جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 14 سبتمبر 2023

(38)الآداب

 

هجر العاصي

يشرع هجر العاصي إذا كان في هجره مصلحة، مسلم عاصي إذا كان هجره يردعه وينفعه فيرجع إلى الله فهنا يشرع هجره، أما إذا كان لا ينتفع بالهجر، وقد يزيده تمردًا ونفورًا فهنا لا يشرع.

 فمثلًا: من يتساهل في صيام رمضان يترك بعض الأيام عمدًا تساهلًا لا جحودًا، أو في سماع الأغاني، أو يتشبه بالكفار في لباسه، ينظر المصلحة في هجره، إذا كان لا يبالي فلا يهجر؛ لعدم الفائدة، أو يزيده الهجر شرًّا وسوءًا وبلاءً أيضًا لا يهجر؛ لأن المقصود مصلحته.

إذا قال الأب: أولادي يجالسون الضائعين فأريد أن أهجرهم، هل ينصح بهجرهم أم لا؟

على التفصيل السابق: إذا كانوا ينتفعون بالهجر ويرجعون عن مجالسة الضائعين فيشرع، بل يجب على الأب أن يهجرهم؛ لأنه مسؤول عنهم أمام الله، فأبناؤه تحت رعايته، وأما إذا خشي أن يزيدهم الهجر سوءًا، وقد يذهبون إلى ما هو أشد، يذهبون إلى شيوعيين مثلًا، محاربين لله ولرسوله، هنا لا يشرع الهجر.

وبقي حالة مَن خشي أن يتأثَّر بالعاصي، فهذا يُهجر.

قال ابن عبد البر في «التمهيد»(6/127): أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ، أَوْ يُوَلِّدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا مَا تَقَضَّى الْوُدُّ إِلَّا تَكَاشُرًا

فَهَجْرٌ جَمِيلٌ لِلْفَرِيقَيْنِ صَالِحُ

ومسألة هجر المسلم بابها مضيق، النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما هجر إلا أناسًا، يُعَدُّون على الأصابع، يعني: فلا يتوسع فيه.

 ويجب الحذر من أن يكون هذا الهجر لغرض شخصي أو دنيوي؛ لأن هذا ليس لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، قد يقول: أهجره لله، وهجره لذلك  في الحقيقة ليس لله، إنما لشيء في نفسه، لغرض شخصي أو دنيوي، فيجب الحذر لا يقول: أهجره لله، وهو في الحقيقة إنما هجره لأجل نفسه، الهجر للحظوظ النفسية والدنيوية لا يجوز أن يزيد على ثلاثة أيام، كما قال النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» رواه البخاري (6077ومسلم (2560).