◆◇◆◇◆◇
الأوقات المختارة لقراءة القرآن
قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (23/282): قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ الْفَضْلِ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ الْمُصَلِّيَ أَعْظَمَ مِمَّا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ. اهـ.
مسألة أيهما أفضل تطويل القيام في الصلاة أم تطويل السجود؟
هذا من المسائل المختلف فيها، فعند الإمام الشافعي: أن القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود؛ لأن القرآن أفضل الأذكار إلا في مواضع مخصوصة، ولحديث جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» رواه مسلم (756).
ومنهم من قال: تطويل السجود أفضل؛ لحديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» رواه مسلم (482).
ومنهم من قال: طول القيام في الليل أفضل، وكثرة الركوع والسجود في النهار أفضل. واحتجوا بأن صلاة الليل قد خُصَّت باسم القيام؛ لقوله تعالى: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ ﴾[المزمل: 2]، ولهذا يقال: قيام الليل، ولا يقال: قيام النهار، قالوا: وهذا كان هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم؛ فإنه ما زاد في الليل على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة.
واختار شيخ الإسلام في «الفتاوى الكبرى» (2/120) أنهما سواء، فإن القيام اختص بالقراءة، وهي أفضل من الذكر والدعاء، والسجود نفسه أفضل من القيام، فينبغي أنه إذا طول القيام أن يطيل الركوع أو السجود.
القراءة في الليل: يقول الله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) ﴾ [المزمل]. فالقراءة في الليل أجمع للقلب وأقوى في التدبر، وأثنى الله على القائمين في آخر الليل بقوله: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) ﴾ [الذاريات].
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» رواه البخاري (1145)، ومسلم (758).
القراءة بين المغرب والعشاء محبوبة وفي سائر الأوقات: لأن القرآن غذاء روحي وشفاء وهدى ورحمة: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء].
ومن الْأَيَّام: الْجُمُعَةُ وَالاثنَينِ وَالْخَمِيس وَيَوْم عَرَفَةَ: باعتبار أنها أيام فاضلة، ومن الأدلة على فضلها:
يوم الجمعة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا» رواه مسلم (854) عن أبي هُرَيْرَةَ.
يوم الاثنين والخميس: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» رواه مسلم (2565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
يوم عرفة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» أخرجه مسلم (1348) عن عائشةَ.
وفيه رد على من كره قراءة القرآن يوم عرفة. قال النووي في «الأذكار»(198): يُستحبُّ الإِكثارُ من الذكر والدعاء، ويَجتهدُ في ذلك، فهذا اليوم أفضلُ أيام السنة للدعاء، وهو مُعظم الحج، ومقصودُه والمعوَّل عليه، فينبغي أن يستفرغَ الإِنسانُ وُسعَه في الذكر والدعاء، وفي قراءة القرآن. اهـ المراد.
الْعَشْرُ الْأَخِيرةُ مِنْ رَمَضَانَ: ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها: عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ». رواه مسلم (1175).
ولأن في العشر الأخيرة ليلة القدر التي قال الله عنها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾[القدر].
الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ: لحديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم أنه قال: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلَا الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلَا الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري» (969).
قــال ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى الكبرى» (5/342): اسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ. اهـ.
وقد اختلفوا في المفاضلة بين عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان، والذي رجحه شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم رحمهما الله أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأخيرة من رمضان، وأن ليالي العشر الأخيرة من رمضان أفضل.
في شهر رَمَضانُ: فإنه شهر القرآن، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾[185]، وكان جبريل يدارس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم القرآن كل ليلة في رمضان، كما في الحديث الذي روى البخاري (6)، ومسلم (2308) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فينبغي الإكثار من قراءة القرآن في رمضان، خاصة في العشر الأخيرة من رمضان، والأعمال بخواتيمها.
إذا نسي القارئ الآية
إذا استدل مستدل بآية يجوز أن يأتي بلفظ الماضي: (قال)، أو بلفظ المضارع: (يقول).
