جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 30 نوفمبر 2015

سلسلة مروياتي عن والدي رحمه الله

سمعت  والدي رحمه الله : بعضُ النَّاس يَظُنُّ أنَّ الحِزْبيَّةَ لَها قُرُونٌ .

الحِزْبيَّةُ فِكْرَةٌ ، إِذَا اعتَنَقْتَهَا صِرْتَ حِزْبِيَّاً .

سلسلة مروياتي عن والدي الشيخ مقبل رحمه الله

قلتُ للوالد رحمه الله : أريْدُ أَنْ أجمع شيئَاً عنِ الإخوانِ المسلمين ؟.
فزَجَرَ عن ذلِكَ وقال: اقْبِلِي على العِلْم ، اقْبِلِي على العِلْم .
قلت: نصيحةٌ ثمينةٌ ،وكثيرٌ من الناس ينشغلون عن العلم والتزود ،والعقيدة والتوحيد،  بالقيل والقال والمماراة .
ولولا فضلُ الله عليَّ أن رزقني التربية على يد والدي الكريم،  لكنتُ من هؤلاء الذين يتخبَّطُون .
وإذا قلنا لهم بنصيحة الوالد رحمه الله في الإقبال على العلم:  ضَجُّوا ونفَرُوا .

وصدقَ من قال : مَنْ جهلَ شيئاً عاداهُ .

سلسلةُ الفوائدِ البهيَّة والمسائلِ الفقهية


توضيح للقاعدة المشهورة : لا إنكارَ في مسائل الخلاف .
قال والدي الشيخ مقبل رحمه الله في (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم )
أنت طالبُ علم تبحث لنفسِك، أنا الذي أختاره لنفسي أنني إذا أدركت الإمام رَاكِعًا لا أعتدُّ بها، ولا أستطيع أقول إن الذي يعتدُّ بها صلاته باطلة   .
لماذا؟ لأن جمهور أهل العلم يقولونَ بذلك.
بارك الله فيكم أعني في المسائل التي تختلف فيها الأنظارُ، وتكون الأدلةُ قويةً من الجانبين، أو تكون الأدلةُ ضعيفةً من الجانبين. فلا على من أخذ بهذا، ولا من أخذ بهذا.
 فلم يزل الخلاف من مُدَّة الصحابة إلى زمننا الآن، إلى زمننا الحاضر ولا يعيب بعضُهم على بعض . اهـ
وهذا هو المُشارُ إليه في قاعدة:
 لا إنكارَ في مسائلِ الخلاف .

وقال الشيخُ العلامة الفوزان حفظه الله في شرح مسائل الجاهلية ص 46 : الاجتهاد الفقهي ما لم يظهر فيه دليل مع أحد القولين بل كلا القولين محتمل .
فهذا لا إنكار في مسائل الاجتهاد ما دام أنه لم يترجَّح شيءٌ  منها بالدليل فلا إنكار على من أخذ بقول من الأقوال .
 شريطةَ ألا يكون عنده تعصبٌ أو هوى وإنما قصدُه الحق .
قال ومن هنا قالوا : لا إنكار في مسائل الاجتهاد اهـ المراد.
وما أجمله من قيد: شريطة ألا يكون عنده تعصب أو هوى وإنما قصده الحق .

الله يرزقنا التَجرُّدَ للحق .

الأحد، 29 نوفمبر 2015

تفسير وفوائد قوله تعالى {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } [الإسراء:110]


{قُلْ ادْعُوا اللَّهَ}
 (الله) لفظ الجلالة من أسماء الله سبحانه ،دالٌ على صفة الألوهية لله عز و جل؛ أي أن الله هو المستحق للعبادة وحده.
{أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}
الرحمن من أسماء الله عز و جل ، دالٌ على صفة الرحمة لله عزوجل .
 وقد تكلم أهل العلم في الفرق بين الرحمن و الرحيم، فمن الأقوال المشهورة ما جاء عن محمد بن عبيد الله العرْزَمي أنه قال: الرحمن بجميع الخلق، و الرحيم بالمؤمنين .

وذكر ابنُ القيم رحمه الله في بدائع الفوائد :أن الرحمن دال على

الصفة القائمة به سبحانه .

