بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الحافظ عبدالغني بن عبدالواحدالمقدسي
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه
- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (أَثْقَلُ الصَّلاةِ
عَلَى الْمُنَافِقِينَ: صَلاةُ الْعِشَاءِ , وَصَلاةُ الْفَجْرِ. وَلَوْ
يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ
آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ , ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ,
ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لا
يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ , فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ) .
********************************
قوله (ولويعلمون مافيهما) أي مافي صلاة
العشاءوالفجرمن اﻷجر .
(ﻷتوهما )ﻷتوا إلى المسجد لهاتين الصلاتين .
(ولوحبواً ) قال ابن اﻷثير في النهاية
:الحَبْوُ: أَنْ يمشيَ عَلَى يَدَيْه ورُكْبَتَيْه، أَوِ اسْته. وحَبَا
البَعيرُ إِذَا برَك ثُمَّ زَحفَ مِنَ الإعْياء. وحَبَا الصَّبيُّ: إِذَا زَحَفَ
عَلَى اسْتِه.
وقوله (حبوا) منصوب لأنه خبر كان
المحذوفة مع اسمها .
مثل (التمس ولوخاتما من حديد )فأحيانا تحذف كان مع اسمها
ويبقى خبرها.
قوله(هممت) الهم العزم .
قوله(لايشهدون ) لايحضرون .
هذا الحديث من أدلة وجوب صلاة الجماعةعلى
الرجال.
وهمُّ الرسول صلى الله عليه وسلم بالتحريق من باب التغليظ والتشديد.
وفيه أيضاًمن الفوائد
1-ثِقلُ الصلاة كلهاعلى المنافقين .
وأثقل أفعل تفضيل تدل على المشاركة وزيادة
.
وقد وصفهم الله عزوجل بذلك قال تعالى:
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا
إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ
إِلَّا قَلِيلًا} [النساء : 142].
يقول أهل العلم سبب ثقل هاتين الصلاتين
بالأخص أن صلاة العشاء وقت السكون والراحة في البيوت والاجتماع مع اﻷهل .والصبح وقت
لذة النوم .
1-
التحذير من صفات المنافقين .
والنفاق قسمان
1-نفاق اعتقادي .
2-نفاق عملي .
النفاق الاعتقادي :أن يظهر الإسلام ويبطن الكفر.
وهذا مخرج من ملة الإسلام .
-النفاق العملي :كفر أصغر لايخرج من الملة لكنه خطير .وقد قيل( المعاصي
بريد الكفر)
النفاق العملي كفر أصغر ومعنى هذا أنه كبيرة من الكبائر فالنفاق العملي
داخل في الذنوب الكبيرة .
وقد ذكر الله عزوجل صفات المنافقين ليحذرها المسلم كقوله تعالى
{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ
ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة : 67] {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ
} يبخلون بالزكاة وبطعام المحاويج وبالاحسان إلى اﻷرحام واﻷيتام {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } أي تركهم .
ومن أوصافهم في سورة التوبة الكذب
واﻷيمان الكاذبة وخلف الوعد قال تعالى {۞ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا
مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة : 75] وقال
تعالى {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا
وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا
لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن
فَضْلِهِ ۚ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ۖ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ
اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ
مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [التوبة : 74] هذه أيمان كاذبة واﻷيمان الكاذبة هي اليمين
الغموس .
من صفات المنافقين الإرجافات
والخوف قال تعالى { وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ
مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ
لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا
إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ }.
وفي سورة اﻷحزاب قال تعالى {
لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ
فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}
[الأحزاب : 60] فمن صفات المنافقين الإرجافات
تخويفاً الناس وإرعابهم .
وفي سورة المنافقون ذكر الله
بعض أوصافهم منها الكذب وإظهار الإسلام وإبطان الكفر قال تعالى {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ
إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون : 1] .
وأيضا في سورة البقرة ذكر الله
في أوائل سورة البقرة ثلاثة أصناف .
