جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 23 أكتوبر 2016

(22)دُرَرٌ مِنْ نَصَائِحِ السَّلَفِ

                                         
                              التحري في نشر العلم

روى الدارمي في «سننه» (287)عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه، شَيَّعَ الأَنْصَارَ حِينَ خَرَجُوا مِنَ المَدِينَةِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ شَيَّعْتُكُمْ؟ قُلْنَا: لِحَقِّ الأَنْصَارِ. قَالَ: «إِنَّكُمْ تَأْتُونَ قَوْمًا تَهْتَزُّ أَلْسِنَتُهُمْ بِالقُرْآنِ اهْتِزَازَ النَّخْلِ، فَلَا تَصُدُّوهُمْ بِالحَدِيث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  ﷺ  وَأَنَا شَرِيكُكُمْ. قَالَ: فَمَا حَدَّثْتُ بِشَيْءٍ وَقَدْ سَمِعْتُ كَمَا سَمِعَ أَصْحَابِي».
والأثر حسن .
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (347 ت  والدي رحمه الله) .

قال الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» (2/601 ترجمة أبي هريرة) : «هَكَذَا هُوَ؛ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه .

وَزَجَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ بَثِّ الحَدِيث، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِعُمَرَ وَلِغَيْرِهِ، فَبِاللهِ عَلَيْكَ إِذَا كَانَ الإِكْثَارُ مِنَ الحَدِيث فِي دَوْلَةِ عُمَرَ كَانُوا يُمْنَعُونَ مِنْهُ مَعَ صِدْقِهِمْ، وَعَدَالَتِهِمْ، وَعَدَمِ الأَسَانِيدِ، بَلْ هُوَ غَضٌّ لَمْ يُشَبْ، فَمَا ظَنُّكَ بِالإِكْثَارِ مِنْ رِوَايَة الغَرَائِبِ وَالمَنَاكِيرِ فِي زَمَانِنَا، مَعَ طُولِ الأَسَانِيدِ، وَكَثْرَةِ الوَهَمِ وَالغَلَطِ، فَبِالحَرِيِّ أَنْ نَزْجُرَ القَوْمَ عَنْهُ؛ فَيَا لَيْتَهُمْ يَقْتَصِرُونَ عَلَى رِوَايَة الغَرِيبِ وَالضَعِيفِ، بَلْ يَرْوُونَ -وَاللهِ- المَوْضُوعَاتِ، وَالأَبَاطِيلَ، وَالمُسْتَحِيلَ فِي الأُصُولِ وَالفُرُوعِ وَالمَلَاحِمِ وَالزُّهْدِ -نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ-.

فَمَنْ رَوَى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِبُطْلَانِهِ، وَغَرَّ المُؤْمِنِينَ، فَهَذَا ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، جَانٍ عَلَى السُّنَنِ وَالآثَارِ، يُسْتَتَابُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَنَابَ وَأَقْصَرَ، وَإِلَّا فَهُوَ فَاسِقٌ، كَفَى بِهِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.


 وَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَتَوَرَّعْ، وَلْيَسْتَعِنْ بِمَنْ يُعِينُهُ عَلَى تَنْقِيَةِ مَرْوِيَّاتِهِ -نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ-؛ فَلَقَدْ عَمَّ البَلَاءُ، وَشَمَلَتِ الغَفْلَةُ، وَدَخَلَ الدَّاخِلُ عَلَى المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يَرْكَنُ إِلَيْهِمُ المُسْلِمُونَ، فَلَا عُتْبَى عَلَى الفُقَهَاءِ، وَأَهْلِ الكَلَامِ».