تسأل إحدى أخواتي في الله عن إعراب: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾ [الحديد: 27]؟
والجواب: علمني الله وإياكِ:
في إعراب رهبانية قولان:
القول الأول: أن رهبانية معطوف على ما قبله، أي: على رحمة. و ﴿ابْتَدَعُوهَا﴾ صفة لها، ويكون المعنى كما قال أبو البقاء العكبري في «التبيان في إعراب القرآن»(2/1211): فَرَضَ عَلَيْهِمْ لُزُومَ رَهْبَانِيَّةٍ ابْتَدَعُوهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾.
وعلى هذا نستفيد: أنهم ابتدعوا، فلما ألزموا أنْفُسَهُم ذلك التطوع ودَخَلُوا فيه لزمهم إِتمامه، كما أن الِإنسان إذا جعل على نفسه صومًا لم يُفْتَرَض عليه لزمه أنْ يُتِمَّهُ. كما قال الزجاج في «معاني القرآن»(5/130).
والقول الثاني: منصوب على الاشتغال. ويكون المعنى كما قال الزجاج في «معاني القرآن»(5/130): لم نكتبها عليهم البتَّةَ.
وهذا القول الثاني هو الذي ذهب إليه ابن القيم في «مدارج السالكين»(2/60) إعرابًا ومعنى.
ونص كلامه في معنى الآية: أَيْ: لَمْ نَشْرَعْهَا لَهُمْ، بَلْ هُمُ ابْتَدَعُوهَا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ نَكْتُبْهَا عَلَيْهِمْ. اهـ.
وعلى هذا الإعراب الثاني تكون جملة ﴿ابْتَدَعُوهَا﴾ مفسِّرة، لا محل لها من الإعراب، كشأن الجمل التفسيرية.
وهذا مثالٌ من أمثلة كثيرة تدل على أهمية علم اللغة العربية في فهْم معاني القرآن، والله الموفق.