جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 1 ديسمبر 2020

(71)الإجابةُ عن الأسئلةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

❖❖❖❖❖❖

السؤال: تسأل أخت، وتقول: نحن أخوات نحفظ القرآن ونقوم بالعرض على المعلمة في تطبيق الزوم فهل هذا الفعل لا بأس به، وما قولكم في هذا التطبيق يعني: الزوم؛ لأن هناك من الأخوات من يتحرزن في استعماله خوفًا من الهكر أي: القرصنة فيستمع إليهن الرجال. بارك الله في علمكم.

الجواب: نعم بارك الله فيكم، هذا لا أرضى به لنفسي، ولا لأي أخت سلفية حريصة على التمسك بكتاب الله وسنة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؛ وذلك لعدم الأمن من أن يفتح الرابط- يعني: رابط الدخول- أو تسجيله من طرف بعض النساء اللائي لا يلتزمن بالشروط ومِن ثَمَّ وصوله إلى الرجال.

وهذا واقع حقيقةً ليس مجرد خيال، وقد سمعت وسمع غيري تداول دروس ومحاضرات داعيات ومعلمات، بسبب انتشار الروابط في أنحاء مختلفة وجهات متعدِّدة، وصار أصواتهن يستطيع الرجال سماعها إذا أرادوا.

الله عز وجل قد حث المرأة على الأدب والحياء والبعد عن الرجال، فهذا شيء لم يأمرنا الله عَزَّ وَجَل به ولا رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. ونصرُ الإسلام لا يكون بما فيه مخالفة للدين، والشيطان يزين الباطل، ويجعله حقًا، ويشوه الحق ويجعله باطلًا، قال ابن القيم رحمه الله في كتاب «الروح» ص(257): وَمَا أَمر الله بِأَمْر إِلَّا وللشيطان فِيهِ نزغتان: فَإِما إِلَى غلو ومجاوزة، وإما إِلَى تَفْرِيط وتقصير، وهما آفتان لَا يخلص مِنْهُمَا فِي الِاعْتِقَاد وَالْقَصْد وَالْعَمَل إِلَّا من مَشى خلفَ رَسُول الله، وَترك أَقْوَال النَّاس وآراءهم لما جَاءَ بِهِ، لَا من ترك مَا جَاءَ بِهِ لأقوالهم وآرائهم. وَهَذَان المرضان الخطران قد استوليا على أَكثر بني آدم، وَلِهَذَا حذر السّلف مِنْهُمَا أَشد التحذير، وخوفوا من بلَى بِأَحَدِهِمَا بِالْهَلَاكِ، وَقد يَجْتَمِعَانِ فِي الشَّخْص الْوَاحِد كَمَا هُوَ حَال أَكثر الْخلق يكون مقصرًا مفرطًا فِي بعض دينه، غَالِيًا متجاوزًا فِي بعضه، وَالْمهْدِي من هداه الله. اهـ.

وقال رحمه الله في «إغاثة اللهفان » (202) في بيان كيد الشيطان: ومن كيده العجيب: أنه يُشامُّ النفس، حتى يعلم أي القوتين تغلب عليها: قوة الإقدام والشجاعة، أم قوة الانكفاف والإحجام والمهانة؟

فإنْ رأى الغالبَ على النفس المهانةَ والإحجام؛ أخذ في تثبيطه وإضعاف همته وإرادته عن المأمور به، وثَقّله عليه، وهوَّن عليه تركه، حتى يتركه جملة، أو يُقصِّر فيه ويتهاون به.

وإن رأى الغالبَ عليه قوةَ الإقدام وعلوّ الهمة؛ أخذ يُقلِّل عنده المأمور به، ويُوهِمه أنه لا يكفيه، وأنه يحتاج معه إلى مبالغة وزيادة.

فيقصِّر بالأول ويتجاوز بالثاني، كما قال بعض السلف:ما أمر الله سبحانه بأمر إلا وللشّيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر.

وقد اقتطع أكثرُ الناس إلا أقلَّ القليل في هذين الواديين: وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم جدًّا الثابتُ على الصراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. اهـ.

 وأين غَيرة الرجال على محارمهن؟! لقد ضعفت أو ماتت عند كثير من الرجال إلا من رحم الله عز وجل، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يحث الرجال على الغيرة على محارمهن باعتدال، عَنِ المُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» رواه البخاري (6846ومسلم (1499).

ويقول لي بعض النساء: إنه يحضر على الزوم المئات بينما بغيره لا يحضر إلا العدد اليسير؟

وأقول: هذا لا يهمنا، أهم شيء ستر المرأة وصيانتها. أليس نحن في زمن الخيانة والفتن؟! لا أحدَ يعارض في هذا، وحتى وإنْ وضع بعض النساء شروطًا: أنه لا يدخل على الرابط الرجال، وأنت وأمانتك، كما يقول بعض المعلمات والداعيات.

وكم انتشرت بسبب هذه الطريقة الخاطئة دروس النساء ومحاضراتهن في الشرق والغرب، وكأنها رجل. أليس الله عَزَّ وَجَل يقول: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) ﴾ [الأحزاب]. ويقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ» الحديث رواه البخاري (2038ومسلم (2175) عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ» رواه البخاري (304) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ومسلم (79) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.

ويقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ» رواه مسلم (2742) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ونشر الدين يكون بما يوافق الشرع لا بمخالفته، ولسنا مفوضين في دين الله عَزَّ وَجَل، قال تعالى: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) ﴾ [آل عمران].