.
والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم فكان الأول للوصف والثاني 

للفعل .

فالأول دال أن الرحمة صفته والثاني دال على أنه يرحم خلقه 

برحمته .
وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ولم يجيء قط رحمن بهم فعلم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة ورحيم هو الراحم برحمته وهذه نكتة لا تكاد تجدها في كتاب وإن تنفستْ عندها مرآةُ قلبك لم تنجل لك صورتها.
وقد شرح السفاريني في لوامع الأنوار  البهية  (1/32) قولَ ابن 


القيم (فالأول دال أن الرحمة صفته) قال أي صفة ذات له سبحانه 


.( والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته )قال: أي صفة فعل له اهـ.

على هذا صفة الرحمن صفة ذاتية قائمة بالله مثل العلم والقوة 


والحياة ولا تتعلق بالمشيئة .


واسم الرحيم يدل على صفة الفعل وهذا يتعلق بالمشيئة .

 (الله و الرحمن) هذان الاسمان لا يجوز لأحد أن يتسمى بهما.

 و قد ذكر المُناوي في فيض القدير في شرح حديث (إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ) رواه مسلم (2143 ) .
 عن أبي العتاهية أن له ابنتين سمى إحداهما الله، والثانية الرحمن. والله أعلم .
والرحمن كان معروفاً هذا الاسم عند أهل الجاهلية .
وأما قوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}[الرعد:30] فبيّن ابن جرير و الحافظ ابن كثير ـ رحمهما الله تعالى ـ في تفسيرَيهما أن إنكارهم لاسم الرحمن إنما هو جحود وعناد.
ومما ذكروا من أشعار الجاهلية في هذا المعنى. قولُ بعضهم:
 ألَا ضَرَبَتْ تِلكَ الفتاةُ هَجـِينَهَا         ألَا قضَبَ الرَّحْمَنُ رَبِّي يَمِينهَا                       
  هجينها: حملها              قضب الرحمن: قطع
{أَيًّا مَا تَدْعُوا}
أي أيهما شئتم فادعوا ، ادعوا الله أو ادعوا الرحمن.

