هل نقول: ديننا الإسلامي دين العدالة أو دين المساواة؟
قال تَعَالَى: ﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.
أقسط بهمزة، وقسط بدونها.
أقسط بمعنى عدل ﴿ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.
وقسط بمعنى جار، قال تَعَالَى: ﴿ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) ﴾[الجن].
وفيه فضل العدل.
العدل مع النفس، ومع الولد، ومع الزوجة، ومع القريب والبعيد، والعدو والمحب؛ ما فيه محاباة، ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾[الأنعام:152].
وهنا تنبيه مهم على مسألة يقولها بعضهم: هذا الدين دين مساواة، وهذا خطأ، والصواب أن يقال: ديننا دين العدالة؛ فإن الأدلة جاءت بالعدالة ونفي المساواة.
وإليكم كلام الشيخ ابن عثيمين في هذه المسألة في كتابه «شرح العقيدة الواسطية»(1/203)، ما نصه:
وهنا يجب أن ننبه على أن من الناس من يستعمل بدل العدل: المساواة! وهذا خطأ، لا يقال: مساواة؛ لأن المساواة قد تقتضي التسوية بين شيئين الحكمة تقتضي التفريق بينهما.
ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى؟! سووا بين الذكور والإناث! حتى إن الشيوعية قالت: أي فرق بين الحاكم والمحكوم، لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد، حتى بين الوالد والولد، ليس للوالد سلطة على الولد ... وهلم جرًّا.
لكن إذا قلنا بالعدل، وهو إعطاء كل أحد ما يستحقه، زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة.
ولهذا، لم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبدًا!
لكن جاء: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾[النحل: 90]، ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].
وأخطأ على الإسلام من قال: إن دين الإسلام دين المساواة! بل دين الإسلام دين العدل، وهو الجمع بين المتساويين، والتفريق بين المفترقين، إلا أن يريد بالمساواة: العدل، فيكون أصاب في المعنى وأخطأ في اللفظ.
ولهذا كان أكثر ما جاء في القرآن نفي المساواة: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾[الزمر: 9]، ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾[الرعد: 16]، ﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾[الحديد: 10]، ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ﴾[النساء: 95].
ولم يأت حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبدًا، إنما يأمر بالعدل.
وكلمة (العدل) أيضًا تجدونها مقبولة لدى النفوس.
وأحببت أن أنبه على هذا، لئلا نكون في كلامنا إمعة؛ لأن بعض الناس يأخذ الكلام على عواهنه، فلا يفكر في مدلوله وفيمن وضعه وفي مغزاه عند من وضعه. اهـ.
ومنه أيضًا قوله تَعَالَى: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى﴾ [آل عمران: 36]، ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ﴾ [السجدة: 8]، ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)﴾ [القلم:35 - 36]، إلى غير ذلك.
وهذه المسألة مهمة؛ لأن هناك من يروِّج لهذا، ويريدون أن المرأة مثل الرجل في كل شيء، ويقولون: الدين دين المساواة!