حكم دفن الميت ليلًا
هذا الحديث يدل على:
جواز
الدفن ليلًا؛ لأنه خَصَّ النهي بأوقات الكراهة
الثلاثة.
ويدل لذلك حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: «مَتَى دُفِنَ هَذَا؟». قَالُوا: الْبَارِحَةَ. قَالَ: «أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟». قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ. رواه البخاري(1321).
وهناك حديث فيه النهي عند الإمام مسلم (943) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ».
وهذا النهي من أجل تكثير عدد المصلين، أو عند إساءة التكفين ونحو ذلك.
قال النووي في «شرح صحيح مسلم»(7/11): أَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْقَبْرِ لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ.
فَقِيلَ: سَبَبُهُ أَنَّ الدَّفْنَ نَهَارًا يَحْضُرهُ كَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَلَا يَحْضُرُهُ فِي اللَّيْلِ إِلَّا أَفْرَادٌ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ؛ لِرَدَاءَةِ الْكَفَنِ فَلَا يَبِينُ فِي اللَّيْلِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ وَآخِرُهُ.
قَالَ الْقَاضِي: الْعِلَّتَانِ صَحِيحَتَانِ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَهُمَا مَعًا.
فالخلاصة:
جواز الدفن ليلا كما يفيده حديث عقبة بن عامر وما في معناه.
وحديث الزجر يحمل على ما ذُكر أنه عند قلة عدد المصلين، أو إذا لم يحسن الكفن، والله أعلم.
[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]