هَل
فِيهِ فَرقٌ بَينَ قِيَامِ اللَّيلِ وَالوِترِ؟
قيام الليل غير الوتر؛ لأنه جعل خاتمة قيام الليل ركعة الوتر، وهناك في هذا المعنى أدلة كثيرة، منها:
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» رواه البخاري (998)، ومسلم (751) عن ابن عمر.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ، فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ» رواه البخاري (993)، ومسلم (749).
وعن ابن عباس في صلاة الليل، وفيه أن النّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ. رواه البخاري (183)، ومسلم (763). وغير ذلك من الأدلة.
في هذه الأدلة: التفريق بين الوتر وقيام الليل، لكن لا مانع أن يُطلق هذا على هذا، وهناك بعض الأدلة تفيد هذا، منها:
-عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: بِكَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ؟ قَالَتْ: «كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ وَثَلَاثٍ، وَسِتٍّ وَثَلَاثٍ، وَثَمَانٍ وَثَلَاثٍ، وَعَشْرٍ وَثَلَاثٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ، وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ» رواه أبو داود(1362).
ولكن الأغلب في الأدلة هو التفرقة بين الوتر وقيام الليل، وهذا فيه خلاف بين أهل العلم، وقد ذهب إلى هذا الحافظ ابن كثير والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وهذه نصوص أقوالهم:
قال الحافظ ابن كثير في « الفصول»: وَأَمَّا قِيَامُ اللَّيلِ -وَهُوَ: التَّهَجُّدُ-فَهُوَ غيرُ الوِترِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وقال الشيخ ابن باز في «فتاواه»(11/309): الوتر من صلاة الليل، وهو سنة، وهو ختامها، ركعة واحدة يختم بها صلاة الليل في آخر الليل، أو في وسط الليل، أو في أول الليل بعد صلاة العشاء، يصلي ما تيسر ثم يختم بواحدة يقرأ فيها الفاتحة، وقل هو الله أحد، هذا هو الوتر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا».
وقال الشيخ ابن عثيمين في «فتاواه» (14/262): والسنة قولًا وفعلًا قد فرقت بين صلاة الليل وبين الوتر، وكذلك أهل العلم فرقوا بينهما حكمًا، وكيفية:
ثم ذكر بعض ما تقدم من الأدلة، قال: وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل حكمًا، فإن العلماء اختلفوا في وجوب الوتر، فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه وهو رواية عن أحمد ذكرها في «الإنصاف» و «الفروع»، قال أحمد: من ترك الوتر عمدًا فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة.
والمشهور من المذهب أن الوتر سنة، وهو مذهب مالك؛ والشافعي.
وأما صلاة الليل فليس فيها هذا الخلاف، ففي «فتح الباري»(3/27): ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين، قال ابن عبد البر: شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه. ..الخ ما ذكره رَحِمَهُ الله.