هل الله سُبحَانَهُ
يرحم الكافر؟
يرحم الكافر في الدنيا، لكنها رحمة قاصرة؛ لأنها تتعلق برحمته
الدنيوية، أما في الآخرة فلا رحمة للكافر أصلًا، قال الله تَعَالَى عن الكفار وهم
في النار: ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا
ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ
(107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ
مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ
خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)﴾ [المؤمنون: 108].
وقال تَعَالَى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا
مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)﴾
[المائدة].
وقال: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ
اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ
الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً
فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ
أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)﴾[البقرة].
وقال سُبحَانَهُ: ﴿لَا يُقْضى عَلَيْهِمْ
فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها
كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾ [فَاطِرٍ: 36].
وهل نص على هذا الدليل أن الله يرحم الكافر في الدنيا في دنياه وبدنه؟
نعم، قوله تَعَالَى عن ملائكته حملة العرش:
﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا﴾[غافر:7].
علق
الشيخ ابن عثيمين في«شرح العقيدة الواسطية»(1/221): يدل على أن كل شيء وصله علم الله، وهو واصل لكل شيء، فإن رحمته وصلت إليه؛ لأن الله قرن
بينهما في الحكم ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ
رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾.
وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات، حتى الكفار؛ لأن
الله قرن الرحمة هذه مع العلم، فكل ما بلغه علم الله، وعلم الله بالغ لكل شيء، فقد
بلغته رحمته، فكما يعلم الكافر، يرحم الكافر أيضًا.
لكن رحمته للكافر رحمة جسدية بدنية دنيوية قاصرة غاية القصور بالنسبة
لرحمة المؤمن، فالذي يرزق الكافر هو الله الذي يرزقه بالطعام والشراب واللباس
والمسكن والمنكح وغير ذلك. اهـ.
أي: علم الله يصل إلى كل شيء فكذلك رحمته العامة تصل إلى كل شيء ومن
ذلك الكفار.
[مقتطف
من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رحمه الله تعالى]