جديد الرسائل

الأحد، 28 سبتمبر 2025

(36)من أحكام الصلاة

 

قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله تَعَالَى:

334 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامًا كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

الشك: استواء الطرفين. بخلاف الظن، الظن: ترجيح أحد الطرفين.

في هذا الحديث من الفوائد:

أن من شك في عدد صلاته فلم يدر كم صلى، فليبن على الذي استيقن ويطرح الشك، فمثلًا: شك في الركعة الثالثة هل صلاها أم لا؟ يطرح الشك ويبني على اليقين ويعتبرها ركعتين، شك في الركعة الرابعة يطرح الشك ويبني على اليقين ويعتبرها ثلاثًا.

لكن هذا في حق غير المسوسين، أما من كان عنده وسواس فلا يلتفت إلى الشك؛ لأنه لا فائدة، إذا قال: سأعتبرها ركعتين ثم صلى الثالثة يأتيه شك آخر، الذي عنده وسواس يقطع الشك ويمضي وصلاته مقبولة، وكم يعاني الذين عندهم وساوس، وخاصة الذين عندهم ما يسمى بالوسواس القهري، فمن كان على هذا الحال لا يلتفت إلى الشك ويمضي في صلاته.

أيضًا من شك بعد أن فرغ من العبادة، صلى ثم طرأ عليه الشك بعد أن سلم لا يلتفت إلى الشك، الشك بعد الانتهاء من العبادة لا يؤثر؛ كما في القاعدة: اليقين لا يزول بالشك.

ومثله فيمن شك في عدد الأشواط في الطواف، الكلام في هاتَين المسألَتين واحد.

وفيه: التعبد لله سُبحَانَهُ بإرغام الشيطان وإهانته وإذلاله؛ فسجود السهو يَجبر النقص إذا حصل نقص، إن صلى خمسًا يشفع له؛ حتى لا تكون وترًا، وإن كان صلى تمامًا كانتا- أي سجدتا السهو- ترغيمًا للشيطان؛ لأنه يحزنه السجود ويغيظه، كما قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إذا قرأ ابنُ آدمَ السَّجدةَ فسجدَ اعتزلَ الشَّيطانُ يبكي يقولُ: يا ويلَه أُمرَ ابنُ آدمَ بالسُّجودِ فسجدَ فلَه الجنَّةُ، وأمرتُ بالسُّجودِ فأبيتُ فليَ النَّارُ».

فهذا الحديث من ضمن الأدلة في إرغام الشيطان وإغاظته، وأنه عبادة لله سُبحَانَهُ، ومن كلام والدي رَحِمَهُ اللهُ: العلم أعظم ما يغيظ الشيطان.

فسبحان ربي الذي يطلب العلم ويحفظ ويتفقه في دين الله يكون في إغاظة الشيطان!

وهكذا إغاظة أعداء الله من أجَلِّ العبادات، قال الله تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)﴾ [التوبة: 120]، وقال سُبحَانَهُ في وصف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)﴾ [الفتح: 29].

وفيه: عداوة الشيطان لابن آدم، وأنه يحرص على وسوسة المصلي والتشويش عليه.

[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

(166) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

                  من سماحتِهِ رَحِمَهُ الله بالعلم

سمعت والدي رَحِمَهُ الله يقول: والله، يا أبنائي لو كان العلم يسقى في كأس لأسقيتكموه، ولكن لا يتحصَّل عليه إلا بحكِّ الركب على الحصير.

 وقد قال يحيى بن أبي كثير لولده عبد الله: لا يستطاع العلم براحة الجسم. أخرجه مسلم في كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ، إثر  حديث رقم (612).

أقول: رحم الله أهل العلم الناصحين! وقد جاء هذا النص عن بعض أئمتِنا، منهم:

عن الرَّبِيع بن سليمان المرادي: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أُطْعِمَكَ الْعِلْمَ لَأَطْعَمْتُكَهُ. رواه البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (377).

عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي-أنه قال لطلابه-: وَدِدْتُ أَنَّ الْحَدِيثَ مَاءً فَأَسْقِيكُمُوهُ. رواه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (184) بتحقيقي.

