الأوقات المنهي عن الصلاة على الجنازة فيها
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّي فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَتَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ. رواه مسلم.
هذا الحديث فيه: النهي عن الصلاة على الجنازة في هذه الأوقات الثلاثة «حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَتَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ».
فالصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة:
عند طلوع الشمس حتى ترتفع، واستواء الشمس، وعند الغروب منهي عنه.
وأما بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر فتُصَلَّى؛ لأنها من ذوات الأسباب؛ ولأن مدتهما تطول.
قال النووي في «المجموع»(4/172): وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ عن الثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا، وَلَا تُكْرَهُ فِي الْوَقْتَيْنِ الْآخَرَيْنِ.
وقال ابن قدامة في «المغني»(2/82): أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَمِيلَ لِلْغُرُوبِ، فَلَا خِلَافَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ.
وقال الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى»(13/157): لا يُصلى على القبر وقت النهي، إلا إذا كان ذلك في الوقت الطويل، أي: بعد صلاة العصر وصلاة الفجر، فوقت النهي هنا طويل فلا بأس بالصلاة في هذا الوقت؛ لأنها من ذوات الأسباب، أما في الأوقات المضيقة وهي التي جاءت في حديث عقبة رضي الله عنه، ثم ذكره رَحِمَهُ الله، فلا تجوز الصلاة في هذه الأوقات على الميت ولا دفنه فيها؛ لهذا الحديث الصحيح. اهـ.
فعلمنا أن المنهي عنه: الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة.
قال ابن قدامة في «المغني»(2/82): وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا تَطُولُ، فَالِانْتِظَارُ يُخَافُ مِنْهُ عَلَيْهَا، وَهَذِهِ مُدَّتُهَا تَقْصُرُ.
قال: وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْوَقْتَيْنِ الْآخَرَيْنِ:
لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهَا آكَدُ، وَزَمَنُهَا أَقْصَرُ، فَلَا يُخَافُ عَلَى الْمَيِّتِ فِيهَا.
وَلِأَنَّهُ نُهِيَ عَنِ الدَّفْنِ فِيهَا، وَالصَّلَاةُ الْمَقْرُونَةُ بِالدَّفْنِ تَتَنَاوَلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَتَمْنَعُهَا الْقَرِينَةُ مِنْ الْخُرُوجِ بِالتَّخْصِيصِ، بِخِلَافِ الْوَقْتَيْنِ الْآخَرَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]