(وَمِنَ الإيمَانِ بِاللهِ: الإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتِابِهِ الْعَزِيزِ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هذا فيه تقرير لعقيدة أهل السنة الإيمان بصفات الله سُبحَانَهُ التي جاءت عن الله وعن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ونستفيد منه قاعدة: أن صفات الله وكذا أسماؤه سُبحَانَهُ توقيفية، يعني: تؤخذ من الكتاب والسنة، لا من العقل والآراء.
وصفات الله سُبحَانَهُ على قسمين: ثبوتية، وسلبية.
الصفات الثبوتية: ما أثبتها الشرع، الصفات السلبية: ما نفاها الشرع.
والصفات الثبوتية: ذاتية، وفعلية.
الصفات الذاتية: هي التي لم يزل الله سُبحَانَهُ متصفًا بها أزلًا وأبدًا.
والصفات الفعلية: تتعلق بمشيئة الله، متى شاء فعلها ومتى شاء تركها.
والصفات الذاتية على قسمين: معنوية، وخبرية.
المعنوية: كالعلم، والحياة، والقدرة.
والصفات الخبرية: هي التي مسماها أجزاء وأبعاض لنا كاليد، والوجه، والعين.
(مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ) التحريف لغة: الإمالة.
واصطلاحًا: الميل بنصوص الكتاب والسنة بغير دليل يدل على ذلك.
وقد نص شيخ الإسلام على التحريف؛ لأنه هو الذي جاء في القرآن في ذمِّه، قال سُبحَانَهُ: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [المائدة: 13].
والتحريف قد يكون في اللفظ، مثلًا: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)﴾ [طه:5]. يقول: استولى. هذا تحريف في اللفظ.
وتحريف في المعنى، وهذا كثير، وما من صفة من صفات الله إلا والمخالفون لعقيدة أهل السنة يؤولونها، فمثلًا: صفة الوجه لله يؤولونها بالثواب، واليد بالنعمة، وهكذا.
(وَلاَ تَعْطِيلٍ) التعطيل: لغة: الخلو والفراغ.
واصطلاحًا: تخلية ما يجب لله سُبحَانَهُ من الأسماء والصفات.
(وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ) التكييف: بيان الهيئة التي تكون عليها الصفات، فلا يقال: كيف استوى؟ كيف يده؟ كيف وجهه؟ ونحو ذلك؛ لأن القول في الصفات كالقول في الذات، فكما أن له ذاتًا ولا نعلم كيفيتها، فكذلك له صفات ولا نعلم كيفيتها؛ إذ لا يعلم ذلك إلا هو، مع إيماننا بحقيقة معناها. ذكره السعدي رَحِمَهُ الله.
فالمعنى معلوم والكيف مجهول..
وإذا قال قائل: هل صفات الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من قبيل المحكم أو من قبيل المتشابه؟ نأتي بتفصيل وهو:
صفات الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من قبيل المحكم، باعتبار أن معناها معلوم، تعريف المحكم: هو الذي تبين معناه، ومن قبيل المتشابه، باعتبار أن الكيف مجهول.
المتشابه: الذي لا يعلمه إلا الله، وقد يأتي المتشابه بمعنى آخر: وهي النصوص التي يكون فيها شبهة لأهل الأهواء.
وهذا ما قرره والدي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رَحِمَهُ الله كما استفدته منه، والشيخ الألباني في «فتاوى المدينة والإمارات» (16).
(وَلا تَمْثِيلٍ) التمثيل: إثبات صفات الخالق على وجه تماثل صفات المخلوقين، فنحن نثبت صفات الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من غير تمثيل قال تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:11]، وقال سُبحَانَهُ: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: 65]، أي: مثيلًا، وقال سُبحَانَهُ: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 4].