الصنف اﻷول :المؤمنون وذكر الله
عز وجل في مدحهم وأوصافهم أربع آيات قال تعالى {الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى
لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ
وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[البقرة : 1-5].
الصنف الثاني: الكفار وذكر الله
عزوجل فيهم آيتين قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ
غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة : 6].
الصنف الثالث :المنافقون وذكر
الله سبحانه فيهم اثني عشرآية. قال تعالى {وَمن النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ
وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ
وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ
مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ
وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ إلى قوله {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.
أطال الله سبحانه في أوصافهم ولم يذكر في الكفار إلا آيتين ﻷن المنافقين
يلتبس أمرهم ﻷنهم في أوساط المسلمين يصلون معهم ويزكون ويشهدون العيد وقد يطلعون على
أسرار المسلمين لأن المسلمين يحسبونهم إخوانهم .
فصفة المنافقين من الصفات الذميمة التي يجب على كل مسلم ومسلمة الحذرمنها
وباﻷخص طالبة العلم حتى تفلح في سيرها وطلبها للعلم .
يقول الوالد الشيخ مقبل رحمه
الله (أنت ياطالبَ العلم أحق بالاستقامة حتى لا تُطمس بصيرتك) .
نعم ياأخواتي تسبب طمس البصيرة فلايهتدي إلى الحق ويستحسن الباطل ولايوفَّق
في سيره ولا يبارَك له .والعياذبالله .
هناك كتاب ﻷبي جعفرالفريابي في ذم المنافقين وأيضا كتاب لابن القيم .
النفاق ﻻيأمن
أحد منه على نفسه
وقد قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم كلهم يخشى على نفسه من النفاق .
وسمعت الوالد الشيخ مقبل رحمه الله يقول :( لايأمن أحد على نفسه من
النفاق إلامغرور) .
والنفاق ما ظهر في مكة قبل الهجرة فمكة لم يكن
فيها نفاق بل كان خِلافه وهو أن من الناس من يُظهر الكفر مستكرهاً وهو في الباطن
مؤمن .
ولما قدم المدينة لم يكن إذ ذاك نفاق لأنه لم يكن للمسلمين شوكة وقوة
.
ولما قدم المدينة صار الكفار معه على ثلاثة أقسام .
قال ابن القيم في زاد المعاد (3/114)وَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، صَارَ الْكُفَّارُ مَعَهُ
ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ صَالَحَهُمْ وَوَادَعَهُمْ عَلَى أَلَّا
يُحَارِبُوهُ، وَلَا يُظَاهِرُوا عَلَيْهِ، وَلَا يُوَالُوا عَلَيْهِ عَدُوَّهُ،
وَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ آمِنُونَ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.
وَقِسْمٌ: حَارَبُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ.
وَقِسْمٌ: تَارَكُوهُ، فَلَمْ يُصَالِحُوهُ، وَلَمْ يُحَارِبُوهُ،
بَلِ انْتَظَرُوا مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ، وَأَمْرُ أَعْدَائِهِ، ثُمَّ
مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَهُ، وَانْتِصَارَهُ فِي الْبَاطِنِ،
وَمِنْهُمْ: مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَ عَدُوِّهِ عَلَيْهِ وَانْتِصَارَهُمْ،
وَمِنْهُمْ: مَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الظَّاهِرِ، وَهُوَ مَعَ عَدُوِّهِ فِي
الْبَاطِنِ، لِيَأْمَنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ،
فَعَامَلَ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى اهـ المراد .
وكان اليهود ثلاث قبائل بنو النضير وبنو قينقاع وبنو قريظة .وصالحهم
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وبعد ذلك ظهر النفاق لما أسلم كثير من الأنصار ووقعت بدر العظمى
خافوا على أنفسهم من الأذى والقتل والسبي والعذاب .وهذا كعبدالله بن أبي بن سلول
رئيس المنافقين .وآخرون من أهل الكتاب فمن هنا وقع النفاق في المدينة ومن حولها من
الأعراب .
ينظر نحو هذا الكلام في
تفسير ابن كثير .
