جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2015

بيانُ من هُوَ حاطِبُ ليْل

تابع /سلسلةُ الفوائد البهيَّة ..



قتادة  بنُ دعامةَ بن قتادة أبو الخطاب السدوسي ـ رحمه الله تعالى 


ـ ، وُلِد أكمه - أي أعمى .


وقد كان حافظًا للقرآن، وعالمًا بالأنساب. والبركة من الله عز 

وجل. الله عز وجل إذا أخذَ نعمة قد يُعَوِّضُ بغيرها .

 قد يعوِّض بالثبات، الذكاء، العلم النافع، العافية ، التوفيق ، إلى 

غير ذلك.

وقتادةُ وُصِفَ بحاطبِ ليل أخرج الفسوِي رحمه اللهُ في المعرفة 


والتاريخ(2/277)  من طريق مغيرة، قال: قيل للشعبي: رأيتَ 

قتادة؟ قال: نعم، رأيته حاطب ليل .

وأخرجه البغوي في «زوائد الجعديات» (1011) من هذه 


الطريق ومن طريق سفيان عن الشعبي به.

وهذا أثر صحيح.

قال أبوعمر-وهو ابن عبدالبر-  في جامعه : العرَب تضربُ 


المثلَ بحاطب الليل للذي يجمع كلما يسمع من غث وسمين، 


وصحيح وسقيم، وباطل وحق؛ لأن المحتطِب بالليل رُبما ضَمَّ 


أفعى  فنهشته وهو يحسبها من الحَطَب . اهـ


و أخرَجَ ابنُ أبي حاتم رحمه الله في «آداب ومناقب الشافعي» 


(صـ99):في كتابي عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي


وذكر من يحمل العلم جُزافًا، فقال: هذامثَل حاطب ليل يقطع 


حزمةَ الحطَب فيحمِلها ولعل فيها أفعَى تلدغه، وهو لا يدري .


قال الربيع -يعني: الذين لا يسألون عن الحجة من أين هي ؟ .


قلت – أي ابن أبي حاتم -: يعني: من يكتب العلمَ على غير فهْم، 


ويكتب عن الكذَّاب، وعنالصدُوق، وعن المبتدع، وغيره، 


فيحمل عن الكذَّاب، والمبتدع الأباطيل، فيصير ذلك نقصًا

لإيمانه، وهو لا يدري .

وجاء عند البيهقي في المدخل (263)عن الشافعي بلفظ  : مثل 


الذي يطلب العلمَ بلا حجة كمثلحاطبِ ليل يحمل حزمةَ حطب، 

وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري .


وقوله (يأخذ العلم جُزافًا) فُسِّرَ هُنا بعدَّة أُمور وأيضاً يشمل مَن 


يتحمل مِن العلم فوق طاقته،وبدون فهم  ، فإنَّ أَخذَ دُفْعَةٍ  كبيرة 

من العلم فوقَ ما يتحمَّلُ يُثْمِر عدم الفهم ، وقد يُسبب المَلَلَ .

وهذا من سوء الأدب في الطلب .


.
وأخرج ابنُ أبي خيثمة في تاريخه (1/946)من طريق سفيانَ 

بن عيينة، قال: قال عبدالكريم الجزري: يا أبا محمد تدري ما 

حاطب ليل؟ قلت: لا، إلا أن تخبرني. قال: هو الرجل يخرج في 

الليل فيحتطب فتقع يده على أفعى فتقتله، هذا مثل ضربته لك 

لطالب العلم، وإن طالب العلم إذا حمل من العلم ما لا يطيقه قتله 

علمُه، كما قتلتِ الأفعى حاطبَ الليل .

والأثر صحيح .



استفدْنَا أنَّ الذي ما يتحرى، يأخذُ الصحيحَ وغيرَه، ويأخذ 


القَصص يقال له حاطب ليل ، أو يُقلِّدفي دينه ،يأْخُذُ القولَ بدون 

دليل ، أو ينشررسائلَ ليس لها أزمَّة ولا أُصُول ، أو يأخذُ عن 

أهلالبِدَعِ ، أو يُسيءُ في الطلب يأخذُ بدون فهمٍ ، أو فوق طاقتِه ، 

يُعَدُّ حاطب ليل .

على هذا ما أكثرَ حُطَّاب ليل  ، وخاصةً في عصورنا .


وللشيخ الوالد مقبل الوادعي ـ رحمه الله تعالى ـ خطبة في حُطَّاب 

ليل .

وقوله (ولعله يكون فيها أفعَى تلدَغُه) معناه أن الذي يوصف 

بحاطب ليل سلك طريقاً مُضِرَّة ، قد لا يسلَم منها .