم على الحديث بالصحة أم لا؟

 بل الواجب أن يُحكمَ على الحديث بالصحة، وهو قُصورٌ شديد أن يقول: صحيح الإسناد، ولا يحكم عليه بالصحة، وإن كنتُ قد وقعت في هذا في «الصحيح المسند من أسباب النزول»؛ لأنه أول ما بدأتُ به.

فيجزم الباحث، وما يزالُ المتأخِّرُ يتعقَّبُ على الأول، هو ليس بأول واحد يُتعقب عليه، فالعلماء المتقدمون يَتعقب بعضُهم على بعض.

[المرجع الشريط الثالث من/ مراجعة تدريب الراوي]

 

الثلاثاء، 26 يوليو 2022

(6) المرأةُ والدَّعوة إلى الله

 

                     حكم تعليم المرأة النساء في المسجد

 

ما حكم الإسلام في امرأة توفرت لها كل شروط طلب العلم في البيت ولكن رغم  ذلك تخرج إلى المسجد للالتقاء بأخوات لها في الله، أو تبلغ ما لديها من العلم؟

الشيخ : لا بأس بهذا إن كانت تخرج إلى المسجد، وتأمن على نفسها الفتنة، وتأمن على الرجال الأجانب الفتنة فهذا عمل طيب.

 وإن أتى النساء إليها في بيتها فهو أصون لها.

 وعلى كلٍّ فالأمر واجبٌ عظيم الذي يقوم به النسوة الصالحات، المسؤولية على كواهلهن عظيمة جدًّا؛ لأنه بواسطة المرأة دخل فساد كبيرٌ على المجتمعات الإسلامية، فدعاها أعداء الإسلام  إلى التبرج والسفور؛ باعتبار التطور والتقدم إلى غير ذلك، فدخل على مجتمعِنا شر كبير بواسطة المرأة.

[المرجع: ش/ أسئلة النساء وهو ضمن غارة الأشرطة (2/479)]

(57)التذكير بسيرة سيد البشر

 

       سبب هجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنسائه شهرًا

جاء بعض الأسباب، منها:

-مطالبة نسائه له بالنفقة:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ، لَمْ يُؤْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، قَالَ: فَأُذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ، وَاجِمًا سَاكِتًا، قَالَ: فَقَالَ: لَأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ، سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ، فَقُمْتُ إِلَيْهَا، فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «هُنَّ حَوْلِي كَمَا تَرَى، يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ»، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، فَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، كِلَاهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَقُلْنَ: وَاللهِ لَا نَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَبَدًا لَيْسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا - أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ - ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] حَتَّى بَلَغَ {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29]، قَالَ: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكِ أَمْرًا أُحِبُّ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ»، قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَتَلَا عَلَيْهَا الْآيَةَ، قَالَتْ: أَفِيكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْتَشِيرُ أَبَوَيَّ؟ بَلْ أَخْتَارُ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ لَا تُخْبِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالَّذِي قُلْتُ، قَالَ: «لَا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَخْبَرْتُهَا، إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا، وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» رواه مسلم(1478).

 

- إفشاء السر:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؟ قَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. وساق الحديث، ثم قال عمر: فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ؛ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. رواه البخاري(2468).

 

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»(9/290) بعد أن ذكر بعض الأسباب: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَانَ سَبَبًا لِاعْتِزَالِهِنَّ، وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِمَكَارِمِ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعَةِ صَدْرِهِ، وَكَثْرَةِ صَفْحِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ حَتَّى تَكَرَّرَ مُوجِبُهُ مِنْهُنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ورضى عَنْهُن.

 

 

 

 

(157)الاختيارات العلمية لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

ما حكم المسح على النعلَيْنِ؟

 

كتبت عن والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله ما يلي في الجواب عن سؤال: هل يمسح على النعلين؟

 

جـ: لم يثبت دليل في المسح على النعال، والبخاري بوَّب في صحيحه: باب غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين.

-----------------------

وقد ورد في المسألة بعض الأحاديث، منها:

 

عَن نافعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَر كَانَ يَتَوَضَّأُ وَنَعْلاهُ فِي رِجْلَيْهِ وَيَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَيَقُولُ: كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم يَفْعَلُ. أخرجه البزار(5918).

 

وأخرج أبو داود (160) من طريق هشيم عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن أوس بن أبي أوس الثقفي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  توضأ ومسح على نعليه وقدميه.

        وعطاء والد يعلى العامري مجهول عين.

 

ورواه أحمد(970) من طريق  السُّدِّيِّ-إسماعيل بن عبدالرحمن-، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ دَعَا بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا؟ قَالَ: فَأَخَذَهُ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا، وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلطَّاهِرِ مَا لَمْ يُحْدِثْ.

وظاهره الحسن؛ من أجل إسماعيل بن عبد الرحمن.

قال البيهقي كما نقله عنه ابن القيم في « تهذيب السنن»(1/141):  وَفِي هَذَا دَلَالَة عَلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ إِنَّمَا هُوَ فِي وُضُوء مُتَطَوَّع بِهِ لَا فِي وُضُوء وَاجِب عَلَيْهِ مِنْ حَدَث يُوجِب الْوُضُوء، أَوْ أَرَادَ غَسْل الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ، أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ، كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ بَعْض الرُّوَاة مُقَيَّدًا بِالْجَوْرَبَيْنِ وَأَرَادَ بِهِ جَوْرَبَيْنِ مُنْعَلَيْنِ.

