جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 20 يوليو 2024

(5) اختصار شرح العقيدة الواسطية

 


(فَلاَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ) هذا من عقيدة أهل السنة، وهذا فيه الرد على المعتزلة والجهمية ومن نحا نحوهم ممن ينفي صفات الله، فما أثبته الله من صفاته نثبتها، وما نفى عنه من الصفات ننفيها.

وفيه قاعدة يذكرونها: أن نفي الصفات ليس نفيًا محضًا، ولكن يتضمن إثبات ضده من الكمال. فمثلًا: قوله تَعَالَى: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق]. هذا فيه نفي التعب عن الله، وهو يفيد إثبات كمال القوة والقدرة لله.

ومن القواعد: أن الأصل في الصفات الثبوتية أنها تأتي مفصلة-يعني: بالنص عليها-صفة الحياة، العلم، السمع، البصر..، وقد تأتي مجملة كقوله تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى [النحل].

وعكسها الصفات السلبية: الأصل فيها أنها تأتي مجملة، قال تَعَالَى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم: 65 وما جاء من الصفات السلبية مفصلًا فهذا نادر ومجيئُه مفصلًا لِحِكَمٍ، منها: الرد على من يصف الله بالنقائص كمن يدَّعِي له الولد.

(وَلاَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ)

ومن أشد التحريف تحريف صفات الله، وعدم الإيمان بها كما جاءت، فمثلًا: كما تقدم من صفات الله الوجه كما يليق بالله، وأهل التحريف يؤولون الوجه بالثواب أو بالذات، الواجب الأخذ بظاهر الصفة؛ لأن القرآن عربي ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)﴾ [الشعراء فلا نؤوله ونخرجه عن ظاهره إلا بدليل، من غير تمثيل.

(وَلاَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللهِ) الإلحاد: اللغة: الميل، وهذه القاعدة مأخوذة من قوله تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف: 180]. والإلحاد في أسماء الله منكر عظيم.

والإلحاد في أسماء الله على أقسام كما ذكر ابن القيم وابن عثيمين رَحِمَهُما الله:

-نفي أسماء الله أو نفي بعضها، كما هو قول الجهمية: ينفون أسماء الله.

-أن يسمي الله بما يسمي به نفسه.

-الثالث: أن ينفي ما دل عليه الاسم من الصفة؛ فإن من القواعد في أسماء الله أن كل اسم من أسماء الله يتضمن إثبات صفة، فليست أعلامًا محضة.

والذين يثبتون أسماء الله من غير صفة المعتزلة، أما أهل السنة فإنهم يقولون: كل اسم من أسماء الله يدل على إثبات صفة، والدليل قوله تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾.

-الرابع: أن يثبت الأسماء لله والصفات، ولكنه يجعلها دالة على التمثيل.

-الخامس: أن ينقلها إلى المعبودات أو يشتق أسماء منها للمعبودات، مثل: أن يسمي شيئًا معبودًا بالإله، أو مثل: اللات من الإله، والعزى من العزيز.

 (وآيَاتِهِ) قال الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ﴾[فصلت].

آيات الله على قسمين: آيات كونية، وآيات شرعية.

الإلحاد في آيات الله الكونية يكون بواحد من أمور ثلاثة: إما بإضافتها لغير الله، وإما باعتقاد مشارك لله فيها، وإما باعتقاد معين لله فيها.

وقد نفى الله هذه الثلاثة الأشياء عن غيره، فقال: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ

والإلحاد في آيات الله الشرعية: يكون إما بتكذيبها أن يقول: ليست من عند الله.

أو تحريفها: بتغيير لفظها، أو صرف معناها عما أراد الله بها ورسوله.

أو مخالفتها: بترك الأوامر أو فعل النواهي. كما ذكر الشيخ ابن عثيمين.