الأسماء الحسنى :قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: أي له كلُّ اسم حسن .
قال :وضابطه :كلُّ اسمٍ دالٍ على صفة كمال عظيمة .
 وهذه قاعدة :أن كلَّ اسم من أسماء الله الحُسنى ، دالٌ على صفة كمال لله عزوجل .
وقد أفاد ابنُ القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (1/ 161): أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالُها .
قال :وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه .
ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعَّال لِما يريد فإن الإرادة والفعل والصُنع منقسمةٌ ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا.
وقال ابنُ القيم رحمه الله في شفاء العليل 132:وأما لفظ الصانع فلم يرد في أسماء الرب سبحانه ولا يمكن ورودها فإن الصانع من صنع شيئا عدلا كان أو ظلما سفَها أو حكمة جائزا أو غير جائز وما انقسم مسماه إلى مدح وذم لم يجئ اسمه المطلق في الأسماء الحسنى كالفاعل والعامل والصانع والمريد والمتكلم لانقسام معاني هذه الأسماء إلى محمود ومذموم بخلاف العالم والقادر والحي والسميع والبصير اهـ المراد .
و قد جاءت رواية من حديث عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ( إِنَّ اللَّهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ).
وقد أفادنا  الوالد الشيخ مقبل  الوادعي ـ رحمه الله تعالى ـ أن لفظة صانع شاذة و أن الصواب خالق ، يصنع .
قلتُ:أخرج ابنُ أبي عاصم في السنة عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ» .
وأخرجه البخاري في خلق أفعال العباد 46 :بلفظ «إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ».
قلت: وقرَّرأيضاً الشيخ بكرأبوزيد في معجم المناهي اللفظية 322:أن الصانع ليس من أسماء الله .
 هذه الآية الكريمة فيها إثبات الأسماء الحسنى لله عز وجل.
ونفي أسماء الله عز وجل أو نفي بعضها إلحاد.
 الإلحاد في اللغة: الميل ومنه اللحد الذي يكون في جانب القبر .
ومنه قوله تعالى: {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}[الجن:22] .
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في بدائع الفوائد (1/ 169) :أي من تعدل إليه وتهرب إليه وتلتجئ إليه وتبتهل فتميل إليه عن غيره تقول العرب التحد فلان إلى فلان إذا عدل إليه .
- الإلحاد في أسماء الله عز وجل على أقسام:
1- نفي أسماء الله عز وجل أوبعضها قال سبحانه و تعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأعراف:180] وقد أنكرت الجهمية الأسماء لله عز وجل.
2- نفي الصفات التي دلت عليها أسماء الله عز و جل إلحاد ، فإن كل اسم من أسماء الله متضمن لصفة فمثلاً السميع من أسماء الله عزوجل  وهو متضمن لصفة السمع ، البصير من أسماء الله عز وجل وهو متضمنٌ لصفة البصر ،وهكذا. وقد أنكرت هذا المعتزلة وأثبتوا لله عز وجل أسماء أعلامًا محضة لا تدل على صفات وهذا إلحاد.
3- أن يُسَمَّى الله عز وجل بما لم يُسِمِّ به نفسَه.
وذلك لأن أسماء الله عز وجل توقيفية وأيضاً صفاته كما قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء:36].
و لكن أهل العلم يقولون  باب الإخبار أوسع. فمثلًا يقال: الله موجود وموجود ليس من أسماء الله عز وجل و لكنه من باب الإخبار.
4- أن يثبت لله عز و جل أسماء لكنه يجعلها دالة على التمثيل.
قال الشيخ ابنُ عُثيمين رحمه الله في القول المُفيد(2/ 317): فيقول: الله سميع بصير قدير، والإنسان سميع بصير قدير، اتفقت هذه الأسماء; فيلزم أن تتفق المسميات، ويكون الله -سبحانه وتعالى- مماثلا للخلق، فيتدرج بتوافق الأسماء إلى التوافق بالصفات.
ووجه الإلحاد: أن أسماءه دالة على معانٍ لائقة بالله لا يمكن أن تكون مشابهة لما تدل عليه من المعاني في المخلوق.
5- أن ينقل أسماء الله عز وجل إلى المعبودات من دون الله عز و جل. كأن يسمي الصنم الله أو الإله أو يشتق من أسماء الله عز و جل ويجعلها لآلهتهم كاشتقاق اللات من الإله ، والعزى من العزيز ، ومناة من المنان قال تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ( 19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)}[النجم:19،20] .
تراجع المسألة من بدائع الفوائد لابن القيم و شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين رحمهما الله تعالى.
- من القواعد في أسماء الله عز وجل:
1- أنها مترادفة و متباينة. مترادفة باعتبار الذات فهي أسماء لمسمَّى واحد، و متباينة باعتبار الصفات .
2- أسماء الله عز وجل أعلام و أوصاف ، فكل اسم يدل على صفة.
3- كل اسم من أسماء الله عز وجل له ثلاث دلالات يدل على المطابقة و التضمن والالتزام.
المطابقة: دلالة اللفظ على جميع معناه ، التضمن: دلالة اللفظ على بعض معناه ، الالتزام: أن يلزم بعض اللوازم من إثبات اللفظ.
مثلًا السميع يدل دلالة مطابقة على اسم الله السميع، و على الصفة .
ويدل دلالة تضمن على الاسم وحده وعلى صفة السمع وحدها .
 و بدلالة الالتزام يلزم أن الله حي من إثبات هذا الاسم.
وهكذا في سائر أسماء الله عز و جل كل اسم يدل على هذه الثلاث الدِلالات (بكسر الدال وفتحها).
4-أسماء الله عزوجل وصفاته توقيفية فلا نسمي اللهَ ولا نصفه بما لم يأت في الشرع.

وللتوسع في باب أسماء الله و صفاته يراجع بدائع الفوائد لابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ و القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
والله أعلم .

فائدة

-النعمان بنُ بشير صحابي صغير .
 وأمه عمرة بنت رواحة .
-النعمان بن بشير أبوه وأمه  صحابيان .
-وخاله عبدالله بن رواحة .
وعبدُالله بنُ رواحة : صحابي فاضل من شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم .

رضي الله عنهم جميعاً .

