جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 27 يناير 2016

(17) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ



                              أبوهريرة رضي الله عنه محبته من الإيمان

 أبوهريرة مُختلَفٌ في اسمه على أقوال كثيرة. والمشهور أنه عبد الرحمن بن صخر.
 هذا الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه ـ حافظ الصحابة، بل هو أحفظ الأمة.
 قال الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ في الموقظة: و الحفاظ طبقات ذروتهم أبو هريرة ـ رضي الله عنه.
هذا الصحابي أسلم عام خيبر في السنة السابعة من الهجرة .
وحبُّه من الإيمان و بغضه من النفاق، فقد روى مسلم في صحيحه (2491) عن أَبُي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه الحديث في قصة إسلام أمِّ أبي هريرة وفي آخره :قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمِ الْمُؤْمِنِينَ» فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلَا يَرَانِي إِلَّا أَحَبَّنِي .
الرافضة يبغضون أبا هريرة، ويسبُّونه بل يسبون صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه و على آله و سلم، 
ولايحبون إلا أهل البيت فيما يزعمون .
وقد جاء النَّهْي عن سبِّ الصحابة  كما في صحيح البخاري (3673) ومسلم (2541) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ».
 فلا يجوز أن يُسَبَّ أحدٌ، حتى من لابس منهم الحروب ونحوها ، بل نقول كما قال ربنا عزو جل: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة:141].
أبوهريرة ـ رضي الله عنه ـ كان بعضهم ينتقد عليه الإكثار من الحديث، فيقول كما في صحيح البخاري (2350): "يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ، وَاللَّهُ المَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ ...." الحديث.
و أخرج ابنُ سعدٍ في الطبقات ترجمة أبي هريرة من طريق ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا: قَدْ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ الأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: فَلَقِيتُ رَجُلا فَقُلْتُ: أَيَّةَ سُورَةٍ قَرَأَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَارِحَةَ فِي الْعَتَمَةِ؟
فَقَالَ: لا أَدْرِي! فَقُلْتُ: أَلَمْ تَشْهَدْهَا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: قُلْتُ وَلَكِنِّي أَدْرِي. قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا.
وسنده حسن .
يقولُ هذا مشيرًا إلى اهتمامه بالعلم واجتهاده رضي اللهُ عنه .

و في المستدرك عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا دَعَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنَا أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ؟ هَلْ سَمِعْتَ إِلَّا مَا سَمِعْنَا ؟ وَهَلْ رَأَيْتَ إِلَّا مَا رَأَيْنَا ؟ قَالَ : يَا أُمَّاهُ ، إِنَّهُ كَانَ يَشْغَلُكِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمَرْآةُ وَالْمُكْحُلَةُ ، وَالتَّصَنُّعُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا كَانَ يَشْغَلُنِي عَنْهُ شَيْءٌ.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (1/486)  وهو أثرٌ صحيح .

هذا الصحابي الجليل فضائله كثيرة لازم النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أربع سنين.
ابن عمر يشهد له و يقول: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْتَ كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْفَظَنَا لِحَدِيثِهِ. كما جاء عند الترمذي (3836) .

احترام الصحابة، و محبتهم، و حسن الظن بهم ، واعتقاد أن الله وعدهم كلَّهم بالجنة ،رضي الله عنهم وأرضاهم ، هذا من عقيدتنا.