جديد الرسائل

السبت، 26 يوليو 2025

(5)مقتطف من دروس موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب

 قال ابن هشام رَحِمَهُ الله في «الإعراب في قواعد الإعراب»:

فَهَذِهِ فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ فِي قَوَاعِدِ الْإِعْرَابِ، تَقْتَفِي بِمُتَأَمَّلِهَا جَادَّةَ  الصَّوَابِ، وَتُطْلِعُهُ فِي الْأَمَدِ الْقَصِيرِ عَلَى نُكَتِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَبْوَابِ، عَمِلْتُهَا عَمَلَ مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ.

قال الشيخ خالد الأزهري رَحِمَهُ الله في شرح فقرة: عَمِلْتُهَا عَمَلَ مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ.

(عَمِلْتُهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ، عَمَلَ بِفَتْحِهَا، (مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ) لُغَةً فِي (أَحَبَّ)، وَالْأَصْلُ كَـ (عَمَلِ مَنْ طَبَّ لِمَنْ أَحَبَّ).

 وَالْمُرَادُ، أَيْ: بَالْغَتُ فِي النُّصْحِ، فَجَعَلْتُ هَذِهِ الْفَوَائِدَ لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ، كَمَا يَجْعَلُ الطَّبِيبُ الْحَاذِقُ الْأَدْوِيَةَ النَّافِعَةَ لِمَحْبُوبِهِ.

وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ بَيَانُ كَمَالِ الاجْتِهَادِ فِي تَحْصِيلِ الْمُرَادِ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: الْأَبُ لَا يَطِبُّ وَلَدَهُ، وَالْمُحِبُّ لَا يَطِبُّ حَبِيبَهُ، وَالْعَاشِقُ لا يَطِبُّ مَعْشُوقَهُ.

التعليق:

قوله: (عَمَلِ مَنْ طَبَّ لِمَنْ أَحَبَّ).

هذا من الأمثال المضروبة، وقد ذكر الميداني في «مجمع الأمثال»(1/397) هذا المثل بلفظ: صَنْعَةَ مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ.

 قال في شرحه: أي اصْنَعْ هذا الأمر لي صنعَةَ من طَبَّ لمن حَبَّ: أي صنعَةَ حاذقٍ لإنسان يحبه، يُضرب في التَّنَوُّقِ في الحاجة واحتمال التعب فيها. اهـ.

 

والمراد هنا: أن الطبيب الحاذق المتقن يبذل أقصى جهده في بذل الشفاء لمن يحبه ويعز عليه، فكذلك هذه القواعد والفوائد مقدَّمة من عالم متقن لطلبة علمٍ يحبهم، وهذا فيه تحفيز للطلاب على الاعتناء بهذه القواعد.

وقول الشارح الأزهري:

 

وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: الْأَبُ لَا يَطِبُّ وَلَدَهُ، وَالْمُحِبُّ لَا يَطِبُّ حَبِيبَهُ، وَالْعَاشِقُ لا يَطِبُّ مَعْشُوقَهُ.

 

التعليق:

هذا معناه أنه لكمال شفقتهم لا يستطيع أحدهم يقوم بالجراحة ونحوها.

ففي «حاشية العطار على موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب»(169): لكن يحتاج إلى التقييد في قوله: (الأب لا يطب ولده)، أي: مباشرة، بأن يعالجه بآلات الجراحة ونحوها، فلا ينافي أنه يهيئ له الدواء ويعطيه إياه؛ ليستعمله، بل إذا توقف إزالة الضرر على معالجة..فتركها سفه، هذا أحسن ما يقرر به هذا المقام، فتأمله. اهـ.