وهو عبارة عن تاريخ لوقوع النفاق .
وأيضاً تاريخ لسيرة النبي
صلى الله وعليه وعلى آله وسلم لما قدم المدينة .
أما المهاجرون فلم يكن فيهم أحد من المنافقين لأنه لم يكن أحد منهم
يهاجر مكرها .
قال ابن كثير في تفسيره تفسير قوله : ومن الناس من يقول آمنا بالله
وباليوم الاخر .. قال :فَأَمَّا
الْمُهَاجِرُونَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ نافق لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ
يُهَاجِرُ مُكْرَهًا بَلْ يهاجر فيترك مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَرْضَهُ رَغْبَةً
فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ اهـ.
إذَن متى ظهر النفاق ؟.
ج: لما وقعت بدر وقويت شوكة المسلمين وانتصروا رأوا أنهم لو بقوا على
الكفر يعرضون أنفسهم للضرر فآمنوا في الظاهر.
ولم يكن هناك نفاق في مكة بل كان العكس يظهر الكفر ويبطن الإسلام لأن
المسلمين كانوا مستضعفين .
ولم يكن أحد من المهاجرين منافقا .
2-
فضيلة صلاة العشاء وصلاة الفجر
في جماعة .
*************************
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبيِّ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى
الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعُهَا.
قَالَ: فَقَالَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَاَللَّهُ لَنَمْنَعَهُنَّ.
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ , فَسَبَّهُ سَبّاً سَيِّئاً , مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ
مِثْلَهُ قَطُّ , وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
- وَتَقُولُ: وَاَللَّهُ لَنَمْنَعَهُنَّ؟) .
وَفِي لَفْظٍ (لا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) .
******************************
قوله (أحدَكم ) نصب أحدكم لأنه
مفعول به مقدم والمرأة فاعل.
في الحديث من الفوائد
1-
استئذان المرأة من زوجهاإذا أرادت الخروج إلى المسجد .
وإذا كان هذا في المسجد فغيره من باب أولى .
وإذاكانت غير متزوجة تستأذن من
وليها.
2 - النهي عن منع المرأة من صلاة الجماعة في المسجد .
ولكن إذا خشي عليها من الفتنة أوﻷعذار أخرى معتبرة له أن يمنعها وقد
يجب عليه إذا كان في خروجها فتنة (كلكم راع
وكلكم مسؤل عن رعيته).
وقد جاءت زيادة من حديث ابن عمر في سنن أبي داود (567 )(وبيوتهن
خيرلهن) .
وأخرج أبوداود في سننه (570)عن
عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي
حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي
بَيْتِهَا». فكل ماكان المكان أستر للمرأة
كانت الصلاة فيه أفضل .
واستُدل بهذا على أن صلاة المرأة أفضل من الصلاة في المسجد.
وهذا عام حتى ولوكان الصلاة في المسجد الحرام أوفي مسجد النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم .
3-فيه التأدب مع السنة وزجرمن
يعترض على السنة والتغليظ عليه .
وقوله (فسبه سباسيئا) وفي رواية في مسلم (قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ: لَا).
وقوله (فسبه سباسيئا) وفي رواية في مسلم (قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ: لَا).
وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّهُ رَأَى
رَجُلًا يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ: لاَ تَخْذِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الخَذْفِ، أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الخَذْفَ
وَقَالَ: «إِنَّهُ لاَ يُصَادُ بِهِ
صَيْدٌ وَلاَ يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ
العَيْنَ» ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الخَذْفِ
أَوْ كَرِهَ الخَذْفَ، وَأَنْتَ تَخْذِفُ لاَ أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا.
وفي صحيح البخاري (6117) ومسلم (37)عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، يُحَدِّثُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْحَيَاءُ لَا
يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ» ، فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي
الْحِكْمَةِ: أَنَّ مِنْهُ وَقَارًا، وَمِنْهُ سَكِينَةً، فَقَالَ عِمْرَانُ:
أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي
عَنْ صُحُفِكَ .