وهذا يدل على كَرَمٍ بالغ في بذل العلم للطلاب، فلو يستطيع أحدهم أن يُسقيه الطالب من غير كُلْفَةٍ ولا مشقة لفَعَل، ولكن أبى الله تَعَالَى-وله الحكمة البالغة- أن يُنال هذا العلم النافع، إلا بجِدٍّ وحرص ومثابرة وعملٍ دؤوب.

السبت، 27 سبتمبر 2025

(165) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 من عتابه رَحِمَهُ الله لبعض طلابه

خلَّطَ بعض المجيبين في الإجابة.

 فسمعت والدي رَحِمَهُ الله يقول: كيف إذا صرتَ مؤلفًا محققًا؟!

 قال أحد الجريئين منهم: سنرجع إن شاء الله إلى الأصول، ما سنكتب من حفظنا.

 

(164) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

      هيبة الناس للشيخ الألباني رَحِمَهُ الله

لمَّا توفي الشيخُ الألباني رحمه الله قال لي والدي الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله متأسفًا: سينفتح الناس في الكتابة. الناس يهابون الشيخَ الألبانيَّ، كانوا يهابونه أن يردَّ عليهم.


الاثنين، 22 سبتمبر 2025

(157)الإجابة عن الأسئلة

 

هل القات حرام وهل هو مخدر أم لا؟

الجواب: القات أنواع: بعضه مسكر، وبعضه لا، فقط يعطي لهم انتعاشًا ونشوة.

وجمهور المعاصرين على أن القات حرام من الخبائث {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]. ويقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه أحمد (2865)، وابن ماجه (2341) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، والقات له أضرارٌ كثيرة.

وهذه شجرة ابتلى الله بها المسلمين في بعض البلدان وخاصة البلد اليمنية، فهي تعتبر ابتلاء، وإلا كما قال الشاعر:

إنما القات حشيش أخضر ... ليس يحتاج إليه البشر

فإذا ما أكلته أمة ...  فاعذروهم إنما هو بقر

يشبه الشاعر القات بالحشيش الذي يأكله الغنم والبقر، لكن ما يتنزهون؛ غلب عليهم الشهوة، فضَعُفوا عن المجاهدة، وإلا من تكلم معهم يكون لهم أنين وحسرة، أغلبهم يكون لهم حسرة وأنين، يضيع عليهم الأوقات، يجلب لهم الكآبة بعد ما يلفظه يأتيه الحزن ويبرد جسمه، وكأنه سيموت تبرد أصابع يديه كأنه محتضر، ويأتيه الكآبة والهموم، زين لهم الشيطان أعمالهم.

[الجواب مقتطف من دروس تطهير الاعتقاد لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

وهنا تنبيه: هل الذي يأكل القات سنِّي؟

جواب والدي:

الذي يخزن سنيته مزعزعة.

وقد ترك الصحابة الخمر لما نزل تحريمها

والإيمان يدفع أصحابه لترك المحرمات، المنهيات.

[كتبته من دروس والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله]

السبت، 20 سبتمبر 2025

(24)الكتب والرسائل التي تكلم عنها والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله

 

                              «الألفية» للسيوطي

 

كتبت عن والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله:

 نظمُ السيوطي في «الألفية» سهل.

 والسبب في هذا: أنه قوي.

 وهو متأخر عن العراقي.

 

(70)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله

 

                       ابن العم من الأهل

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَرَاءَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُبَلِّغَ هَذَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِي»، فَدَعَا عَلِيًّا فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. رواه الترمذي(3090).

وذكره والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله في « الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»(95).

هذا الحديث يدل أن ابن العمِّ من الأهل؛ فعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هو ابن أبي طالب، و أبو طالب عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ولكنه ليس من المحارم، هو من الأقارب وليس من المحارم، فليس له أن يصافح بنت عمه، أو يخلو بها؛ لهذا يجوز الزواج ببنت العم وابن العم.

وهذا الحديث من فضائل علي، فأين أولئكَ النواصب من هذا الحديث وأمثاله؟!

واستدل به الشيعة أن علي بن أبي طالب أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.

والحديث أخصُّ من الدَّعوى؛ ففيه فضيلة لهذا الصحابي، ولا يدل أنه أحق بالخلافة منهم، والمسألة مبسوطة في كتب العقيدة للسلف.