وجاء أثر صحيح عن مطرف بن عبد الله أنه قال: لَا تَقُولُوا: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ، وَلَكِن قَولُوا: إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ. رواه ابْنُ أَبِي دَاوُدَ.
وقد ردَّه الإمام النووي رَحِمَهُ الله بجملة من الأدلة، وأجاد وأفاد. وقال: هَذَا-الَّذِي أَنْكَرَهُ مُطْرِّفٌ رَحِمَهُ الله-خِلَافُ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ، وَفَعَلَتْهُ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم؛ فَقَدَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ﴾[الْأحْزَاب: 4].
وَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجِلَّ: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾[الْأَنْعام: 160]».
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 92]: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾[آل عُمْرَان: 92] البخاري (1461)، ومسلم (998).
- ذكر بعضهم أنه يستحب أن ينتهي من ختم القرآن ختمة في أول النهار، وفي مرة أخرى يختم في أول الليل. و هذا من الاستحسانات لا دليل عليه.
-لا يستحب الصيام يوم الختم: هذا لا دليل عليه أنه يصبح صائمًا يوم الختم، وما أحسن ما قال ابن عبد البر رَحِمَهُ الله في «التمهيد» (22/74): وَالْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ السُّنَّةُ، فَمَنْ أَدْلَى بِهَا فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنِ اسْتَعْمَلَهَا فقد نجا، وما توفيقي إلا بالله. اهـ.
- ذهب جمهور العلماء إلى أنه يُسْتَحَبُّ حُضُورُ مَجْلِسِ خَتمَ الْقُرْآنِ.
قال ابن قدامة في «المغني» (1104): وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْمَعَ أَهْلَهُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرَهُمْ؛ لِحُضُورِ الدُّعَاءِ.
وقال ابن القاسم في «حاشية الروض المربع» (2/206): واستحب السلف حضور الختم وقالوا: يستحب الدعاء عنده، وفيه آثار كثيرة، ويلح في الدعاء ويدعو بالمهمات. اهـ.
وهذا اجتهاد معتمد على أثر أنس بن مالك: أنه كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ، جَمَعَ أَهْلَهُ وَدَعَاهُ. ولم يكن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وخير الهدي هديه، وينظر المسألة التالية.
-استحباب الدعاء عقب الختم، وهذا عليه كثير من أهل العلم، وهو قول الإمام أحمد رَحِمَهُ الله فقد جاء عنه في الأمر بالدعاء في الصلاة عند ختم القرآن قبل الركوع، وقَالَ: رَأَيْت أَهْلَ مَكَّةَ يَفْعَلُونَهُ. كما في «المغني» (2/126) لابن قدامة رَحِمَهُ الله.
ومن أقوى استدلالهم أثر أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ، جَمَعَ أَهْلَهُ وَدَعَاهُ، وهذا فِعْلُ صحابي رضي الله عنه ومن اجتهاده.
وقد تكلم والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله على هذه المسألة، وقال: دعاء ختم القرآن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد كان جبريل يعرض على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في كل عامٍ مرة، وفي العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين، ولم ينقل أنهم يدعون بذلك الدعاء الطويل العريض.
وهكذا أيضًا ما هو موجودٌ في آخر المصاحف لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. إلى أن قال: فالدعاء هو العبادة، وهو من أفضل القربات، لكن تخصيصه عقب ختم القرآن هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأما ما ورد عن أنس فهو ليس بحجة، وقبل هذا ينظر فإنني بعيد عهدٍ في البحث عما ورد عن أنس، وإن ثبت فليس بحجة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 3]. اهـ.
وأنكر دعاء ختم القرآن في الصلاة: الألباني، والوادعي، وابن عثيمين، وبكر بن عبد الله أبو زيد، وألف «جزءًا في مرويات دعاء ختم القرآن».
