بسم الله الرحمن الرحيم
◆◇◆◇◆◇
التنازع لغة: التجاذب.
اصطلاحًا: هو أَن يَتَقَدَّمَ عَامِلَانِ أَو أَكثَرُ، وَيَتَأَخَّرَ مَعْمُولٌ أَو أَكثَرُ، وَيَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْمُتَقَدِّمِ طَالِبًا لِذَلِكَ الْمُتَأَخِّرِ.
(أَن يَتَقَدَّمَ عَامِلَانِ أَو أَكثَرُ) أخرج إذا تأخر العاملان.
(وَيَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْمُتَقَدِّمِ طَالِبًا لِذَلِكَ الْمُتَأَخِّرِ) أخرج العامل المؤكد لما قبله؛ وذلك لأنه لم يتوجَّهْ للمعمول أصلًا ولم يطلبْهُ؛ لأنه لم يؤتَ به للإسناد، وإنما جيء به للتوكيد.
(الْمُتَأَخِّرِ) أخرج المعمول المتقدم؛ لأنه يكون العمل فيه للعامل المتقدم، وهكذا أيضًا إذا توسط المعمول بين العاملين.
ولا خلاف أنه يجوز إعمال أي العاملين، وإنما الخلاف في المختار، فالكوفيون يختارون الأول لسبق العامل، والبصريون يختارون الأخير لقربه من المعمول.
فإذا أُعمِل العامل الأول فيضمر في الثاني كل ما يحتاج إليه من مرفوع ومنصوب ومجرور، ولا إشكال في عود الضمير على متأخر؛ لأن المتأخر في نية التقديم.
وإذا أعمل الثاني فإن احتاج الأول إلى مرفوع أضمرناه، ولا يجوز حذفه؛ لأن الفاعل عمدة، وإن احتاج إلى منصوب أو مجرور حذفناه حتى لا يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة.
تنبيه: ليس من باب التنازع قول امرئ القيس:
وَلَو أَنَّ مَا أَسعَى لِأَدنَى مَعِيشَةٍ۞۞۞كَفَانِي وَلَم أَطلُب قَلِيلٌ مِنَ المَالِ
لأن العاملين لم يتوجها إلى معمول واحد وهو قليل؛ فمعمول «كفاني»: «قليل»، ومعمول العامل الثاني وهو «أطلب» محذوف أي: ولم أطلب الملك، ومن شرط هذا الباب وهو باب التنازع أن يكون العاملان موجهين إلى شيء واحد، وهنا العاملان لم يتوجها إلى شيء واحد، فالشاعر لا يطلب القليل من المال؛ بدليل أن «لو» حرف امتناع لامتناع، أي: يمتنع الجواب لامتناع الشرط. فإذا دخلت على مثبت نفته، وإذا دخلت على منفي أثبتته، وهذا المثال: أَنَّ مَا أَسْعَى لأَدْنَى مَعِيشَةٍ. مثبت، فلما دخلت عليه «لو» نفته، فيكون فيه النفي للسعي لأدنى معيشة.
ومما يدل أيضًا أنه يطلب الملكَ قوله بعد هذا البيت:
وَلَكِنَّمَا أَسْعَى لمجدٍ مُؤَثَّلٍ۞۞۞وَقَدْ يُدْرِكُ المجدَ الموثَّلِ أَمْثَالِي
لا بد في التنازع أن يكون بين العاملين ارتباط، ومن الروابط بين العاملين:
-حرف العطف: الواو.
-أن يكون الأول عاملًا في الثاني.
-أن يكون الثاني جوابًا للأول: إما جواب شرط، أو جواب سؤال.