 

قلت: وتبويب الإمام البخاري: باب غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين. يشير إلى إعلال أحاديث المسح على النعلين.

 

وقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم المسح على النعلين.

وهذا قول الشيخ ابن عثيمين؛ فقد قال في « فتاوى نور على الدرب»: وأما المسح على النعل فإنه لا يجوز المسح على النعل، بل لا بد من خلع النعل وغسل الرجل.

 

وسُئِل الشيخ ابن عثيمين عن بعض الصحابة الذين ثبت عنهم المسح على النعلين، فأجاب بما يلي:

هذا له توجيه عند بعض أهل العلم: أنه يجوز المسح على النعلين إذا كانت تستر أكثر القدم.

وبعضهم يقول: إن القدم إما أن تكون مستورة بالخف والجورب فتمسح، أو غير مستورة بشيء فتغسل، أو مستورة بالنعل فترش رشًا بين الغسل والمسح، وحملوا الحديث الوارد في المسح على النعلين على هذا، وقالوا: إن المراد أنه رشها، ثم مر بيده عليها.

وعلى كل حال فالاحتياط للمرء ألا يقدُم على شيء إلا وهو يعلم أن السنة جاءت به، أو يغلب على ظنه أن السنة جاءت به، وأما ما ورد عن الصحابة مما يخالف ظاهر السنة فإنه لا يؤخذ به، بل يعتذر عنهم ولا يحتج بفعلهم.

« لقاء الباب المفتوح» اللقاء السادس.

38 اللغة العربية

 

                التحذير بلفظ: إياي

قد جاء هذا في بعض الأدلة، منها:

عن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ، فَإِيَّايَ لَا يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، فَأَقُولُ: فِيمَ هَذَا؟ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا» رواه مسلم(2295).

قال الحافظ ابن حجر في « فتح الباري» شرح حديث(3059): وَإِيَّايَ فِيهِ تَحْذِيرُ الْمُتَكَلِّمِ نَفْسَهُ، وَهُوَ شَاذٌّ عِنْدَ النُّحَاةِ كَذَا قِيلَ.

 وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشُّذُوذَ فِي لَفْظِهِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ فِي التَّحْقِيقِ إِنَّمَا هُوَ تَحْذِيرُ الْمُخَاطَبِ، وَكَأَنَّهُ بِتَحْذِيرِ نَفْسِهِ حَذَّرَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَيَكُونُ أَبْلَغَ.

وقال ابن مالك في «الألفية»:

وشذ إياي، وإياه أشذ ... وعن سبيل القصد من قاس انتبذ

ومعنى هذا: أن التحذير بما يدل على المتكلم شاذٌ، وأشذُّ منه  أن يكون للغائب: إياه، كما قيل: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشوابّ.

 

فائدة:

-الشاذ عند النحويين: ما خالف القواعد.

[وقال الشيخ ابن عثيمين في « شرح ألفية ابن مالك» في تعريف الشاذ عند النحويين: والشاذ معناه: أنه مخالف للقياس]

-الشاذ عند أهل الحديث: مخافة المقبول لمن هو أولى منه.

-الشاذ عند أهل الفقه: ما خالف الدليل.

هذه الثلاثة الأُولى استفدتها من والدي رحمه الله.

قلت:  قال ابن حزم رَحِمَهُ الله في « الإحكام في أصول الأحكام»(8/74): كل ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فهو حق، والحق لا يكون شاذًّا، وإنما الشاذ الباطل.

-الشاذ في  القراءة: ما جاء بطريق الآحاد.

 

 

الجمعة، 22 يوليو 2022

(67)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله

        شرح السنة للبغوي

نصحني والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله بالرجوع إلى «شرح السنة» للبغوي، في المسائل الفقهية؛ لأنه يختصر ويُحَرِّرُ. أو معنى كلامه رَحِمَهُ الله.

 

(156)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

    من الأذكار دبر الصلوات

عن عَمْرو بْن مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ» رواه البخاري (2822).

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ! وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ!»، فَقَالَ: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، تَقُولُ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ». أخرجه أبو داود (1522)، وهو في «الصحيح المسند» (1107) لوالدي رَحِمَهُ الله.

 

وهل المراد بدبر الصلاة قبل السلام أو بعده؟

مختلف في هذا، والذي استفدناه من والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله أنه بعد السلام.

وذكر الحافظ في « فتح الباري»(2/335): زَعَمَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُبُرِ الصَّلَاةِ مَا قَبْلَ السَّلَامِ، وَتُعُقِّبَ بِحَدِيثِ «ذَهَبَ أَهْلَ الدُّثُورِ»؛ فَإِنَّ فِيهِ «تُسَبِّحُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ»، وَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ جَزْمًا، فَكَذَلِكَ مَا شَابَهَهُ.

 

الاثنين، 18 يوليو 2022

(15) القرآنُ وعلومُه

 تذلل اللسان للقرآن إذا داوم على تلاوته

 قال الحافظ في «فتح الباري»(5031): الَّذِي يُدَاوِمُ عَلَى  تلاوة القرآن يُذَلُّ لَهُ لِسَانُهُ وَيَسْهُلُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ فَإِذَا هَجَرَهُ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَشَقَّتْ عَلَيْهِ.