الخميس، 18 سبتمبر 2025

(163) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

                         الميزان في معرفة حال الناس

 

امرأة تعزية أرسلت إلى والدي رَحِمَهُ اللهُ رسالةً تلوَ رسالة، تجادل عن عبدالمجيد الزنداني-الذي هو من كبار الإخوان المسلمين-، فقال لي والدي رَحِمَهُ اللهُ: اكتبي لها: اعرفي الحق؛ لتعرفي أهله. اهـ.

 فنعم، ما يحصل من لبس واشتباه سببه الجهل، فإذا عرفنا الحق تميز لنا الحق من الباطل، واتضح لنا المحق من المبطل، والرجال يُعرفون بالحق، ولا يُعرف الحق بالرجال.

 

الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

(20)مذكرتي



25/ربيع أول/1447


     من الكرامات التي وقعت لشهداء دماج

 

من الكرامات التي وقعت للشهداء الذين دُفنوا في (دماج) قريبًا من البيوت؛ لعدم تمكنهم من الذهاب بهم إلى المقبرة؛ بسبب العدو الرافضي المجرم.

 فبعد نحو سنة ونصف من دفنِهِم، هَطَلَتْ أمطار وحفرت بعض الشيء، فاضطروا-وهذا بعد فَكِّ الحصار- إلى نقلهم إلى المقبرة، فكانت جثث الموتى طرية، والدماء تسيل منها، والذي عليه جورب كما هي...، والجثث سليمة لم يأكلها التراب، وهذا حقيقي- يعني: ليس مجرد إشاعات-، وجاء أقرباؤهم من المدن، ونقل كل قريب قريبه، ومنهم قريبتنا ابنت ابن عمنا رَحِمَها الله، فقد اضطرت وخرجَتْ إلى قسم النساء في (دار الحديث)؛ لتغسيل ملابس ابنتها الرضيعة كما أخبرتني قريبتي، وأوصتْ بابنتها إن قُدِّرَ عليها شيء، فخرجت وضربها القنَّاص، فماتت إثر الضربة مباشرة، تقبلها الله وسائر أولئك الشهداء، فهذه كرامات لهؤلاء الشهداء، وفيه بشارة لأهلهم بأن الله أكرم موتاهم بالشهادة إن شاء الله.

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية فصل: كرامات الأولياء/ لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]


(38) سلسلة في الطِّبِّ وَالْمَرْضَى

 

تسأل إحدى أخواتي في الله:

تلقّينا عرضًا لشراء أوراقٍ، مكتوب فيها القرآن الكريم كاملًا، وقد أُعدّت خصيصًا لوضعها في الماء، ثم شربه، وهذا بعد نزع الورقة منه وقد مسح الحبر، وهو حبر صالح للأكل، يسمونها "أوراقًا قرآنية".

 فهل يجوز بيعها وشراؤها؟

الجواب:

قال النووي رَحِمَهُ الله  في « التبيان في آداب حملة القرآن»:

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كِتَابَةِ الْقُرْآنِ فِي إِنَاءٍ، ثُمَّ يُغْسَلُ وَيُسْقَاهُ الْمَرِيضُ.

 فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصَرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالأَوزَاعِيُّ رَحِمَهُمْ اللهُ: لَا بَأسَ بِهِ.

وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ. اهـ.

أقول:

الاستشفاء بالقرآن بكتابته في إناء ثم يُغسل أو في ورقة  ثم يشربه المريض، هذا ذهب إلى جوازه جمع من السلف، قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (12/59): وَإِذَا كُتِبَ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ فِي إنَاءٍ أَوْ لَوْحٍ، وَمُحِيَ بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ، وَشُرِبَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد، وَغَيْرُهُ.

وقال ابن القيم في «زاد المعاد» (4/157): وَرَأَى جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ أَنْ تُكْتَبَ لَهُ الْآيَاتُ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَشْرَبَهَا. 

وفي «اللقاء المفتوح» للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله رقم اللقاء(56): أما كون القرآن يكتب في إناء ويصب عليه الماء، ثم يروج ويشربه الإنسان فهذا فعله السلف رحمهم الله، يكتبون في إناء للزعفران آية الكرسي، المعوذات وشيئًا من القرآن ثم يصب عليه الماء، ويروج هكذا باليد أو بتحريك الإناء، ثم يشربه الإنسان فهذا فعله السلف، وهو مجرب عند الناس، ونافع بإذن الله. اهـ.

