دعاءٌ في الستر يوم القيامة
عَنْ
رَجُلٍ، مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " اللهُمَّ لَا تُخْزِنِي
يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
رواه
أحمد(18056).وصححه والدي رحمه الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»
(1495)ط دار الآثار.
هذا
الدعاء من جوامع أدعية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
هذا
الدعاء يتضمن الإيمان باليوم الآخر وما يكون فيه من الحساب والجزاء .
هذا
الدعاء من أكبر العون على اجتناب الخزي وأعماله ،فمن دعا ربه أن يجنبه الخزي فقد تضمن دعاؤه البعد عن الأعمال
السيئة ،والدعاء بالأعمال الصالحة التي تعينه على اجتناب الخزي.
والخزي
يَعْظُم عند ذوي النفوس الزَّكية ولهذا من أدعية نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللهم استر عوراتي
وآمن روعاتي .
وقال
إبراهيم عليه الصلاة والسلام :{ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ
لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ (89) }.
ومن دعاء
عباد الله الصالحين :{ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
وقالت
مريم عليها السلام :{ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا}.
يوم
القيامة يوم الفضائح إن لم يلطف الله بستره ،أشياء تظهر قد نُسيتْ ودُفِنَتْ قال
تعالى:{ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا
بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }.
كم يتستر
الإنسان في الدنيا ويبتعد عن الفضيحة والخزي ،لكن يوم القيامة على رؤوس الأشهاد وأمام
الناس كلهم الأولِين والآخرين أعماله تظهر إن لم يستره الله.
أمثلة من أسباب الخزي يوم القيامة
-الرياء
والسمعة روى البخاري (6499) ومسلم (2987) عن جندب بن عبدالله قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ،
وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ».
-الغادر
يرفع له لواء ينظر إليه الناس كما في الحديث«يرفع لكل غادر لواء عند استه يوم
القيامة».
-المخالفة
لما يأمر وينهى روى البخاري (3267) ومسلم (2989)عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم" يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ
فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ
الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ
فُلاَنُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا
عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ،
وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ ".
ولو
تأملنا لوجدنا أن سبب الخزي المعاصي، وهذا من أضرار الذنوب وشؤمها.
الخزي :
الفضيحة .
قال
المناوي في «التوقيف على مهمات التعاريف» (ص:266): الفضيحة انكشاف مساوئ الإنسان .
فلنحذر الخزي يوم
القيامة عند مشاهدة المساوئ والقبائح وتطاير الصحف والدواوين وينظر الإنسان عن
يمينه فلا يرى إلا ما قدم وينظر عن يساره فلا يرى إلا ما قدَّم وينظرأمامه فلا يرى
إلا النار تلقاء وجهه .
اللهم عاملنا
بلطفك واسترنا في الدنيا والآخرة .