جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 2 ديسمبر 2020

(72)الإجابةُ عن الأسئلةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

 ❖❖❖❖❖❖

السؤال: نحن نتعلم العلم لكنا قد لا نجد حلاوةً للعلم، فكيف السبيل إلى ذلك؟

الجواب: السبيل إلى وجود حلاوة العلم والاستلذذ به:

-الصدق، والإخلاص، قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14)﴾ [الزمر]. وقال عَزَّ وَجَل: ﴿ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)﴾ [محمد]. قال ابن القيم في «الفوائد»(186):من صدق الله فِي جَمِيع أُمُوره صنع الله لَهُ فَوق مَا يصنع لغيره، ولَيْسَ للْعَبد شَيْء أَنْفَع من صدقه ربه فِي جَمِيع أُمُوره مَعَ صدق الْعَزِيمَة. اهـ فمن صدَق صدق اللهُ معه، إن تصدقِ الله يصدقْكَ.

 وسمعت والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله يقول: إذا علم الله صِدقَ نيتِك فقد ييسر لك بمن يدرسك في بيتك، يذكر هذا في ضمن جواب على من يقول: لم يتيسر له الرحلة في طلب العلم بسبب قيامه بخدمة أبويه.

فالإخلاص والصدق شأنهما عظيم في تحصيل العلم النافع وبركته والتلذذ به.

-تقوى الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق]. ومن كان غارقًا في المعاصي والشهوات والأهواء فإنه لن يجد حلاوة العلم، كما لا يجد المريض حلاوة الطعام والشراب في فمه.

وَمَن يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ. يَجِد مُرًّا بِهِ الماءَ الزُّلالا.

قال ابن رجب رَحِمَهُ الله في «فتح الباري» (1/50) شرح حديث «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ»:الإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم؛ فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها، كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته، فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان من أسقامه وآفاته، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي. اهـ.

-التلقي، وهذا من أنفع ما يتأثر به القلب؛ لأن المعلم يجمع بين أمرين: التعليم، والتربية. فيمر في الدرس آيات وأحاديث، ويكون فيها معالجة لقلب الطالب، وإصلاحه، وتهذيبه. وقد يشعر المعلم بحاجة الطالب إلى التذكير في مسألة من مسائل فيذكِّر به فينتفع الطالب، ويَجد في قلبه الطمأنينة، ويشعر بحلاوة العلم قد لا ينساها. وصدق الله عز وجل إذ يقول: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)﴾ [الذاريات]. وأحيانًا يكون عند الطالب فتور، فيسمع كلمات من شيخه تشده وتقويه، أو يكون عنده ميول إلى الدنيا، فيسمع كلمات في الترغيب في الآخرة والتزهيد في الدنيا، أو يرتكب بعض المعاصي، فيسمع الترهيب وقوارع الأدلة فتزجره، أو يكون عنده سوء صحبة، فيسمع حق المسلم على أخيه المسلم، والحث على مكارم الأخلاق فينفعه الله. فما أحسن التلقى!

-مجالسة الصالحات، الطيبات، المحبات للعلم، فالمجالسة مؤثرة، وتزيد في الإيمان، وحلاوة العلم من الإيمان.

-كثرة ذكر الله عز وجل، فقد قال عَزَّ وَجَل: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)﴾ [الأنفال]. وقال: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)﴾ [البقرة]. فمن ذكر الله عَزَّ وَجَل ذكره عند حاجته، واشتداد أموره، وعند كربته وهمِّه.

وما أعظم سعادة وحلاوة العلم! إن من ذاق حلاوة العلم كان أحسن شيء عنده مِن كل لذة، قال شيخ الإسلام رَحِمَهُ الله في «درء تعارض العقل والنقل» (6/ 75):من دخل في العلم والدين لرغبة في مال أو جاه، أو رهبة من عزل أو عقوبة أو أخذ مال، فلما ذاق حلاوة العلم والإيمان كان ذلك أحب إليه مما طلعت عليه الشمس. اهـ.

وسمعت والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله يقول: ما أحسن العلم! أحسن من الذهب والورق، وأحسن من النساء الجميلات، وأحسن من الملك.

وكان مرة يتحدث عن حلاوة العلم، وذكر أبيات الزمخشري التي من مضمونها:الاستلذاذ بالبحث والكتابة وأن العلم أحسن من النساء:

سَهَري لِتَنقيحِ العُلومِ أَلَذُّ لي. . . مِن وَصلِ غانِيَةٍ وَطيبِ عِناقِي

وَتَمايُلي طَرَبًا لِحَلِّ عَويصَةٍ. . . . أَشهى وَأَحلَى مِن مُدامَةِ ساقِي

وَصَريرُ أَقلامي عَلى أَورَاقِهَا. . . أَحلى مِنَ الدُّوكاة وَالعُشّاقِ

وَأَلَذُّ مِن نَقرِ الفَتاةِ لِدُفِّهَا. . . نَقري لِأُلقِي الرَّمْلَ عَن أَوراقي

أَأَبيتُ سَهرانَ الدُّجى وَتَبِيتَهُ. . . نَومًا وَتَبغي بَعدَ ذاكَ لِحاقي

فسمعت أحدَ الجالسين اعترض، وقال: أما أن يكون العلم أحسن من ليلة العرس فلا، فأجابه والدي رَحِمَهُ الله: الناس يختلفون. اهـ

نسأل الله أن لا يحرمنا حلاوة ولذة العلم النافع.