فإذا كتب بعض الآيات بشيء لا ضرر فيه، مثل: الزعفران، وماء الورد، فهذا مباح لا شيء فيه، يتناوله عمومات، كحديث عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ» رواه مسلم (2200).

وأما أن تكتب الآيات بالحبر فهذا قد لا يخلو من ضرر، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه البيهقي في «السنن الكبرى»(6/114)عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إلا إذا كان الحبر صالحًا للأكل فلا بأس.

فعلى هذا لا بأس ببيع مثل هذا وشرائه، وإن كان الأولى أن المريض هو الذي يعتني بنفسه ويرقيها.

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

(162) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

 

                               والدي يطمئِنُنَا

قال والدي رحمه الله -عند أن كنا في درس «تدريب الراوي» للسيوطي رَحِمَهُ الله، وكان في أول الكتاب بعض العبارات القوية- مُطَمْئِنًا لنا: قد يكون الكتاب قويًّا في أوله ثم يكون سهلًا بعد ذلك.

وهذا من مزايا التلقي على يد معلِّمٍ ناصحٍ مُربِّي، تثبيت الطالب وبِشارته باليسر والفهم؛ عملًا بأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لمعاذ وأبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلا تَخْتَلِفَا» رواه البخاري (3038)، ومسلم (1733).

 والطالب قد ينفر من الكتاب ويُحرم كنوزُه وفوائدُه إذا كان يأخذ العلم وحده من غير تلقي؛ لأنه يرى أنه يقرأ ويمرُّ به إشكالات.

وقد وجدت بنحو عبارة والدي السابق ذكرُها للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُما الله في «شرح حلية طالب العلم» (283) يقول: إذا قرأتَ الكتاب أول ما تقرأ لا سيما من الكتب العلمية المملوءة علْمًا، تجد أنك تمر بك العبارات تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها؛ لأنك لم تألَفها، فإذا كرَّرَت هذا الكتاب أَلِفته، وانظر مثلًا إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، الإنسان الذي لا يتمرَّن على كتبه يصعب أن يفهمَها لأول مرة، لكن إذا تمرَّن عرفها بيُسر وسهولة.

السبت، 6 سبتمبر 2025

(53) تربية الأولاد

 

              اصطبار النفس عن الدعاء على الولد بالشر

قال الشيخ ابن عثيمين في «لقاء الباب المفتوح»(رقم عدد اللقاء 187): الإنسان أحيانًا عند تأديب أولاده مع الغضب يدعو بالشر بدل الخير، بدلًا من أن يقول: الله يهديك، الله يصلحك، الله يشرح صدرك يقول: الله يهلكك، الله يفعل بك كذا وكذا.

وقد فسر بعض العلماء قوله تعالى: {وَيَدْعُ الإنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء:11] بهذا، أي: بكون الناس يدعو بالشر في موضعٍ الأليق به أن يدعو بالخير عجلةً وتسرعًا.

 وما أعطي الإنسان عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر.

 صبِّر نفسك، احبسها، عوِّد لسانك إذا أغضبك أولادك أو أهلك أن تدعو لهم بالخير.

بعض الناس يقول: الله يكفينا شركم، يصلح هذا أو ما يصلح؟

يصلح، نحن نقول: نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

 فإذا قال لولده: الله يكفينا شرك، ما أكثر ما تغضبني! هذا ما فيه شيء، لكن: الله يأخذك، الله يدمرك، الله يسود وجهك، الله لا يوفقك لا في الدنيا ولا في الآخرة، حرام هذا.

اصبر، وطن نفسك، وادع لأهلك بالخير.

(23)الكتب والرسائل التي تكلم عنها والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله

 الثناء على كتب الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله 

  قال والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله في « التعليقات الحسان على مقدمة لسان الميزان»: كتب الحافظ سهلة ومفيدة.

 «النخبة» على ما فيها من الاختصار لا بأس سهلة في تعريف الشاذ، وفي كثيرٍ. 

والله المستعان.

(89) اللغة العربية

 

    المواضع التي يجب اقتران جواب الشرط الجازم بالفاء

 

إذا لم تصلح الجملة أن تكون بعد أداة الشرط فيجب اقتران الجملة الجوابية بالفاء أو إذا الفجائية إن توفرت شروط إذا الفجائية.