دعاء ختم القرآن الذي ينسب لشيخ الإسلام
تكلم والدي رَحِمَهُ الله على هذا ، وقال: الدعاء الوارد عن شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه يُشك فيه، فشيخ الإسلام ابن تيمية من أحرص الناس على اتباع الهدى واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولو ثبت أيضًا فليس بحجة، والتقليد نعتبره محرَّمًا، لكنه لم يثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية. اهـ. وجزم الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله بعدم صحته عن شيخ الإسلام، كما «جامع تراث العلامة الألباني في الفقه» (17/266).
وماذا يعمل المأموم عند دعاء ختم القرآن؟
الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله يرى أنه ينسحب ولا يشهد معهم، كما في المرجع السابق. وكذلك والدي رحمه الله.
الحاصل في هذه المسألة: أن دعاء ختم القرآن إنما جاء عن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ موقوفًا عليه، وليس فيه أنه يكون داخل الصلاة. (وَالْحُجَّةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ السُّنَّةُ)، فنحن على هدي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وليس الدعاء عند ختم القرآن من هدي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، واتباع الدليل راحة، والاقتصار على الدليل فيه غُنْيَةٌ وكفاية، والبركة في السنة وإن قلَّ العمل.
فهذا عامٌّ ليس خاصًّا بختم القرآن، ولا يعني الحث على الاجتماع عند ختم القرآن؛ لِمَا علمتُم أن هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
-ذكر النووي أنه يستحب للقارئ عند الختمة إذا أكمل يقرأ شيئًا من سورة البقرة، وهذا ليس عليه دليل؛ والاستحباب حكم شرعي يحتاج إلى دليل. ولهذا لم يستحبه الإمام أحمد رَحِمَهُ الله، قال ابن قدامة في «المغني»(2/126): وَلَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عِنْدَهُ أَثَرٌ صَحِيحٌ يَصِيرُ إلَيْهِ. اهـ.
-ذُكِر أن فيه دعوة مستجابة عند ختم القرآن. وهذا يُستنتَجُ منه الحث على الدعاء عند الختم. وعلمنا أنه لم يكن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم. لكن كما قال الشيخ ابن عثيمين في «فتاوى نور على الدرب»: لو قال الإنسان: اللهم تقبل مني أو كلمة نحو ذلك فأرجو ألا يكون في ذلك بأس.
-أنه إذا دعا أَمَّنَ عَلَى دُعَائِهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ. رواه الدَّارِمِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ. وفيه: قزعة بن سويد؛ ضعيف.
وأين الدليل على هذا حتى نقول: يُؤمِّن على دعاء ختم القرآن أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ؟! بل ما قد سلَّمنا للقول بالدعاء عند الختم.
حكم الحفلات في ختام دورات تحفيظ القرآن، مع العلم أن هذه الحفلات تتخللها بعض الأناشيد؟
جواب والدي الشيخ مقبل رحمه الله: ومَن القائم على الحفلات أهم الإخوان المسلمون؟ لا، لا يَحضرن. أم القائمون على هذه الحفلات أهم أناس يعلِّمون لوجه الله؟ فذاك. على أن في ذلك الوقت ما كان الصحابة يحتفلون بحفظة القرآن، هل احتفلوا بسالم مولى أبي حذيفة؟ أو احتفلوا بمعاذ بن جبل؟ أو احتفلوا بأبِّي بن كعب؟ وهؤلاء الثلاثة من حُفاظ القرآن.
المهم-يا إخوان-ضيعوا الدين بالشِّعارات. والله المستعان.
أما الحكم فأنا لا أرى الحضور في حفلات الإخوان المفلسين، لا أرى هذا، غير الإخوان المفلسين أنا أكره الحضور؛ لأن هذا لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد وُجد حُفاظ في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي زمن التابعين، فما كانوا يقومون باحتفال.
المرجع شريط: (الأجوبة النافعة عن أسئلة طالبات الجامعة).
وفي «فتاوى اللجنة الدائمة» (2/488) برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله: الوليمة أو الاحتفال بمناسبة ختم القرآن لم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، ولو فعلوه لنُقل إلينا كسائر أحكام الشريعة، فكانت الوليمة أو الاحتفال من أجل ختم القرآن بدعة محدثة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وقال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد». اهـ.