حكم الاستعاذة عند قراءة القرآن


يقول الله تعالى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ   ) .
 قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (4/386 ط دار ابن الجوزي) :والجمهور عَلَى أَنَّهُ غير واجب، وحكي وجوبُه عَن عَطَاء والثوري وبعض الظاهرية، وَهُوَ قَوْلِ ابن بطة من أصحابنا اهـ .
وقال ابن رجب رحمه الله (4/384) :ومما يستحب الإتيان بِهِ قَبْلَ القراءة فِي الصلاة: التعوذ، عِنْدَ جمهور العلماء.
واستدلوا بقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98] والمعنى: إذا أردت القراءة، هكذا فسَّر الآية الجمهور، وحكي عَن بعض المتقدمين، منهم: أبو هُرَيْرَةَ وابن سيرين وعطاء: التعوذ بعد القراءة.
والمروي عَن ابن سيرين: قَبْلَ قراءة أم القرآن وبعدها، فلعله كَانَ يستعيذ لقراءة السورة، كما يقرأ البسملة لها – أَيْضاً  اهـ .

قلت :  وبوجوب قراءة الاستعاذة قبل القراءة يقول الوالد رحمه الله  لظاهرِ الأمر .

حُكُمُ الاستعاذةِ عند الاستدلالِ بالآية


أخرج البخاري (597) ومسلم  (684)عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: " مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] " .

وروى البخاري (4627)من طريق  سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عبد الله بن عمر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {مَفَاتِحُ الغَيْبِ} [الأنعام: 59] خَمْسٌ: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) " .
في هذين الحديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ   الاستعاذة عند الاستدلال .
وهذا ما  رجحه السيوطي  في رسالته " الْقُذَاذَةُ فِي تَحْقِيقِ مَحَلِّ الِاسْتِعَاذَةِ" ص 306 ضمن الحاوي يقول :يَذْكُرُ الْآيَةَ وَلَا يَذْكُرُ الِاسْتِعَاذَةَ .
قال : فَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ .
ثم ذكر جملة من الأدلة على ذلك ثم قال : وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ .
 فَالصَّوَابُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إِيرَادِ الْآيَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعَاذَةٍ اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الْبَابَ بَابُ اتِّبَاعٍ .
وَالِاسْتِعَاذَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98]  .
إِنَّمَا هِيَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلتِّلَاوَةِ، أَمَّا إِيرَادُ آيَةٍ مِنْهُ لِلِاحْتِجَاجِ وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى حُكْمٍ فَلَا  . اهـ المراد .
قلت:  وهذا ما  استفدناه من والدي رحمه الله أنَّ    الاستعاذةَ عند الاستدلال بالآيات  لا تُقرَأُ  ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يذكر الآية بدونها .

السبت، 28 نوفمبر 2015

ذمُّ الحزبية من كلام والدي الشيخ مقبل رحمه الله

سمعته رحمه الله يقول :الحزبية فرضتها علينا إمريكا ، لا جزاها الله خيراً .

وسمعته يقول: الأحزاب ولاؤُها ضيِّق ،من كان معنا في الحِزب نواليه ،ومن ليس معنا نُعاديه .
وسمعته رحمه الله يقول: الحزبية  :مسَّاخة ، مسَختْ علينا أُناساً ،وقد كانَ منهم حفظة للقرآن .

سمعت  والدي رحمه الله : بعضُ النَّاس يَظُنُّ أنَّ الحِزْبيَّةَ لَها قُرُونٌ .

الحِزْبيَّةُ فِكْرَةٌ ، إِذَا اعتَنَقْتَهَا صِرْتَ حِزْبِيَّاً .
..........

الحزبية نارٌ حمراء .وهذا الأخيرموجود في بعض الصوتيات للوالد رحمه الله .

