جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 8 أغسطس 2019

(30)اختصار الدرس الأخير (رقم 28) من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية


حكم صوم يومَي العيدين وأيام التشريق.

عَنْ أبي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ أيام التَّشْرِيقِ فَنَادَيَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ، وأيام مِنًى أيام أَكْلٍ وَشُرْبٍ». رَوَاهُ أحمد وَمُسْلِمٌ.

عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أيام التَّشْرِيقِ أن يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

صوم العيدين: أجمع العلماء على تحريم صيام يومي العيدين وأن الصيام لا يصح في هذين اليومين، قال الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار» (4/310): وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْأُصُولِ. اهـ.


صيام أيام التشريق وهي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.

سُمِّيَتْ بذلك لتَشْرِيقِ النَّاسِ لُحُومَ الْأَضَاحِي فِيهَا وَهُوَ تَقْدِيدُهَا وَنَشْرُهَا فِي الشَّمْسِ.

ويقال لأيام التشريق الأيام المعدودات، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾[البقرة: 203].

وَيُقَالُ لَهَا أَيَّامُ مِنَى لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يُقِيمُونَ فِيهَا بِمِنَى.

 وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ منها يُقَالُ لَهُ: يَوْمُ الْقَرِّ بِفَتْحِ الْقَافِ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ يَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنَى.

 وَالثَّانِي: يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ النَّفْرُ فِيهِ لِمَنْ تَعَجَّلَ.

وَالثَّالِثُ: يَوْمُ النَّفْرِ الثَّانِي. [«المجموع» (6/442) للنووي].

وقد دلَّت هذه الأحاديث على النهي عن صيام أيام التشريق.

وفي معناها ما جاء:

§    عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ» أخرجه مسلم (1141).

§    عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأيام التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أهلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أيام أَكْلٍ وَشُرْبٍ» والحديث صحيح.

 وخُصَّ من هذا النهي المتمتع الذي لم يجد الهدي لحديث عائشة وابن عمر في الباب: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أيام التَّشْرِيقِ أن يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ».

§    ولقول الله تعالى: ﴿فمن تمتَّعَ بالعُمْرةِ إلى الحجِّ فما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي فمنْ لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ وسَبْعةٍ إذا رَجَعْتُمْ تلك عَشَرَةٌ كاملةٌ ﴾[البقرة: 196].

وقد ذهب إلى ما دلت عليه هذه الأدلة -في النهي عن صيام أيام التشريق إلا المتمتع الذي لم يجد الهدي- الشافعي في القديم.

وجاء هذا أيضًا عن ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ والأوزاعي ومالك وأحمد في رواية عنه وإسحق.

وهناك قولان آخران في المسألة:

§    أنه لا يصام أيام التشريق لا لمتمتع ولا لغيره أخذًا بعمومات النهي.

 جاء هذا عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وأبي حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ومذهب الشافعي في الجديد. وهو قول ابن حزم في «المحلى»(802).

§    جَوَازُ صَوْمِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ وَغَيْرِهِ

جاء هذا عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ سِيرِينَ. يراجعالمجموع شرح المهذب»(6/545).

ويَرَدُّ هذين القولين الأحاديث السابقة وما في معناها.

وأما الاستدلال بالعمومات في النهي عن صيام أيام التشريق فهي عامة، وأدلة جواز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لم يجد الهدي خاصة، والخاص يقدم على العام.

والصحيح هو ما تقدم أنه لا يصام أيام التشريق سوى المتمتع الذي لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة الأيام قبل يوم عرفة فإنه يجوز له صيام أيام التشريق لهذه الأدلة المذكورة السابقة

وهذا آخر شيء من اختصار دروس الصيام  للمجد ابن تيمية من كتابه المنتقى.والحمد لله الذي أعاننا ووفقنا،فله الفضل والمنة  7/شهر ذي الحجة 1440