جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 9 أغسطس 2019

(13)أسئلة في الحج والعمرة


    
              هل يلزم الصلاة إلى سترة بمكة وغيرها؟

الجواب

قال الإمام البخاري: بَابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا.

ثم أخرج عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ (برقم 501)،وهو عند مسلم (503)، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالهَاجِرَةِ، فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَنَصَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً وَتَوَضَّأَ»، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ .

قال الحافظ في«فتح الباري»: الْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا قَوْله:«بالبطحاء» فقد قدمنَا أَنَّهَا بطحاء مَكَّة .اهـ

وقد جاء عن بعضهم أنه لا يلزم السترة في مكة .

قال ابن قدامة في«المغني»(رقم1217):وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَّةَ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ. قَالَ الْأَثْرَمُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يُصَلِّي بِمَكَّةَ، وَلَا يَسْتَتِرُ بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ صَلَّى ثَمَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ سُتْرَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا، كَأَنَّ مَكَّةَ مَخْصُوصَةٌ.اهـ

ودليل هذا القول حديث المطلب بن أبي وداعة .

قال عبدالرزاق في«مصنفه»بَابُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ بِمَكَّةَ.

ثم أخرج (2387)بسنده عن كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ سُتْرَةٌ».

وهذا إسناد معل .فقد أخرجه أبوداود (2016)من طريق سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وِدَاعَةَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُصَلِّي مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ». قَالَ سُفْيَانُ: لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ سُتْرَةٌ.

 قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كثير، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ أَبِي سَمِعْتُهُ وَلَكِنْ مِنْ بَعْضِ أَهْلِي عَنْ جَدِّي.

فالحديث في إسناده مبهم .

وفي ترجمة البخاري إشارة إلى تضعيف هذا الحديث ،وفقه الإمام البخاري في تراجمه ،قال الحافظ في«فتح الباري»(تحت رقم 501):أَرَادَ الْبُخَارِيُّ التَّنْبِيهَ عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ ،وَأَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا فِي مَشْرُوعِيَّةِ السُّتْرَةِ ،وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ ،وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَنْ لَا فَرْقَ فِي مَنْعِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي بَيْنَ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا ،وَاغْتَفَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ لِلطَّائِفِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ لِلضَّرُورَةِ ،وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ جَوَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَكَّةَ .اهـ

وذكر الحديث الشيخ الألباني رحمه الله في«سلسلة الأحاديث الضعيفة»(928).

ونعلم مما تقدم أن حديث المطلب بن أبي وداعة ضعيف ،فلا يُعارض الأحاديث في الأمر بالسترة، وتحريم المرور بين يدي المصلي وسترته،وكم من حديث ضعيفٍ لأجله يحصل الاختلاف بين أهل العلم .

قال العلامة الألباني رحمه الله في«سلسلة الأحاديث الضعيفة»(2ص327):فتأمَّل يتبين لك خطر الأحاديث الضعيفة وأثرها السيئ في الأمة.اهـ

فيجب على من يصلي منفردا أو إمامًا الصلاة إلى سترة وتحري المكان الذي يأمن فيه من المرور بين يديه، سواء في المسجد الحرام أو في غيره.
وأما المأموم فسترة الإمام سترة لمن خلفه.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.