وقوفُ المرأة الصالحة مع الزوج وتقويتُه ومُؤانستُه


أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشةَ رضي الله عنها  في أول نزول الوحي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 2] " .
وفيه : فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ.
فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي».
 فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ،وتصْدُقُ الحديثَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ الخ .
في الحديث مكانة أمِّ المؤمنين خديجة - رضي الله عنها – ومنزلتها وقوة إيمانها وذكائها ورُجحان عقلها حيث قالت:( كلا و الله لا يخزيك الله أبداً..) وهذا من مواقف المرأة الصالحة الوقوف مع الزوج بتثبيته وإعانته .
وقد استدلَّت أم المؤمنين بهذه الأوصاف الحميدة الجليلة  أنَّ الله عزَّ وجل لا يخزيه وبشَّرته بالسلامة من كلِّ مكروه .
ومن هذا الباب ما جاء في صحيح البخاي (3578) ومسلم (2040)عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رضي الله عنه ـ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلَاثَتْنِي بِبَعْضِهِ .
ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: بِطَعَامٍ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِمَنْ مَعَهُ قُومُوا، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ.
 فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
 فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ ، فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ : ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا) .
 قوله :(فَقَالَتْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ): أي إنما فعل النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ هذا لحكمة.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَ الطَّعَامَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمَصْلَحَةِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْهَا فِي مجئ الجمع العظيم لم يفعلها فلاتحزن مِنْ ذَلِكَ .اهـ

وهذا فيه معجزة للنبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ و ضيق حال النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وصحابته ، ولو كانت الدنيا مكرمةً لأكرم الله نبيه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وصحابته، لكن الكرامة و الميزان هوالتقوى كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13] .

والشاهد موقف أم سليم الطيب وقوة عقلها وحُسْن تصرفها وذكائها وثباتِها حيث قالت( الله ورسوله أعلم) لمّا قال لها أبوطلحة( يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ ) وقد كانت أقوى من أبي طلحة في هذا .
ولها موقفٌ آخر أبلغ وأوقعُ في النفس ،من الثبات وقوة الصبر والتجلُّد،  وهو:
 ما أخرجه البخاري(5470) ومسلم (2144) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي، قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا» فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، قَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَمَعَهُ شَيْءٌ؟» قَالُوا: نَعَمْ، تَمَرَاتٌ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ فِيهِ، فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ بِهِ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ .
فقصة خديجة - رضي الله عنها - مع النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لما بشَّرته وآنستْه ، وقصة أم سليم لأبي طلحة عندما قالتْ (اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) وقصتها الأخرى في وفاة ولدها.

نستفيد فضل المرأة الصالحة ومنزلتها ، وفضل أم سليم وخديجة - رضي الله عنهما - وموقِفُهُما الحَسَن.

(بابُ الصُّفوفِ) من عمدة الأحكام للمقدسي رحمه الله17/من شهر صفر 1437.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ) .
*****************
 [الشرح]
أنس بن مالك خادم الرسول صلى الله عليه وسلم خدمه عشرَ سنين .
هذا الباب يتعلق بصلاة الجماعة .
وحديث أنسٍ من آدابِ الصفوف .
وظاهر اﻷمر الوجوب في تسوية الصفوف  .
وفي رواية عند البخاري(723) ( فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ ) .
ولفظ الإقامة هو الذي جاء في القرآن الكريم في آيات كثيرة كقوله سبحانه{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } .
وإقامة الصلاة كماقال ابنُ رجب في فتح الباري :الإتيان بها قائمةً على وجهها التَّام .
-ومن أدلة الوجوب حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه اﻵتي ( لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) .
وهذا قول جماعة من العلماء .
وعليه يدل تبويبُ الإمام البخاري في صحيحه فقد قال رحمه الله:
  ( بَابُ إِثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ ) .
وقد قال أهلُ العلم  :فقهُ الإمام البخاري في تراجمِه .
أي أنه يُعرَفُ اختيارُ الإمام البخاري في المسألة من خلال تبويباته في صحيحه .
وأحياناً إذا كان الخلاف قويَّا في المسألة لايجزم بالحكم  ، ونجد الحافظَ ابنَ حجر رحمه الله  ينصُّ على هذا ، ويقول :لم يَبُتَّ البخاري  بالحكم  لقوَّة الخلاف .
و قال بالوجوب أيضا ابن حزم في المحلَّى مسألة 415 وقال : تَسْوِيَةُ الصَّفِّ إذَا كَانَ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ فَهُوَ فَرْضٌ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الصَّلَاةِ فَرْضٌ؛ وَمَا كَانَ مِنْ الْفَرْضِ فَهُوَ فَرْضٌ.
 وهو قول الصنعاني في سبل السلام .
وبه يقول الوالد الشيخ مقبل رحمهم الله .
والشيخ ابنُ عُثيمين في الشرح الممتع (3/10) .
أما جمهور العلماء فيقولون : تسويةُ الصفوف مستحبة .
ويستدلون بالتعليل (فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ ) .
قالوا من كمال الصلاة وليس من أركانها ولا من واجباتها لأن لفظ التمام قدرٌ زائدٌ على الوجوب .
ولكن الأدلة  فيها الأمر وفي بعضها الوعيد حتى إنَّ ابنَ حزمٍ رحمه الله في المحلَّى مسألة (415)يقول عن حديث النعمان رضي الله عنه  : هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ. وَالْوَعِيدُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي كَبِيرَةٍ مِنْ الْكَبَائِرِ.
وفي سُننِ أبي داود(667) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ» .
(الحَذَف)قال ابنُ الأثير في النهاية : هِيَ الْغَنَمُ الصِّغار الحِجازيَّة، واحِدتُها حَذَفَةٌ بِالتَّحْرِيكِ.
 وَقِيلَ: هِيَ صِغارٌ جُرْدٌ لَيْسَ لَهَا آذَانٌ وَلَا أذْنابٌ، يُجَاءُ بِهَا مِنْ جُرَشِ الْيَمَنِ .اهـ

