مقالة: الظاهر عنوان الباطن.
يدل لهذه المقالة ما رواه أبو داود (2628)عَنْ أَبي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا تَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ، إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ». فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلًا إِلَّا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى يُقَالَ: لَوْ بُسِطَ عَلَيْهِمْ ثَوْبٌ لَعَمَّهُمْ. وهو في «الصحيح المسند» (1211) لوالدي رَحِمَهُ الله.
الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عندهم عمل وانقياد؛ صاروا يجتمعون ولا يتفرقون؛ امتثالًا لأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما كانوا يعترضون، يقول أحدهم: هذا الزحام والتقارب يأتي بالضيق، أو التنفُّس ينقل الأمراض والفيروسات، أو غير ذلك، ولكن انقياد وامتثال!
وقد دل هذا الحديث: أن التفرق في الظاهر ذريعة إلى التفرق في الباطن وإلى التفكك، ويدل له أيضًا قول النّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».
هذه المقالة: (الظاهر عنوان الباطن) قال الشيخ الألباني: هل هذا كلام صحيح أم هو كلام باطل؟ نقول: لا، هو كلام صحيح؛ ذلك لأن هناك أحاديثَ كثيرة تؤكد هذا المعنى. وذكر من الأدلة حديث النعمان، وأبي ثعلبة المذكورَين.
[مرجع كلام الشيخ رحمه الله سلسلة الهدى والنور رقم الشريط 201].