هكذا كان السلف يوقِّرون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحذرون من
مخالفتها .
وربنا عزوجل توعَّد على ذلك فقال
تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور : 63].
وفي صحيح مسلم (2021)عن
سلمة بن الأكوع رضي الله عنهأَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» ، قَالَ: لَا
أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ» ، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ:
فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ .
فردالسنةعُرضة للعقوبة .
وينبغي المسابقة إلى السنة سواء كان في واجب أو مستحب .يقول الوالد الشيخ مقبل رحمه الله
(كان السلف يتسابقون إلى السنن أما اﻵن فإذا قيل لهم سنة لايبالون بها) .
**************************
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا , وَرَكْعَتَيْنِ
بَعْدَ الْجُمُعَةِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ
الْعِشَاءِ) .
وَفِي لَفْظِ: (فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالْجُمُعَةُ:
فَفِي بَيْتِهِ) .
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -: (كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ
خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ. وَكَانَتْ سَاعَةً لا أَدْخُلُ عَلَى
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا) .
عنْ عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنْها قالَتْ: (لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - على شيءٍ منَ النَّوافِلِ أشدَّ تَعاهُدَاً منْهُ على
ركْعَتَي الفَجْرِ).
وفي لفْظٍ لِمُسْلِمٍ: (رَكْعَتا الفَجْرِ خيرٌ منَ الدُّنيا وما
فيها) .
*********************************
من فوائد هذه الأحاديث
1-مشروعية رواتب الصلاة القبلية
والبعدية .
وقد ثبت من صحيح مسلم (728) عن أم حَبِيبَةَ،
تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ
صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ
بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ
سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ
عَنْبَسَةُ: «فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ» ،
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ: «مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ
عَنْبَسَةَ» وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ: «مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ
سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ» .
زاد الترمذي(415): أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ،
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ
بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ
.
وهذا يفسر الإجمال في رواية الإمام مسلم .
2-وفي قول ابن عمر (صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ )مع حديث أم حبيبة (أَرْبَعًا
قَبْلَ الظُّهْرِ )لاتعارض بينهما هذا من تنوع العبادات فأحيانا يُصلي قبل الظهر ركعتين وأحيانا أربعا.
3-قوله (وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ) ثبت في صحيح مسلم
(881) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا
أَرْبَعًا» .
وقد جمع بين الحديثين جماعة من العلماء منهم شيخ الإسلام وتلميذه ابن
القيم رحمهما الله بما يأتي.
قال ابن القيم في زاد المعاد(1/ 425 )قَالَ شَيْخُنَا أبو العباس
ابن تيمية: إِنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِنْ صَلَّى فِي
بَيْتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قُلْتُ وَعَلَى هَذَا تَدُلُّ الْأَحَادِيثُ،
وَقَدْ ذَكَرَ أبو داود، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى فِي
الْمَسْجِدِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
اهـ.
قلت :وهذا ما أخذناه عن الوالدالشيخ مقبل رحمه الله أنه يُجمع بين الحديثين أن من صلى بعد صلاة
الجمعة في المسجد يصلي أربعاً ومن صلى في بيته يصلي ركعتين .
والرواتب كان النبي صلى الله يحافظ عليها في الحضر .
وذات مرة شغل عن الركعتين بعد الظهرفصلاهما بعدالعصركما أخرج البخاري
(1233)ومسلم(834) من طريق كُرَيْبٍ،
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
أَزْهَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا، فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا
عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلاَةِ العَصْرِ، وَقُلْ لَهَا: إِنَّا أُخْبِرْنَا
عَنْكِ أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ
النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنْهَا، فَقَالَ كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ
عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي،
فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُمْ
بِقَوْلِهَا، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ
إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ
يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ
بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الجَارِيَةَ، فَقُلْتُ:
قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ، وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ،
فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ، فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ،
فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ،
سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ
عَبْدِ القَيْسِ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ
فَهُمَا هَاتَانِ».