ويدخل في  تسوية الصفوف تلاصق المصلين ، كالبُنيان المرصوص ، بدون فُرَج .

-ويدخل في تسويةِ الصفوف إلزاق الكعبِ بالكعب والمنكب بالمنكب .
 قال الإمامُ البخاري في صحيحه( بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ ) ثم ذكر حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ» .
وعلَّق البخاريُّ في صحيحه عن النعمان بن بَشِيرٍ رضي الله عنهما: «رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ».
قال ابنُ رجب رحمه الله  في فتح الباري(6/282):  حديث أنس هذا: يدل على أن تسوية الصفوف: محاذاة المناكب والأقدام  .اهـ

-وفي قوله(يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ )دليلٌ على أن الكعبَ هو العظمُ الناتئ عند ملتقى الساق والقدم .
فهو الذي يصلح  فيه أن يلزق كعبه بكعب صاحبه .
وفي هذا  ردٌ على الشيعة الذين يقولون الكعب في ظهر القدم ، والشيعة لهم ثلاثُ مخالفات في الأرجل .
1- يقولون:  الكعب في ظهر القدم .
2-أن فرض الرِّجْل المسح ، وليس الغسل.
3- لا يرون جوازَ المسح على الخفين .
وهذا ذكرناه لمعرفة أقوالهم الباطلة في هذا الباب ، وإلا فلانحتاج في الحقيقة إليها ﻷنها باطلة .

ومن تسوية الصفوف استواءُ صدور المصلين لرواية النعمان بن بشير الآتية .
فلا يكونُ بعضها متقدم وبعضها متأخِّر .
ولا نستدلُّ بحديث ( إنَّ اللهَ لا ينظر إلى الصف الأعوج ) فإنَّه كما أفادنا والدي الشيخُ مقبل رحمه الله حديثٌ لا أصلَ له .

-مسألة الخطوط  لتسوية الصفوف
 استفدنا من والدي الشيخ مقبل رحمه الله تعالى: أنه بدعة لأنهم ما كانوا يفعلون هذا على زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .

-ومن تسويةالصفوف ، إتمامُ الصف اﻷوَّل فاﻷوَّل،  فلا يُترك خللٌ في الصفوف لأن  النبي صلى الله عليه وسلم يقول :من وصل صفاً وصله الله ،ومن قطع صفاً قطعه الله) .
والملائكة تصُفُّ صفوفاً قال سبحانه عن الملائكة { وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ } .
وأخرج مسلم في صحيحه (430) عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟» فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : وَمَعْنَى إِتْمَامِ الصُّفُوفِ الْأَوَّلِ أَنْ يَتِمَّ الْأَوَّلَ وَلَا يَشْرَعُ فِي الثَّانِي حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ وَلَا فِي الثَّالِثِ حَتَّى يَتِمَّ الثَّانِي وَلَا فِي الرَّابِعِ حَتَّى يَتِمَّ الثَّالِثُ وَهَكَذَا إِلَى آخِرِهَا .
قال الشوكاني في نيل اﻷوطار :
فيه الاقتداء بأفعال الملائكة في صلاتهم وتعبُّداتهم . اهـ
وفي صحيح مسلم (522) عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ " .

