الاستعاذة
بالله من هؤلاء الأربع قبل السلام
قال
الحافظ ابن حجر: وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ
فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا
وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ
الْأَخِيرِ».
هذا الحديث
رواه البخاري (1377)
من فعل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وليس من قوله،
وأما لفظ الأمر فهو عند الإمام مسلم (588).
وهذا الدعاء
مشروع بعد الصلاة على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
وقبل السلام، ولا يقال بعد كل تشهد ولكن قبل السلام؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ».
وفيه
من الفوائد:
الاستعاذة من
هؤلاء الأربع-والاستعاذة من الدعاء كما يقول
شيخ الإسلام-:
الاستعاذة
بالله من عذاب جهنم، وقد أثنى الله على عباده
الذين يدعون أن الله ينجيهم من عذاب جهنم ويصرفها عنهم،
قال الله تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ
جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)﴾ [الفرقان: 65]، وقال
تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى
جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا
خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾ [آل
عمران: 191].
ومن استجار
بالله من النار ثلاثًا قالت النار: اللهم أجره
من النار.
كما ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «مَنْ سَأَلَ اللهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
قَالَتْ الْجَنَّةُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ
النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ النَّارُ اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ» رواه الترمذي (2572). هذه الاستعاذة الأولى.
والثانية: الاستعاذة بالله من عذاب القبر.
الاستعاذة
الثالثة: الاستعاذة بالله من فتنة المحيا
والممات.
والمحيا
فِتَنُها كثيرة: فتنة شهوات الدنيا وملذاتها، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَسَلَّمَ يقول: «إِنَّ
لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي المَالُ»
رواه الترمذي (2336)
عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
وهو في «الجامع الصحيح» (1093) لوالدي رَحِمَهُ الله،
وفتنة الشبهات، وفتنة جلساء السوء، وفتنة الشيطان،
وفتنة النفس، فتنة الأولاد...إلى غير ذلك.
«وَالْمَمَاتِ» فتنة الممات، هو فتنة سؤال الملكين،
وقد يشمل ما يكون في ساعة الاحتضار، والشيطان
يحضر ساعة الاحتضار، ويترقب دائمًا فرص الضعف؛ لأنه قد يجد مطلوبه وبغيته، وروى أبوداود في «سننه» (1552) عَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَدْعُو: «اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ
بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ
الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ،
وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ
مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ
لَدِيغًا»، وهو في «الصحيح
المسند» (1194) لوالدي رَحِمَهُ الله.
الاستعاذة
بالله من شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ،
والمسيح الدجال يخرج في آخر الزمان.
والحديث ظاهره
وجوب الاستعاذة بالله من هذه الأربع، فإذا
تشهد وصلى على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقرأ
هذا الدعاء، ثم يدعو بما شاء.
[مقتطف من
دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]