جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 30 سبتمبر 2023

(6) التعليقات على بعض الآيات المحكمات لوالدي رحمه الله

 

سورة الشرح

 

﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) [الشرح]

قال والدي رَحِمَهُ الله: في هذه السورة وعد من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لنبيه محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وللمؤمنين، أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يجعل بعد العسر يسرين؛ لأن العسر معرَّف واليسر منكَّر، فهو يفيد أن اليسر يسران في هذه السورة.

[مفرغ من ش/الفرج بعد الشدة].

(98)الحديثُ وعلومُه

 

من أمثلة الحديث الضعيف ومعناه صحيح

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ»، رواه أبو داود (19). الحديث معل؛ وهِمَ فيه همام بن يحيى العوذي. وذكره والدي الشيخ مقبل رحمه الله في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» (17).

 ومعناه صحيح، فلا ينبغي دخول الخلاء بشيءٍ فيه ذكر الله؛ تعظيمًا لله سبحانه: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32].

-عن الحسن-وهو البصري-: لما نزلت هذه الآية ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبْشِرُوا أتاكُمُ اليُسْرُ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» رواه ابن جرير في «تفسيره» (24/495وهذا مرسل، ومعناه صحيح، قال تَعَالَى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) [الشرح].

-عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ».

هذه الزيادة: «إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» ضعيفة؛ من طريق رِشدين بن سعد، وقد كان صالحًا في دينه مغفلًا في روايته.

والإجماع على هذه الزيادة، وأنه إذا وقع في الماء نجاسة وتغير أحد أوصافه الثلاثة بسبب النجاسة؛ فإنه ينجس.

قال ابن المنذر في «الإجماع» فقرة(11): أجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت للماء طعما، أو لونا، أو ريحًا، أنه نجس ما دام كذلك.

فهذه الزيادة معناها صحيح.

فلا بأس أن يُبيَّن أن معنى الحديث الضعيف صحيح، والشيخ الألباني رَحِمَهُ الله قد يأتي بهذه العبارة عقِبَ حكمه على الحديث؛ للفائدة.

أو يقال في التعليق على الحديث الضعيف: ويُغني عنه كذا وكذا.

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

(1) إرشاد العباد شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

 



(128)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

قوله تَعَالَى في الزانيَيْنِ البِكْرَيْنِ: ﴿فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾.

 الجلد ليس المراد به: الضرب المبرح الذي يكسر العظم، أو يجرح الجلد، ولكن يُضرب بالسوط ونحوه ضربًا موجعًا.

 وقد قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في تأديب الزوجات: ﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾ أي: ضربًا غير مبرح، كما في حديث جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في حجة الوداع، قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» رواه مسلم (1218).

[مقتطف من دروس سورة النور لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

(34) من نصائح والدي رحمه الله

 

             من نصائحه رَحِمَهُ الله لطالب العلم

قال والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله تَعَالَى في « السير الحثيث»(215) عن أخذ الأجرة على التعليم بغير شرطٍ:

إننا ما نعلم دليلًا يدل على التحريم، لكن الأفضل أن يُعَلِّم لله، وما ضره أن يفعل كما فعل علماؤنا المتقدمون: فمنهم الحداد، ومنهم البزاز، ومنهم البقال،

ومنهم [ذوو] الحرف الشتى، حتى اللبّان، منهم اللبّان، ومنهم الجزار، يحترفون، ثم بعد ذلك أيضًا يجلسون للتعليم.

ولكن في هذا الزمن من أراد أن يحترف ويتعلَّم أو يعلِّم فلا بد أن يقتصد في المعيشة؛ لأننا قد رأينا أناسًا أرادوا أن يجمعوا بين هذا وذاك فشُغلوا؛ لأن الناس قد توسعوا فهو يحتاج إلى أن يشتغل طول وقته، وعسى أن يكفي حاجة بيته، لكن لو اقتصد وبقي على ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم لأمكن.

ما ضر طالب العلم أن يأكل له تُميرات في الصباح؟! ويشرب كأسًا حليبًا، ممكن أن يبقى إلى الظهر وهو لا يريد شيئًا، ثم في الظهر يأكل وهكذا.

ثم يعلم الله أن كثرة الأكل -وإلى الله المشتكى قد ألفنا هذا- يورث أمراضًا كثيرة، وكثير من الأمراض لم تكن موجودة في الزمن المتقدم، لكن سبب تخليطات الأكل وتنوعاته، وكذا وكذا؛ تجدون الصَّحايا([1]) تَكُظُّ بالمتعالجين؛ والخارج والداخل وغير ذلك.

 



([1]) هذا على لغة أهل بلدِنا، والمراد المستشفيات.

الاثنين، 25 سبتمبر 2023

(127)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾.