-من آداب الصفوف المقاربة بينها   كما في حديث أنس المتقدم (وقاربوا بينها ) .
فالمشروع تقارُب الصفوف .

-هذا وينبغي للرجال  المسابقة إلى الصفوف اﻷُوَل أخرج الإمامُ مسلم في صحيحه (438) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُمْ: «تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ» .
قال الشيخُ ابنُ عثيمينَ رحمه الله في شرح رياض الصالحين(5/111) : وهذه خطيرة أن الإنسان كلما تأخر عن الصف الأول أو الثاني أو الثالث ألقى الله في قلبه محبة التأخر في كل عملٍ صالح والعياذ بالله .

وما يتعلق بصفوف النساء
أخرج الإمامُ مسلمٌ في صحيحه (440) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : أَمَّا صُفُوفُ الرِّجَالِ فَهِيَ عَلَى عُمُومِهَا فَخَيْرُهَا أَوَّلُهَا أَبَدًا وَشَرُّهَا آخِرُهَا أَبَدًا .
 أَمَّا صُفُوفُ النِّسَاءِ فَالْمُرَادُ بالحديث  صُفُوفُ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يُصَلِّينَ مَعَ الرِّجَالِ،وَأَمَّا إِذَا صَلَّيْنَ مُتَمَيِّزَاتٍ لَا مَعَ الرِّجَالِ فَهُنَّ كَالرِّجَالِ خَيْرُ صُفُوفِهِنَّ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا
قال :وَالْمُرَادُ بِشَرِّ الصُّفُوفِ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَقَلُّهَا ثَوَابًا وَفَضْلًا وَأَبْعَدُهَا مِنْ مَطْلُوبِ الشَّرْعِ وَخَيْرُهَا بِعَكْسِهِ .
وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِرَ صُفُوفِ النِّسَاءِ الْحَاضِرَاتِ مَعَ الرِّجَالِ لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَرُؤْيَتِهِمْ وَتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِهِمْ عِنْدَ رُؤْيَةِ حَرَكَاتِهِمْ وَسَمَاعِ كَلَامِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفِهِنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ
وقال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين(5/111): ما لم يكن النساء في مكان خاص لهن فإن خير صفوفهن أولها لأنه أقرب من الإمام ولا محذور فيه لأنهن بعيدات عن الرجال .اهـ
*******************
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما , قَالَ: سَمِعْتُ  رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) .
وَلِمُسْلِمٍ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَوِّي صُفُوفَنَا , حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ , حَتَّى إذَا رَأَى أَنْ قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ , ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ , حَتَّى إذَا كَادَ أَنْ يُكَبِّرَ , فَرَأَى رَجُلاً بَادِياً صَدْرُهُ , فَقَالَ: عِبَادَ اللَّهِ , لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) .
******************
-النعمان صحابي صغير ، وأمه عمرة بنت رواحة .
-النعمان بن بشير أبوه وأمه  صحابيان .
-وخاله عبدالله بن رواحة .
وعبدُالله بنُ رواحة : صحابي فاضل من شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(القداح) قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : الْقِدَاحُ بِكَسْرِ الْقَافِ هِيَ خَشَبُ السِّهَامِ حِينَ تُنْحَتُ وَتُبْرَى وَاحِدُهَا قِدْحٌ بِكَسْرِ الْقَافِ مَعْنَاهُ يُبَالِغُ فِي تَسْوِيَتِهَا حَتَّى تَصِيرَ كَأَنَّمَا يَقُومُ بِهَا السِّهَامُ لِشِدَّةِ اسْتِوَائِهَا وَاعْتِدَالِهَا .اهـ
-عقَلنا/ فهِمنا
-عبادَالله/ منادى بحرف نداء محذوف.
- قوله (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ )أي قلوبكم  كما في صحيح مسلم (432) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» .
 قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: «فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا» .
في هذا الحديث من الفوائد
1-التحذير والوعيد الشديد من عدم تسوية الصفوف .
2-أن عدم تسويةِ الصفوف من أسباب انتشار العداوة والبغضاء بين المسلمين.
وقد كثُرتِ البغضاءوانتشارالتنافر وصارت القلوبُ مليئةً بالحقد والبغضاء بسبب إهمالِ تسوية الصفوف .
ومن أسباب العداوة  والبغضاء بين المسلمين : المعاصي .
قال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة : 14]
وهذا من شؤم الذنب .
ومن  الأسباب : اﻷحزاب والفِرَق ،هذا مما يجلب التنافرُ والبغضاء والعداوة ولهذا ربنا يقول:
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام : 159]
ويقول:{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم : 32]
ويقول:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} [هود : 118-119] .
وكان والدي الشيخ مقبل رحمه الله يقول: الأحزاب ولاؤُها ضيق ،من كان معنا في الحِزب نواليه ،ومن ليس معنا نُعاديه .
هذه  ثلاثة أسباب  تجلب العداوة  والتنافربين المسلمين.
 وقد بينا لنا الشرع اﻷسباب التي تسبب التنافر بين المسلمين من أجل إجتنابها والحذر منها ، لأنَّ دينَ الإسلام حريصٌ على جمعِ الكلمة والأُلفة .