ثم بفضل الله لا يفوت الخير من أرادت الوصول إليه، فباستطاعة المرأة أن ننشر الدروس بواسطة الكتابة، ويجعل الله البركة. ليس أهم شيء تكثير العدد مع مخالفة الشرع.

وتستفسر إحدى الأخوات، وتقول -بعد أن أجبتها بنحو ما تقدم-: طيب، هل عندكم من كلام العلماء من تكلم في منع هذا التطبيق..؟

 وجوابي: لم أطلع على شيء في هذا على الخصوص، لكن مضمون كلام أهل العلم ينطبق على هذا الحال، فهم يقولون المرأة تدعو في أوساط النساء من غير أن يخرج صوتها إلى الرجال، وقد تقدم أنه لا يُؤمن أن ينتشر صوتها، وإذا كان من علمائنا من منع تدريس المرأة في مسجد النساء لأمورٍ، ومنها: حتى لا يخرج أصواتهن إلى الرجال -كالعلامة الشيخ الألباني رَحِمَهُ اللهفكيف بتدريسها على الإنترنت بروابط يستطيع أن يدخل عليها بعض الرجال أو تنقل الأصوات إليهم بالتسجيل؟!

فرويدًا رويدًا أيها المعلمات والداعيات، ولا تسترجِلن من حيث لا تشعرن، فالرجال لهم خصائصهم وشؤونهم والنساء لهن خصائصهن وشؤونهن، فلا تتعدَّي ما كتب الله وقدر؛ بحجة محبة نشر العلم والتعاون على الخير!

 اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك.

 ❖❖❖❖❖❖

السؤال: امرأة تقول ما هي حقوق أم الزوج عليها، والعكس؟

الجواب: الحق يدور بين الواجب والمستحب، ومن حق أم الزوج على زوجة ولدها ما يلي:

-أن تعتبرها أمًّا في الرحمة والشفقة والاحترام، يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا، فَلَيْسَ مِنَّا». رواه البخاري في «الأدب المفرد»(354) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وهو في «الصحيح المسند» (783) لوالدي رَحِمَهُ الله

-الصبر على ما قد يحصل من هفوات وزلات، فإن الله عَزَّ وَجَل يقول: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ [القلم:48]. والآية عامة في الصبر على حكم الله عَزَّ وَجَل.

- أن تعلم أن بقيامها بالإحسان إلى أم زوجها يعد إحسانًا إلى زوجها وبرًّا به.

- أن تعاملَها بما تحب أن تعامَل به، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رواه البخاري (13ومسلم (45) عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكما تدين تدان، وكما تعاملين أم زوجك سوف تعاملك فيما بعدُ زوجة ولدك، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، والجزاء من جنس العمل.

أما من حيث وجوب خدمة أم الزوج فإليكم فتوى بعض العلماء:

 في «فتاوى اللجنة الدائمة»( 19/ 265) برئاسة ابن باز رحمه الله: ليس في الشرع ما يدل على إلزام الزوجة أن تساعد أم الزوج إلا في حدود المعروف وقدر الطاقة؛ إحسانًا لعشرة زوجها، وبًرا بما يجب عليه بره.

وفي «لقاء الباب المفتوح» (68/ 25) للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله: السؤال: هل لأم الزوج حق على الزوجة؟

الجواب

 لا. أم الزوج ليس لها حق على الزوجة؛ لكن يكون مِن المعروف والإحسان، ويكون هذا مِمَّا يوجب مودة الزوج لزوجته، فتراعيها في مصالحها، أو تخدمها في الأمر اليسير، وإذا أصبحت في الصباح تقول: صبَّحكِ الله بالخير يا فلانة! إما يا أم فلان! أو يا خالتي! لا فرق، وهذا حسن.

أما كونه واجبًا فلا؛ لأن المعاشرة بالمعروف تكون بين الزوج والزوجة.

وقال والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله في جوابٍ له على (أسئلة أم ياسرتقول:

أخت يأمرها زوجها أن تخدم أمه يوميًّا، مع أن تلك المرأة -أي: أم الزوج-تظلم الزوجة وتتسبب في مشاكل بين الزوجين، والآن الأخت السائلة لا تستطيع أن تصبر أكثر من ذلك، فماذا تفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب: أما الوجوب فلا يجب على هذه المرأة أن تخدم أم زوجها، خصوصًا إذا كانت تعاملها معاملة سيئة، وأما النصح فننصحها أن تصبر أكثر وأكثر وأكثر مما صبرت، فإن الله عَزَّ وَجَل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]. وربما يؤدي ذلكم إلى الفرقة والشقاق بين الزوجين، فننصحها -من باب النصيحة لا من باب الوجوب- أن تصبر عليها، وأن تتعاون معها، وتخدمها في حدود ما تستطيع. وأما الوجوب فلا يجب عليها.

فالذي ينبغي وننصحها به أن تصبر وتتعاون مع زوجها، والله المستعان. اهـ المراد.

وأما العكس، أي: حق زوجة الولد على أم الزوج:

- أن تعتبرها بنتًا، تعاملها بالرحمة والحنان والشفقة، كما تعامل بناتها.

- أن تغض الطرف وتتسامح وتتغافل عن بعض الأشياء، فلا يمكن أن تكتمل الأوصاف المطلوبة، فهي من البشر، والبشر من سجيَّته النقص وعدم الكمال.

-ترك التجسس عليها، فهذا حرام، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات:12].

-الحذر من ظلمها وأذاها، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)﴾ [النور].

وكم يمتلئ البيت بالسعادة والراحة إذا كان هناك مراعاة للحقوق والتزام بالآداب من قِبَل الطرفين، والله المستعان

❖❖❖❖❖❖