  ❖❖❖❖❖❖

السؤال: سائلة تقول: حفظكم الله وأعانكم.

عندي أسئلة متعلقة بالصلاة:

قد يعرض علي في الصلاة نسيان مثلًا: أشك هل سجدت سجدتين أو واحدة، فماذا أفعل؟

عليك السجود السجدة الثانية، فلا يترك المتيقَّن فيه للشك، فالسجدة الثانية ركن من أركان الصلاة فلا تترك لمجرد الشك. روى الإمام مسلم (571) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ».

والحديث وإن كان في عدد الركعات إلا أنه يدخل فيه بقية أركان الصلاة، وقد أفتى بذلك الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى» (30/ 11وقال: أما إذا كان الشك في الصلاة، فإنه يأتي بالسجدة ويبني على اليقين، إذا شك هل سجد سجدة أو سجدتين؟ يأتي بالسجدة الثانية سواء في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة. اهـ.

وهذا فيمن لا شكوك عنده ولا وساوس كثيرة، أما من يغلب عليه الوساوس فيمضي ولا يلتفت.

وإذا شك في السجدة الثانية بعد الصلاة، فهذا لا يؤثِّر، وقد نبه على هذه المسألة الشيخ ابن باز رَحِمَهُ الله في «مجموع الفتاوى» (30/ 11وقال: أما إن كان شكه بعد الصلاة وبعد ما فرغ منها طرأ عليه الشك فهذا من الوساوس لا يلتفت إليه، والشك بعد الصلاة لا يؤثر. اهـ.

  ❖❖❖❖❖❖

السؤال: ما حكم القراءة في جميع الصلوات بصوت أسمعه أنا ومن كان قريبًا مني؟

الجهر بالقراءة للمنفرد:إن كانت الصلاة جهرية فالأمر فيها واسع، روى الإمام الترمذي (449) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ؟ أَكَانَ يُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ أَمْ يَجْهَرُ؟ فَقَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ، وَرُبَّمَا جَهَرَ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الأَمْرِ سَعَةً. وهو في «الصحيح المسند» تحت رقم (1575) لوالدي رَحِمَهُ الله.

 وإذا كان يخشع إذا جهر بالقراءة فالأفضل له الجهر؛ لأن الخشوع لُبُّ الصلاة وروحها، وقد رتب الله الفلاح على الخشوع في الصلاة، قال سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)﴾ [المؤمنون].

وأما الصلاة السرية، وهي: الظهر، والعصر، وكذا الركعتان الأخيرتان من صلاة العشاء، والركعة الأخيرة من صلاة المغرب، فهذه السنة فيها الإسرار، ويجوز الجهر في الصلاة السرية ببعض الآيات، روى الإمام النسائي (971) عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فَنَسْمَعُ مِنْهُ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ، وَالذَّارِيَاتِ»، والحديث حسن، وقد بوب عليه والدي رَحِمَهُ الله في «الجامع الصحيح» (140):الجهر في صلاة الظهر بآية أو آيتين، والله أعلم.

  ❖❖❖❖❖❖

السؤال: قد أصلي من الليل خمسًا من باب التعود، فما السنة في كيفيتها؟

في هذا كيفيتان:

-السلام في كل ركعتين ثم يوتر بواحدة لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ، فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ» رواه البخاري (993ومسلم (749). هذه الكيفية الأولى.

-الثانية: أن يسرد الخمس بسلام واحد، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي آخِرِهَا». رواه مسلم (737).

واعلمي أن صلاة الليل جاءت بكيفيات متنوعة، فالأفضل تنويع صلاة الليل تأسيًا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، ومن أشهرها:

عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا» رواه البخاري (1147ومسلم (738وراجعي «صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» للشيخ الألباني رحمه الله.

  ❖❖❖❖❖❖

السؤال: هل الثلاث الركعات الأخيرة في قيام الليل من السنة أن أقرأ سورة الأعلى ثم الكافرون ثم الإخلاص أم أقرأ بما شئت من القرآن؟ وجزاكم الله خيرًا

الجواب:روى عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (5/123)عن أُبي بن كعب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بـ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ و﴿قل يا أيها الكافرون﴾ و﴿قل هو الله أحد﴾. والحديث في « الجامع الصحيح » لوالدي رَحِمَهُ الله.

 وهذا دليل على استحباب القراءه في الوتر بهذه السُّور، وإن قرأ بغير ذلك جاز، قال تعالى: ﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ﴾ [المزمل:20]. 

 ❖❖❖❖❖❖