تذكر
الإنسان ما هو قادم عليه
ينبغي حذر كل مسلم من الغفلة، فهو قادم على أهوال وكربات يوم
القيامة، يقف فيه الناس على أقدامهم وقوفًا طويلًا، في يوم مقدار طوله خمسون ألف سنة، يقول الله عَزَّ
وَجَلَّ: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ
مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} [المعارج].
وتدنو
الشمس من رؤوسهم، والزحام والعرق، وهم واقفون على أقدامهم وقوفًا طويلًا، فيبلغ
بهم الكرب والهم والغم ما لا يطيقون ولا يحتملون- وهَمُّ الآخرة وغمها يختلف عن
هَمِّ الدنيا وغمها-، فيفزع بعضهم إلى بعض، فيقولون: « أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلَا
تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ
لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ». الحديث في سياق حديث الشفاعة الطويل، رواه البخاري
(3340)، ومسلم (194)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ولعِِظَمِ
أهوالِ هذا اليوم ربنا يأمرنا أن نتقيَه ونحذره، يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّقُوا
يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ
وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48]،. العدل:
الفدية. الفدية ما تقبل هناك،{ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ
يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12)
وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ
يُنْجِيهِ (14)}.
الله
عَزَّ وَجَلَّ يزجره ويردعه: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) }[المعارج]، ما فيه فداء
يوم القيامة، يفدي نفسه: بولده أو قريبه أو ماله، ما فيه فداء.
ويقول سُبحَانَهُ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا
تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ
لَا يُظْلَمُونَ (281)} [البقرة: 281]. اتقوا هذا اليوم واحذروه.
ويقول
سُبحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا
يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا
إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا
يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)} [لقمان].
فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يأمرنا أن نتقيَ
يوم القيامة وأن نخشاه، بالاستعداد بالعمل الصالح، والاستقامة على دين الله. اللهم
اجعلنا من الآمنين.
[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية، لابنة الشيخ
مقبل رَحِمَهُ الله]