أما في السفر فكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يصلي الرواتب إلاركعتي
الفجر فما كان يتركها سفراً ولاحضراً .
الحكمة من الرواتب
أنها تكمل النقص التي يحصل في
صلاةالفريضة أخرج الترمذي في سننه (413)
من طريق حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَقُلْتُ:
اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي
هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا
صَالِحًا، فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ
مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ
صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ،
فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ:
انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ
الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ " .
الحديث فيه بيان الحكمة وهذا من فضل الله وإحسانه فله الحمد والشكر .
الرواتب من جملة النوافل التي فعلها سبب لمحبة الله للعبد كما أخرج
البخاري في صحيحه (6502)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي
وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ
أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ
إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ
الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي
يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي
لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ
شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ
وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ " .
الرواتب كالسياج تحافظ على الفريضة من الخَدْش .
وأيهما
أفضل الرواتب أم قيام الليل ؟.
أخرج مسلم في صحيحه (1163)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ
الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ،
بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ».
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ أَنَّ تَطَوُّعَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ
تَطَوُّعِ النَّهَارِ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ
أَصْحَابِنَا وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ السُّنَنِ
الرَّاتِبَةِ وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الرَّوَاتِبُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا
تُشْبِهُ الْفَرَائِضَ وَالْأَوَّلُ أقوى وأوفق للحديث والله أعلم .
وقال ابن رجب رحمه الله في
لطائف المعارف 34 : ومراده بعد المكتوبة ولواحقها من سننها الرواتب فإن الرواتب
قبل الفرائض وبعدها أفضل من قيام الليل عند جمهور العلماء لالتحاقها بالفرائض
وإنما خالف في ذلك بعض الشافعية.
ونص ابن رجب رحمه الله 34 أن أفضل التطوع المطلق بالصلاة قيام
الليل.
3-
قول ابن عمر(كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَمَا
يَطْلُعُ الْفَجْرُ) . فيه التخفيف في ركعتي الفجر .وعلى هذا جمهور
العلماء .
وذهبت الحنفية إلى استحباب الإطالة وهذا
مخالف للدليل فقد أخرج البخاري(1171) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا، قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى إِنِّي
لَأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الكِتَابِ؟ " .
أي من شدة التخفيف .
وليس المراد الاقتصار على فاتحة الكتاب كما ذهب الإمام مالك .
أخرج الإمام مسلم في صحيحه (726)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، "
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ
الْفَجْرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ".
وأخرج مسلم في صحيحه (727) عن ابن عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، " كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي الْأُولَى
مِنْهُمَا: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136]
الْآيَةَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ مِنْهُمَا: {آمَنَّا بِاللهِ
وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52] ".
في هذا دليل على قراءة شيء بعد الفاتحة في ركعتي الفجر وبيان ما يُقرَأ
.
وهذا من تنوع العبادات فلا
تنافي بين الروايتين .
5-وفي حديث عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنْها قالَتْ: (لَمْ يَكُنِ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - على شيءٍ منَ النَّوافِلِ أَشدَّ تَعاهُدَاً
منْهُ على ركْعَتَي الفَجْرِ).
وفي لفْظٍ لِمُسْلِمٍ: (رَكْعَتا الفَجْرِ خيرٌ منَ الدُّنيا وما
فيها) .
فيه فضل راتبة الفجر وأنها آكد الرواتب
.
ومما يدل على أنها آكد الرواتب أن
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يدع هاتين الركعتين سفراً ولا حضراً .
6-وفي قوله (رَكْعَتا
الفَجْرِ خيرٌ منَ الدُّنيا وما فيها) فيه الترغيب في اﻵخرة .
وهذه تربية النبي صلى الله عليه وسلم ﻷصحابه
على الزهد في الدنيا والإقبال على اﻵخرة جعلنا الله من أهل الآخرة .
وهذا آخر (باب فضل صلاة الجماعة
ووجوبها ) ولله الحمد نفعنا الله وإياكم.