من آداب عيادة المريض
في رواية في«صحيح البخاري» (5659): قال سعد: «ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ»، وهذا نستفيد منه: تنفيس العائد على المريض، ووضع اليد على جبهته، ومسح وجهه وبطنه، والدعاء له.
فعيادة المريض لها أحكام وآداب، ليس مجرد أن يذهب إلى المريض، فينبغي أن يحتسب الأجر في عيادته، وأن يحرص على آداب عيادة المريض، ومن ذلك أن يدعو له، والمريض يفرح إذا وجد من يؤانسه ويدعو له، وممكن يرقيه، وهذا من طرق الخير، وقد لا ينساها المريض لذلك العائد؛ فإن المريض في ضعف وانكسار نفس، فيحتاج إلى من يذكره، ويقوي إيمانه، ويسلي عليه ويدعو له، النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضًا جلس عند رأسه، وقال: «أَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ، رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، أَنْ يَشْفِيَكَ»، فَإِنْ كَانَ في أَجَلِهِ تَأخِيرٌ عُوفِيَ مِن وَجَعِهِ. رواه البخاري رَحِمَهُ الله في «الأدب المفرد» (536).
وروى مسلم (2186) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ جِبْرِيلَ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ».
وقد يرتفع المرض إذا أدخل السرورَ على قلب المريض، ورَفَع معنويَّته.
قال ابن القيم رحمه الله في«زادالمعاد»(4/107): وَتَفْرِيحُ نَفْسِ الْمَرِيضِ، وَتَطْيِيبُ قَلْبِهِ، وَإِدْخَالُ مَا يَسُرُّهُ عَلَيْهِ، لَهُ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي شِفَاءِ عِلَّتِهِ وَخِفَّتِهَا؛ فَإِنَّ الْأَرْوَاحَ وَالْقُوَى تَقْوَى بِذَلِكَ، فَتُسَاعِدُ الطَّبِيعَةَ عَلَى دَفْعِ الْمُؤْذِي، وَقَدْ شَاهَدَ النَّاسُ كَثِيرًا مِنَ الْمَرْضَى تَنْتَعِشُ قُوَاهُ بِعِيَادَةِ مَنْ يُحِبُّونَهُ، وَيُعَظِّمُونَهُ، وَرُؤْيَتِهِمْ لَهُمْ، وَلُطْفِهِمْ بِهِمْ، وَمُكَالَمَتِهِمْ إِيَّاهُمْ، وَهَذَا أَحَدُ فَوَائِدِ عِيَادَةِ الْمَرْضَى الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهِمْ، فَإِنَّ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْفَوَائِدِ: نَوْعٌ يَرْجِعُ إِلَى الْمَرِيضِ، وَنَوْعٌ يَعُودُ عَلَى الْعَائِدِ، وَنَوْعٌ يَعُودُ عَلَى أَهْلِ الْمَرِيضِ، وَنَوْعٌ يَعُودُ عَلَى الْعَامَّةِ.