حضور والدي طلاق امرأة
كان هناك امرأة من قريتنا وأقربائِنا تزوجت إلى مكانٍ نائي.
ولم يُقدَّرْ لها البقاء مع زوجها، فجاء مجموعة من أقرباء الزوج وأبوه، دون الزوج مع أنه شاب كبير، وحضر والدي المجلس.
وفارق المرأةَ أبو الزوج نيابة عن ولده، ثم انصرفوا.
وقد كان والدي حفيًّا بتلك المرأة؛ لأنها تحفظ القرآن، وطالبة علم مجتهدة.
وقد أفادنا والدي رَحِمَهُ الله عن حديث:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَيِّدِي زَوَّجَنِي أَمَتَهُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» رواه ابن ماجه(2081).
بأنه ضعيف.
قال: والشيخ الألباني يحسنه. اهـ.
والحديث فيه عند ابن ماجه ابن لهيعة.
وينظر الكلام عليه في «نصب الراية»(8/139)، و«الإرواء» (7/2041).
وقد استدل ابن القيم رَحِمَهُ الله في «زاد المعاد»(5/254) على أن الطلاق بيد الزوج لا بيد غيره بما يلي:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49].
وَقَالَ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231].
قال: فَجَعَلَ الطَّلَاقَ لِمَنْ نَكَحَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِمْسَاكَ، وَهُوَ الرَّجْعَةُ.
ثم ذكر حديث ابن عباس المذكور، ثم أيد معناه، وقال:
وَقَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْمُتَقَدِّمُ، وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَا فِيهِ، فَالْقُرْآنُ يُعَضِّدُهُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ. اهـ.
ولا شك أن الطلاق خالص حق الزوج، لكنه إذا وكَّل غيره في الطلاق، فالنيابة جائزة فيه.