جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 10 ديسمبر 2015

حكم تصوير البث المُباشر


س: أعلم أن الشيخ مقبل يرحمه الله
كان يفتي بتحريم البث المباشر (اذا كان فيه صور أرواح) .
أبحث عن شيخ هنا من  كبار العلماء في السعودية، يوافق الشيخ مقبل في ذلك الرأي.
حاليا، الشيخ فوزان يفتي بجواز البث المباشر حتى اذا كان فيه أرواح، لكن لا يحلل حفظ البث المباشر.
بسم الله الرحمن الرحيم
جمهور العلماء على تحريم تصوير ذوات الأرواح مطلقا .
 ومنهم الإمام أحمد لعمومات الأدلة .
الشيخ ابن باز له رسالة في( تحريم تصوير ذوات الأرواح ) .
الشيخ حمود التويجري له رسالة (إعلان النكير على المفتونين بالتصوير)  ، وقد توفي رحمه الله.
رسالة قيمة جدا .
وقد قدَّم للرسالة  الشيخ ابن باز  وذكر في المقدمة : أنه غلط غلطا فاحشا من فرَّق بين التصوير الشمسي والتصوير النحتي .
وبعبارة أخرى بين التصوير الذي له ظل والذي لاظل له .لأن الأحاديث الصحيحة تعم النوعين كذا يقول الشيخ ابن باز رحمه الله.
وهذه الرسالة قدَّم لها الشيخ ابن باز وحث على قراءتها من أولها إلى آخرها وتفهُّم معناها .
ثمَّ العبرة بالدليل ،وكلٌ يُؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وفي المسألة جملة كبيرة من الأدلة في تحريم ذلك .
أخرج البخاري (5963) مسلم في صحيحه (2110)عن ابن عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ».
صورة نكرة في سياق الشرط وهذا يفيد العموم .
سواء صور حيواناً أوإنساناً له ظل أو ما له ظل .
الذي يصور يضاهي رب العالمين أخرج البخاري (5953)ومسلم (2111) عن أبي هريرة رضي الله عنه  سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً».
وأخرج مسلم في صحيحه (969) عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ «أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ». وفي رواية لمسلم صُورَةً إِلَّا طَمَسْتَهَا .
صورة نكرة في سياق النفي وهذا يفيد العموم .
وأخرج الترمذي في سننه (2574)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ، يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ، بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالمُصَوِّرِينَ " والحديث صحيح .
والأدلة عامة سواء صورة حيوان أو صورة إنسان أو كانت صورة لها ظل أوليس لها ظل مجسدة أو غير مجسدة.
أما ما كان له ظل فقال النووي في شرح صحيح مسلم : وَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ مَا كَانَ لَهُ ظِلٌّ وَوُجُوبُ تَغْيِيرِهِ اهـ .
وأما ما ليس له ظل كالصورة في سيارة أو في  الجدار أو في الثياب فحرام على ما تقتضيه الأدلة وقد عزا النووي في شرح صحيح مسلم  التحريم إلى جمهور العلماء وهو قول أحمد .
قال النووي  رحمه الله في شرح صحيح مسلم : ولافرق فى هذا كله –أي في التحريم -بين ماله ظل ومالاظل لَهُ هَذَا تَلْخِيصُ مَذْهَبِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَبِمَعْنَاهُ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ.
إذاً  : تبين أن الجماهير على تحريم تصوير ذوات الأرواح سواء لها ظل أوليس لها ظل .
أما من قال :ما ليس له ظل جائز فيرد عليه بعمومات الأدلة وبأدلة خاصة كحديث النمرقة .
أخرج البخاري  (5181)ومسلم (2107)عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟» قَالَتْ: فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ "
وَقَالَ: «إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ» .
قال النووي في شرح صحيح مسلم :قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ إِنَّمَا يَنْهَى عَمَّا كَانَ له ظل ولابأس بِالصُّوَرِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا ظِلٌّ وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ فَإِنَّ السِّتْرَ الَّذِي أَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّورَةَ فِيهِ لَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّهُ مَذْمُومٌ وَلَيْسَ لِصُورَتِهِ ظِلٌّ مَعَ بَاقِي الْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ فِي كُلِّ صُورَةٍ.
قلت : وبالمنع يقول الإمام أحمد قال ابن قدامة في المغني(7/285) قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكْتَرِي الْبَيْتَ فِيهِ تَصَاوِيرُ، تَرَى أَنْ يَحُكَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
 قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: دَخَلْت حَمَّامًا، فَرَأَيْت صُورَةً، أَتَرَى أَنْ أَحُكَّ الرَّأْسَ؟ قَالَ: نَعَمْ اهـ المراد.
والحك يفيد أنها صورة ليس لها ظل .

والله أعلم .