والدي يطمئِنُنَا
قال
والدي رحمه الله -عند أن كنا في درس «تدريب الراوي» للسيوطي رَحِمَهُ الله، وكان
في أول الكتاب بعض العبارات القوية- مُطَمْئِنًا لنا: قد يكون الكتاب قويًّا في
أوله ثم يكون سهلًا بعد ذلك.
وهذا من
مزايا التلقي على يد معلِّمٍ ناصحٍ مُربِّي، تثبيت الطالب وبِشارته باليسر والفهم؛
عملًا بأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لمعاذ وأبي
موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا
تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلا تَخْتَلِفَا» رواه البخاري (3038)، ومسلم (1733).
والطالب قد ينفر من الكتاب ويُحرم كنوزُه
وفوائدُه إذا كان يأخذ العلم وحده من غير تلقي؛ لأنه يرى أنه يقرأ ويمرُّ به
إشكالات.
وقد وجدت
بنحو عبارة والدي السابق ذكرُها للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُما الله في «شرح حلية
طالب العلم» (283) يقول: إذا قرأتَ الكتاب أول ما تقرأ لا سيما من الكتب العلمية
المملوءة علْمًا، تجد أنك تمر بك العبارات تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها؛ لأنك
لم تألَفها، فإذا كرَّرَت هذا الكتاب أَلِفته، وانظر مثلًا إلى كتب شيخ الإسلام
ابن تيمية، الإنسان الذي لا يتمرَّن على كتبه يصعب أن يفهمَها لأول مرة، لكن إذا
تمرَّن عرفها بيُسر وسهولة.