قال ابن هشام رَحِمَهُ الله في «الإعراب في قواعد الإعراب»:
وَمِنَ اللَّهِ أَسْتَمِدُّ التَّوْفِيقُ،
وَالْهِدَايَةُ إِلَى أَقْوَمِ طَرِيقٍ، بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
قال الشيخ خالد الأزهري
رَحِمَهُ الله في شرح فقرة: (بِمَنِّهِ):
(بِمَنِّهِ) أَيْ:
إِنْعَامِهِ.
وَيُطْلَقُ الْمَنُّ عَلَى تَعْدَادِ النِّعَمِ
الصَّادِرَةِ مِنَ الشَّخْصِ إِلَى غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ: فَعَلْتُ مَعَ فُلانٍ
كَذَا وَكَذَا.
وَتَعْدِيدُ النِّعَمِ مِنَ اللَّهِ
تَعَالَى مَدْحٌ وَمِنَ الْإِنْسَانِ ذَمٌّ.
وَمِنْ بَلاغَاتِ الزَّمَخْشَرِيِّ: (طَعْمُ
الْآلاءِ أَحْلَى مِنَ الْمَنِّ وَهُوَ أَمْرٌ مِنَ الْآلاءِ عِنْدَ الْمَنِّ).
أَرَادَ بِالْآلاءِ الْأُولَى: النِّعَمَ.
وَبِالثَّانِيَةِ: الشَّجَرَ الْمُرَّ.
وَأَرَادَ بِالْمَنِّ الْأَوَّلِ: الْمَذْكُورِ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الْمَنِّ وَالسَّلْوَى﴾ [البقرة:57].
وَبِالثَّانِي: تَعْدِيدِ النِّعَمِ.
التعليق:
استفدنا: أن المن يأتي:
بمعنى
الإنعام، ومنه قوله تَعَالَى:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ
قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران: 164].
ويطلق المن على تعداد النعم، وهذا الثاني مذموم،
يقول الله تَعَالَى:{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ
وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} [البقرة: 263]، إلا إذا كان لتذكيره بالنعم يقول: أنا فعلت كذا،
وأنا الذي أعنتك بكذا؛ لتذكيره بالنعم، فهذا جائز،
ومنه قول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ
الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا
فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي، وَكُنْتُمْ
مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللهُ بِي،
وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بِي»رواه
البخاري(4330)،
ومسلم(1061).
ويطلق على المن الذي
أنزله الله على بني إسرائيل، وهو شيء يشبه
العسل.
فهذه ثلاثة معانٍ للمنِّ: يطلق
على: الإنعام،
وتعداد النعم، وعلى المن الذي أنزله الله على
بني إسرائيل.
وقول الشارح الأزهري: وَتَعْدِيدُ
النِّعَمِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَدْحٌ وَمِنَ الْإِنْسَانِ ذَمٌّ.
التعليق: