جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 10 فبراير 2025

(4)اختصار درس شرح «رياض الصالحين»

 

 


6-وَعَنْ أبي إِسْحَاقَ سعْدِ بْنِ أبي وَقَّاصٍ مَالك بنِ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهرةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كعْبِ بنِ لُؤىٍّ الْقُرشِيِّ الزُّهَرِيِّ رضِي اللَّهُ عَنْهُ، أَحدِ الْعَشرة الْمَشْهودِ لَهمْ بِالْجَنَّة، رضِي اللَّهُ عَنْهُم، قَالَ: جَاءَنِي رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّة الْوَداعِ مِنْ وَجعٍ اشْتدَّ بِي فَقُلْتُ: يَا رسُول اللَّهِ، إِنِّي قَدْ بلغَ بِي مِن الْوجعِ مَا تَرى، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرثُنِي إِلا ابْنةٌ لِي، أَفأَتصَدَّق بثُلُثَىْ مالِي؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فالشَّطُر يَا رسوُلَ اللهِ؟ فقالَ: لا، قُلْتُ: فالثُّلُثُ يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ: الثُّلثُ، والثُّلُثُ كثِيرٌ-أَوْ كَبِيرٌ-إِنَّكَ إِنْ تَذرَ وَرثتك أغنِياءَ خَيْرٌ مِن أَنْ تذرهُمْ عالَةً يَتكفَّفُونَ النَّاس، وَإِنَّكَ لَنْ تُنفِق نَفَقةً تبْتغِي بِهَا وجْهَ اللهِ إِلا أُجرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى ما تَجْعلُ في فِيِّ امْرَأَتكَ، قَال: فَقلْت: يَا رَسُولَ اللهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَال: إِنَّك لَنْ تُخَلَّفَ فتعْمَل عَمَلًا تَبْتغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ إلا ازْددْتَ بِهِ دَرجةً ورِفعةً، ولعَلَّك أَنْ تُخلَّف حَتَى ينْتفعَ بكَ أَقَوامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخرُونَ. اللَّهُمَّ أَمْضِ لأِصْحابي هجْرتَهُم، وَلَا ترُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهم».

لَكنِ الْبائسُ سعْدُ بْنُ خوْلَةَ؛ يرْثي لَهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَن مَاتَ بمكَّةَ. متفقٌ عليهِ.

 

(عَامَ حَجَّة الْوَداعِ) كان في السنة العاشرة، وتسمى حجة الوداع، وحجة الإسلام، وحجة البلاغ.

 (وَلَا يَرثُنِي إِلا ابْنةٌ لِي) هذا قبل أن يأتي له أولاد، ثم رزقه الله عددًا من الأولاد منهم: عامر، ومصعب، ومحمد، وعمر.

(فالشَّطُر) النصف.

(عالَةً) فقراء.

(يَتكفَّفُونَ النَّاس)يمدون أكفهم إلى الناس.

(أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي) أبقى في مكة وأصحابي يرجعون إلى المدينة؟ لأنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كان مريضًا.

(أَنْ تُخلَّف) أي: تُعمَّر.

(يرْثي لَهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَن مَاتَ بمكَّةَ)  هذه الجملة مدرجة، قال بعضهم: هي من كلام الزهري، وقال بعضهم: القائل هو سعد بن أبي وقاص.

في هذا الحديث من الفوائد:

·   عيادة الفاضل للمفضول.

·   تواضع النّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ فهو يعود المريض.

·   شكوى المريض إلى غيره، إما تخفيفًا على النفس وتنفيسًا، أو لاستفتاء، أو للدعاء، أو لاعتذارٍ عن الانقطاع عن الدرس، ونحو ذلك. وأنه لا يتنافى مع الإيمان بالقدر، وهذا بشرط عدم التضجر والتسخط.

وهل يأخذ نفس الحكم بعد زوال المرض؟

 قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في «فتح الباري»(5/ 368): وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْمَرَضِ كَانَ الْإِخْبَارُ بِهِ بَعْدَ الْبُرْءِ أَجْوَزُ.

·   وفيه كما قال الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ في شرح هذا الحديث(11/ 76): دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ جَمْعِ الْمَالِ.

·   وفيه: جواز الصدقة بالثلث لمن كان مرضه مرض الموت.

·   أن الأفضل النقص عن الثلث.

·     هذا الحديث استدل به بعضهم على جواز الزيادة في الصدقة بأكثر من الثلث إذا لم يكن له ورثة، وجمهور أهل العلم على أنه لا تصح وصيته فيما زاد على الثلث.

·   وفيه التعليل للحكم؛ فالنّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذكر الحكمة في عدم الزيادة على الثلث؛ ليصون أولاده وورثته عن ذلة سؤال الناس ما في أيديهم، ولما في النفقة عليهم من الأجر.

·   هذا الحديث من أدلة العفة عما في أيدي الناس، وعدم إراقة ماء الوجوه.

·   وفيه: أن يحتسب المال الذي يتركه لورثته، وينوي به عفتهم وإعانتهم على الرزق الطيب.

·   وفيه: الإخلاص.

·   وفيه: أن المباح إذا قُصِد به وجه الله يؤجر عليه فاعله؛ فالعادة قد تنقلب عبادة، وهذا فضلٌ من الله على من وُفق.

·   فيه كما قال الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ في «شرح صحيح مسلم»(11/ 78): فضيلة طُولَ الْعُمْرِ؛ لِلِازْدِيَادِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ.

·   وفيه: فضيلة لسعد وخوفه من أن يموت بمكة وقد هاجر منها.

·   وفيه: ثباته؛ يستفسر عن أمور دينه وهو في مرض شديد.

·   وفيه: الحث على الطاعات والعمل الصالح والثبات وعدم الرجوع إلى العقب.

·   وفيه: أن من الرجوع على العقب الرجوع إلى بلد الهجرة التي هاجر منها.

·   أن سعد بن خولة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هاجر ثم توفي بمكة؛ لهذا النّبِيّ صلى الله عليه وسلم توجَّع له.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

7-وَعَنْ أبي هُريْرة عَبْدِ الرَّحْمن بْنِ صخْرٍ رضي الله عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» رواه مسلم.

في هذا الحديث:

 أنه ليس الميزان عند الله الصورة الظاهرة والجمال ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)﴾ [سبأ].

·   وفيه: الاعتناء بصلاح القلب وجماله، وتفقده، فهو محل التقوى والإيمان.

«وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» وفي رواية «وَأَعْمَالِكُمْ».

 ويستفاد من مجموع اللفظين: أن الله ينظر إلى أعمال ابن آدم الباطنة وأعماله الظاهرة، وهذا يفيد إصلاح الظاهر والباطن.