 

 قال الحافظ ابن كثير في « تفسيره»: أَي: لَا تَرْحَمُوهُمَا وَتَرْأَفُوا بِهِمَا فِي شَرْعِ اللَّهِ، وَلَيسَ المَنهِيُ عَنهُ الرَّأفَةَ الطَّبِيعِيَّةَ عَلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ، وَإِنَّمَا هِيَ الرَّأْفَةُ الَّتِي تَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى تَرْكِ الْحَدِّ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. اهـ كلامه رَحِمَهُ الله.

واستفدنا من كلامه رَحِمَهُ الله: أن الرأفة الطبيعية لا حرج فيها أن يجد رقة في قلبه طبيعية، وخاصة إذا وجد الضرب، أو الرجم قد يرقُّ قلبه، ولكن لا تمنعه الرأفة وتحمله على ترك إقامة الحد، أو التخفيف في  الجلد ﴿وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾.

وإقامة الحد من رحمة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بعباده.

قال شيخ الإسلام في «الاستقامة»(1/440): وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة من رَحْمَة الله بعباده؛ فَإِن الله إِنَّمَا أرسل مُحَمَّدًا رَحْمَة للْعَالمين، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أرْحم بعباده من الوالدة بِوَلَدِهَا، لَكِن قد تكون الرَّحْمَة الْمَطْلُوبَة لَا تحصل إِلَّا بِنَوْعٍ من ألم وَشدَّة تلْحق بعض النُّفُوس.

[مقتطف من دروس سورة النور لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

(126)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

 

قال تعالى: ﴿وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا [الجن:22].

 

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في «بدائع الفوائد» (1/169): أي: من تعدِل إليه وتهرب إليه وتلتجئُ إليه وتبتهل، فتميل إليه عن غيرِه، تقول العرب: التحد فلانٌ إلى فلانٍ إذا عدل إليه.

 

(25) الطب والمرضى

 


هل يُخبر المريض بنوعِ مرضِهِ وخاصة إذا كان شديدًا؟

ليس من سياسة المريض إخباره بنوع مرضِهِ إذا كان فتَّاكًا.

وقد ابتُليتِ امرأة عندنا بمرضٍ خطير غالبًا يكون بسببه الموت، وهو مرض الورْمِ،  فأخبرها قريبُها بذلك.

فقال والدي: أخطأ حيث أخبرها، قد يزدادُ مرضُها.

قلت: ولهذا من سياسة الأطباء الحُكماء أنهم لا يُخبرون المريض بذلك، وإنما يخبرون قريبه ومن يتولى شؤونه؛ لأن معنويتَه قد تضعُف وتنهار، فيزادد به المرض، ويصير في حالة سيئة أشد وأكثر.

ويدل لذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ».رواه أبوداود(3855)عن أسامة بن شريك رضي الله عنه.

ففي هذا الحديث تنفيس على المريض ورفع معنوياته، وأنه ألَّا ييأس من شفائه، مهما كان مرضه، فالله  سُبحَانَهُ وَتَعَالَى « لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً..».

ولكن قد تأتي حالة لا يُستطاع إخفاءُ نوع المرض عن المريض.

ومرض والدي رَحِمَهُ الله مثال واقعي؛ إذ أنه بعد أن تبينت الفحوصات وكشفت عن مرض وفاته، لم يستطع رفقاؤه في السفر الكتمان عنه، وقالوا إلا الشيخ لا نستطيع الإخفاء عنه، وأيضًا يختلف المرضى في الاهتمام بمعرفة مرضهم، وقد كان والدي منتظرًا للخبر، ويسأل بحرص شديد. فلم يكن هناك بُدٌّ من إخباره.

وما الذي حصل لوالدي رَحِمَهُ الله بعد إخباره؟

كان موقفه الثبات والإيمان بالقدر وعدم اليأس من رحمة الله، والحرص على الدعوة إلى الله، وشرح دعوة أهل السنة -لأن كثيرًا من الناس يجهلون فضلها وأنها دعوة رحمة ولين بسبب المنفِّرين عنها-، وتعليم الناس، والإجابة عن أسئلتهم.

حتى إنني كنت أسأله في الهاتف عن صحته؟

فيقول: الحمد لله، بخير، لا أُحصي ثناءً على الله.

ومن هنا نستنج من هذه المسألة:

أن الأمر يحتاج إلى سياسة؛ لأنه  يختلف الحال من مريضٍ إلى آخر.

فمن كان عنده قوة إيمان، ويزيده اهتمامًا بطرْقِ أبواب العلاج من دعاءٍ، وحسن تداوٍ، ورجوعٍ إلى الله، ومبادرة إلى بعض أعماله المهمة من تتمة بحوث إذا أمكنه..، فهذا لا يُكتم عنه مرضُه.

ومن كان إذا عَرَف نوع مرضه -وأنه يُسبِّب الموت لكثير- يتحطَّم  ويُصاب بالكآبة واليأس والضعف والانهيار، فهذا يُفضَّل كتمان حالة مرضه.

ونسأل الله العافية والثبات.