 

وقد جمعت المواضع التي يؤتى فيها بالفاء وجوبًا في قول الشاعر:

[اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدِ***وَبِمَا وَقَدْ وَبِلَنْ وَبِالتَّنفِيسِ]

 

ورحم الله والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله فقد أفادني بجمع هذه المواضع في هذا البيت  في درس «شرح قطر الندي».

 

 وهذا من فوائد التلقي تثبيت المعلومات من غير كُلفة، تَعْلَقُ في ذهنه ولا ينساها، حتى إن اللفظ الذي ذكره الشيخ -ولو كان بالمعنى- هو الذي يرتسخ في الذهن.

 وفيه تيسير على الطالب يجد زبدة ونبذة جاهزة، وهذا من بركة التلقي، ونسأل الله البركة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

الخميس، 4 سبتمبر 2025

(9)أجوبة على أسئلة الطفلة

 

المأثم والمغرم

عَنْ عَلِيّ بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ، اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ» رواه أبو داود (5052).

تسأل الطفلة: ما هو المأثم والمغرم؟

الجواب:

المأثم: الإثم، المعصية.

المغرم: الدَّيْن.

(161) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

كيف كان حنان الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله بكم؟

كان رَحِمَهُ الله من خير الآباء لأولادهم حنانًا وشفقة وعطفًا:

فكان يجيبنا إذا ناديناه، لبَّيْه، أو نادانا قد يقول: يا أمي؛ من باب التحنَّنِ والشفقة.

كان كثيرَ الدعاء لنا، وكان يدعو إذا خدمناه، وقدَّمنا له شيئًا. ودعوة الوالدين مستجابة.

إظهاره لنا أنه يحبنا، حتى إنه مرة قال لي-وقد تصرفتُ بشيء...-: لولا أني أحبك لضربتُكِ.

وكان أعظم حنان تحبيب العلم إلينا بالتشجيع بالكلام لا بالمال، وفرحه أن نكون طالبات علم، وجلوسه لتعليمِنَا، وصبره علينا، ولا يتضجر أبدًا!

وقد يعطينا أحيانًا بعضَ المال من غير ترَفٍ.

وأما الحزم والشدة، فهذا-وهو نادر- قد يستعمله حسب الحاجة والمصلحة، ومجرَّد كلمة أو إشارة يظهر منها الغضب نتألَّم ولا نعود.

ومن فضل الله نحن رزقنا ربي حُبَّ والدي حُبًّا عظيمًا، وهذا يجعلُنا نحرص على عدم مخالفة نهيه، وتلبية رغباتِهِ وأوامرِهِ، وصدق القائل: إن المحب لمن يحب مطيع.

وكان يرفِّهُ علينا-ونحن صغار- أحيانًا، فيقود السيارة ونخرج معه إلى الصحراء، وكان يأخذ بعض الكتب معه؛ فيطالع فيها ويُدَوِّن تحت بعض الأشجار.

وأحيانًا كان يذهبُ معه رجل يقالُ له: أبو العباس الزبيدي ومعه زوجته، فإذا نزلنا نذهب جهةً أخرى.

 


(160) مذكرة في سيرة والدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

                                                         الأطباء

لقد كان والدي رَحِمَهُ الله حفيًّا بالأطباء خاصة الطيبين منهم.

وكان من الذين يزورونه الدكتوران: عماد، وأبو النور.

وقد كان يستعد لمقابلتهم- إذا زاروه من (صعدة)-، ويجلس معهم، ويقوم بإكرامهم، والتحدث معهم خصوصًا في مجال الطب.

وحدثنا ذات مرة، وقال: بعض إخواننا التقوا ببعض الأطباء في صنعاء، فأشعروهم أنهم لا شيء؛ لتخصصهم في الطب وليسوا طلبة علم. وأنكر رَحِمَهُ الله صنيعهم.

قلت: فالطب فَنٌّ يُحتاج له، لا سيما الطب النبوي وطب الأعشاب؛ لأنها آمنة، ويشمل الجميع قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الهَرَمُ» رواه أبو داود (3855) عن أسامة بن شريك. وهذا لا يكون إلا بعلماء طب.