جديد الرسائل

الأربعاء، 25 يونيو 2025

(14)مذكرتي


22/ذي الحجة/1446هـ

 من في قوله تَعَالَى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾[إبراهيم: 40]


كنا في مجلس ليلة  18 من شهر ذي الحجة هذا العام 1446.

فتحدثنا عن مسألة الدعاء للأولاد، فقالت واحدة: إذا دعوت لأولادي أقول: وذريتي، ولا أقول: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾.

 أي: في قوله تَعَالَى: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)﴾[إبراهيم: 40]؛ ليعم جميع ذريتي.

فاستفسرت منِّي واحدة: أهذا صحيح؟

والجواب: هذا دعاء مشروع بنفس الصيغة واللفظ.

فمن بيانية، أي: لبيان الجنس، كقوله تَعَالَى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ﴾[الحج: 30].

ففي الأولى: المعنى: واجعل جنس ذريتي.

وفي الثانية: المعنى: اجتنبوا جنس الأوثان. 

وفي « التحرير والتنوير»(13/144): مِنْ ابْتِدَائِيَّةٌ وَلَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ إِلَّا أَكْمَلَ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ وَلِذَرِّيَّتِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَهُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَرِيقٌ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَفَرِيقٌ لَا يُقِيمُونَهَا، أَيْ: لَا يُؤْمِنُونَ.

 وَهَذَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ تَحْصِيلًا لِحَاصِلٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ﴾[سُورَة إِبْرَاهِيم: 35]، وَلَمْ يَقُلْ: وَمِنْ بَنِيَّ؟

وهناك من جزم بأن(من) للتبعيض، أي: بمعنى بعض.

قال أبو حيان في «البحر المحيط»(1/54): وَمِنْ ذُرِّيَّتِي، مِنْ لِلتَّبْعِيضِ؛ لِأَنَّهُ أُعْلِمَ أَنَّ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَكُونُ كَافِرًا، أَوْ مَنْ يُهْمِلُ إِقَامَتَهَا وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا. 

وقال الشوكاني في «فتح القدير»(3/136): أَيْ: بَعْضَ ذُرِّيَّتِي.

 أَيِ: اجْعَلْنِي وَاجْعَلْ بَعْضَ ذُرِّيَّتِي مُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ.

 وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَعْضَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ مِنْهُمْ مِنْ لَا يُقِيمُهَا كَمَا يَنْبَغِي.