استفدنا خطر التساهل والإهمال في تسوية الصفوف ،وأعظمُ هذا أن يتركَه تكبُّراً على المصلين .
قال تعالى :{ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر : 60] .
(الكبرُ بطر الحق ، وغمطُ الناس)
غمط الناس :احتقارهم  .
وبعض  الناس يرفُضُ ، يقول:  إنه يأتي له بالزحام والضيق .
وهذا من تقديم هوى النفس ،والواجب نبذُ الهوى ،الواجب الإذعانُ للدليل لمن أراد لنفسه الخير والسعادة فإن امتثالَ الدليل سعادةٌ .
 -وقد ذكر لنا الوالد الشيخ مقبل رحمه الله:  كيف إذا وقفتَ بجانب رجل وكلَّما قرَّبتَ رجلك منه يهرب ؟.
 يقول رحمه الله :  قف وقوفا معتدلاً ولايضرك شيء .
تطبيق هذه السنة ،إتمام الصف الأوَّل فالأوَّل ، وسدُّ الفُرَج ، وإلزاق الكعب بالكعب ، والمنكب بالمنكب ،مما أحياهُ الوالد الشيخ مقبل رحمه الله في مساجد أهل السنة في اليمن وهكذا في غيراليمن ممن استفاد من الوالدالشيخ مقبل رحمه الله .
نسألُ الله أن يكتُبَ له استمرار أجرِ كلِّ حسنة أحياها إلى يوم الدين  وقد وعد بذلك جلَّ شأنُه {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } .
ومن السنن التي أحياها رحمه الله :الاقتصار  يوم العيدعلى خطبةٍ واحدة  .
وكان يقول مُعترفاً بفضل نعمة الله :من كان يظنُّ أن الناسَ يقتصرون على خُطبةٍ واحدةٍ يومَ العيد ،فإنَّ الناسَ كانوا قد ألِفوا خُطبتينِ يوم العيد كخطبتي الجمعة .
هذا و بعضُ الناس يبالغ  في تسوية الصفوف  حتى إنه يضع  حافة قدمه على قدم صاحبه ، وهذا ليس من السنة  ،السُنَّة أن يضعَها وضعا  بجانب رجل أخيه ، بحيث تُسدُّ الفُرج  .
-وفي هذين الدليلين حديث أنس بن مالك و النعمان بن بشيراهتمامُ الإمام  بتسوية الصفوف  .
وفي حديث النعمان أنه  يقومُ  بتسويتها والإشرافِ عليها كما في رواية(يُسَوِّي صُفُوفَنَا , حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ ) .
وفي حديث أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ ..رواه مسلم .
فلايكفي أن يقف مستقبلاً القبلة ويحثهم على تسوية الصفوف ، بل يلتفتُ إليهم ويقوم بنفسه في تسوية الصفوف .

والله أعلم .