جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 31 مارس 2017

(34)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


                   الآيات الأولى من سورة الكهف
                      بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)[الكهف].
-----------------
﴿اﻟْﺤَﻤْﺪُ ﻟِﻠَّﻪِ﴾ الحمد:الإِخبار بمحاسن المحمود مع محبته وإجلاله.
﴿ﻭَﻟَﻢْ ﻳَﺠْﻌَﻞْ ﻟَﻪُ ﻋِﻮَﺟًﺎ﴾ قال ابن كثيرفي «تفسير هذه الآية»: أي: لم يجعل فيه اعوجاجًا وَلَا مَيْلًا، بَلْ جَعَلَهُ مُعْتَدِلًا مُسْتَقِيمًا وَلِهَذَا قَالَ: ﴿قَيِّمًا ﴾أَيْ: مُسْتَقِيمًا .اهـ
﴿ ﺃَﻥَّ ﻟَﻬُﻢْ ﺃَﺟْﺮًا ﺣَﺴَﻨًﺎ ﴾الأجر الثواب. ﴿ ﺣَﺴَﻨًﺎ ﴾ جميلًا.
﴿ﻣَﺎﻛِﺜِﻴﻦَ ﻓِﻴﻪ ِ﴾ باقين في الثواب ونعيم الجنة .
﴿ ﻛَﺒُﺮَﺕْ ﻛَﻠِﻤَﺔً ﴾أي: عظُمَت ، وكلمة منصوبٌ على التمييز.

من فوائد هذه الآيات المباركات: 

1- حمدالله سبحانه وتعالى وثناؤه على نفسه في إنزاله القرآن على نبيه وعلى هذه الأمة.
2- حث الله عز وجل عباده على الثناء عليه وحمده سبحانه على إنزاله لهذا القرآن العظيم.
3-أن القرآن مستقيم ليس فيه اعوجاج ولا اختلاف ،كما قال الله سبحانه:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾[  النساء : 82  ].
4- أن نعيم الجنة باقٍ لا انقضاء له ولا زوال .
5-قُبح ذنب ادِّعاء الولد لله عزوجل وأنه افتراء عظيم.
6-  ثلاثُ فوائد في إنزال القرآن الكريم:
- نذارة للكفار المعاندين.
- بشارة للمؤمنين .
- نذارة للمشركين الذين قالوا:﴿اﺗَّﺨَﺬَ اﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻟَﺪًا ﴾.


وهذه نذارة خاصة ،والتي قبلها في الفائدة الأولى نذارة عامة لجميع المعاندين والمشركين ،وهذه نذارة خاصة للذين يدَّعُون لله ولدا كاليهود القائلين:﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾،والنصارى القائلين:﴿الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ﴾،قال  تعالى:﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ [ التوبة : 30 ].
وكذلك المشركون الذين قالوا الملائكة بنات الله ،قال تعالى:﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)﴾[الأنبياء].
وادِّعاء الولد لله عز وجل منكر عظيم ،ولهذا يقول تعالى:﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾،وقال تعالى:﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا (93)﴾  [ مريم].
وقال تعالى:﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)﴾[الإخلاص].
وروى البخاري(7378) ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻣُﻮﺳَﻰ اﻷَﺷْﻌَﺮِﻱِّ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ اﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﻣَﺎ ﺃَﺣَﺪٌ ﺃَﺻْﺒَﺮُ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﺫًﻯ ﺳَﻤِﻌَﻪُ ﻣِﻦَ اﻟﻠَّﻪِ، ﻳَﺪَّﻋُﻮﻥَ ﻟَﻪُ اﻟﻮَﻟَﺪَ، ﺛُﻢَّ ﻳُﻌَﺎﻓِﻴﻬِﻢْ ﻭَﻳَﺮْﺯُﻗُﻬُﻢْ».