جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 27 أكتوبر 2023

(35)الأورَادُ من الأذكار والأدعية

 

هل من الأذكار بعد الوضوء ما يأتي؟

عن أبي موسى الأشعري، قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَضَّأَ، فَسَمِعْتُهُ يَدْعُو يَقُولُ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي» قَالَ: فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، لَقَدْ سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِكَذَا وَكَذَا قَالَ: «وَهَلْ تَرَكْنَ مِنْ شَيْءٍ؟».

 رواه النسائي في «الكبرى »(9/36) من طريق عَبَّاد- يَعْنِي ابْنَ عَبَّادِ بْنِ عَلْقَمَةَ-، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو مُوسَى.. فذكره.

و صحح إسناده النووي في «الأذكار»(29)، وذكر أنه ترجم ابن السني لهذا الحديث: باب ما يقول بين ظهراني وضوئه.

 وأما النسائي فأدخله في باب: ما يقول بعد فراغه من وضوئه، وكلاهما محتمل.

وقد تعقبه على تصحيح إسناده الحافظ في  «نتائج الأفكار» (1/263)، وقال: فيه نظر؛ لأن أبا مِجْلَز لم يَلْقَ سَمُرة بن جندب ولا عمران بن حصين، فيما قاله عليُّ ابنُ المديني.

وقد تأخرا بعد أبي موسى، ففي سماعه من أبي موسى نظر، وقد عُهد منه الإرسالُ ممن لم يلقَه، ورجالُ الإسناد رجالُ الصحيح إلا عبّاد بن عبّاد، والله أعلم.

وأخرجه أحمد(32/344) من هذه الطريق بلفظ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَقَالَ: «اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي، وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي ذَاتِي، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي».

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف »(1/264): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى، إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي».

قال الشيخ الألباني في « تمام المنة»(96) عقِبَه: وسنده صحيح، وهذا يرجح أن الحديث أصله موقوف وأنه لا يصح رفعه، وأنه من أذكار الصلاة لو صح.

ثم قال رَحِمَهُ الله: نعم الدعاء الذي في الحديث له شاهد ذكرته في « غاية المرام»(85)،  فالدعاء به مطلقًا غير مقيد بالصلاة أو الوضوء حسن؛ ولذلك أوردته في «صحيح الجامع» (1276).  

قلت: الحديث رواه الترمذي (3500) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ دُعَاءَكَ اللَّيْلَةَ، فَكَانَ الَّذِي وَصَلَ إِلَيَّ مِنْهُ أَنَّكَ تَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي».

 قَالَ: «فَهَلْ تَرَاهُنَّ تَرَكْنَ شَيْئًا».

 

فاستفدنا: أن الدعاء ثابت فيه من غير تقييد بالصلاة أو الوضوء، والله الموفق.

 

[مقتطف من دروس بلوغ المرام الدرس السابع عشر لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

وقد ذكرناه في أوراد الأذكار من باب التنبيه عليه، والله أعلم.