حكم التنفل المطلق قُبيل زوال الشمس يوم الجمعة
اختلف أهل العلم في التنفل المطلق حين يقوم قائم الظهيرة- وهو وقت استواء الشمس- يوم الجمعة على قولين:
أحدهما: أنه يجوز النافلة، والدليل:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ؟ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» رواه الإمام مسلم(857).
وهذا قول جماعة من أهل العلم، وهو قول الشافعي.
قال ابن القيم في «زاد المعاد»(1/366): لَا يُكْرَهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَقْتَ الزَّوَالِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية.
وعلق ابن القيم على حديث أبي هريرة المذكور بقوله: فَنَدَبَهُ إِلَى الصَّلَاةِ مَا كُتِبَ لَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ عَنْهَا إِلَّا فِي وَقْتِ خُرُوجِ الْإِمَامِ؛ وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: خُرُوجُ الْإِمَامِ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَخُطْبَتُهُ تَمْنَعُ الْكَلَامَ، فَجَعَلُوا الْمَانِعَ مِنَ الصَّلَاةِ خُرُوجَ الْإِمَامِ لَا انْتِصَافَ النَّهَارِ. اهـ.
ومن أهل العلم من ذهب إلى المنع، وأخذوا بالعموم في أوقات الكراهة.
والصحيح القول الأول؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ»، فيكون هذا مخصصًا للنهي عن الصلاة وقت استواء الشمس.
فمن جاء يوم الجمعة قبل زوال الشمس بربع ساعة بعشرين دقيقة أو نحو هذا وأحب أن يتنفل، له أن يتنفل حتى يأتي الإمام، والله أعلم.
[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]