انتظار المصاب الفرج من الله سبحانه
قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (84)﴾ .
في قصة هذا النبي الكريم نبي الله أيوب عليه الصلاةوالسلام: الفرج بعد الشدة؛ فقد وقع أيوب عليه الصلاة والسلام في بلاء عظيم ومحنة شديدة، ثم فرج الله عنه، وجعل له مخرجًا من هذا الضيق، و شفاه الله شفاء تامًّا لا يغادر سقمًا، وعوضه في ماله، وأعاد عليه أهله ومثلهم معهم، وأكثر المفسرين على أن الله عز وجل رد عليه أهله وأولاده بأعيانهم.
فهذه القصة يستفاد منها: أن المصاب لا يقنط من رحمة الله ولا ييأس؛ فقد وعد الله سبحانه بالفرج بعد الشدة، وكما يقال في المثل: اشتدي أزمة تنفرجي.
بل ربنا عَزَّ وَجَل يقول ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)﴾[الشرح].
وهذه تربية عظيمة للعبد المؤمن المصاب، أنه ينتظر الفرج من الله ولا يقنط، فانتظار الفرج من الله عبادة.
كما نستفيد: فضيلة لامرأة أيوب عليه الصلاة والسلام، وصبرها على زوجها وبرها به في وقت الضيق والشدة، حتى إنه عافه القريب والبعيد.
وهذا من أعظم محاسن المرأة الصالحة، مساندة زوجها وقت الشدة والكربة، وعدم التخلي عنه، وأن تكون وفيةً مع زوجها في السراء والضراء، وعلى أي حال.
قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (1/ 258): فلما عافاه الله عزوجل أَفْتَاهُ أَنْ يَأْخُذَ ضِغْثًا، وَهُوَ كَالْعِثْكَالِ الَّذِي يَجْمَعُ الشَّمَارِيخَ، فَيَجْمَعَهَا كُلَّهَا وَيَضْرِبَهَا بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، وَيَكُونُ هَذَا مُنْزَلًا مَنْزِلَةَ الضَّرْبِ بِمِائَةِ سَوْطٍ، وَيَبَرُّ وَلَا يَحْنَثُ.
وَهَذَا مِنَ الْفَرَجِ وَالْمَخْرَجِ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَأَطَاعَهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي حَقِّ امْرَأَتِهِ الصَّابِرَةِ الْمُحْتَسِبَةِ الْمُكَابِدَةِ، الصِّدِّيقَةِ الْبَارَّةِ الرَّاشِدَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.